“وماذا لو قالت لا؟”
كان سؤالًا متوقَّعاً بما فيه الكفاية.
“لا بأس، سأتولى أنا المسؤولية.”
فتجمّد تشا شين لحظة بملامح مذهولة، ثم سرعان ما تحوّلت نظرته إلى اهتمامٍ واضح.
“لديكِ ثقةٌ هائلة.”
“لأنه الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أتمسّك به.”
“….…”
هذه المرة بدا وكأنه تفاجأ لسببٍ آخر.
وبد شعرت داجون بوخزة قلق، كأنها أخطأت. لكنها كانت صادقةً في شعورها.
منذ أن سمعت حديث جونغ يول، اندفعت دون تردّد لهذا السبب تحديدًا.
و حتى لو كانت قدرتها ضئيلة، كان يكفيها أن تتمكّن من مساعدة تشا شين.
***
استوقفها تشا شين طالبًا منها أن تنتظر قليلًا. ثم دخلا الفندق، وجلست داجون تنتظره في مقهى الفندق.
لكن الشخص الذي خرج بعد مرور بعض الوقت لم يكن تشا شين، بل جونغ يول.
“لا بد أنكِ انتظرتِ طويلًا.”
“لا، لا بأس.”
“الرئيس تعذّر عليه الخروج بسبب أمرٍ يتعلّق بعقد، فجئتُ بدلًا منه.”
“آه.”
كانت تتوقّع ذلك إلى حدٍّ ما منذ لحظة خروجه.
“لقد تعبتِ اليوم كثيرًا. سأوصلكِ إلى المنزل.”
“لا داعي، جئتُ بالسيارة. وأنتَ أيضًا تعبت، يا سكرتير بارك. خصوصًا في فكّ الغُرز.”
ابتسمت داجون بخفة وهي تتذكّر جونغ يول وهو يفكّ غرز تثبيت سترة الهانبوك.
ويبدو أنه تذكّر الأمر نفسه، إذ ضحك هو الآخر بخفّة.
“كانت أصعب مما تبدو.”
“عملهم مزدحمٌ أصلًا، لذا يُستعان بأي شخص كيدٍ عاملة.”
“لكن كيف انتهى ذلك الأمر.…”
توقّف جونغ يول عن إكمال سؤاله حين لمح تعبير الانزعاج على وجهها.
لا بد أنه سمع بشكلٍ عابر ما قالته لتشا شين داخل السيارة.
و كأنه أدرك أنه زلّ بلسانه، فحكّ رأسه بإحراجٍ وسارع إلى تغيير الموضوع.
“آه، صحيح! السيدة أنطوان كانت في غاية السعادة.”
“هذا مطمئن. كنتُ قد تفاخرّتُ بتحمّل المسؤولية، لكن يبدو أنه لا حاجة لذلك.”
حين ابتسمت داجون بارتياح، اتّسعت عينا جونغ يول دهشةً، ثم ابتسم هو الآخر.
“لقد قدّمتِ مساعدةً كبيرة للسيدة.”
“مجرد تعديل ثوب واحد، ومع ذلك أتلقى كل هذا الشكر.”
“تستحقين ذلك. فقد قالت السيدة أنطوان أن الثوب أعجبها أكثر من السابق، بل وطلبت مقابلة المصمّم.”
“ماذا؟”
أن تطلب مقابلة المصمّم لمجرد تعديل ثوب كان أمرًا مبالغًا فيه.
ومصمّم؟ لعلها ظنّت ذلك لأن من عدّل الثوب كان مصمّمًا من شركة هانشين للمنسوجات.
“قالت أنها ترغب بمعرفة الاسم على الأقل، ولذلك احتار الرئيس كثيرًا.”
“….…”
وحين رأى جونغ يول علامات الارتباك على وجه داجون، نظر إليها بقلق.
“هل يصعب عليكِ حتى ذكر الاسم فقط؟”
“آه، الأمر هو.…”
لم تستطع داجون أن تجيب فورًا. ثم أصرّت على رفض مرافقة جونغ يول، واتجهت نحو موقف السيارات.
وبينما كانت تمشي باتجاه سيارتها المركونة، دوّى فجأة صوت بوقٍ من سيارة لا تعرفها. وحين أدارت رأسها، كانت هوا يونغ قد أوقفت السيارة أمامها.
“سايو!”
“هوا يونغ.…”
“ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟”
وفي تلك اللحظة، أطلقَت السيارة الخلفية بوقها وهي تحاول الخروج من الموقف، فأشارت هوا يونغ على عجل أن تصعد. و وجدت داجون نفسها تركب السيارة دون تفكير.
“إلى أين أنتِ ذاهبةٌ الآن؟ إلى البيت؟”
“نعم. جئتُ فقط لأمرٍ قصير لأبلغه لتشا شين، وكنتُ في طريقي للعودة.”
“حقًا؟ هل رأيتِ أوبا؟”
“آه، قليلًا.”
“فهمت. صحيح، لا بد أنه مشغولٌ جدًا الآن. هناك ضيوفٌ مهمّون.”
استغربت داجون كيف تعرف هوا يونغ عن زوجي أنطوان. لكنها لم تستطع أن تسأل مباشرة، فاكتفت بالصمت.
“أنا أيضًا كنتُ أتنقّل بين الشركة والفندق بسبب ذلك الأمر.”
من حديثها، أمكن لداجون أن تخمّن أن هوا يونغ تعمل في شركة تشا شين.
كان ذلك مفاجئًا. لم تكن العلاقة مجرّد تقارب عائلي فحسب.
فكرة أن هوا يونغ، صديقة أختها سايو، تعمل في شركة تشا شين التي قد تصادفه فيها كثيرًا، جعلتها في حيرة.
“هكذا إذاً.”
واصلت هوا يونغ حديثها بنبرةٍ يغلُب عليها الضيق.
“لا تقلقي كثيرًا. انتهى الأمر الآن. صحيحٌ أنهم كانوا متطلّبين ومُتعبين قليلًا.”
بدت هوا يونغ ممتلئةً بالغضب لسببٍ ما. لكنها على ما يبدو لم تشأ أن تُظهر ذلك أمام داجون، فابتسمت في النهاية وكأن شيئًا لم يكن.
“أنا في الدوام الآن ولا أستطيع أن أفرغ وقتًا، متى يناسبكِ الوقت؟”
“أنا لا يوجد لدي ما أفعله أصلًا.”
“حقًا؟ أين سيارتكِ متوقفة؟”
“هناك.”
أشارت داجون بإصبعها لتوضح الموقع. فقادت هوا يونغ السيارة نحو الاتجاه الذي أشارت إليه، ثم أوقفتها.
“إذًا لنلتقِ مرةً في الخارج. لنتناول طعامًا أو شيئًا ما.”
“حسنًا.”
و عندما نزلت داجون من السيارة، أشارت لها هوا يونغ عبر النافذة المفتوحة.
“آسفة. سأذهب أولًا.”
ثم اختفت سيارة هوا يونغ سريعًا من مجال رؤيتها.
حينها، شعرت داجون وكأن ذهابها إلى زقاق تصليح الملابس في دونغ ديمون كان منذ زمنٍ بعيد جدًا. و سرعان ما استدارت وسارت باتجاه سيارتها المتوقفة.
***
لمحت هوا يونغ تشا شين وجونغ يول وهما يخرجان من قاعة الحفل، فتقدمت نحوهما بخطواتٍ سريعة.
“أووه….سيدي المدير!”
كانت هوا يونغ على وشك أن تناديه بـ”أوبا” بدافع العادة، لكنها سارعت إلى تصحيح اللقب.
ثم لاحظها جونغ يول وأومأ لها برأسه بخفة.
“هل خرجتَ مبكرًا؟”
“يكفي أن أُظهر وجهي.”
“صحيح، البقاء حتى النهاية في حفل شركةٍ منافسة قد يكون مزعجًا للطرفين. هل تناولتَ العشاء؟”
قالت ذلك وهي تعلم أنه بالتأكيد لم سأكل.
فقد كان قد أصلح ملابس زوجي أنطوان حتى السابعة، ثم جاء مسرعاً وتوجه مباشرةً إلى مكان الحفل معهم.
فأجاب تشا شين بـ”ليس بعد”، ثم ألقى نظرةً على جونغ يول وكأنه يسأله عن أمر آخر كان يشغله.
“هي أيضًا لم تكن قد أكلت على الأرجح.”
“آسف يا رئيس، لم أستطع الاهتمام بذلك.”
“السكرتير بارك لم يكن لديه وقتٌ لذلك أيضًا.”
“آه، أتعني سايو؟”
“نعم.”
“رأيتُ سايو في الفندق أنا أيضًا.”
“في الفندق؟”
ما إن أبدى تشا شين اهتمامه، حتى شعرت هوا يونغ بالانزعاج. لكنها سرعان ما تداركت الأمر وأخفت تعابيرها.
حتى الآن، كان زواج تشا شين وسايو أمرًا لم يخطر ببالها قط. خصوصًا وأنها لم تُخفِ يومًا مشاعرها القوية نحوه.
و تذكرت هوا يونغ حديثًا دار بينها وبين سايو في السابق.
“الابن الثاني لهانشين؟”
“نعم. منذ البداية كان تشا شين أوبا.”
“لكن أنتِ….”
“صحيح. في البيت عقدوا خطوبتي على أوبا ووشين من تلقاء أنفسهم. دون أي اعتبارٍ لرأيي.”
كان ووشين هو اسم شقيق تشا شين الأكبر.
“لكن منطقيًا، هل سيفكر بالزواج من شخصٍ كانت خطيبة أخيه؟”
“هذا هو العائق الأكبر. بالنسبة لتشا شين أوبا، ووشين أوبا سيكون نقطةً لا يمكن المساس بها.”
“…….”
“لكن لحسن الحظ، كانت مجرد خطوبةٍ فقط. أنا ووشين أوبا لم تكن بيننا أي علاقة.”
“….هل سيتقبل ذلك؟”
“في الوقت الحالي، عائلتنا لا ترغب في فسخ الخطوبة مع هانشين. قالوا أنهم سيسألون عن رأيه تلميحًا. أليست الفكرة مستحيلةً تمامًا؟”
كانت هوا يونغ تتحدث بحماس، بينما نظرت إليها سايو بقلق.
ربما لأنها لم تكن تجهل مشاعر هوا يونغ التي دخلت شركة هانشين للمنسوجات كمصممة فقط لتقترب من تشا شين.
“إن كنتِ ستفعلين شيئًا، فامنحيني التشجيع لا القلق. هذا ما أريده.”
“حسنًا. سأشجعكِ.”
تبادلت هوا يونغ وسايو ابتسامة خفيفة.
“لكن، هل حقًا لن تخبريني من هو ذلك الشخص الخاص بكِ؟”
“قريبًا. سأريكِ إياه أنتِ وحدكِ، وبأسرع ما يمكن.”
“جيد. في أسرع وقتٍ ممكن. مفهوم؟”
التوى طرف فم هوا يونغ بسخرية مريرة وهي تستعيد ذكريات الماضي.
‘تشجعينني؟ أهذه هي طريقتك في التشجيع، يا كيم سايو؟’
لم تكن تتوقع أن تتلقى ضربةً قاسية كهذه من الخلف.
بعد سماعها الخبر الصادم، عادت هوا يونغ إلى كوريا على الفور. و لم يكن قد مضى سوى أربعة أشهر فقط على ذهابها إلى باريس.
وما إن وصلت إلى مطار إنتشون حتى قادت السيارة مباشرةً إلى منزل تشا شين وسايو الجديد. فلم يكن من الصعب معرفة العنوان.
كانت شين آي تشعر بعاطفةٍ خاصة تجاه هوا يونغ، خطيبة ابنها الأكبر الراحل.
وبما أن حفل الزفاف كان قد انتهى بالفعل، وحين قالت هوا يونغ إنها ترغب على الأقل في إرسال هدية زفاف، أخبرتها بالعنوان.
و بالطبع، كانت الهدية مجرد ذريعة.
قادت هوا يونغ السيارة إلى العنوان الذي أعطته لها. و لم تستطع أن تصدق الأمر قبل أن تراه بعينيها.
حتى بعد سماع كلام شين آي، لم يكن للأمر أي واقعيةٍ في نظرها.
كان الباب مغلقًا بإحكام. فتجرأت وضغطت على جرس الباب، لكن بدا أن لا أحد في المنزل.
كم من الوقت وقفت هناك شاردة الذهن؟
ثم انفتح باب المصعد، وخرجت سايو وهي تجر حقيبة سفر. و في تلك اللحظة، شعرت هوا يونغ وكأن زلزالًا قد ضرب رأسها.
‘إنه حقيقيٌ فعلًا!’
بينما كانت هي تنكبّ على العمل لتقريب المسافة بينها وبين تشا شين أكثر، كانت سايو قد خُطبت ثم أنهت زواجها بسرعة البرق.
كان قرارًا سريعًا على نحوٍ يبعث على الغرابة.
نظرت سايو إلى هوا يونغ بنظرة غريبة، وهوا يونغ كذلك نظرت إلى سايو بعينين غريبتين.
هل هذه فعلًا الصديقة التي كنتُ أعرفها، فقد بدت لها على نحوٍ خاص غريبة.
و كانت هوا يونغ أول من نطق بالكلام.
“ما هذا التعبير؟ يبدو أنكِ غير سعيدةٍ برؤيتي. لقد مر وقتٌ طويلٌ فعلًا.”
“آه….ذلك….”
تفادت سايو النظر وهي في ارتباك. وقد بدت مثيرةً للسخرية.
“ألن تُريني المنزل حتى، لصديقةٍ التقيتِ بها بعد غيابٍ طويل؟”
وأضافت قائلةً أنها ظلت واقفة هنا مدةً لا بأس بها.
“آه، نعم، تفضلي بالدخول.”
فتحت سايو الباب على عجل وبهيئةٍ مضطربة.
و كان هواء المنزل، الذي لم تظهر فيه بعد أي آثار للحياة، باردًا.
دخلت هوا يونغ بيت الزوجية وهي تلاحق سايو بنظرة باردة بينما كانت تجر حقيبة السفر بعد فتح الباب.
كان منزلًا تطأه سايو نفسها لأول مرة.
و كأنها تدفع سايو جانبًا، دخلت هوا يونغ وراحت تتفقد أركان المنزل واحدًا تلو الآخر.
وعندما دخلت غرفة النوم أخيرًا، شعرت بغضبٍ أزرق يهدر في صدرها.
‘لو كان شخصًا آخر، لربما حاولتُ أن أفهم. لكن أن تكوني أنتِ بالذات.’
لم تستطع أن تفهم، ولم ترغب أصلًا في أن تفهم.
كانت غاضبةً إلى حد أن أطراف أصابعها بدأت ترتجف. بينما كانت سايو تراقب تعابير وجهها باستمرار.
“كيف عرفتِ وجئتِ إلى هنا؟”
سألت سايو أخيرًا، وكأنها لم تعد تحتمل.
“هذا ما أريد أنا أن أسألكِ عنه.”
“ماذا؟”
“ما الذي حدث؟ زواجكِ من تشا شين أوبا أمرٌ مفاجئٌ جدًا.”
قالت ذلك وهي تحاول قدر الإمكان ألا تُظهر مشاعرها. لكنها لم تكن واثقةً من نجاحها.
فأدخلت هوا يونغ يدها في جيبها لتخفي ارتجافها من شدة الغضب.
“الأمر تم فجأة من طرف العائلة.”
كان ذلك عذرًا يفيد بأنه لم يكن بيدها حيلة.
و كادت ضحكةٌ جوفاء تفلت منها من شدة الفراغ، لكنها كتمتها بصعوبة.
أدارت هوا يونغ نظرها نحو النافذة الواسعة. فقد كان صدرها يلسعها كلما نظرت إلى وجه سايو.
وبجهدٍ شديد، فتحت موضوع الهدية. و رفضت سايو ذلك بإلحاح قائلةً إنه لا داعي له.
لكن هوا يونغ، ما إن عادت إلى منزلها، حتى بدأت تبحث أولًا عن لوحة توضع عند رأس السرير.
في تلك اللحظة، وبينما كانت غارقةً في استرجاع الذكريات، سألها تشا شين مرة أخرى.
“هل دخلت بسلام؟”
عادت هوا يونغ إلى الواقع عند نظرته المتسائلة، وابتسمت له ابتسامةً عميقة.
“بالطبع. دخلت بسلام! لكن سيدي المدير!”
“نعم، هوا يونغ.”
“أنا لم أتناول أي وجبةٍ اليوم.”
“آه، حقًا؟”
“بدل هذا، لنتناول الطعام معًا أولًا، سيدي المدير.”
حين تردد تشا شين في الإجابة وكأنه قلقٌ على سايو الموجودة في المنزل، دفعت هوا يونغ بالأمر بإصرارٍ أكبر.
“على الأقل من باب الإنسانية، يجب أن تطعم موظفةً أُنهكت طوال اليوم، أليس كذلك؟”
“حتى سيدي المدير لم يتناول الغداء على نحوٍ لائق، فلنفعل ذلك.”
و قال جونغ يول ذلك بقلقٍ وهو يتفقد ساعته.
___________________
كله من ام سايو الحماره لو انها معترفه بداجون وتزوجت داجون مب سايو كان هوا يونغ ماصارت تستس وقعدت خوية سايو الي في المستشفى
وبعد ليتها اعترفت لتشا شين ورفضها وفكتنا😭
والحين الله يعين عالفضايح مستحيل تخليها هوا يونغ خاصه لو علمتها سايو الاصليه من الي كانت تحبه🌝
المهم تشا شين برضيك زوجتك تتعشا لحالها؟😔
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 39"