مابل

كان المحقق يطيل الوقوف فوقي، يمرر يده في شعره الداكن قبل أن يشبك ذراعيه فوق صدره، وتتحرك عضلاته تحت قميصه.

ضاقت عيناه البنيتان المرصعتان بالذهبي.

كانت النظرة ستكون مثيرة، لولا أنها كانت مثبتة عليّ في هذا الموقف بالذات.

“هل أنتِ على وشك الاعتراف، يا آنسة هامبدن؟”

********

فزعتُ من صوت الرنين على يساري. بعد يوم بطيء كهذا، كدت أنسى أن الهاتف الموجود على مكتب الاستقبال يمكنه أن يرن. بعد أن صفيتُ حلقي، جلستُ منتصبة ووضعتُ السماعة على أذني.

“لقد وصلتِ إلى فندق آيفي. معكم مابل، كيف يمكنني المساعدة؟”

الصوت الهادئ المتحفظ الذي خرج مني كان يكاد يكون غير مألوف، لكنه جاء بسهولة شديدة. كنت بحاجة إلى وظيفة لا أتظاهر فيها بأنني متكبرة كما بدا صوتي للتو. أي وظيفة أخرى، حقًا.

“مثير للإعجاب”، تهكمت المرأة على الطرف الآخر. “تكادين تبدين متحفظة مثله.”

استرخيتُ على الفور، وسمحتُ لكتفيّ بالارتخاء مرة أخرى. كان صوت صديقتي كلارا تشين يقطر بالسخرية، وقابلتها بنفس القدر دون تردد.

“آه، سيدتي كلايتون،”

قلتُ، ولهجتي أكثر تظاهرًا من ذي قبل،

“أنا سعيدة جدًا باتصالك. سأكون سعيدة بخدمتك بنفسي. ربما ألعق قدمك؟ أيًا كان ما قد تحتاجينه. أي شيء من أجلك.”

لقد شهدتُ تذلل رئيسنا موريس أمام السكان الأثرياء في كثير من الأحيان لدرجة أنني أتقنتُ تقليده تمامًا.

ضحكت كلارا، وتوقفتُ عن التمثيل بضحكة تحولت إلى أنين.

“بجدية،”

قلتُ،

“ذكريني مرة أخرى لماذا أحتاج هذه الوظيفة.”

أصدرت صديقتي صوتًا مثل التفكير.

يمكنني أن أتخيلها وهي تقذف شعرها الأسود الأملس فوق كتفها.

“آه، لا أعرف، مابل. المال للإيجار حتى لا أضطر إلى العثور على زميلة جديدة في السكن. المال للطعام حتى لا تتضورين جوعًا كفنانة. تلك الأنواع من الأشياء.”

“صحيح.”

تنهدتُ.

“الواقع.”

“نعم، الواقع،”

قالت كلارا وهي تردد كلماتي.

“لذا، أحضري جسدكِ الواقعي وعلبة مياه إلى الشقة الفندقية النموذجية حتى نتمكن من الاحتفاظ بوظائفنا السخيفة.”

“في طريقي،”

قلتُ لها قبل أن أغلق الخط. اللعنة… لقد كرهتُ هذه النسخة من الواقع.

بينما كنتُ أوازن علبة المياه، قرعتُ الجرس خارج الشقة الفندقية.

لم يكن موريس يحب أن ندخل، حتى لعرض شقة. كان يفضل أن نتذكر الفجوة المالية بيننا، نحن العمال، والسكان الأثرياء في مبنانا الفاخر.

النسيان يعني أنه قد يضطر إلى معاملتنا كبشر من حين لآخر.

لم يجب موريس على الباب. انحنيتُ إلى الأمام قدر الإمكان مع بقاء زجاجات المياه متوازنة على وركي وساقي المرتفعة، وحاولتُ الاستماع. لا شيء.

ربما لم أراه.

سيكون ذلك لطيفًا.

يمكنني توصيل المياه دون الحاجة إلى التعامل مع رئيسي الأحمق والعودة إلى المكتب الهادئ. ولكن، إذا دخلتُ الشقة بنفسي وكان موجودًا، فسيجعل حياتي جحيمًا طوال اليوم.

وإذا تركتُ المياه هنا وغادرتُ، فسيكون الأمر كذلك.

من المحتمل أن يتصرف كما لو أنني لوثت الموناليزا. تنهدتُ، وطرقتُ الباب بصوت عالٍ بما يكفي ليسمع.

ولكن، عندما ضربتُ الباب بقبضتي، انفتح الباب، على ما يبدو لم يكن مغلقًا بالكامل.

“موريس! إنها مابل!”

ناديتُ.

“لقد أحضرتُ المياه.”

دخلتُ إلى الداخل ونظرتُ حولي.

لا يزال لا يوجد أي أثر له.

“سأضعها فقط في المطبخ وأخرج…”

اتخذتُ بضع خطوات أخرى.

“مرحباً؟ موريس؟ أنا قادمة، لكني أعدكِ أنني لن ألمس شيئًا…”

لا يزال لا يوجد جواب، مما يعني أن موريس إما أصبح أصم أو أنه لم يكن موجودًا حقًا وأن شخصًا ما على وشك أن يُطرد لترك هذا الباب مفتوحًا.

توقفتُ للحظة لألقي نظرة حول المكان. كان كل شيء لامعًا وجديدًا، أسطح رخامية ناعمة وأجهزة من الفولاذ المقاوم للصدأ مضاءة بالثريات المتلألئة فوق جزيرة المطبخ.

وفوق كل ذلك، كان المنظر لا يصدق. اقتربتُ لأحدق من النافذة الممتدة من الأرض حتى السقف عبر الغرفة.

امتدت مدينة نيويورك بأكملها تحتنا، وكانت أفقها يتفاخر تحت ثقل سماء بلا سحب.

اجتاحتني موجة من الحسد المقيت.

الأشخاص الذين يستطيعون تحمل تكاليف هذه الشقة الفندقية سيعيشون حقًا – ويرون – عالمًا مختلفًا تمامًا عن أشخاص مثلي.

أراهن أنهم لم يأخذوا مترو الأنفاق حتى.

عدتُ ورفضتُ الشعور بالغيرة من شيء لن أحصل عليه أبدًا، واستدرتُ نحو المطبخ. ملأت صرخة عالية ومذعورة الشقة، واستغرق الأمر مني ثانية كاملة لأدرك أنني أنا من كنتُ أصرخ.

سقطت علبة المياه من يدي على الأرض بينما كنتُ أحدق في موريس.

كان مجرد مستلقٍ هناك، وعلى وجهه نظرة متألمة وجسده متصلب في بركة من الدم.

لقد كان ميتًا.