في تلك الأثناء، كانت سايو حائرةً في كيفية الجلوس، هل ترفع ساقيها على الأريكة أم تبقيهما على الأرض. و بالنسبة لتشا شين، كان الأمر يدعو للذهول.
وفي النهاية، طوّت سايو ركبتيها الاثنتين بين ذراعيها وهي تنظر إليه.
“هل تطلبين مني أن ألمسها الآن؟”
“نعم، المسها.”
وصل إلى أذن تشا شين وقعُ ضحكاتٍ مكتومةٍ يحاول أصدقاؤه كتمها. كان واضحًا أنهم يُبدون وجوهًا تكاد تنفجر من شدة التسلية.
كما سمع بوضوحٍ صوت جونغمين، الذي ثمل بالفعل، يتمتم كلامًا تافهًا من قبيل: “بالنسبة له، كاحلها يعتبر شفاهاّ، لقد وقع في ورطة”، قبل أن يغلق سونغ بين فمه بيده.
“أنا لست ضعيفًا في الشرب، فلنشرب فحسب.”
لم يرَ تشا شين أي قيمة في مجاراة مقالب أصدقائه السخيفة، فمد يده ببساطة نحو كأس الشراب. و تنهّد أصدقاؤه بحسرة، وكأنهم يشعرون بخيبة أملٍ من اختياره.
“قلت لكَ أنه لا بأس.”
فجأة، أمسكت سايو بيد تشا شين الممتدة نحو الكأس، ثم وضعتها على كاحلها. ومع هذا التلامس غير المتوقع مال جسده نحوها وهو يمسك بكاحلها.
كان وجهها قريبًا لدرجة أحسّ معها بملامسة أنفاسها. وفي لحظة، شعر بأن الدم اندفع إلى وجهه دفعةً واحدة.
كان في أنفاسها أثر خفيف لرائحة الويسكي، ومع حرارة جسدها المخمور امتزجت رائحةٌ حلوة تشبه رائحة عطرها، فارتفع نبضه فجأة.
شعر بأن أذنيه تشتعلان حمرةً من شدة الارتباك، لكنه حين نظر إليها وجدها قد أعادت اهتمامها إلى أصدقائه.
“هل يكفي هذا الآن؟”
“ياااه! حقًا كنتُ أعلم أن زوجة أخينا المستقبلية نارية!”
“سايو، فكّري في الخطوبة مرة أخرى. ما رأيكِ في شركة دوري مولسان؟”
“آه، وماذا عن شركة غودِس فود؟ أما لو كانت شين كيميكال، فسيكون أهل بيتي مرحّبين جدًا.”
“يا هذا، أنتَ أصلاً متزوج!”
أبعد تشا شين يده عن كاحلها النحيل الذي لا يملأ حتى قبضةً واحدة.
و أحس بأثر اللمسة باقٍ في أعصابه، فمسّد مؤخرة عنقه بارتباك، لكنه ما إن رفع نظره حتى وجد سونغ بين يحدّق فيه مباشرة.
ارتسم على شفتي صديقه تلك الابتسامة الماكرة التي تعني: “أنا أعرف كل ما تفكر فيه”. و فورًا قطّب تشا شين حاجبيه.
لقد بدا وكأنه يثبت دون قصد أنه يملك تَعلُّقًا مخصوصًا بالكاحل. فشعر بالظلم—فلا تفسير سيقنعهم الآن—وتجرّع غصّةً مُرّة في حلقه.
“أوه! سايو!”
“أخيرًا وقعتِ!”
وبينما كان مشغولًا، بدا أن سايو هي التي وُقع عليها الدور. فهرَع يمسك بمعصمها من الذهول حين رآها تبلع خمس كؤوسٍ متتالية دون خوف.
ثم همست له بصوتٍ لا يسمعه إلا هو،
“هذه أول مرة أقع فيها.”
“وهل يُقال هذا الكلام الآن؟”
“الأولى بكَ أن تقلق على أصدقائكَ، لا عليّ.”
نظر تشا شين إلى الجهة المقابلة ليجد أن جونغ مين قد سقط أصلًا، ورقبته ملتويةٌ بطريقة مخيفة، أما سونغ بين وجي تشان فقد بدت أعينهما نصف مغلقة، تهتزّ بلا تركيز.
وبينما كانت سايو تبتسم بخفةٍ بعد أن فرغت من كل الكؤوس، أدرك تشا شين أنه لا يمكن تركها تستمر.
“خمس كؤوس ليست كميةً قليلة. توقفي.”
“حسنًا…..سأكمل جولةً واحدة فقط ثم أُنهي الأمر.”
وبينما كانت عيناها تتلألآن بروح المنافسة، شهق تشا شين من شدة الدهشة.
لم يفهم كيف استطاع يومًا الاعتقاد بأنها امرأةٌ باردة خالية من المشاعر. كان الأمر مدهشًا…..إلى أي حدٍ يمكن أن يخدعكَ الانطباع الأول.
وكما قال الأصدقاء، ربما كان حظه جيدًا حقًا، لأن الدور التالي وقع على سونغ بين، وحين شرب خمس كؤوس تغيّر حاله فجأة.
فرغم أنه بلغ التاسعة والعشرين، إلا أن أكثر مَن يخشاه في الدنيا هي أمه. فراح يهذي باكيًا،
“أمي، أرجوكِ فقط لا توقفي بطاقتي البنكية…..سأكون ولدًا جيدًا.”
بدا واضحًا أنه ارتكب أمرًا أغضب والدته مؤخرًا.
أما جي تشان، الذي شرب أقلهم، فكان أفضل حالًا….لكن أفضلية نسبية جدًا، إذ كان يتمتم بوجهٍ شديد الهدوء والصفاء: “لماذا صار تشا شين اثنين؟”
وبمقارنتهم جميعًا، فقد بدت سايو فعلًا على ما يرام كما أكدت منذ البداية.
“سايو، هل أنتِ بخير؟”
“أنا بخير، حقًا. بهذا القدر لن أثمل.”
“لا تكوني واثقةً كثيرًا.”
فابتسمت سايو وكأنها تقول: ما الذي يدعوكَ للقلق؟
“قلت لكَ، أنا بخيرٍ فعلًا. لن أثمل بهذه السهولة.”
ومع ابتسامتها الخفيفة ازداد اضطراب تشا شين، فنهض من مكانه.
“يكفي إلى هنا. هؤلاء أيضًا سيرحلون الآن.”
“أنا بخير، حقًا. بهذا القدر لن أثمل.”
‘تلك الجملة مرةً أخرى!’
أهو الطبع الجيد أم الغباء؟
شعر تشا شين بغضبٍ ينفجر فجأة. ثم رأى أن طرد أصدقائه سيكون أسرع، فحوّل انتباهه إليهم، لكنه غيّر رأيه للحظة وفتح فيديو في هاتفه.
ظهر في الفيديو جونغ مين نائمًا بطريقةٍ تجعل الزومبي يبكون، يسيل لعابه وهو مطروحٌ بلا وعي، وسونغ بين يحدّق بعينين دامعتين وهو يقول: “أنا ابنٌ طيب، سأسمع كلام أمي جيدًا.”
أما جي تشان فكان يحدق بالهاتف وكأنه يحسب أنه يُصوَّر، رافعًا إصبعيه بعلامة النصر بوجه مرعب الهدوء.
“سنةٌ كاملة من السخرية.”
و ارتسمت على وجه تشا شين ابتسامةٌ راضية.
“على تشا شين أن يقضي ليلة الدخلة بشكلٍ ممتاز.”
برد وجه تشا شين فجأة وهو يضغط زر إيقاف الفيديو. فقد كان صوت جي تشان عاليًا جدًا. و ارتعد قلبه والتفت بسرعة نحو سايو.
“سايو! ما قاله الآن….حصل سوء فهم.…”
“لا بأس.”
“ماذا؟”
لا بأس؟ حاول تشا شين كبح ارتباكه وهو يتفحص تعابيرها.
كانت تبتسم بهدوء وكأنها حقًا غير متأثرة. هل يعني هذا أنها تدرك أن نية الأصدقاء ليست نيته؟
أم أنها لا تمانع لو كانت الليلة ليلة دخلةٍ فعلًا؟
“من الجيدٌ ألا يكون هناك سوء فهم.”
“أنا بخير، حقًا.”
وبما أنها كررت أنها بخير، شعر تشا شين بشيء من الارتياح. ثم قرر أن يبدأ بالتخلّص من هؤلاء الثلاثة الملقى عليهم.
لكن كلمات سايو التالية اخترقت أذنه كالسكين.
“بهذا القدر لن أثمل.”
“ماذا؟”
ظن أنه سمع خطأ، فالتفت نحوها.
“ماذا قلتِ الآن؟”
“أنا بخير، حقًا. بهذا القدر لن أثمل.”
“….…”
تجمّد تشا شين كليًا.
‘هل يعني هذا….’
“سايو! هل لديكِ عادة تكرار الكلام حين تثملين؟”
فابتسمت سايو ابتسامةً خفيفة.
“أنا بخير، حقًا. بهذا القدر لن أثمل.”
“…..فهمت. هذا جوابٌ كافٍ.”
ثم مسح تشا شين وجهه بكفّيه بيأس.
***
بعد مراقبةٍ قصيرة، أدرك تشا شين أن سايو تشبه جي تشان من نفس الفئة. وجهٌ ثابت لا يدل على أي أثر ثمالة مهما كانت حالتها.
اللون لا يتغير، والتصرفات هادئة، لكن في اليوم التالي ستستيقظ ممسكةً رأسها، قلقةً من أنها ارتكبت شيئًا فادحًا.
الفرق الوحيد أن جي تشان يصبح كثير الكلام بلا داعٍ، بينما سايو تكرر الجملة نفسها.
في كل الأحوال، الاثنان كانا مصدر صداعٍ لتشا شين في تلك اللحظة.
كان يريد طرد أصدقائه، لكن جونغ مين كان مطروحًا بلا حراك، فمن المستحيل حمله.
وبإلحاحٍ من تشا شين طالب سونغ بين بأن يتصل بمن يقلّه، لكنه فجأة انفجر بالبكاء.
“أمي لا ترد على الهاتـففف!”
و بكاؤه الحزين جعل وجه تشا شين ينكمش من البؤس.
عندها تحدّث جي تشان ببرودٍ ذكي،
“اتصل بوالدكَ إذاّ.”
في تلك اللحظة قرر تشا شين أن الأفضل أن يعيد سايو إلى منزلها أولًا.
لكن عبء الاتصال بعائلتها بدا ثقيلًا جدًا عليه. إنه يوم الخطوبة. كان ينوي فقط تبادل التحية وإعادتها سريعًا، لكن الأمور تعقدت.
أخذ نفسًا عميقًا واتصل بمنزل سايو. و انتقل الخط إلى موهان، الذي قال بأنه سيرسل أحدهم ليأخذها، ثم أغلق.
لم يوبّخه ولم يقلق عليها. وبالنظر لكونه زوج الأم، كان هذا منطقيًا إلى حدٍ ما. لذلك انتظر تشا شين شخصًا من طرفهم—فجاء.
“أين سايو؟”
كان جي وون. و كانت هذه أول جملةٍ قالها عندما دخل الغرفة.
وعندما رأى سايو تجلس مستقيمة، مرتبّة، بدت عليه الحيرة.
كان تشا شين قد أخبرهم أنها شربت قليلًا وأنه سيعيدها سريعًا. لكن موهان قال أنه سيرسل أحدهم.
والآن وجد جي وون سايو جالسةً كأنها لم تشرب قط. طبيعيٌ أن يتساءل. فشرح له تشا شين،
“سايو….رغم أنها تبدو هكذا، لكنها شديدة الثمالة.”
فاتسعت عينا جي وون بصدمة، واقترب منها قليلًا.
“لنذهب إلى المنزل يا سايو.”
“أنا بخير، حقًا. بهذا القدر لن أثمل.”
“هل تستطيعين المشي؟”
“أنا بخير، حقًا. بهذا القدر لن أثمل.”
“….…”
تجمّد وجه جي وون بطريقةٍ لا يمكن وصفها. فأسرع تشا شين يشرح مرة أخرى بإحراج،
“كما ترى، هي ثمِلةٌ جدًا.”
وبدا من ملامح جي وون أنه لا يعرف شيئًا عن طباعها حين تثمل.
لم يكن واضحًا مدى علاقة الأخوّة بينهما، فبدأ تشا شين يراقب تعابير جي وون وحركاته.
هل من الصحيح أصلاً اعتباره أخًا؟
وبينما حاول تشا شين إيقاف أفكاره غير المفيدة، انحنى ليلتقط حذاء سايو الذي خلعته، لكنه فوجئ بجي وون ينتزعه منه، و يخلع عنها الشبشب الداخلي ويُلبسها الحذاء بيده.
فحدّق تشا شين بالمشهد بنظرة غريبة. و في تلك اللحظة تحديدًا، شعر تشا شين بوخز حاد يذكره بأن جي وون ليس أخًا شقيقًا.
ليس فقط أنهما غير شقيقين، بل إن جي وون التقى سايو وهي بالغة، فلا طفولة مشتركة بينهما أصلًا.
كانت قصة عائلة سايو قد شغلت الأوساط لفترةٍ طويلة. حتى تشا شين، الذي لا يهتم عادةً بالشائعات، كان يعرف بعض تفاصيلها.
رئيس شركة شين كيميكال القوي شين يونغ غيل، وابنتاه عديمتا الكفاءة في الإدارة.
خصوصًا الابنة الصغرى جاهي، التي أفشلت كل مشروعٍ أسند إليها حتى طُردت تقريبًا من الإدارة وبدأت تدير مطعمًا صغيرًا.
الشخص الذي وضع الرئيس شين أمله فيه بدل بناته كان بالضبط جي وون، الواقف أمام تشا شين الآن.
فبعد أن وضعه في منصبٍ إداري تجريبي، نما جي وون بسرعة مخيفة، حتى قيل أنه “يربّي شبلاً سيصير نمرًا.”
ثم ظهر الخبر الغريب—زواج موهان، والد جي وون، من يوهي، الابنة الكبرى للرئيس شين.
ربما كانت محاولةً من الرئيس لإيقاف فضائح يوهي، أو لسببٍ آخر، لكن زواجهما—رغم أن لكلٍ منهما أبناء كبار—كان حديث الناس طويلًا.
وما زال تشا شين يذكر عمّة جي وون وهي تبصق غضبًا وهي تقول: “هذه المرأة لا تستطيع العيش دون رجال، مهما بدت بريئة.”
____________________
داجون سكرتها تضحك صارت مسجل ذي😭🤏🏻
اخويا تشا شين عسا صورهم عنها ذي فضايح لهم مليون يوم هاااهاهاها
المهم يعني جي وون بيخلي تشا شين غيران؟ هاااعاعاعاعاهاهاهاهاهاها يس وناسه على بال ماتوقع دون له عاد تشا شين بيقعد يغار ويارب يكفخ جي وون اذا عرف عن سالفة البيت الي مدري هي صدق ولا لا
التعليقات لهذا الفصل " 24"