“ليس تجسسًا، بل دراسةً وبحث. إنهم يستخفون بفريق التصميم لدينا، ويجب أن نرد الصاع صاعين.”
مع كلام هوا يونغ، مال أكثر من نصف فريق التصميم إلى الموافقة.
و حاول هيونغي أن يدافع عن سايو، لكنه صمت أمام الجو العام السائد. فقد كان فريق التصميم الآن غارقًا في الغيرة والقلق تجاه سايو.
خاف الجميع أن تتفوق عليهم في التصميم، امرأةٌ لم يحقق اسمها سوى نجاح في التعديل، فأصبحت أعصابهم مشدودة. حتى لو تدخل بكلامه، فلن يتغير الموقف إلى الأفضل.
توجه هيونغي إلى ورشة سايو في الطابق السفلي. وبعد إدخال كلمة المرور لأسبابٍ أمنية، دخل ليراها وقد ثبّتت شعرها بأقلام التلوين، غارقة تمامًا في عملها.
“مرحبًا.”
يبدو أنها لم تسمع صوته، إذ لم تتحرك قيد أنملة.
كانت مندمجة، تنظر إلى الزخارف الشرقية والدانچونغ التي ناقشتها مع هيونغي بالأمس، وترسم المخطط الأساسي.
شعر هيونغي بالحرج وهمّ أن يعيد التحية، لكنه خشي أن يزعجها، فاقترب بصمت.
وأثناء فتحه للمواد التي أعدّها، ألقى نظرةً خاطفة على ما كانت ترسمه، ففوجئ مرةً أخرى بمهارة يديها.
‘معدّلة ملابس؟من أي ناحية؟’
رغم أن أنطوان، المصممة العالمية، اختارتها بعينٍ خبيرة، إلا أن هيونغي لم يكن متيقنًا تمامًا قبل أن يلتقي بها.
كان يتساءل عن سبب كل هذه الضجة من أجل تعديل واحد. وكان رأيه آنذاك لا يختلف كثيرًا عن ردود فعل فريق التصميم الحالي.
لكن بعد لقائه بسايو، انقلب تفكيره رأسًا على عقب. و بات ينتظر التصميم الذي سيولد من بين يديها.
لم يكن يتخيل أن موافقته السريعة حين اقترح جونغ يول أن يكون مساعدًا ستكون قرارًا صائبًا إلى هذا الحد.
الوقت المتاح شهرٌ واحد. وبينما كان فريق التصميم لا يزال تائهًا، كانت قطعةً من نمط الملابس تقترب من الاكتمال بين يدي سايو.
***
تفقد جونغ يول سايو الجالسة في المقعد الخلفي عبر المرآة.
كان لتشا شين موعد عشاءٍ رسمي، لذا حلّ جونغ يول محله اليوم. و قد بدت على سايو لمحة خيبة أمل خفية، لكنها سرعان ما ابتسمت شاكرة.
جلست في الخلف، وبسبب الإرهاق غلبها النوم سريعًا.
كانت تخرج باكرًا مع تشا شين، وتعمل حتى وقتٍ متأخرٍ بسرية. كان من الطبيعي أن يتراكم التعب بسبب أعمال لم تعتدها.
و تذكّر جونغ يول فجأة حديثًا دار بينه وبين تشا شين قبل فترة.
“لماذا أخفت شين كيميكال مهارة زوجتكَ؟”
“لا أدري.”
“إن كانت تعمل سرًا في أزقة دونغ ديمون، فهذا يعني أنها كانت ترغب في العمل أصلًا.”
“كنتُ أتساءل عن ذلك في البداية، لكن ليس الآن.”
“ليس الآن؟”
“الآن أريد فقط أن تنجح، وأن تفعل ما تحب.”
كان تشا شين آنذاك ذا ملامح صلبة. حتى عندما سألته مديرة قسم التصميم كيم ها كيونغ عن سايو بتلميح، لم يبدُ مترددًا.
“مصممةٌ بلا اسم؟ ليس تقليلًا من شأن السيدة، لكن المسألة تتعلق بعقد شركة، وهي حساسةٌ بعض الشيء.”
“إذا كنتِ مديرة تصميم هانشين، فلا داعي لأن يقلق من مصممةٍ بلا اسمٍ واحدة.”
استمع جونغ يول بقلقٍ إلى الحوار بين تشا شين وكيم ها كيونغ.
والحق أنه حتى هو، الذي شهد كل المراحل، كان يتساءل أحيانًا:هل ستتمكن سايو فعلًا؟ لذا كان من الطبيعي أن تبدي مديرة التصميم قلقها. ولو أن كرامتها قد جُرحت أيضًا.
“أرى أن إسناد هذا العمل إلى مصممةٍ بلا اسم مشكلة.”
لم تتراجع كيم ها كيونغ، ورغم تشديدها على عبارة “مصممةٍ بلا اسم”،ظل وجه تشا شين على حاله.
“منح الفرصة لم يكن مني، بل من أنطوان.”
“ومهارتها موضع شك، بصراحة.”
كان تصريحًا يليق بكيم ها كيونغ التي تقول ما يجب قوله حتى أمام المدير.
“سنرى ذلك من النتيجة.”
“التعديل شيء، والتصميم شيءٌ آخر.”
نظر تشا شين إلى ها كيونغ بنظرةٍ هادئة لكنها قوية.
“وأنا أريد أن أعرف.”
“تريد أن تعرف؟”
“كيف يختلفان.”
في النهاية، لم تجد ها كيونغ ما ترد به. و غادرت مكتب الرئيس وهي تعقد العزم على إثبات الأمر بالمهارة وحدها.
وخلال توجه تشا شين مع جونغ يول إلى قاعة الاجتماعات للموعد التالي، ظل تشا شين صامتًا.
عند التفكير بالأمر، كانت سايو قد أرادت فقط مساعدتهم. لم تتوقع أن تصبح في موقف العدو العام كما الآن، ولا بد أنها شعرت بالظلم.
و ربما كان تشا شين يفكر بالأمر بالطريقة نفسها التي يفكر بها جونغ يول.
كان يتمنى أن تفعل ما تحب، وما تجيده، وأن تنال الاعتراف بذلك. ولن يكون هناك أفضل من هذا.
كما أنه مكسبٌ لهانشين للنسيج، أي فائدةٌ مزدوجة. لكن إن ساءت الأمور، قد تتعرض سايو للأذى.
لم يُظهر تشا شين ما في داخله، لكن جونغ يول، الذي خدمه لسنواتٍ طويلة، كان يشعر بقلقه.
***
عاد تشا شين إلى المنزل وقد اشتد الظلام.
دخل البيت، ولم يجد سايو لا في غرفة المعيشة ولا في غرفة النوم، فأصابه الارتباك.
كان قد تلقى تقريرًا بأن جونغ يول أوصلها إلى البيت بسلام، فزاد ذلك حيرته.
“أين ذهبت؟”
وبما أن عليها الذهاب إلى العمل غدًا، فمن غير المحتمل أنها خرجت إلى مكانٍ آخر.
بدّل ملابسه أولًا، ثم تفقد الحمامين ظنًا أنها تستحم. و لم تكن هناك أيضًا.
إذا لم تكن في غرفة المعيشة، ولا المطبخ، ولا غرفة النوم، ولا الحمام، ولا غرفة الملابس، فلم يتبقَ سوى مكانين. غرفة الضيوف، والمكتبة.
توجه أولًا إلى المكتبة. وحين فتح الباب، رأى سايو نائمةً وهي منحنيةٌ على المكتب. يبدو أنها غفت أثناء رسم نمط الملابس، ولا تزال تمسك القلم بإحكامٍ بيدها الصغيرة.
كان يشعر بالأسى لأنها تعمل ليلًا ونهارًا، لكنها بدت في الوقت نفسه محببةً إلى قلبه هكذا.
كانت تتمتم بأصواتٍ خافتة لا يُعرف أهي حلمٌ أم لا، ولشدّة لطفها، ابتسم تشا شين بصمت.
كانت تبدو مرهقةً بوضوحٍ حتى وهي غارقةٌ في النوم.
و تحسبًا لأي طارئ، مدّ يده بحذرٍ ليلمس جبين سايو.و لحسن الحظ، لم تكن محمومة.
همّ بإخراج القلم من يدها، ثم غيّر رأيه وانتزع قلم التثبيت العالق في شعرها والذي بدا مزعجًا. فانهمر شعرها بغزارةٍ على كتفيها وخديها.
ارتبك تشا شين للحظة، وتجمّد خوفًا من أن تستيقظ، لكن يبدو أنها كانت شديدة الإرهاق، إذ لم تفتح عينيها.
عندها، تعمّد أن يتأمل وجهها عن قرب. وبكل حذر، أزاح خصلات الشعر المنسدلة على خدها إلى خلف أذنها.
“أرى أن إسناد هذا العمل إلى مصممةٍ بلا اسم مشكلة.”
قفزت إلى ذهنه فجأةً كلمات المديرة كيم ها كيونغ التي عارضت الأمر بشدة.
لم يكن هذا الإذلال مما تستحقه امرأةٌ دخلت العمل دون أي مقابل. و إحساسه بأنه ربما أخطأ حين مدّ لها يده قائلًا افعلي ما تشائين، جعله يشعر بعدم الارتياح.
ظل ينظر إليها بنظرةٍ معقدة وهي نائمةٌ بتعب، ثم مدّ يده لينقلها إلى غرفة النوم، لكنه تردد. فقد كانت منحنيةً على المكتب، ونقلها دون إيقاظها بدا صعبًا.
وبعد تفكير، قرر أن انتظار استيقاظها أهون من إزعاج نومها العميق.
فأحضر بطانيةً ووضعها على كتفيها، ثم جلس على كرسيٍ قريب، و عقد ذراعيه.
كان ينوي أن يأخذها إلى غرفة النوم حين تستيقظ. لكن ما إن جلس حتى داهمه أثر الكحول متأخرًا. كان ذلك بسبب ما شربه على عجل في مأدبة العشاء.
فجلس فقط لانتظارها، لكن جفنيه ثقلا شيئًا فشيئًا. وفي النهاية، غلبه النوم وهو جالسٌ على الكرسي.
***
استفاقت داجون فجأةً من نومها، ودلّكت عنقها المتصلب.لقد نامت دون أن تشعر.
تفحّصته بنظرةٍ سريعة، ثم توقفت عيناها عند الساعة المعلقة على الجدار.
كانت الواحدة فجرًا. يبدو أنه بقي إلى جانبها ينتظر استيقاظها بعد أن غفت أثناء العمل. ولهذا تأخر الوقت إلى هذا الحد.
و حين نهضت فجأة، سقطت البطانية عن كتفيها. أدركت حينها أنه هو من غطاها، فشعرت بالأسف بلا سبب.
كانت تنوي أن تعمل قليلًا فقط كي لا يتبدد ما في رأسها من أفكار، لكن الأمر انتهى هكذا.
فانحنت، و التقطت البطانية، وتقدمت لتغطيه بها، لكن تشا شين فتح عينيه فجأة. فتجمد جسد داجون في وضعٍ غريب كأنها توشك أن تعانقه.
كانت عيناه، على مسافةٍ قريبة جدًا، ممتلئتين بالنعاس. وحين حاولت بسرعة تعديل وضعها، أمسك بذراعها بعفوية.
“كم الساعة؟”
“الواحدة.”
“آه.وصلنا إلى هذا الوقت بالفعل.”
عندها فقط ترك ذراعها، ثم نظر إلى البطانية التي تغطيه. فانحنت عيناه وهو يبتسم بخفة.
“يبدو أننا كنا نفكر بالطريقة نفسها.”
“ماذا؟”
“أعني عدم الرغبة في إفساد نوم الآخر. لم أستطع إيقاظكِ. كنتِ نائمةً بعمق.”
“آه….”
تمدد تشا شين ثم نهض من الكرسي. بدا جسده متصلبًا، فأدار رقبته وكتفيه.
“مع ذلك، النوم على السرير أفضل. فالنوم هكذا يزيد التعب.”
“صحيح.”
“أنذهب؟”
مدّ يده. وبدون تردد، أمسكت داجون بيده.
بات الاعتياد على الإمساك بيده أمرًا مقلقًا حقًا.
وأثناء سيرهما نحو غرفة النوم،تذمر تشا شين قائلًا أنه لم يستحم بعد.
“سأستحم. نامي أولًا.”
وبينما كان يتجه إلى الحمام،خلع الجزء العلوي من ملابسه بلا تردد. فتفاجأت داجون، واستدارت بسرعة إلى الخلف. بينما شعرت بنظره خلفها.
“آه، هل فزعتِ؟”
“لا.”
إجابتها وهي تدير ظهرها لم تكن مقنعةً كثيرًا.
“لكن دعينا نعتاد قليلًا.”
“….…”
“هذه غرفة نومنا المشتركة، ونحن زوجان. لن نعيش ونحن نتحفظ على بعضنا إلى الأبد، أليس كذلك؟”
“لستُ معتادةً فحسب.”
“إذًا، في المرة القادمة لا تفزعي هكذا.”
قال ذلك بنبرةٍ ممزوجة بالضحك، ثم دخل الحمام.
وبعد قليل، سُمع صوت الماء. فعادت داجون تنظر إلى المكان الذي غاب فيه.
قالت أنها غير معتادة، لكن حياتها معه كانت تثير نبض قلبها، وفي الوقت نفسه أصبحت مألوفةً شيئًا فشيئًا.
النوم معه على سرير واحد، وتناول الطعام سويًا، والوجود في المكان ذاته بصمتٍ مع الشعور المتبادل بوجود الآخر، كل ذلك كان يتحول إلى اعتياد.
وفي الوقت نفسه، ولد في قلبها طمع.
ألن يكون من الممكن أن تستمر في العيش معه هكذا؟ أن تنجب طفلًا يشبهه ويشبهها، وتعيش حياةً عادية؟
أن يكبرا معًا وهما يعتنيان ببعضهما؟
تمنت لو أنها التقت به منذ البداية بهويتها الحقيقية، داجون، لا سايو.
لكنها الآن فكرت أن العيش بهذه الصورة، ككيم سايو، قد لا يكون سيئًا أيضًا. فلا أحد يشك في كونها سايو. فهل يمكنها أن تتظاهر بالجهل وتعيش هكذا؟ كانت تسأل نفسها مرارًا عن ذلك.
لكنها كانت تعرف أيضًا أن ذلك مستحيل. كلما طال الوقت، زاد خطر انكشاف حقيقتها.
مهما كانتا توأمًا، فالبصمات مختلفة، وهما شخصان مختلفان. والذيل إن طال، انكشف. و قد يحدث أمرٌ لا يمكن تحمّله.
فأغمضت داجون عينيها بقوة، وقد غمرها حزنٌ لا داعي له على حلمٍ مستحيل.
“اصمدي ستة أشهرٍ فقط.”
دار صوت جي وون، كأنه حكم بالإعدام، في أذنيها.
وبعد قليل، خرج تشا ءين من الحمام وقد أنهى استحمامه، لكن داجون واصلت إغماض عينيها، متظاهرةً بالنوم.
______________________
اكره جي وون وام سايو
ام سايو لو انها معترفه بداجون وعلموا النس ان ذس توأم ضايعه وتزوجت تشا شين طبيعي كان😔
وجي وون الحمار لو انه ماقال لها انتظري ست شهور بس وكل شىي مسوي انا الي بأنقذس كان
ولو انه على الأقل بس علم تشا شين ان هذي داجون كااااان
المهم انطوان ذي يارب تمدح تصميم سايو عشان يطبقون هوا يونغ والي معها
وتشا شين بعد نفروض يعطيهم نظرة الي من له وجه يتكل عن زوجتي!
التعليقات لهذا الفصل " 44"