7
“هاه؟ لماذا؟”
ومضى بخطواتٍ سريعة دون أن يجيب.
“يا! يا! هان تشا شين! ……لماذا تتصرف هكذا؟”
و نظر جونغ يول بدهشة إلى ظهر تشا شين الذي تبع المرأة دون أن يلتفت.
***
كانت ليلةً حالكة السواد. وعلى خلاف مستشفيات المدينة، كان المستشفى المنعزل في القرية الريفية هادئًا وكئيبًا على نحو غير مألوف.
بدت سا يو وكأن روحها قد غادرت جسدها، وكان ثقل خطواتها ظاهرًا على كتفيها المنحنين. فناداها تشا شين بسرعة.
“الآنسة كيم سايو؟”
تردّد صوته في الممر، لكن سايو لم تُبدِ أي رد فعل.
“الآنسة كيم سايو!”
تابعت سايو صعود الدرج دون أن تبدو وكأنها تسمع شيئًا، فصعد تشا شين خطوتين أو ثلاثًا في كل مرة حتى نجح في الإمساك بمعصمها.
“الآنسة كيم سايو؟”
وما إن أمسك بذراعها حتى سقط جسدها نحوه بسهولةٍ مذهلة. فارتبك وتشبث بذراعه الأخرى ليسندها.
لكن ما إن رأى نظرتها الفارغة حتى تجمد.
“الآنسة سايو؟”
لم يكن هذا وجهها حين حضر جنازة جدتها……فأصابته صدمةٌ داخلية واضحة.
“أنتِ……الآنسة سايو، صحيح؟”
ورغم أنه رأى وجهها وعرف أنها هي بالفعل، إلا أن شعورًا غريبًا من عدم الانسجام منعه من تأكيد الأمر بسهولة. و عندما لم تجبه، ازداد اضطرابه.
‘هل حدث لها شيء؟’
عندها لاحظ شيئًا أسود ملتصقًا على وجهها.
“هناك……شيءٌ على وجهكِ.”
مسح خدها بإبهامه، فانتشر ما ظنه مستحضرات تجميل كأنه رماد فحم. و لم يكن مكياجًا.
أخرج من جيبه الداخلي منديلًا وبدأ يمسح آثار السواد. وبينما يمسح خدها، انتبه إلى مظهرها. لم يرَ بوضوح في الظلام، لكن من قرب رأى أن شعرها مغطى بالغبار.
“حتى على شعركِ……هناك شيء.”
وعندما لمس شعرها، التصق بيده غبارٌ أسود.
“ما هذا؟”
لم تأته أي إجابة.
“رماد؟”
عندها فقط أدرك أن ما على وجهها أيضًا كان سواد الحريق، فازدادت حيرته.
فتاةٌ أنهت جنازة جدتها منذ فترة قصيرة فقط……كيف يمكن أن تكون مغطاةً بالرماد في مستشفى ريفي مهجور لا يعرفه أحد؟
لم يكن تفسيرٌ منطقي يتبادر إلى ذهنه مهما حاول التفكير.
“هل أنتِ مصابةٌ في مكان ما؟”
تفحص جسدها بسرعة. ثم اكتشف أنها—رغم اتساخها الشديد—لم تُصب فعليًا. كما لم يجد أي أثر لضرب أو اعتداء. ولم يؤدِّ ذلك إلى حل أي لغز، بل زاد الأمر غموضًا.
“هل……يوجد أحدٌ هنا في المستشفى؟”
سألها بحذر، معتبرًا أنهم التقوا في مستشفى.
“……أمي.”
كان هذا أول ما نطقت به. فاتسعت عينا تشا شين.
“هل السيدة الرئيسة أُدخلت المستشفى؟”
‘وفي هذا المستشفى الريفي المتهالك أيضًا؟’
نظر إليها تشا شين محاولةً لفهم ما يجري، لكنها كانت تراقبه بوجهٍ جامد بلا أي انفعال.
كان جوابها صادقًا، لكنه بالنسبة لتشا شين—الذي لا يعرف أن لسايو توأم—كان جوابًا صادمًا.
بدت سايو مرهقةً للغاية. وكان من الطبيعي أن تتفاجأ برؤيته في مكانٍ كهذا، لكن وجهها كان خاليًا من كل شعور. بدا وكأن كل مشاعرها قد جفت تمامًا.
ولم يشأ تشا شين الاستمرار في السؤال. فقد تكون لدى عائلتها أمورٌ لا يمكن الحديث عنها، ولن تكون الإجابة سهلةً حتى لو سأل.
فهو أيضًا لم يستطع إخبار أحدٍ بأنه جاء إلى هذه القرية البعيدة بسبب عمته؛ كان ذلك سرًا من أسرار العائلة.
أخذ يمسح شعرها بالمنديل بلطف، فاسودّ المنديل بسرعة.
“لا أعرف ما الذي حدث، ولن أسأل.”
“…….”
“لكن يجب عليكِ أن تغتسلي قبل أن تذهبي.”
كان مظهرها الملطخ بالرماد غريبًا إلى حدٍ كبير، لكن صوته بقي هادئًا.
“أتعرفين كيف تبدين الآن؟”
عند سؤاله، رفعت سايو يديها لتغطي وجهها. وكانت تلك أول بادرةِ اضطرابٍ تظهر عليها، فابتسم تشا شين بخفة.
“……هل أبدو سيئة؟”
“الظلام يخفي الكثير……لكن أمكِ سترى ذلك حتمًا.”
ارتجّت عينا سايو بقوةٍ فور سماع تلك الجملة.
“إن كنتِ تريدين أن تريها نفسكِ كما تعرفكِ……فاغتسلي أولًا.”
لم يقل ذلك بنيّة خاصة، بل ككلمةَ عادية يُفترض سماعها عندما تكون الأم في المستشفى. لكن تلك الجملة بدت وكأنها أصابت شيئًا حساسًا لدى سايو.
و فجأة—فررك. امتلأت عيناها بالدموع، وانسابتا بسرعةَ على خديها.
“الآنسة كيم سايو؟”
انفجرت بالبكاء، وسرعان ما خرجت منها شهقاتٌ خافتة. فارتبك تشا شين بشدة، وأمسك كتفيها المرتجفين بكلتا يديه.
كان واضحًا أن شيئًا ما قد حدث لها. كان على وشك سؤالها عمّا حصل، لكنه أغلق فمه سريعًا.
وبينما حاول أن يمسح دموعها بالمنديل، تردد لأنه كان متسخًا بالسواد ولم يستطع مسح وجهها به مرة أخرى.
“انتظري قليلًا.”
وخلال ذلك، ازدادت شهقات سايو حدة. و كان تشا شين قد بدأ يتحرك ليجلب أي منديل أو مناديل مبللة، لكنه استدار قليلًا وخلع معطفه ليضعه فوق كتفيها.
“سأعود فورًا، فانتظري هنا.”
قال ذلك وكأنه يوصيها، ثم ركض نحو الساحة أمام المستشفى حيث كان جونغ يول. وعندما رآه جونغ يول يركض، أطفأ سيجارته بسرعة وكأن أمرًا خطيرًا حدث.
“ماذا؟ هل حدث شيءٌ للعمة؟”
“هل معكَ منديل؟”
“منديل؟”
نظر جونغ يول إليه بدهشة وكأن السؤال بلا معنى.
“إن كان لديكَ مناديل مبللة فأعطني إياها.”
“مناديل مبللة؟”
“أعطني بسرعة.”
فتح جونغ يول السيارة وناول تشا شين أول عبوةٍ أمسك بها، لكن ملامحه بقيت متحيرة.
“ولماذا يداك سوداوان هكذا؟”
نظر تشا شين إلى كفيه فوجد السواد عليهما. يبدو أنهما اتسختا حين مسح غبار شعرها.
“ما الذي يحدث أصلًا؟”
لكن تشا شين لم يُجِب، وأمسك بالمناديل المبللة وانطلق بسرعة.
“يا! ما الأمر؟ ماذا؟ ما خطب هذا الرجل….”
و تردد صوت جونغ يول الغاضب في الساحة.
***
دخل تشا شين المستشفى مسرعًا قبل أن يتوقف فجأة. كان هذا تصرفًا غريبًا عنه تمامًا. ولم يكن يعرف أنه يمتلك مثل هذا الحس بالتدخل في أمور الآخرين.
هل كان هذا بسبب فكرة أنها قد تصبح خطيبته؟ حتى لو كان ذلك، فهذه الأفعال تختلف كثيرًا عمّا اعتاد عليه.
عند أول لقاءٍ بينهما، عندما أوصلها إلى البيت بعد العشاء، كان تصرفه آليًا بلا أي عاطفة. وإذا استعاد حديثهما منذ البداية، فسلوكه اليوم بدا غير طبيعي إطلاقًا.
لم يدرك ما المشاعر التي دفعته لذلك، لكنه على الأقل عرف ما له الأولوية. كان عليه العودة إلى سايو التي تنتظره. فحمل المناديل وصعد الدرج بسرعة.
وصل إلى المكان حيث تركها، لكنها لم تكن هناك. كان قد قال لها أنه سيعود سريعًا، لكنها اختفت. فشعر وكأن قوته قد انسحبت من جسده.
***
لم تكن الأم موجودة. فاتسعت عينا داجون بينما تتفحص غرفة المستشفى الفارغة. ثم حاولت أن تتذكر ما حدث.
جي وون، الذي كان قد تحدث مع الطبيب أمامها. كان قد طلب تحديد أسرع موعدٍ للعملية، وبدا كل شيءٍ يسير بسلاسة.
“الطبيب……المكالمة……جي وون……”
أدركت أخيرًا أنها غفلت عن أمرٍ مهم. لماذا تواصل الطبيب مع جي وون عبر الهاتف بدل لقائه؟ قد يكون طبيبًا غير تابعٍ لهذا المستشفى.
يا لها من غفلة……ربما كان يمكن تبرير الأمر بصدمة اكتشاف الحقيقة المتعلقة بأصلها، لكن هذا يتعلق بحياة أمها. فشعرت بندمٍ شديد تأخر كثيرًا.
خرجت من الغرفة النظيفة تمامًا، وتوجهت إلى محطة التمريض، لكن ما من ممرضةٍ في هذا الوقت المتأخر من الليل.
فتوجهت مباشرةً إلى الردهة على أمل العثور على شخصَ مناوب. و كان كل تفكيرها منصبًا على لي سوك، حتى أنها لم تفكر بتشا شين مطلقًا.
ولحسن الحظ، كان هناك شخصٌ عند مكتب الردهة المتصل بقسم الطوارئ.
“من فضلكِ، هل تعرفين إلى أين نُقلت المريضة في الغرفة 302؟”
“302؟ ……آه، أنتِ ابنتها، صحيح؟”
لم يكن في المستشفى الكثير من المرضى، لذا تعرفت الممرضة عليها فورًا.
“نعم.”
“لقد نُقلت إلى مستشفى آخر، ألا تعلمين؟”
“إلى أي مستشفى؟”
“لحظةً فقط”
تفحّصت الممرضة السجل بسرعة.
“مستشفى سيول يونغجو.”
ثم أضافت الممرضة كأنّ الأمر بدا لها غريبًا،
“ألم تذهبي معها أنتِ أيضًا؟”
“……أوه، أخي هو من اصطحبها، لكنني لا أستطيع التواصل معه.”
علقت كلمة “أخي” في حلقها، لكنها لم تجد كذبةً أفضل لتقولها.
“آه، فهمت.”
“عفوًا، هل تعرفين أين توجد أمتعتي؟”
ابتسمت الممرضة ابتسامةً ودودة وكأنها كانت تتوقع أن تأتي لأخذها، ثم وضعت صندوقًا صغيرًا فوق المكتب.
“كنا نحتفظ بها أصلًا.”
“شكرًا لكِ.”
“أتمنى لوالدتكِ الشفاء العاجل.”
“نعم.”
كانت محتويات الصندوق بسيطة: حقيبة ظهر فيها أشياؤها الصغيرة، منشفة، وحذاءٌ داخلي فقط.
شكرت الممرضة مرة أخرى ثم حملت الصندوق وغادرت المستشفى. وبمجرد خروجها أخرجت الحقيبة من الصندوق ورمت باقي الأغراض في سلة المهملات.
أخرجت هاتفها من الحقيبة، فوجدت عدة رسائل فائتة، كلها من أماكن عملها،
بنسيون كانت تعمل فيه نهاية كل أسبوع تنظيفًا وغسيلًا، محل تعديل الهنبوك الذي منحها معاملة موظفةَ رسمية، والمتجر الذي كانت تساعد فيه صاحبة المكان عند انشغالها.
ولأنها لم تكن من النوع الذي يتغيب عن العمل دون إبلاغ، فقد كانت معظم الرسائل مليئةً بالقلق.
“لقد اعتنيتم بي كثيرًا من قبل، وأعتذر لترك العمل فجأة.”
[نحن أيضًا نشعر بالأسف لرحيلكِ، لكن لا خيار]
“حين تتحسن أمي سأعود.”
[حسنًا]
“أتمنى أن تقبلوني من جديدٍ عندها.”
[إذا كانت داجون هي التي تعود، فسنكون سعداء]
كادت الدموع تلمع في عينيها.
كان مستقبلها يبدو مظلمًا. لقد نُقلت لي سوك إلى سيول، والبيت احترق. و يجب على داجون أن تبحث عن عمل جديد في سيول بينما تواصل رعاية والدتها.
اتصلت واحدةٌ واحدة بكل مكان كانت مدينةً له بالفضل، تشكرهم على منحها العمل طوال الفترة السابقة، وتشرح لهم اضطرارها للتوقف بسبب نقل والدتها إلى مستشفى في سيول، ثم تودّعهم.
“شكرًا لكم.”
[عودي إلينا مع والدتكِ بعد أن تتعافى]
“نعم، سأفعل بالتأكيد.”
[ولا تعتني بوالدتكِ فقط، اعتني بنفسكِ أيضًا يا داجون]
“نعم……”
حتى بعد إنهاء المكالمة، أحست بحرقةٍ في عينيها وكأن دموعها تستعد للعودة. فحاولت منعها بصعوبةٍ بينما تنظر حولها.
كان المشهد المظلم المألوف يضغط على صدرها بحزن. وقفت تتأمل مسقط رأسها، المكان الذي لم تغادره يومًا قبل لقائها بجي وون. و شعرت بالألم، فتعمدت أن تدير ظهرها بقسوة.
لو بقيت أكثر لثوانٍ، لارتبطت بالأماكن ولن تتمكن من الرحيل. وبينما كانت تحاول المضي قدمًا، لمحَت سيارةً فضية تتجه نحوها من عمق الظلام.
________________________
تشا شين؟ تكفى يالجنتل
المهم مره واو جنتلته حلوه واضح انه تحرك وهو مايدري عشانها داجون بس عاااهاهاعاهاهاها🤏🏻 يناسوووووووووووو متى العرس؟
المهم يوم قالت امها مب موجوده حسبتها قامت طلعت راحت 😔
خوي تشا شين عز الله سيتم كرفه لين العرس 😂
Dana
Chapters
Comments
- 8 - أنا أخوها منذ 10 ساعات
- 7 - الوداع منذ 10 ساعات
- 6 - على حافة الهاوية منذ 10 ساعات
- 5 - سأتوقف عن هذا 2025-11-13
- 4 - أول لقاء مع ذلك الرجل 2025-11-13
- 3 - جاء لرؤيتكِ 2025-11-13
- 2 - لأنكِ يجب أن تحضري كأختكِ 2025-11-13
- 1 - جنازة الجدة 2025-11-13
التعليقات لهذا الفصل " 7"