‘هل صحيحٌ أن جي وون استدعاني حقًا فقط لتناول وجبةٍ واحدة؟’
ألقت داجون نظرةً خاطفة على جي وون الذي كان يأكل بصمتٍ أمامها. و لم تستطع أن تصدق أنه دعاها لمجرد سببٍ بسيطٍ كهذا.
هل كان هذا كل ما لديه ليقوله بشأن لي سوك فعلًا؟ إذ لم يفتح أي حديثٍ آخر يتعلق بها.
كانت هذه أول مرةٍ يكون الجلوس معه بهذه الدرجة من الحرج.
هل لأن اللقاء كان بلا هدف، فشعرت داجون بالحيرة وهي تنظر إليه مجددًا.
وفجأة توقفت نظراته عند يد داجون. وبالتحديد عند خاتم الزواج الذي ترتديه.
من دون أن تفهم السبب، نظرت هي الأخرى إلى يدها. وعندما رفعت رأسها مجددًا، كان جي وون قد شرب رشفةً من الماء.
“ألا تشتهين الطعام؟ فأنتِ لا تأكلين كثيرًا.”
“ربما لأنني متوترة.”
“متوترة؟”
“عندما تناديني، أفكر فورًا إن كان قد حدث شيءٌ لأمي، أو إن كانت هناك مشكلةٌ في بيت العائلة.”
فتجهم حاجبا جي وون للحظة عند كلامها، ثم عاد وجهه إلى جموده المعتاد.
“هكذا تفهمين دعوتي لتناول الطعام معًا إذًا.”
كانت نبرته توحي وكأنه جُرح، فدُهشت داجون في سرها ونظرت إليه. لكن لم يكن على وجهه سوى ذلك الهدوء المستقيم الذي بدا باردًا كعادته.
و قررت داجون أنها لا بد قد أساءت الفهم. فجي وون لا يمكن أن يكون كذلك.
“هكذا كان الأمر دائمًا.”
“صحيح.”
انخفض صوته بثقل.
كان غريبًا اليوم على غير عادته. لكن داجون لم تشأ أن تضع إصبعها على الأمر مباشرة.
ثم اكتفت بالتظاهر بالأكل وهي تشعر بازدياد الحرج.
راقبها قليلًا وهي تعبث بطعامها، ثم فتح فمه،
“هل ننهض الآن؟”
كانت شهيتها قد فُقدت منذ وقت، فأومأت برأسها. و خرجت أولًا إلى موقف السيارات وانتظرته هناك، وشعرت بإحساسٍ غريبٍ للغاية. ربما لأن هذه كانت المرة الأولى التي تلتقيه فيها من دون سبب أو هدف.
خرج جي وون بعد أن أنهى الحساب وسار حتى توقف أمامها.
“قلتِ أنكِ ستذهبين لرؤية رئيس المجلس؟”
“نعم. وغدًا أفكر أن أزور أختي أيضًا.”
“….سايو؟”
“ازداد عدد أفراد العائلة الذين يجب أن أعتني بهم.”
وبينما كانت تتحدث، سألت داجون جي وون فجأة بدافعٍ اندفاعي.
“هل تريد أن تأتي معي؟”
فاهتزت عيناه بوميض ارتباك. لكن ذلك اختفى في لحظة.
“الفكرة ليست سيئة، لكن سأزور رئيس المجلس وسايو كلٌّ على حدة.”
“حسنًا إذًا.”
لم تكن راغبةً فعلًا في الذهاب معًا، فأجابت بهدوء.
“ادخلي الآن.”
“إلى الشركة؟”
“نعم.”
وفي تلك اللحظة تحديدًا، سُمِع صوتٌ ينادي اسمها، أو بالأحرى اسم أختها.
“سايو؟”
فاستدار كلٌ من داجون وجي وون نحو مصدر الصوت. وكانت هوا يونغ تقف هناك مع تشا شين. وبعدهما خرج جونغ يول من المطعم أيضًا.
***
قبل موعد الغداء بساعة، وصلت رسالةٌ من هوا يونغ تطلب فيها أن يعوضها عن عشاء الأمس الذي لم تتناوله.
وبعد أن تأكد تشا شين من أن جونغ يول بلا جدولٍ آخر، قرر الثلاثة أن يتناولوا الطعام معًا.
و في الحقيقة، كان لدى تشا شين أمر يريد أن يسأل عنه إن التقى هوا يونغ. فهو لم يكن يعرف الكثير عن زوجته، وكانت هوا يونغ صديقة سايو الوحيدة.
وبما أن المكان كان من اختياره، أنهى جونغ يول وجبته برضا ثم ذهب إلى دورة المياه.
وعندما بقي تشا شين وهوا يونغ وحدهما، سألها بحذرٍ عن زوجته.
“سايو، مسكينةٌ فعلًا.”
قالت هوا يونغ ذلك ببرود وهي تشرب الشاي الذي قُدم مع الحلوى.
“مسكينة؟”
فتجعدت ملامح تشا شين عند كلامها.
“نعم، ألم تسمع بعض الشائعات على الأقل؟”
كانت هناك الكثير من الشائعات عن سايو. هل كان بينها ما يقترب من الحقيقة؟
“لا أعرف شيئًا بالتحديد.”
قال ذلك ملتفًا على السؤال، وأخذ رشفةً من الشاي منتظرًا كلامها التالي.
“طبيعي. فالشائعات عنها لا تُعد ولا تُحصى.”
“….…”
“أمها….تلك السيدة، لم تكن تبدو كأمٍ حقيقية. كانت تتحكم في كل شيء، وتراقب كل شيء.”
كان كلامًا غير متوقع.
“تقصدين حماتي؟”
“ومن غيرها؟ بالطبع أتحدث عن تلك السيدة.”
تابعت هوا يونغ كلامها بابتسامةٍ ملتوية لا يُعرف لمن كانت موجهة.
“لم يكن لديها شيءٌ واحد تستطيع أن تقرره بنفسها.”
فتجمد تشا شين من شدة الصدمة ولم يجد ما يقوله.
“حتى زواجها منكَ، لم يكن استثناءً.”
تذكّر تشا شين فجأة سايو وهي جالسةٌ كدمية في لقائهما الأول.
ذلك الوجه الجامد الذي لم يكن يُشعِر بأي ذرةٍ من المشاعر جعل حتى تشا شين يشعر بعدم الارتياح آنذاك.
“على أي حال، هذا ينطبق علينا أيضًا. الزواج ممن تريده العائلة، ليس أمرًا نختاره نحن.”
‘أمرٌ لا نستطيع اختياره.’
شعر تشا شين بمرارةٍ في مذاق الطعام الذي أنهى تناوله بالفعل.
“لا.”
“ماذا؟”
“أنا لا.”
لم يكن قادرًا على الإجابة بثقةٍ عن سؤال ما إذا كانت سايو قد اختارته هو. لكن إن كان السؤال عن اختياره هو، فكان يستطيع الإجابة دون تردد.
في ذلك اليوم الذي التقى فيه بها عند المسبح، كان قد سأل سايو عن رأيها في الزواج. وتحدث أيضًا عن مشاعره الصادقة.
“لن أرى شريكة زواجٍ أخرى.”
“….…”
“أريد أن أتزوج من السيدة كيم سايو.”
“نعم؟”
“إذا كان لا بد من الزواج من امرأةٍ ما، فأود أن تكون تلك المرأة هي كيم سايو.”
لم يستطع أن ينسى وجه سايو وهي تنظر إليه بهدوءٍ في ذلك الوقت.
“أنا اخترتُ تلك المرأة.”
“….…”
هذه المرة، بدا أن هوا يونغ فقدت الكلمات فأطبقت فمها.
بدت مرتبكةً قليلًا، ثم تابعت الحديث عن سايو.
“على أي حال، كان الأمر كذلك. كانت تحاول بطريقتها أن تستعد لشيءٍ ما، كأنها تستعد للهجوم المضاد، ثم فجأة تزوجتكَ. فجأةً فعلًا.”
“هجومٌ مضاد؟”
“جدّها، أقصد رئيس المجلس. كان رئيس المجلس يُدلل سايو نوعًا ما.”
“حقًا؟”
شعر تشا شين بقليلٍ من الارتياح، وكأنها لم تكن تعيسةً بالكامل.
“لذلك ظننتُ أنها تحضّر لشيء، لكن يبدو أنني كنت مخطئة.”
خفتَ صوت هوا يونغ في كلماتها الأخيرة. وفي تلك اللحظة عاد جونغ يول.
ما إن دخل، حتى غيّر كلٌ من تشا شين وهوا يونغ الموضوع وكأنهما اتفقا مسبقًا. و انتقل الحديث بشكلٍ طبيعي إلى زوجي أنطوان.
بعد أن اكتمل إصلاح الفستان تمامًا وتغير الجو، كانت سيدة أنطوان ترغب بشدةٍ في لقاء المصمم الذي أصلح ثوبها.
و لم يستطع تشا شين أن يعطي أي جوابٍ قاطع.
و قالت هوا يونغ بنبرةٍ استفزازية إن المصمم لا بد أن يكون شخصًا مميزًا طالما يُخفى بهذه الطريقة، لكن حتى جونغ يول بدأ يراعي نظرات تشا شين، فبدا عليها الانزعاج قليلًا.
وبينما كانوا يخرجون بعد انتهاء الطعام، صادف تشا شين زوجته في المطعم نفسه.
“سايو؟”
كانت هوا يونغ أول من رآها، فتقدمت نحوها بفرحٍ واضح.
نظرت سايو إلى تشا شين الذي كان خلف هوا يونغ. وفي تلك اللحظة، تعرّف جونغ يول الذي خرج لتوه من المطعم على سايو وانحنى لها تحية.
“آه، المدير جو هنا أيضًا.”
وألقى جي وون بدوره تحيةً خفيفة عليهم.
اقتربت هوا يونغ أكثر، وكأنها لا يمكن أن تكون أكثر سعادة، وأمسكت بيد سايو.
“جئتِ لتتناولي الطعام وحدكِ مع المدير جو؟ لو كنتُ أعلم، لكان من الأفضل أن نأكل الخمسة معًا.”
“صحيح.”
“ماذا؟ حتى أنتَ لم تكن تعلم يا أوبا؟”
سألت هوا يونغ وهي تلتفت نحو تشا شين.
ر ربما بسبب طريقة مناداتها العفوية، أو بسبب تصرفها الودود، راحت سايو تنظر بين تشا شين وهوا يونغ بالتناوب.
لم يسبق لها أن رأتهما معًا بهذه الصورة، فبدا الأمر غريبًا عليها.
“قالت أنها ستذهب إلى بيت العائلة، فالتقينا صدفة.”
و تدخل جي وون بذلك.
“بيت العائلة؟”
سأل تشا شين وهو ينظر إلى سايو، فأجابت بأنها أرادت فقط أن تزور الجميع لأنها اشتاقت إليهم.
و شعر تشا شين بسذاجته لأنه كان ينزعج في كل مرةٍ يصادفها مع جي وون.
ثم شعر بالأسف.
“هل قدتِ السيارة؟”
“نعم.”
“إذًا، هل يمكنكِ أن توصليني إلى الشركة أولًا قبل أن تذهبي إلى بيت أهلكِ؟”
عندما قال ذلك، أجابت سايو بالموافقة من دون أن تفهم السبب، لكن جونغ يول ابتسم ابتسامةً ذات معنى وكأنه فهم كل شيء.
“إلى لقاءٍ قريب.”
فألقى التحية على جي وون، وقال لجونغ يول وهوا يونغ أنهما سيلتقيان في الشركة، ثم ركب سيارة سايو.
لمح للحظةٍ هوا يونغ التي كانت تبتسم بإشراق منذ لقائها بسايو وهي تقف متجمدة في مكانها، لكنه لم يهتم كثيرًا بالأمر.
ثم أدخل وجهةَ شركته في جهاز الملاحة، وكانت سيارتهما أول من غادر موقف السيارات.
و انعكست في المرآة الخلفية صورة الثلاثة وهم ينظرون إليهما.
وبعد أن صعد جي وون إلى سيارته أخيرًا، اختفت سيارة سايو تمامًا من مجال رؤيتهم.
“هذه أول مرةٍ أركب فيها سيارةً تقودينها يا سايو.”
“آه، أهذا صحيح؟”
بدت وكأنها تفكر قليلًا، ثم ضحكت بخفةٍ قائلةً أن الأمر كذلك فعلًا.
و حين ابتسمت، ارتسمت الابتسامة على وجه تشا شين دون سبب.
“سايو، مسكينة.”
“لدرجة أنكَ قد تشك إن كانت أمها الحقيقية، تلك السيدة كانت كذلك فعلًا، تسيطر على كل شيء، وتراقب كل شيء.”
مرت كلمات هوا يونغ التي قالتها قبل قليلٍ في ذهن تشا شين. و راح يتأمل سايو وهي تقود بهدوء.
وكأنها شعرت بنظراته، راحت تنظر إليه وإلى الطريق بالتناوب.
“ماذا؟”
“زوجي أنطوان يرغبون في مقابلتكِ.”
“أنا؟”
يبدو أنها سمعت بالأمر عبر جونغ يول، فلم تبدُ متفاجئةً كثيرًا.
“ما رأيكِ؟”
“بماذا؟”
“إن رغبتِ، يمكنني ترتيب الأمر.”
كان قوله أنه سيُرتب الأمر إن رغبت يعني أنه لا يعارض نشاطها.
فقد كان يتذكر سايو وهي منهمكةٌ في عملها في محلات التعديل في دونغديمون. مشهد اكتمال الملابس بين يديها وكأنها تمارس سحرًا ظل يطفو في ذهنه طويلًا.
ربما لم تكن هي تدرك ذلك، لكنها كانت تملك موهبةً في التعامل مع الأقمشة.
ولم يكن هو وحده من اعترف بتلك المهارة.
فسيدة أنطوان كانت مصممةً رئيسية عملت في باريس لسنواتٍ طويلة، ومن غير المعقول أن تخطئ نظرتها.
“هل….تتمنى أن أفعل ذلك؟”
“هل يعني هذا أنكِ ستقابلينهم إن تمنيتُ أنا ذلك؟”
“أنا فقط أصلحتُ ثوبًا تالفًا، لكنكَ تصف الأمر وكأنه شيءٌ عظيم، وهذا يضغطني قليلًا.”
“إن شعرتِ بالضغط، فكّري فيه ببساطة. من الطبيعي أن يرغب صاحب الثوب في شكر من أصلحه بإتقان. فكّري فيه على هذا القدر فقط.”
فعادت سايو تغرق في التفكير بهدوء.
لم تكن المسافة بين المطعم وشركة تشا شين بعيدة. وبينما كانا يتحدثان، وصلا تقريبًا إلى أمام الشركة.
وحين رآها تستعد لإيقاف السيارة لإنزاله، شعر تشا شين بضرورة الحديث عن هوا يونغ.
ذلك لأن نظرتها التي كانت تتفحصه مع هوا يونغ قبل قليل ظلت عالقةً في ذهنه.
“هناك أمرٌ أود قوله.”
“نعم.”
كانت عينا سايو مشغولتين بالعثور على مكانٍ لإيقاف السيارة في الطريق المزدحم. ومع ذلك، رأى تشا شين أن الوقت المناسب هو الآن، لا لاحقًا، فبدأ الحديث.
“قد تكونين تعرفين، لكن هوا يونغ كانت خطيبة أخي.”
فاتسعت عيناها في الحال.
“ماذا؟”
“لذلك أنا، وعائلتنا أيضًا، نعتبر هوا يونغ كأنها فردٌ من العائلة. قلتُ لكِ هذا حتى لا يساء الفهم.”
وعندما سمعت حديثه عن أخيه، ابتلعت سايو ريقها وهي تختار كلماتها، فابتسم تشا شين ابتسامةً هادئة.
“اذهبي إلى بيت أهلكِ بسلام.”
عندها فقط لان تصلب ملامح سايو قليلًا. و ابتسمت بدورها، وقالت أنها ستراه في المنزل.
_____________________
صح داجون ماتدري ان هوا يومغ كانت خطيبه الاخو وناسه ليتهم يدرون عشان يبدون يشكون
هوا يونغ يارب انها عاقله واذا درت انها مب سايو تخليها مع تشا شين خلاص كل واحد وله نصيبه
المهم انفدا تشا شين على طول شرح لها عشان مايصير سوء فهم وناسه😭🤏🏻
جي وون وش سالفته مع سايو الاصليه ليه كل شوي يرتبك لاجا طاريها؟🤨
التعليقات لهذا الفصل " 41"