“لا تتكلمي بتهور. سايو قد ساعدت دون أن تطلب أي مقابل.”
“أنطوان تتصرف بتلك الطريقة ولا تزال تقول بلا مقابل؟”
“لم تكن تعلم بالنتيجة حين أقدمت على ذلك. كفى.توقفي قبل أن أغضب.”
حين قال تشا شين ذلك بجدية أغلق فمه، لكن هوا يونغ لم تستطع تقبل الأمر. وزاد غضبها اشتعالًا أن يقف تشا شين في صف سايو.
سايو التي تذرعت بوجود من تحبه لتتفادى الزواج، ثم تزوجت تشا شين، والآن باتت تتعدى حتى على مجالها. لم يكن بإمكانها أن تقف متفرجة.
فعادت هوا يونغ إلى غرفة التصميم، وصدرها يضيق حتى كادت تُجن.
***
مُنحت مهلة شهرٍ واحد. لم يكن وقتًا طويلًا أبدًا،خاصةً أن تصميمات الربيع ستُعدّل بالكامل.
وقد أُلحقت داجون بمصممٍ واحد كمساعد.
دخل غرفة العمل المخصصة لها ووجهه ممتلئٌ بالفضول.
“مرحبًا. أنا يو هيونغي من قسم التصميم.”
“مرحبًا. أنا كيم سايو.”
بعد أن انتهت التحية المتكلفة، جمعت داجون شعرها وربطته ولفته بإحكام إلى الأعلى.
و سحبت قلم تلوين من علبة الأقلام القريبة، وثبتت به الشعر الذي طال قليلًا كأنه دبوس، فحدق بها هيونغي وكأنه يشاهد مشهدًا غريبًا.
ثم استخدمت قلمًا آخر لتثبيته أكثر حتى لا ينسدل، و وقفت أمام طاولة العمل. و بدأ صدرها يسخن كما حدث حين عدلت فستان السيدة أنطوان.
“من أين نبدأ؟”
ظل هيونغي يراقبها، ثم اقترب بخفة.
“آه.”
لم تكن داجون تتوقع أن يُلحق بها مساعد، فبادلت النظر بين طاولة العمل النظيفة وهيونغي.
“لحظةً من فضلكَ.”
فتحت الملفات التي أعدتها مسبقًا، وأخذت داجون تراجعها واحدًا تلو الآخر بعناية.
فتحت كتب الفن، وتأملت الزخارف كأنها تنقشها في ذاكرتها. و هيونغي أيضًا راح يتأمل الزخارف معها، وكأنه يحاول استشراف ما تفكر به.
“هل هذا هو التصميم الذي قُدّم لأنطوان؟”
فتحت داجون ملفًا آخر وسألت هيونغي.
“نعم.”
“استخدمتم طبعةً كبيرة.”
“عادةً تُستخدم في الصيف، لكنها ليست قاعدةً ثابتة.”
“بالتأكيد. أنطوان المعروفة بطبعات الإمبيريال يليق بها هذا النوع.”
“برأيكِ، ما المشكلة يا أستاذة كيم؟”
أومأ هيونغي برأسه وسألها بلطف. فمررت داجون أطراف أصابعها فوق النقوش كما لو كانت ترسم.
“ألا تعتقد أن المشكلة كانت في الألوان؟”
“الألوان؟”
ارتفعت نبرة هيونغي بدهشة.
“المفهوم الذي أرسلته أنطوان هو الحرية. الإمبيريالية والحرية صورتان متضادتان تمامًا، لذلك ربما حاولوا خلق تباين بالألوان….لكن النتيجة كانت حداثةً وجرأة مع افتقار للفخامة.”
“الافتقار للفخامة؟”
“تقليديًا، أغلى لونٍ في أوروبا هو الأرجواني. سمعتَ بالإمبيريال بيربل، أليس كذلك؟”
“نعم.…”
“كان يُصنع من حبر حلزون الموركس. و لصبغ ثوبٍ واحد كانوا يسحقون آلاف الحلزونات، فكم كان نادرًا وثمينًا. إذا نظرت إلى منتجات أنطوان ستجد القاسم المشترك هو الإمبيريال بيربل. هذا يدل على هوسهم بالفخامة، وعندما غاب ذلك ظهرت المشكلة.”
تبدلت نظرة هيونغي من الفضول إلى الدهشة. كان ينظر إليها وكأنه يراها للمرة الأولى.
“لكن….قيل أنكِ لم تدرسي التصميم أصلًا، فكيف عرفتِ كل هذا….آه! عذرًا. تجاهلي ما قلت.”
ابتسمت داجون بخفة
.من أكثر ما يرد في أعمال التعديل هو تعديل القطع الفاخرة، ومن دون معرفة خصائصها يصبح من الصعب إعادتها إلى تصميمها الأصلي دون أن يُكتشف الأمر.
“إذًا حل هذه المشكلة هو ما علينا القيام به من الآن.”
“كيف يمكنني مساعدتكِ؟”
“الإلهام الذي اعتمد عليه فريق التصميم هو العمارة الكنسية، أليس كذلك؟”
اتسعت عينا هيونغي بدهشةٍ مرة أخرى.
“نعم.…”
“إذًا، على العكس، أريدكَ أن تجمع مواد عن الزخارف الشرقية، والدانچونغ، وألوان السايكدونغ.”
“توجّهٌ شرقي؟”
كان هيونغي مأخوذًا تمامًا، يسأل عن نيتها.
“أليس ما تريده أنطوان ليس حريةً عصرية، بل حريةً شرقية؟”
فحدق هيونغي في داجون وكأنه تلقى ضربةً على مؤخرة رأسه.
***
في يومٍ واحد فقط، انقلبت مواقف تشا شين وسايو.
طوال تلك الفترة، كانت سايو هي من تنتظر، أما اليوم فكان تشا شين هو من ينتظرها.
رغم أن وقت الدوام انتهى منذ زمن،لم يغادر تشا شين مكتبه بعد. وبسببه كان جونغ يول يؤجل خروجه أيضًا متحفظًا.
“يمكنكَ أن تنصرف أولًا.”
قال تشا شين ذلك وهو جالسٌ على الأريكة الوسطى موجّهًا كلامه إلى جونغ يول الجالس قبالته.
“والرئيس ما زال هنا، كيف لي أن أفعل ذلك؟”
وبما أن الدوام انتهى، تغير أسلوب جونغ يول إلى نبرةٍ ودية كصديق.
“أتحسب حساب نظراتي؟”
و ابتسم هو كمن يقول أن الأمر مستحيل، فضحك جونغ يول بخفة أيضًا.
“هكذا هي الحياة الاجتماعية.”
كان تشا شين يضحك بخفة، ثم طرح سؤالًا بدافع الفضول الحقيقي.
“كيف هو الصديق الذي دخل كمساعد؟”
“يو هيونغي؟حسنًا، إنه ذكيٌ في التقاط الأمور، فضوليٌ جدًا، منفتح، وصاحب تفكيرٍ مرن.”
“ولهذا اخترتَه؟”
“نعم. هو الأنسب. في فريق التصميم حاليًا زوجة الأخ هي العدو العام. يبدو أن الجميع مشتعلون بعزمٍ على هزيمتها.”
بعد زيارة هوا يونغ، لم يكن ذلك أمرًا يصعب تخمينه. فمسح تشا شين وجهه الجاف بملامح غير مرتاحة.
ومع ذلك، لم يكن أمامه الآن سوى أن يثق بزوجته.
ثم نظر إلى ساعته.
“أليس في الأمر مجازفةً منذ اليوم الأول؟”
“إن كنتَ قلقًا، انزل وتفقد.”
“أخشى أن أزعجها.”
لكن لم يلبث طويلًا حتى توجه إلى غرفة التصميم في الطابق السفلي.
كان يقلقه أن تعمل سايو وحدها في غرفةٍ يفترض أن هيونغي قد غادرها مع انتهاء الدوام. و شعر أنه إن قطع عليها العمل ستتمكن من الراحة في البيت.
وحين وصل أمام غرفة العمل، كانت سايو تخرج في تلك اللحظة. فأشرق وجهه بفرح. لكن على غير المتوقع، هيونغي الذي ظنه قد غادر، انحنى لتشا شين بتحيةٍ صامتة.
“لم تغادر بعد؟”
“لم أشعر بأن الوقت تأخر إلى هذا الحد.”
بدا أن نظرة جونغ يول كانت دقيقة، إذ كان في عيني هيونغي بريقٌ واضح، وكأنه يحمل شيئًا من الحماسة الخفيفة.
“إذًا، سأغادر الآن.”
انحنى هيونغي بتهذيب، ثم حيّا سايو أيضًا.
“أراكِ غداً يا أستاذة كيم!”
حين ردت سايو التحية، اختفى هيونغي بخطواتٍ مسرعة.
وبعد أن بقيا وحدهما، تفحصها تشا شين بقلق.
“ألستِ متعبة؟”
“أبدًا. كنتُ أود العمل في مكانٍ كهذا من قبل. إنه ممتع.”
شعر تشا شين بعدم ارتياح عند سماعها. فبمكانة عائلة سايو، لم يكن امتلاكها لورشةٍ خاصة أمرًا مستغربًا.
يبدو أنها عاشت حياةً مكبوتة. فجمع مشاعره سريعًا حتى لا يظهر شيء، وأمسك بيدها.
“هيا.أنا متعبٌ قليلًا.”
“متعب؟”
“نعم. ولهذا أريد العودة إلى البيت بسرعة.”
“إذًا يجب أن نذهب لترتاح.”
أسرعت سايو بخطواتها. و كان هو من أمسك يدها أولًا، لكنها هي من كانت تجره معها نحو موقف السيارات.
و راقبها تشا شين وهي تقوده بابتسامة مستمتعة.
“هل أقود أنا؟”
“لا.ليس إلى هذا الحد.”
كان الخروج من العمل معًا أمرًا جديدًا. و شعر أن تكرار ذلك يوميًا لن يكون سيئًا.
وبما أن الوقت كان خارج ذروة الازدحام، وصلا إلى البيت بسرعة.
يبدو أن العاملة التي تأتي مرتين في الأسبوع كانت قد مرت، إذ كانت الثلاجة ممتلئةً بالأطباق الجانبية.
كانت العاملة تتولى أحيانًا ملء الطعام بالتنقل بين بيت العائلة وبيتهم. فاكتفيا بوجبةٍ خفيفة مما هو متوفر ،وقررا الخلود إلى النوم سريعًا.
بعد أن استحم كلٌّ منهما،التقيا في غرفة النوم الرئيسية. و كان تشا شين بملابس النوم ينظر بقلق إلى سايو المستلقية عند طرف السرير.
كانت قريبةً من الحافة لدرجة أن سقوطها لن يكون مستغربًا. ولسببٍ ما، لم يرق له وضعها هذه الليلة.
“ألن يكون النوم هكذا مزعجًا؟”
“ماذا؟”
“قد تسقطين وأنتِ نائمة.”
“لم يحدث ذلك من قبل.”
قالت سايو أنها بخير، دون أن تدرك ما يدور في خاطره.
“أنا من يشعر بعدم الارتياح.”
“غير مرتاح؟”
يبدو أن سايو أساءت فهم معنى عدم الارتياح،فتحركت بجسدها أكثر نحو الحافة.
“لا، ليس هناك. تعالي إلى المنتصف.”
“ماذا؟”
كان وجهها يوحي بأنها لم تفهم كلامه إطلاقًا.
“هل عليّ أن أسحبكِ بنفسي؟”
“….…”
عندها فقط فهمت سايو، فحدقت به بذهول. ويبدو أنها شعرت بصرامة تعبيره، فتحركت بحذرٍ قليلًا نحو منتصف السرير.
“نحن في شهر العسل.”
“آه،أعرف.”
“إن نمنا متباعدين هكذا، فلا معنى لمشاركة سريرٍ واحد.”
“نعم.”
ربما شعرت بالحرج مع تقلص المسافة، فأشاحت سايو بنظرها بعيدًا.
وفي تلك اللحظة،وكأن دافعًا ما استولى عليه، اقترب تشا شين فجأة على السرير. فشهقت سايو مندهشة.
“اليوم سأنام وأنا أحتضنكِ.”
اهتزت عيناها بعنفٍ وكأن زلزالًا ضربهما. وكان منظرها لطيفًا إلى حد أنه لم يشعر بنفسه إلا وزاوية فمه ترتفع قليلًا.
“ما الذي تتخيلينه؟سأحتضنكِ فقط.”
“آه، فقط عناق؟”
“ألا يعجبكِ؟”
كان تشا شين يعلم مسبقًا أنها ستقول أنها لا تمانع، ومع ذلك سألها عمدًا.
وكما توقع، هزت سايو رأسها بقوةٍ نافية. كان جوابًا متوقعًا، لكن سماعه جعله يشعر بالسرور.
فأدخل ذراعه خلف عنقها، وباليد الأخرى لف ظهرها وجذبها إليه.
في لحظة واحدة، تشابكت ساقاهما والتصق جسداهما. و شعر بتصلب جسدها من التوتر، لكنه تظاهر بعدم الانتباه.
كان أمرًا لا بد أن يمرّا به يومًا ما. ومن خلال هذه العملية فقط سيتمكن من الاقتراب منها أكثر.
“ستكونين متعبة، نامي الآن.”
“وأنتَ أيضًا يا تشا شين.”
لكن عيني سايو ظلتا مفتوحتين على اتساعهما دون أن تنغلقا. بينما أغمض تشا شين عينيه أولًا متعمدًا التظاهر بالهدوء.
“هيا ننام. إن لم تنامي سأشد العناق أكثر.”
“تـ،تصبح على خير.”
قالت تحية الليل بصوتَ يحمل استعجالًا واضحًا.
وهو يحتضنها شعر بتغيرات نبضها و دفء جسذها، لكنه تظاهر بالبحث عن النوم.
وبسبب التصاق جسديهما، لا بد أنها شعرت بتغيره دفئِه أيضًا، لكنها بدورها تظاهرت بعدم الإدراك.
لم يستطع حتى أن يتقلب، فكانت هي بين ذراعيه حاضرةً في وعيه بقوة. ومع ذلك،لم يفك عناقه، وانتظر أن تغفو براحة.
لكن، وكما هو متوقع، لم يأتِ النوم بسهولة.
***
عندما وصل هيونغي إلى فريق التصميم في الصباح،تجمع الموظفون من حوله. بينما راقبت هوا يونغ المشهد ببرود.
“كيف هي؟ جميلة؟”
“ومهارتها؟”
كان هيونغي يبدو فخورًا على نحوٍ ما، فأجاب بنبرةٍ تميل إلى التباهي.
“وجهٌ لطيف، قوامٌ لطيفة، ومهارةٌ لطيفة أيضًا.”
فشبّكت المديرة كيم ها كيونغ ذراعيها عند سماع كلامه.
“حقًا؟”
“لم أصدق أبدًا أنها ليست خريجة تصميم. بدت أكثر إلمامًا بالملابس مني.”
“يعني أنها لم تكن مجرد خيّاطةٍ عادية؟”
عند تعليق أحد الموظفين، وخزه آخرٌ في خاصرته محذرًا إياه من انتقاء كلماته.
“انتبه لكلامكَ. ماذا لو وصل هذا إلى أذن الرئيس؟”
في تلك اللحظة، تدخلت هوا يونغ فجأة.
“السيد يو هيونغي، راقبها جيدًا وأخبرنا بكل شيء.”
____________________
الضمة يانااااااااس 🤏🏻
هيونغي ذاه ان كانة رجال علم تشا شين خير هوا يونغ حدس
ليتها تروح تتكلم معها نفسها يمكن تلاحظ انها مب سايو 😔
المهم تشا شين يجنن وهو يدور أي فرصه يمسكها ويقربون من بعض هااااههعههههههععهااااااهاعا🤏🏻
التعليقات لهذا الفصل " 43"