“على كل حال كنتُ أشتهي قليلًا من القهوة، سأذهب لأشتريها، فأنهِي هذا إلى أن أعود ثم نتغدى معًا.”
“حسنًا.”
سرعان ما بدا الارتياح على وجه سايو.
“الأستاذة كيم تفضلين لاتيه الفانيلا مع شراب فانيلا كثير، صحيح؟”
سألها هيونغي وقد صار حتى ذوقها في القهوة واضحًا له.
“نعم، إذاً اطلب لي واحدًا أيضًا.”
اتجه هيونغي إلى المقهى في ردهة الطابق الأول.
و عندما همّ بالطلب لمح هوا يونغ تجلس مع نائب مدير قسم المواد لي دايري، لكنه مرّ من أمامهما دون اهتمام.
“إنها آخر كميةٍ متبقية في المخزون.”
“آخر كمية؟”
مرّ طرف نظرة هيونغي اللامبالية على مؤخرة رأس هوا يونغ.
“شكرًا لكَ يا سيد لي، قد أحتاج المزيد من هذا لاحقًا، كم سيستغرق وصول الدفعة القادمة؟”
“حتى لو طلبنا اليوم….فأسرع شيءٍ أسبوعٌ إلى أسبوعين.”
“يا للراحة، أظن أنني سأحتاجه الشهر القادم.”
تابع هيونغي بنظره هوا يونغ وهي تخرج حاملةً العلبة الورقية، وقد بدا عليه الاستغراب.
وبدا أن هوا يونغ لم تلحظه لانشغالها بحمل الصندوق.
‘نحن مشغولون حتى الموت بتصميم أنطوان الآن، ومع ذلك ما زال لديها وقتٌ للاهتمام بأمر الشهر القادم.’
أنهى هيونغي الطلب وهز رأسه بتعجب. فهو أكثر من يعرف حالة فريق التصميم الذي يقاتل ليلًا ونهارًا لتسليم الأعمال في الوقت المحدد.
“يا لها من راحة بال.”
كان الأمر مثيرًا للدهشة، لكنه مرره على أنه ممكنٌ فحسب.
وكان فريق التصميم قد صمم إطلالات سيداتٍ حديثة أنيقةً مشرقة مستوحاةً من “الربيع والصيف والخريف والشتاء”.
أما سايو فكانت تمزج الزخارف التقليدية الكورية واللون المخطط مع الفخامة الإمبريالية الغربية لتصنع تصميماتٍ راقية هادئة مستوحاةً من “الشمس والقمر والنجوم والثلج”.
وكانت تصميمات فريق التصميم جيدة، لكن هيونغي كان شخصيًا يميل أكثر لتصميمات سايو ذات الجو الخاص.
وكان يظن أنه إن كانت أنطوان قد طلبت تصميمًا من كوريا تحديدًا، فهم على الأرجح يريدون تصميمًا يحمل طابعًا كوريًا فريدًا، لا تصميماً حديثاً يمكن أن يوجد حتى في باريس.
وكان هذا في النهاية مجرد رأيه الشخصي.
ومهما يكن، فقد كانت فرصةً جيدة له بالعمل مع سايو. فهو يتعلم من خلالها ما لا يستطيع تعلمه داخل فريق التصميم.
ززز—
وبينما كان غارقًا في شتى الأفكار، اهتز الجرس. و أخذ هيونغي القهوة المغلفة وخرج من المقهى بلا مبالاة.
***
وقع الحادث غير المتوقع في اليوم التالي مباشرة.
كانت ها كيوغ وهوا يونغ تعلقان بطاقة هانشين وولن على الملابس المنتهية.
“أكثر لحظة أشعر فيها بالفخر هي هذه.”
بادلتها هوا يونغ النظرة نفسها وهي تتأمل الملابس الجاهزة.
ثم التقط هيونغي أربع بطاقاتٍ وهو ينظر إلى الملابس المنتهية.
“هل انتهيتم هناك أيضًا؟”
سألت ها كيوغ هيونغي.
“بالطبع.”
“جميل إذًا، مواجهةٌ حقيقية.”
هتفت ها كيونغ بحماسة، فابتسم هيونغي برضا.
“كما قلت، أنتِ دائمًا حاسمةٌ وأنيقة يا رئيسة القسم.”
“أنا فضوليةٌ بشأن تصميم الطرف الآخر.”
“ستشاهدينه قريبًا على أية حال.”
“لهذا السبب أسلوب الغموض يجدي نفعًا.”
عندها أطلقت هوا يونغ ضحكةً ساخرة.
“سنرى إن كان سينجح أم لا.”
“نعم، سنعرف حين نرى.”
رماها هيونغي بكلمةٍ لاذعة بدوره تجاه سخريتها ثم خرج من غرفة التصميم.
لكن ما إن فتح باب ورشة الطابق السفلي حتى وجد سايو واقفةً أمام المانيكان بوجهٍ مصدوم إلى حدٍ لا يصدق.
ولوّح هيونغي بالبطاقات نحوها.
“نحن أيضًا سنعلق البطاقات….ها؟ الأزرار والسحّابات….أين ذهبت؟”
كانت أزرار وسحّابات الملابس المعلّقة على المانيكان قد اختفت جميعها. وكانت سايو تحدّق شاردةً في الملابس التي نُزعت منها الملحقات.
فاتصل هيونغي على عجل بجونغ يول.
عندما أُوكلت إليه مهمة المساعدة أول مرة، قيل له أنه إن حدث أي طارئ فعليه التواصل مع جونغ يول فوراً.
“سكرتير بارك! حدثت مشكلة.”
[مشكلة؟ ماذا تقصد؟]
“الملحقات اختفت من الملابس الجاهزة.”
[من الملابس الجاهزة؟ تقصد أنها كانت سليمةً حتى الليلة الماضية ثم اختفت؟]
“نعم….”
[سأنزل فورًا.]
انتهت مكالمة جونغ يول. وبعد قليل نزل جونغ يول إلى ورشة الطابق السفلي برفقة تشا شين. وأخذ الاثنان يحدّقان بدهشة في الملابس التي اختفت ملحقاتها.
لكن من استعاد هدوءه أولًا كان تشا شين كالعادة.
“أين رئيس قسم المواد؟”
“ذهب إلى مخزن المواد، وأنا سأذهب أيضًا.”
وخرج جونغ يول مسرعًا من الورشة. أما سايو فكانت ما تزال شاحبة الوجه كمن فقد روحه.
“يبدو أن أحدهم نزعها عمدًا….”
“إن كان كذلك فلماذا لم يأخذ الملابس كلها بدلًا من نزع الملحقات فقط؟”
في تلك اللحظة خطر ببال هيونغي مشهد لقائه هوا يونغ أمس مع نائب قسم المواد لي دايري.
‘لا يمكن.…؟’
هو لم يكن يحمل عنها انطباعًا حسنًا جدًا، لكنه لم يتخيل أنها قد تفعل شيئًا دنيئًا إلى هذا الحد.
فالصورة التي يعرفها عن هوا يونغ هي مصممةٌ تملك كبرياءً مهنيًا كبيرًا. وصعبٌ عليه تصديق أن شخصًا كهذا قد يقدم على فعل كهذا.
“لكن إن كان الأمر صحيحًا.…؟”
وبينما هو غارقٌ في شكه، عاد جونغ يول من مخزن المواد. وما إن رآه تشا شين حتى سأله مباشرة.
“وماذا قال قسم المواد؟”
“تأكدنا تحسبًا للأمر، لكن لا يوجد مخزون.”
“كان عليكم إدخال طلب شراءٍ قبل نفاذه.”
“الطلب مسجّل بالفعل….ويُفترض وصوله نهاية الأسبوع القادم.”
“اطلبوا المساعدة من موردين آخرين.”
“تواصلت مع رئيس قسم المواد….والجميع يقول أنه لا توجد أي كمياتٍ متبقية.”
“كيف تُدار إجراءات الأمان عندكم؟!”
لم يعد تشا شين قادرًا على كظم غضبه فصرخ بغضب.
وفي تلك اللحظة، وبسبب الأجواء الضاغطة التي فاضت منه، تجمّد كل من هيونغي وجونغ يول بتوتر.
“إلى متى الموعد النهائي اليوم؟”
“حتى الثالثة عصرًا.”
أجاب هيونغي بصوتٍ خافت يكاد لا يُسمع.
لم يكن هناك وقت. فأصدر تشا شين تعليماتٍ بالاتصال حتى بالشركة المنافسة جينسونغ أباريل.
لكن من المستحيل أن تساعدهم شركةٌ منافسة تتسابق معهم للفوز بصفقة أنطوان. واتجهت نظرات هيونغي إلى سايو التي كانت ترتجف نظراتها قليلًا.
‘لا يمكن، يجب أن أتحقق من الأمر.’
كان يريد أن يصدق أنها ليست هوا يونغ، لكنه قرر على الأقل التأكد.
فغادر ورشة الطابق السفلي متجهًا إلى غرفة عمل فريق التصميم بحثًا عن هوا يونغ. وسمع صوت جونغ يول يسأله إلى أين يذهب، لكنه تجاهله متعمدًا ولم يجب.
وشعر أن الطريق إلى غرفة التصميم داخل المصعد أطول من المعتاد.
وعندما دخل غرفة العمل، كانت هوا يونغ تتفحّص ملف العرض وخطة المشروع وعلى وجهها ابتسامةٌ واثقة.
لكنه عندما وصل أمامها لم يستطع الكلام فورًا. ونظرت إليه بدهشة حين وجدته واقفًا أمامها بنظرةٍ حادة.
“ما الأمر يا يو هيونغي! هل لديكَ ما تقوله لي؟”
عَضَّ هيونغي شفته السفلية بقوة.
لم يكن يرغب في الشك. صحيحٌ أن بينهما منافسة، لكن ما يحدث داخل الشركة ليس من المفترض أن يصل إلى هذا الحد. ومع ذلك….
“أريد أن أسأل شيئًا. وقد يكون سؤالًا غير لائق.”
وقبل أن يتكلم حتى، ازدادت التجاعيد بين حاجبي هوا يونغ.
“وماذا تريد أن تسأل؟”
إن كان الأمر مجرد سوء فهم، فسيكون ذلك قلة احترامٍ كبيرة. ومع ذلك، كان هيونغي يريد التأكد.
“هل….هل عبثتِ بعمل الأستاذة كيم؟”
“ماذا؟”
“الملابس الجاهزة اختفت منها كل الملحقات. ومن المؤكد أن أحدهم فعل ذلك.”
لم تستطع هوا يونغ إخفاء صدمتها وحدّقت فيه بعينين غاضبتين.
“هل تقصد أنني أنا من فعل ذلك؟”
“أتمنى ألّا تكوني أنت.”
“تتمنى ألا أكون أنا؟”
“إذاً دعيني أسأل شيئًا آخر.”
“هاه!”
“ما هي الملحقات التي استلمتِها أمس من نائب قسم المواد لي؟”
ولو للحظة قصيرة، شعر هيونغي بأن هوا يونغ قد ترددت قليلًا. ومن ذلك التغير الطفيف أحس وكأنه نال جوابًا بالفعل.
“هل كنتَ تتحرى عني أو ماذا؟”
ازداد وجه هوا يونغ انقباضًا من الاستياء.
“رأيتُ ذلك مصادفة، مصادفةً فقط. وكان بمقدوري أن أسأل السيد لي مباشرة عن نوع الملحقات، لكنني جئت إليكِ أولًا لأني أردتُ أن أثق بكِ.”
“هذا قمة الوقاحة. هل تظن أنني أغار من مجرد خياطةٍ تافهة فأقوم بفعلٍ حقير كهذا؟”
“إذًا، لم تفعلي؟”
“لم أفعل. وإن كنتَ مصرًا على التحقق، فاذهب واسأل السيد لي بنفسكَ.”
قالت هوا يونغ ذلك دون أدنى ارتباك.
“ثم هل لديكَ أصلًا وقتٌ لتستجوبني؟ الموعد النهائي الثالثة عصرًا، ويبدو أنكَ تملك وقت فراغٍ كبيرًا.”
لم تكن مخطئةً فيما قالت. فالوقت كان يضيق. ولم يكن هناك متسعٌ لملاحقة نائب قسم المواد و الاستجواب أكثر من السعي العاجل لإيجاد بدائل للملحقات.
ورغم أن هيونغي لم يرفع عينيه المتشككتين عنها، فإنه في النهاية قرر إطفاء النار العاجلة أولًا وعاد إلى ورشة الطابق السفلي.
وعندما التفت إليها للمرة الأخيرة، وجدها وقد شبكت ذراعيها بابتسامةٍ واثقة هادئة. وما زال في داخله يتمنى ألا تكون هي من فعل ذلك.
و عندما عاد هيونغي بسرعةٍ إلى ورشة الطابق السفلي، كانت سايو تتحدث على الهاتف مع شخصٍ ما.
“أختي! هل يصعب الحصول عليها عندكم؟ متجر التخصص في غانغنام؟”
وكان تشا شين وجونغ يول ينظران إليها بتوترٍ بينما تتحدث.
“أي متجر في غانغنام؟ شيماي؟ شيماي يعمل حتى الثالثة….آسفة يا أختي….آه، شكرًا لكِ، نعم نعم!”
وما إن أنهت المكالمة حتى سألها تشا شين بصوتٍ قلق.
“هل قالوا إن بإمكانهم توفيرها؟”
“قالت أنها ستحاول البحث….”
ورغم ردها ذاك، كانت عينا سايو معلقتين على الساعة المعلقة على الحائط. وكانت تشير إلى العاشرة والنصف.
“أين كنتَ؟”
سأل جونغ يول هيونغي، فارتجّ جسده دون وعي.
“إلى غرفة التصميم.”
“آه، هل كان لديهم مخزون؟”
“لا….”
وبدا أن جونغ يول ظن أن سبب ذهاب هيونغي إلى هناك هو التأكد إن كان لديهم بقايا من المخزون.
ولم يقل هيونغي ما قد يجعلهم يسيئون الفهم أكثر. فلم يكن قادرًا على ذكر أمر هوا يونغ دون دليل. ناهيك عن أنه لا يملك أي يقين.
ولم يعد تشا شين قادرًا على الانتظار أكثر، فقرر الذهاب بنفسه إلى جينسونغ أباريل وغادر برفقة جونغ يول.
_____________________
ونعم الزوج الداعم😔
بس مابه كاميرات مراقبه؟ يعني مفروض عند الباب على الاقل او داخل الغرفه من المدخل اي شي
التعليقات لهذا الفصل " 47"