بعد تفكيرٍ قصير، اختار تشا شين العودة إلى المنزل.
كان بإمكانه أن يتناول الطعام مع جونغ يول مواسيًا هوا يونغ التي لا بد أن كرامتها كمصممةٍ قد جُرحت. لكن أكثر من عانى اليوم كانت زوجته سايو.
“اذهبوا. لا يوجد وقت.”
و انطبعت في ذهنه بقوةٍ صورة سايو وهي تتقدم بعد تفقد حالة الفستان.
كما لم يستطع أن ينسى مشهدهما وهما يركضان معًا في زقاق تصليح الملابس الخلفي في دونغ ديمون.
كان زقاقًا لا يتوقع أن يكون لها به أي صلةٍ طوال حياتها، ومع ذلك ركضت سايو فيه بلا تردد.
كان شعرها القصير، الذي طال الآن حتى كتفيها، يتمايل بقوة مع كل حركة. و أمام ذلك المشهد الغريب، تبعها وهو يشعر بالهيمنة والذهول.
فتح تشا شين الباب ودخل المنزل، ثم ما لبث أن توقف وهو يدخل غرفة المعيشة. فقد كان التلفاز يثرثر وحده، وكانت سايو نائمةً بعمقٍ على الأريكة.
“لا بد أنها كانت متعبة.”
كان يومًا حافلًا بالكثير من الأحداث.
و همَّ بإطفاء التلفاز الصاخب، لكنه غيّر رأيه واكتفى بخفض الصوت قليلًا.
ثم وضع السوشي الذي اشتراه ليتناوله معها في الثلاجة. فحين رآها نائمة بعمق، لم يستطع إيقاظها.
تردد إن كان عليه أن يحملها إلى السرير، لكنه بعدما تأملها بهدوء قرر أن يتركها كما هي.
خشي أن يوقظها إن نقلها. فاكتفى بإحضار بطانيةٍ وغطاها بها بحذرٍ شديد.
ثم جلس على الأريكة على مسافةٍ منها.
في تلك اللحظة، تقلبت سايو النائمة بلا حراك وغيّرت وضعيتها. فحدق تشا شين في وجهها بصمت.
“هذا أمرٌ لا تعرفه العائلة. وأتمنى أن يظلوا لا يعرفونه.”
‘أي حياةٍ عاشتْها يا ترى.’
امرأةٌ عاشت كابنةٍ وحيدة مدللة لشركة شين كيميكال، لماذا تعرف أزقة تصليح الملابس في دونغ ديمون؟
“لأنه الشيء الوحيد الذي أمتلك ثقةً به.”
كلما فكّر أكثر، ازداد الأمر غموضًا.
جلس تشا شين مستندًا بذقنه، يراقب سايو بمشاعر معقدة. ثم، وكأنه يبدل أفكاره، أطلق زفيرًا عميقًا.
حتى لو فكّر مليًا، فلن يجد جوابًا. لا سبيل سوى الانتظار إلى أن تقصّ عليه هي قصتها بنفسها.
فأخذ نفسًا عميقًا ثم أخرجه ببطء.
“سأنتظر. مهما طال الزمن.”
لم يكن من الممكن أن تسمعه سايو وهي نائمة، لكنه همس بذلك بهدوء.
سيأتي يومٌ، عاجلًا أم آجلًا، تخبره فيه سايو بسرّها.
“سأذهب لأستحم.”
همس مرةً أخرى بصوتٍ خافت، ثم نهض تشا شين بهدوء.
***
استيقظت داجون من نومها وهي في حيرة.
“متى جئتُ إلى السرير؟”
آخر ما تتذكره هو أنها كانت وحدها في المنزل تشاهد برنامجًا ترفيهيًا.
و لم تكن قد شربت الكحول، ومع ذلك انقطع وعيها تمامًا بعد ذلك.
صحيحٌ أنها كانت متعبة. عملت بتركيزٍ بعد فترة طويلة، وكانت متوترةً أيضًا. لكن مع ذلك، لم تتوقع أن تغوص في النوم كالجثة.
وبينما كانت تسترجع أحداث الأمس بشيءٍ من الدهشة، أدركت أن رائحةً دافئة وحلوة تملأ أرجاء المنزل.
بدافع الفضول، كشفت الغطاء وتوجهت إلى المطبخ. و كان تشا شين في المطبخ منهمكًا في الطهي.
كان يرتدي بدلةً رسمية مع مريلة مطبخ. وقد خلع سترته ورفع أكمام قميصه، لكنه بدا بكل وضوحٍ في هيئة ذاهبٍ إلى العمل.
بدا وكأنه يُحضّر طعامًا بسيطًا قبل خروجه، فتقدمت داجون نحوه بوجهٍ مستغرب.
“ألن تذهب إلى العمل؟”
“أوه؟ استيقظتِ.”
ما إن رآها حتى ارتسمت على وجهه ابتسامةْ مشرقة كزهرةٍ تتفتح.
ثم نظرت داجون إلى الساعة المعلقة على الحائط. و كانت تشير إلى السابعة والنصف تقريبًا.
“لم تتناولي العشاء أمس أيضًا، أليس كذلك؟”
“لم أكن جائعةً فقط. كيف عرفتَ؟”
لا تدري إن كان بسبب التوتر أم الحماس، لكنها لم تشعر بالجوع حينها.
“لم تكن هناك أطباقٌ مستخدمة، ولا آثار غسل. لذلك حضرتُ شيئًا بسيطًا. لتأكليه حين تستيقظين.”
نظرت داجون إلى الطعام الذي أعده.
“شوربة؟”
“نعم، شوربة بطاطس. كنتُ على وشك الخروج إلى العمل، لكنها سهلةٌ وسريعة، فحضّرتها على عجل. ولحسن الحظ كانت المكونات متوفرة.”
كانت شوربة البطاطس تغلي بلطفٍ في القدر. وعندما اقتربت، داعب أنفها عبق البطاطس الناعمة مع الكريمة الطازجة ورائحة البصل.
كانت الرائحة الحلوة التي شمّتها في غرفة النوم بسبب البصل.
“لا بد أنكَ مشغولٌ بالذهاب إلى العمل، فلماذا تتكلف إعداد شيءٍ كهذا؟”
قالت ذلك وهي تشعر بالامتنان والاعتذار معًا.
“قلتُ لكِ. أحب الطبخ. ثم إن هذا بسيطٌ جدًا ولا يُعد طهيًا حقيقيًا بالنسبة لي.”
فضحكت بخفة عند مزاحه.
“اجلسي هناك. بما أنكِ استيقظتِ، كليه الآن.”
ربما لأن رائحة شوربة البطاطس أيقظت معدتها، داهمها الجوع فجأة. فجلست داجون إلى الطاولة دون اعتراض.
ظنت أنه سيسكب لها الشوربة مباشرة، لكن تشا شين أخرج من الثلاجة شرائح من اللحم المقدد.
هل سيقليها أيضًا، تساءلت، لكنه بالفعل بدأ بقلي اللحم المقدد.
“ألن يكون اللحم المقدد ثقيلًا؟”
“ما هذا الكلام. الصباح يحتاج إلى اللحم.”
قطّع بضع قطعٍ من اللحم المقدد المقلي ونثرها فوق شوربة البطاطس.
ثم وضَع تشا شين الطبق أمام داجون، التي كانت تراقب طهوه بنظرةٍ مندهشة.
“لكن، لماذا طبقٌ واحدٌ فقط؟”
“لماذا؟ أأغرف طبقين؟”
“لا، كنتُ أظن أنكَ ستأكل.”
“أرغب في الأكل معكِ، لكن تأخرتُ قليلًا ويجب أن أذهب.”
“آه…….”
قال ذلك وهو يخلع المريلة التي كان يرتديها. ثم فرد أكمام القميص التي كان قد رفعها وعدّل مظهره، فلفت نظرها تجعد الأكمام.
كان دائمًا يذهب إلى العمل بملابس مرتبة، ولذلك أزعجها تجعد الأكمام.
“بسببي تجعد قميصكَ كله بلا داعٍ.”
توقف تشا شين وهو يلمس أزرار الأكمام، ثم نظر إلى داجون من جديد.
“فعلتُ ذلك لأنني أردتُ، كل ما عليكِ هو أن تأكليه بشهية يا سايو.”
بنبرة صوته اللطيفة، شعرت داجون بحكةٍ خفيفة في صدرها دون سبب.
وحين أحست بأن وجهها يحمر، طأطأت رأسها بسرعة وبدأت تأكل شوربة البطاطس.
انتشر قوام البطاطس الهش ونعومة الكريمة في فمها، ومع مضغ قطع اللحم المقدد ازداد الطعم عمقًا.
هل كانت شوربة البطاطس طعامًا لذيذًا إلى هذا الحد، ففتحت داجون عينيها على اتساعهما ونظرت إلى تشا شين.
“لذيذةٌ جدًا.”
“طبعًا، أنا من صنعها.”
بدا تشا شين، وهو يشعر بالفخر، لطيفًا كطفل. تصرفاته كانت طفولية، لكنه وهو يرتدي البدلة بدا وسيمًا إلى حدٍ مبالغٍ فيه.
فنسيت داجون حتى أكل الشوربة وهي تراقبه وهو يرتدي ملابسه، لكنها ما إن التقت عيناهما حتى أسرعت بدسّ أنفها في الطبق.
و تشا شين، الذي كان قد ارتدى قميصه المعلّق على الطاولة، نظر إليها نظرةً ثابتة. و أمام نظرته الحادة، رفعت داجون رأسها بخفة.
“لماذا؟ هل هناك ما تريد قوله؟”
سألته بحذر، فارتسمت على وجهه ابتسامةٌ ماكرة.
“يبدو أن الطعم لم يكن جيدًا كما توقعت، بما أنكِ شاردة.”
“….لا، لا! إنها لذيذة، لذيذةٌ فعلًا.”
وبصوتٍ خافت يكاد لا يُسمع، أضافت تبريرًا مرتبكًا بأنها لم تكن شاردة.
عندها أطلق ضحكةً قصيرة. فشعرت بالخجل دون سبب، و دفنت وجهها أكثر في طبق الشوربة.
لقد كُشف أمر نظراتها الخلسة بلا أدنى شك.
“سأذهب إلى العمل الآن. أريد البقاء معكِ، لكن لا يمكنني التأخير أكثر.”
في مثل هذا الموقف، لم تعرف داجون ماذا يجب أن تقول.
“انتبه لنفسكَ….”
كان تشا شين على وشك الخروج، ثم توقف واستدار نحوها.
“وأيضًا….”
“…….”
“شكرًا على الأمس.”
في تلك اللحظة، هبط قلبها بقوة. تساءلت كيف يمكن لكلمةٍ بسيطة مثل الشكر أن تترك هذا القدر من الأثر.
و بعد تلك العبارة، غادر تشا شين إلى العمل.
شعرت داجون وكأن دقات قلبها المتسارعة تُسمَع حتى في أذنيها، فوضعت يدها على صدرها بهدوء.
في الحقيقة، كانت هي الأكثر امتنانًا. فمنذ أن بدأت تعيش باسم الأخت سايو، لم تعش لحظةً ممتعة مثل الأمس.
لم تكن تعلم أن قدرتها على أن تكون عونًا له يمكن أن تكون بهذا القدر من الإشباع، ولم تدرك كم كانت تشعر بالاختناق طوال ذلك الوقت.
ثم فجأة، تسلل القلق إلى قلبها.
خافت أن تحبه أكثر من اللازم. الشخص الذي يعرفها هي كالأخت سايو.
مدة هذا الزواج نصف عام فقط. وبعد ستة أشهر، سيتعين عليها أن تطلقه.
وهو شخصٌ طيب إلى هذا الحد، فهل ستتمكن من أن تدير له ظهرها وترحل.
فانتشر القلق بسرعة داخلها. و كلما ازداد تعلقها به، ازداد خوفها.
***
بعد ساعتين من ذلك، وصلتها مكالمةٌ من جي وون.
و حين اقترح أن يتناولا الغداء معًا، لم تستطع داجون أن تجيب فورًا.
“هل لديكِ موعدٌ مسبق؟”
“ليس تمامًا، كنتُ أفكر أن أزور جدي اليوم.”
“إذًا لنتغدى معًا ثم تذهبين.”
بدا وكأنه مصرّ على تناول الطعام معها، وهو ما كان مفاجئًا قليلًا.
“حسنًا، لنفعل ذلك.”
بعد إنهاء المكالمة، تفقدت داجون الوقت وبدأت بالاستعداد للخروج.
رفضت عرضه بأن يأتي لاصطحابها، وطلبت منه أن يرسل لها الموقع لتذهب بنفسها.
بعد إغلاق الهاتف، وصلها الموقع عبر رسالة، وبالتحديد من سكرتيره.
لم تستطع تخمين سبب طلبه للغداء. كلما تواصل معها، كان أول ما يخطر ببالها أن يكون قد حدث شيء ل لي سوك، فكان قلبها يهبط فورًا.
وبسبب نظرات الآخرين، كانت تزور المستشفى مرةً كل أسبوع، ولم يكن أمامها سوى أن تسمع أخبار لي سوك من جي وون.
ربما كان لقاؤه اليوم ليخبرها بأن حالة لي سوك تتحسن.
وهي تحمل هذا التوقع، قادت سيارتها إلى المطعم الذي حدده.
عندما دخلت الغرفة الخاصة، كان جي وون قد وصل وجلس بالفعل. و ما إن وصلت، طلب من الموظف أن يحضر الطعام الذي كان قد طلبه مسبقًا.
بدا وكأنه دعاها فعلًا لمجرد تناول الطعام، إذ تناول وجبته بهدوء ولم ينظر إليها إلا بين الحين والآخر بلا اكتراث.
شعرت داجون بالاختناق من تصرفه، فبادرت بالكلام أخيرًا.
“لماذا طلبتَ رؤيتي اليوم؟ ليس لأن حالة أمي ساءت، صحيح؟”
فأخذ رشفةً من الماء، ثم وضع الكأس وسألها.
“ألا يمكنني رؤيتكِ إلا إذا كان لديّ سبب؟”
“ماذا؟”
لم تفهم إجابته، فتجمدت للحظة. بينما واصل تناول طعامه بهدوءٍ تام. من دون أي تغيرٍ في تعابيره، تساءلت إن كانت قد سمعت خطأ.
“ألم نكن نلتقي دائمًا بسبب أمرٍ ما؟”
“يبدو أنكِ ستغضبين لو قلتُ أنني دعوتكِ فقط لتناول وجبة.”
“…….”
هذه المرة، ترددت داجون أيضًا. فليست بينهما علاقةٌ ودية إلى هذا الحد، لكنها ابتلعت الكلمات التي كادت تقولها.
كلما ازداد حبها لتشا شين، ازداد في المقابل شعورها بنفورٍ غريب تجاه جي وون الذي زجّ بها في هذا الوضع.
و حين أغلقت فمها بإحكام، رفع جي وون وجهه الخالي من التعبير ونظر إليها. ثم تنفس زفيرًا خفيفًا.
“لا تقلقي على نا لي سوك. العلاج يسير على ما يرام، وهي مواظبةٌ على جلسات إعادة التأهيل.”
“ألا تسأل عني؟”
وبصوتٍ جاف بدا وكأنه مستسلم، أجاب جي وون بأنه لم يسمع شيئًا من هذا القبيل.
فساد الصمت بين جي وون وداجون.
___________________
كله من جي وون خرب الفراشات بداية الفصل وعنه وش تبي
المهم تشا شين راح لها صدق وسحب على هوا يونغ تربيتييييي😭 بس خساره طلعت راقده
وعادي ولا عليه قعد يتأملها وقام زين لها فطور دافي 😔 كلنا نبي ذا الزوج
وبعد رئيس شركة يعني داجون لو ماتشتغل مب شايله هم الرزق😭
صح ودي انها علمته انها طالعه مع جي وون
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 40"