و عندما لزم تشا شين الصمت من دون جواب واضح، سألتْه داجون بقلق.
“ليس كرهًا بقدر ما هو….”
كان تشا شين يبتلع ضحكةً صغيرة من خلفها، غير مصدّقٍ تمامًا ما يسمعه.
ويبدو أنّ داجون لم تدرك أنها قد فجّرت قنبلةً كهذه، فبقيت تنظر إليه بوجهٍ بريء تنتظر ردّه.
كلامها لم يكن فيه خطأٌ واحد. وحتى إن لم يكونا قد أذِنا لبعضهما بعد، فهما زوجان، وليس جيدًا أبدًا أن يناما في غرفتين منفصلتين من أوّل ليلة.
ليس فقط أمام والديه، بل وحتى لو زارهما أحدٌ قد يلاحظ بسهولة أثر نومهما منفصلين.
لكن، هو….شابٌ في كامل صحته، ويشارك فراشًا واحدًا مع زوجته! هل يعقل هذا؟
لم يستطع تشا شين الرد مباشرة، وحدّق في داجون بنظرةٍ ممزوجة بالارتباك والملامة. بينما كانت هي تنتظر جوابه بصبر.
‘ما الذي سأفعله الآن….’
ومع ذلك، فقد كان ممتنًا لخطوتها هذه نحوه. إن رفض الآن، فربما لن تستطيع طرح الأمر مرةً أخرى.
وربما تكون هذه فرصته. لذا حسم أمره بسرعة.
“إذاً لقد قررنا،لن نرجع عن القرار. أنت قلتِ ذلك، صحيح؟”
“بالطبع.”
هزّت داجون رأسها بثقة. وربما لم تدرك كم بدا ذلك مستفزًا قليلًا وهو يرى هدوءَها التام.
على أية حال، بما أنه اتخذ قراره، دخل تشا شين إلى غرفة النوم بهدوء الواثق.
كانت الغرفة مضاءةً فقط بمصباحي المنضدة على جانبي السرير. وكانت الشراشف البيضاء الناعمة تنتظره تحت ضوئها الدافئ.
دخوله للغرفة و جفّ حلقه بلا سبب، فابتلع ريقه.
وأثناء تفكيره السخيف عن أي جانب يجب أن ينام عليه، كانت سايو تطفئ أضواء غرفة الجلوس ثم تدخل.
داعبت أنفه رائحةٌ صابونيةٌ حلوة كلما تحركت قربه. وعندما مرّت بجانبه ارتجف جسده. وفجأة، وجد نفسه غير قادر على تخيّل النوم بجوارها.
وبينما هو يحملق بالسرير المظلوم، كانت سايو تتجه إليه بلا تردد. فاشتعل داخله شعورٌ طفوليّ بالغيرة والضيق.
كان هو وحده من يشعر بكل هذا التوتر، وهذا محرج.
حاول جاهدًا أن يبقى بوجهٍ خالٍ من التعبير. أما هي، فلم تلحظ شيئًا، ودخلت تحت اللحاف بملابس نومها مباشرة.
ثم جلس هو على حافة السرير من الجهة الأخرى.
“أريدُ أن أقول شيئًا.”
رفع تشا شين صوته قليلًا، فنظرت إليه سايو فوراً.
“تفضّل.”
“في الحقيقة….أنا لا أنام مرتديًا أي ثياب.”
“ماذا؟”
سايو، التي كانت ثابتةً حتى الآن، صاحت بصوتٍ يكاد يشبه الصرخة.
“اعتدتُ ذلك، ولا أستطيع النوم إن ارتديتُ شيئًا.”
“تـ….تنام بلا ملابس؟”
“نعم.”
“لا، لا تقل لي….كلها؟ كلها؟”
نظر إليها تشا شين بملامح محرجة.
“لا. أُبقي السروال الداخلي. لكنني لا أستطيع ارتداء أي خيطٍ في نصف جسدي العلوي.”
كانت إجابته هادئةً إلى حدٍ صادم. فبقي فم سايو مفتوحًا من الدهشة.
اختفى أي أثرٍ لجرأتها التي كانت قبل قليل. وشيئًا فشيئًا احمرّ وجهها حتى بات يشبه الجزر، رغم أن الإضاءة خافتة.
“إذا كنت لا تستطيع النوم إلا هكذا….إذًا… يجب….أن….”
كانت تحاول قول “افعل ذلك”، لكنها لم تستطع إكمال الجملة. فحاول تشا شين أن يمنع ابتسامةً تلوح على شفتيه.
“هل ستتحملين؟”
“لا خيار أمامي….”
“وأنا لا أريد النوم نصف عارٍ فعلًا، لكنني لا أستطيع النوم غير ذلك.”
ورغم رغبته بإيقاف المزاح، لم يستطع بسبب ردود فعلها اللطيفة.
“سأدير ظهري وأنام. هكذا لن أراكَ.”
فرفعت اللحاف حتى عنقها، واستدارت بجدية.
“لن أنظر.”
فكتم تشا شين ضحكةً على وشك الانفجار، ثم دخل تحت اللحاف.
“لـ، لن أنظر حقاً! أبدًا!”
قالت ذلك بنبرةٍ مليئةٍ بالحرج والغيظ. بينما تمدد تشا شين مرتاحًا فوق الفراش اللين.
وبمجرد دخوله السرير، تصلّب ظهرها توترًا.
شعر أنه ربما أفرط في المزاح، فنظر إلى ظهرها قليلًا. ومع أنه كان يراها تقلّص كتفيها كعصفورةٍ خائفة، وجدها لطيفةً ومسكينة في الوقت نفسه.
فقرر أخيرًا أن يكفّ.
“لا تتوتري، نامي براحتكِ.”
“مَن، مَن قال أني متوترة؟ أنا مرتاحة.”
و قد ردّت بصوتٍ لا يملك أي ذرةٍ من الراحة.
“لا داعي لكل هذا التوتر.”
“أنا لستُ متوترة.”
فضحك بخفةٍ على عنادها.
“وبالنسبة لموضوع النوم بلا ملابس…..كنتُ أمزح.”
“ماذا؟”
التفتت نحوه فورًا، ثم سارعت لتغطية عينيها بيدها. فهي لا تزال تعتقد أنه عارٍ.
“أنا أرتدي كل ملابسي، فاهدئي.”
“حـ، حقًا؟”
ورغم سؤالها، لم تُنزِل يدها عن عينيها، وكان ذلك لطيفًا للغاية.
‘هكذا تجعلينني أرغب في المزاح أكثر…..’
لكنّه قاوم الرغبة، واعترف بصدق،
“كنتُ أمزح فقط. نامي بارتياح.”
عندها فقط خفضت سايو يدها ونظرت إليه بخفة. و عندما رأت أنه ما يزال بملابس نومه، أرخَت جسدها أخيرًا.
“ما هذا؟ لقد صدّقتُ أنكَ تعني كلامكَ.”
“أنا بالفعل لا أنام مرتديًا الثياب عادةً.”
حدّقت سايو في جانب وجهه بعينين مستديرتين من جديد. فابتسم تشا شين قليلًا، وأضاف وكأنه يوضح المسألة أكثر.
“في اليوم الذي نصبح فيه زوجين حقيقيين….عندها سأستطيع النوم بطريقتي المعتادة.”
“….…”
فانكمش كتفا سايو مرة أخرى، وكأن الخجل عاد ليغمرها.
“سأطفئ الضوء.”
وبسبب رغبته المستمرة في مشاكستها، أطفأ تشا شين مصباح السرير وكأنه يستعد للنوم حقًا ليوقف نفسه.
فأطفأت سايو المصباح من جهتها أيضًا، و تحولت الغرفة إلى ظلامٍ تام.
لكن رغم إغماض عيونهما عن قصد، لم يستطع أيٌّ منهما النوم بسهولة.
كانت هذه أول ليلةٍ ينامان فيها على سرير واحد. ومن الطبيعي أن يشعر كلٌّ منهما بوجود الآخر بوضوح.
وفجأة، أحسّ بتقلّب سايو الحذر. كانت تتحرك ببطءٍ شديد، وكأنها تحاول ألا تزعجه، لكنه كان يشعر بأنها واعيةٌ تمامًا لوجوده.
فاستأنس بذلك قليلًا، وحاول جاهدًا أن ينام.
***
ولعلّها تحرّكت كثيرًا في نومها تلك الليلة، فقد استيقظت داجون في صباحٍ متأخّر. وجلست فجأةً لتكتشف أن تشا شين لم يكن موجودًا.
كلاهما لم ينم جيدًا، ومع ذلك فقد استيقظ هو كالعادة مبكرًا وخرج إلى عمله. فشعرت للحظة بأنها مثيرة للشفقة.
نهضت ورتّبت الفراش ثم توجهت إلى الحمّام لتغتسل. و أخذت حمّامًا طويلًا، وجففت شعرها، وخرجت إلى غرفة المعيشة.
كان البيت – الذي هو واسعٌ أكثر من اللازم لشخصين – يخلو لها الآن تمامًا.
خرجت إلى الشرفة ونظرت إلى الشارع، وشاهدت الناس والسيارات الصغيرة كالنمل تتحرك بلا توقف. ولاحظت فجأةً كم كانت فارغة اليدين.
عندما كانت تعيش مع لي سوك، لم يكن لديها وقت فراغٍ كهذا أبدًا.
كانت حياتها مزدحمةً بالعمل والوظائف الجزئية، ولم تكن تملك وقتًا حقيقيًا لنفسها سوى لحظات النوم.
وربما بسبب تلك العادة….شعرت بأن بقاءها بلا عمل غريبٌ جدًا.
هل ستكون حياتها في الأشهر الستة من هذا الزواج كما قال جي وون….فقط تنتظر في المنزل حتى يعود تشا شين؟
هل من المفترض أن تبقى بلا شيءٍ تفعله؟
كثرة الوقت جعلت أفكارها تتكاثر بلا فائدة.
وفكرت للحظة في زيارة جدها يونغ غيل. لكن فجأة، بدأ هاتفها – الموضوع في غرفة النوم – بالرنين.
لم تتوقع اتصالًا من أحد. فأخذت الهاتف….و كان تشا شين.
شعرت بشيءٍ غريب عندما رأت أنه يتصل بها رغم أنهما يعيشان معًا. فأجابت بحذر.
“نعم؟”
[هل أنتِ مشغولةٌ الآن؟]
“لا. لا بأس.”
[أعتذر حقًا، لكني نسيت شيئًا مهمًا في البيت. هل يمكنكِ إحضاره إلى الشركة؟]
“وأين هو بالضبط؟”
أنهت الاتصال وتوجهت إلى غرفة المكتب. فقد كان الغرض الذي ذكره موضوعًا على المكتب: علبة هدية مغلّفة بعناية.
خطر في بالها أنه لن يطلب منها إحضارها لولا أنها مهمةٌ بالفعل. أخذت الهدية بعناية وخرجت مسرعة.
***
كان الشيء الذي طلبه منها هديةٌ مُعَدّة لزوجين فرنسيين من المشترين الذين قدموا لزيارة كوريا.
وبسبب تأخر رحلتهم لم يصلوا في يوم الافتتاح، بل اليوم فقط. وقد نسي تشا شين الهدية في عجلة خروجه صباحًا.
وفي بهو الفندق كان جونغ يول ينتظرها.
“حدث ظرفٌ طارئ. ويقول الرئيس أنه آسف لأنه أزعجكِ.”
“هل يمكنني أن أعرف ما الذي حصل؟”
“آه، الأمر هو….”
قيل أن الزوجين الفرنسيين – الذين يبذل تشا شين جهودًا كبيرة لأجلهم – سيزورون عرض إطلاق منافسٍ آخر بعد شركة هانشين للنسيج.
لكن حادثًا وقع: فقد تمزق طرف فستان الزوجة بشكلٍ سيّئ، ومع أنها قُدمت لها خياراتٍ أخرى، فإنها أصرت على أن يتم إصلاح الفستان نفسه.
“إذًا….ألا يمكن ببساطة إصلاحه؟”
سألت داجون وهي تميل رأسها باستغراب.
“لقد حاول أحد مصمّمينا إصلاحه بالفعل، لكن السيدة لم يعجبها الشكل.”
“إذاً لم ينجح الإصلاح.”
“تمزّقه كان صعبًا جدًا، وقالوا أن إعادته لحالته الأصلية مستحيلةٌ تقريبًا. لكنها تحب الفستان كثيرًا، لذلك أصرت على إنقاذه بأي شكل. وكنا على وشك استدعاء مصممٍ آخر.”
أنهى جونغ يول شرحه، ثم استأذن بعجلة كي يعود إلى عمله. لكن داجون أوقفته.
“أنا….أستطيع إصلاحه.”
“….عفوا؟”
نظر إليها جونغ يول وكأنه سمع شيئًا غير منطقي.
لكن وجه داجون الهادئ جعله يشعر أن كلامها جدي، فركض ليخبر تشا شين. وما هي إلا لحظات حتى خرج الاثنان معًا.
“تستطيعين إصلاحه؟”
“على الأغلب.”
ظهر على وجه تشا شين نفس التعبير الذي ظهر على وجه جونغ يول قبل قليل.
و بدا وكأنه يتساءل إن كانت سايو قد درست تصميم الأزياء أو شيئًا من هذا القبيل.
“سيكون الأمر صعبًا إن لم تكوني متأكدة. لقد استدعينا مصممين بالفعل.”
وكان من الطبيعي أن يشك. في النهاية، فلم يكن يعرف شيئًا عن حياتها السابقة. ولم يكن يعرف أنّ أكثر عملٍ مارسته بين كل وظائفها الجزئية كان إصلاح الملابس.
ولا يعرف أيضًا أنها تلقت معاملة موظفةٍ رسمية في ورشة لتعديل الأزياء التقليدية (الهانبوك)، وأن لي سوك ربّتها أساسًا على أعمال الإصلاح والتفصيل. فداجون كانت قد أصلحت كل أنواع الملابس منذ صغرها وهي تساعد أمها.
“أيمكنني رؤية الفستان؟”
فتح جونغ يول الصندوق احتياطًا، وأراها الفستان الممزق. كان ممزقًا لدرجةٍ يُرثى لها.
“كم لدينا من الوقت؟”
سألت تشا شين وهو ينظر إلى الساعة بقلق، وكأنه اقتنع قليلًا بثقتها.
“قالوا أن الموعد الساعة السابعة….لذا بقي نحو أربع ساعات.”
“لا يمكن لأي مصمم….مهما كان، أن ينهيه في هذا الزمن.”
“وإن كان المصممون أنفسهم عاجزين، فكيف ستنجزينه أنتِ؟”
ورغم أن شكه لم يختفِ، إلا أنه كان يحدّق فيها وكأنه منجذبٌ إلى ثقتها.
“هناك أشخاص….يعيشون على العمل بالوقت.”
“وقت؟ أين؟”
“لنذهب الآن. لا وقت لدينا.”
أخذت داجون الفستان من جونغ يول وتقدمت سريعًا.
و نظر تشا شين إليها بنظرةٍ مترددة، غير واثقٍ إن كان يجب أن يصدقها أم لا، لكنه لحق بها.
ثم تحولت خطواتها إلى عدوٍ خفيف من شدة العجلة.
فشدّ جونغ يول الصندوق الفارغ وركض خلفها، بينما تبعه تشا شين أيضًا وقد بدا عليه أنه قرر أن يثق بها هذه المرّة.
______________________
ويويويوويويو حالة انقاذ فستانية
يضحك كيف بترقع لهم الموضوع؟ بس عادي دامه صدق مايعرف عنها شي تقدر تقول انها ماخذتها هوايه وكذا
المهم وين رايحين له اصلا؟😭 يضحون راحوا يركضون وراها وهم مايدرون عن شي
وتشا شين يا انه لخمني يوم قال يرقد بدون شي! طلع يمزح اشوا
التعليقات لهذا الفصل " 37"