كان جسدًا جميلاً منحوتًا كقطعةٍ فنية، وكانت عضلاته المنتفخة من السباحة تبدو متماسكةً على نحوٍ لافت.
بقيت تحدّق فيه لثوانٍ كأنها نسيت نفسها، ثم ما لبثت أن استوعبت الأمر بعد فوات اللحظة، ولم تخرج من الماء إلا بعدما تأكدت من مغادرته.
لم يكن هذا اللقاء ضمن حساباتها. فترددت في أن تتبعه أم لا، لكنها كانت تعلم أن دورها كبديلة عن سايو ما هو إلا أداة من أجل خطوبةٍ مرتقبة، ولذلك قررت اللحاق به أولًا.
خرجت بشعرها نصف المبتل خشية أن تُبقيه في الانتظار طويلًا.
كان تشا شين مستندًا بخفة إلى الحائط ينظر إلى هاتفه، و عندما شعر بحركتها رفع رأسه.
“خرجتِ أسرع مما توقعت.”
ثم توقفت عيناه عند أطراف شعرها التي لم تجفّ بعد.
“شعركِ ما زال رطبًا.”
“خشيت أن أجعلكَ تنتظر طويلًا.”
“لستُ عديم الصبر إلى هذا الحد.”
ثم قال ببساطة: “لنذهب”، وضغط على زر المصعد. قتبعته داجون وهي تفكر في السائق الذي كان ينتظرها.
لقد خرجت معتقدةً أنها ذاهبةٌ فقط لتناول العشاء مع جي وون، و عندما وجدت السائق بانتظارها أصيبت بالارتباك.
بدا أن بحثها عن وسائل النقل العامة لم يكن ذا جدوى. فقد كانت دقة استعدادات جي وون تفاجئها أحيانًا.
لكن، وفي الطريق إلى لقائه، اتصل يعتذر عن إلغاء الموعد لطارئ لا يستطيع تأجيله.
[آسف، ظهر لديّ موعدٌ لا يمكنني إلغاؤه.]
“لا بأس، من الطبيعي تلغي موعدكَ معي أنا، بما أنه يمكننا الخروج لاحقاً.”
قالت كلماتها بشيء من الحدّة، فضحك من الطرف الآخر.
[أنتِ لا تعرفينني جيدًا بعد، لكنني لا أحب إلغاء المواعيد. هذه المرة اضطرارية، فأتمنى أن تتفهمي.]
“بالطبع، عليّ أنا الطرف الضعيف أن أتفهم.”
فازدادت ضحكته كأن الأمر يعجبه أكثر.
[هل أنتِ من النوع الذي يحمل الضغائن؟]
“أحيانًا…..بحسب الموقف.”
كانت تنوي العودة إلى المنزل، لكنها غيّرت رأيها وطلبت من السائق التوجه إلى المسبح.
“هل يمكننا الذهاب إلى المسبح بدلًا من المنزل؟”
“بالطبع، سأوصلكِ إلى المسبح.”
مع أنها لم تحدد أي مسبح، انحرف السائق مباشرةً باتجاه المكان.
ربما كان هذا المسبح الذي اعتادت سايو ارتياده؛ لم تكن تعلم. لكنها شعرت بالارتياح، فهي لم تكن تعرف مسبحًا واحدًا في سيول.
وبينما كانت تستعيد ما جرى قبل وصولها، التفتت إلى تشا شين،
“سأتصل اتصالًا سريعًا.”
“حسنًا.”
و اتصلت بالرقم الذي حفظته سابقًا.
“عذرًا يا عم، حصل لدي موعدٌ فجأة…..نعم؟”
وعندما سألها السائق عمن ستلتقي، ارتبكت داجون، فنظرت بطرف عينها إلى تشا شين.
لم يكن مناسبًا أن تقول ذلك أمامه، لكنها لم تجد بديلًا، فاعترفت بأنها التقت به. وكان هو، بدوره، واقفًا كأنه لا يسمع شيئًا على الإطلاق.
إلحاح السائق وتدقيقه أثارا في نفسها ريبةً واضحة. كان من السهل تخمين أن جي وون أوعز له بتقديم تقاريرٍ عنها كلما لزم الأمر.
“إلى أين نذهب الآن؟”
سألها تشا شين بعد أن أنهت المكالمة.
“لا أعرف أماكن كثيرة. رجاءً خذني إلى المكان الذي اعتدتَ الذهاب إليه.”
“أليس لديكِ مكانٌ مفضل؟”
“مكانٌ مفضل….هاها…..لستُ متأكدة.”
ضحكت بتوتر، فهي لا تملك ما تقوله، إذ لم تعش قط خارج مسقط رأسها.
سيول بالنسبة إليها مدينةٌ غريبةٌ بالكامل، ولا تعرف فيها إلا محل تصليح الملابس الذي كانت تزوره بكثرة بسببا أعمال لي سوك.
فهم تشا شين صمتها على أنه نوع من اللباقة تجاهه. ولم ترغب هي في تصحيح هذا الانطباع.
“أشعر بتوتر خفيف…..لا أعلم إن كان المكان سينال إعجابكِ.”
قال ذلك بنبرةٍ هادئة تخلو من أي توتر. وعندها فُتح باب المصعد، فتذكرت أمرًا أقلقها قليلًا،
بدت الدهشة على وجهه كأنه نسي تمامًا، فأسرعت بالتوضيح،
“في المستشفى. ذلك المعطف الذي أعرتني إياه…..لقد فقدته.”
فأومأ بخفة كأنه تذكر أخيرًا.
“آه! ذلك المعطف!”
“نعم…..كنتُ حينها في حالة غير واعية. أنا آسفة.”
“آه، تذكرت الآن أيهُ كان. ها…..ماذا أفعل؟ لقد كان من الملابس التي أحبها كثيرًا.”
“حقًا؟”
“حقًا!”
أظهر تشا شين تعبيرًا مبالغًا فيه قليلًا. وبما أن زاوية فمه ارتفعت قليلًا فقد بدا وكأنه يمزح، لكن غياب أي أثر للابتسام في ملامحه جعل الأمر محيرًا.
“آ- آسفة. كان يجب أن أعتني بها جيدًا، لكن يومها كنتُ في حالة….”
سرعان ما تلاشت الجدية عن وجه تشا شين ثم انفجر ضاحكًا كمن ينهار دفعةً واحدة. وفي وجهه المشرق بابتسامةٍ شقية كالأولاد فقدت داجون لوهلة قدرتها على الكلام.
“أنا أمزح. انسَي أمر طبك المعطف. لا بأس.”
ظلت داجون تحدّق مأخوذةً بابتسامته الآسرة التي امتدت على كامل وجهه قبل أن تستعيد وعيها متأخرة.
“لكن، مع ذلك..…”
“سايو، أتعلمين ذلك؟”
قاطع كلامها فورًا ونطق بنبرةٍ ودودة.
“….…”
“ردّة فعلكِ ممتعةٌ لدرجة تجعلني أرغب في مشاغبتكِ.”
“…..أنا؟”
هزّ تشا شين رأسه مؤكدًا، ثم رفض اقتراحها قائلًا أن الأمر كان مجرد مزاح.
“لا أذكر حتى أي ملابس كانت. انسَي الأمر ولنتناول الطعام.”
“لا. أود شراء بديلٍ لكَ. إن كان هناك متجرٌ تذهب إليه عادة، فرجاءً خذني إليه.”
اختفت ابتسامته حين لمح جديّة تصرفاتها. و لم يُخفِ حتى نظرة “ولماذا كل هذا؟”.
لكن داجون ظلّت متمسكةً بإصرارها. فقد استلمت اليوم هاتفًا وبطاقةً جديدة من جي وون مع إذنٍ صريح بالإنفاق دون قيود.
بل على العكس، طلب منها ألا تعيش بتقشف باعتبارها الابنة الوحيدة لشركة شين كيميكال. وكان موضوع ملابس تشا شين عالقًا في ذهنها منذ فترة، وقد عقدت العزم على إهدائه شيئًا ما بمجرد رؤيته.
وربما بدا له إصرارها غريبًا، إذ حدّق بها طويلًا دون أن ينبس بكلمة. وما إن تلاقت نظراتهما حتى ساد توترٌ غريب.
كان لدى تشا شين شيءٌ يجعل الآخرين يشعرون بالتوتر دون سبب واضح.
“إن كان هذا يريحكِ.”
وقبيل أن تفقد داجون صبرها تجاه صمته، فتح تشا شين فمه أخيرًا.
“حسنًا.”
قاد السيارة دون قول شيءٍ آخر. ولولا الموسيقى التي ملأت الأجواء لكان الصمت خانقًا.
فضّلت داجون وجودها، ففي حين ظل تشا شين محدّقًا إلى الأمام وهو يقود دون أن تبدر منه كلمة، لم تستطع هي أن تبادر بالحديث فأطبقت شفتيها.
كان المتجر الذي وصلا إليه يبدو وكأنه ملكٌ لمصمم يعمل بشكل مستقل. وكان من الداخل أصغر مما توقعت.
بدا صاحب المتجر وكأنه يعرف تشا شين جيدًا، وكذلك استقبله تشا شين بألفة، بينما وقفت داجون خلفه بحرج.
“لا تقل لي…..صديقتكَ؟”
لم يُجب تشا شين، واكتفى بتفحص الملابس. ولم تحاول داجون أن توضّح شيئًا، بل اكتفت بابتسامة مبهمة.
وقد أدرك صاحب المتجر سريعًا الوضع فلم يسأل أكثر.
وكان يعرف الكثير عن ذوق تشا شين، فاختار له ما يعتقد أنه سيعجبه.
“كنتُ قد وضعت جانبًا بعض القطع التي شعرت أنها ستناسبكَ. هل تريد رؤيتها؟”
كانت داجون تنظر بلامبالاة إلى الملابس التي يعرضها عليه.
“أيها تعتقدين أنه أفضل؟”
و فوجئَت بسؤاله المفاجئ وارتبكت على الفور.
“أعتقد…..أنها كلها جيدة.”
“اختاري لي. ويفضل أن تختاري وفق ذوقكِ أنتِ.”
“ماذا؟”
“آه~ الفتاة هي التي ستقدم الهدية؟”
قال صاحب المتجر ذلك مبتسمًا برضا نحو الثنائي الجميل.
بينما شعرت داجون بثقل نظرة تشا شين الصامتة التي رغم هدوئها كانت ملحّة، ومع النظرات المترقّبة لصاحب المتجر شعرت بالضغط يشتد.
و سرعان ما بدأ العرق يتجمّع على جبينها. ولم يعد بإمكانها التراجع الآن.
وكان صاحب المتجر قد اختصر كثيرًا من الحيرة باختياره المسبق للقطع المناسبة. قلم يبقَ سوى أن تختار إحداها فقط، لكن—
“أنا…..أريد أن أضيف هذا الحزام هنا.”
فقد كانت قد ساعدت أمها لي سوك، التي امتهنت الخياطة والتصليح، في إصلاح الكثير من الملابس. ورأت كثيرًا من الأقمشة والقصّات، فاكتسبت حسًا لا بأس به.
إلا أن معظم الزبائن الذين أصلحت لهم الملابس كانوا من كبار السن في الريف. فهل سيتناسب ذوقها هذا مع تشا شين، الذي اعتاد بالتأكيد ملابس مصممين مشهورين؟ هذا ما لم تكن متأكدةً منه.
“حسنًا. سأختار هذا.”
قال المدير، سواءً كان ذلك براعةً منه في البيع أو عن صدق، إن اختيارها ممتاز ثم ذهب وهو يدندن ليغلف الملابس.
ولكن ما إن أقدمت على الأمر فعلياً حتى شعرت داجون بقلقٍ مفاجئ في داخلها.
صحيحٌ أنها سمعت من جي وون أن تستعمل المال كما تشاء، لكنها لم يسبق لها أن أنفقت مال شخص آخر وكأنه مالها.
كانت قناعتها الدائمة أن لا شيء مجاني في هذا العالم، ولذلك شعرت فجأةً وكأنها تبذر مالاً مسروقاً، فاجتاحها القلق شيئاً فشيئاً.
هل يجوز لها فعل هذا؟ ثم إنها لم تستطع حتى التأكد من السعر بسبب نظرات تشا شين.
“هذه أول مرة يشتري لي أحدهم ثياباً.”
“وأنا أيضاً. هذه أول مرة أشتري فيها ثياباً لرجل.”
على ما يبدو اقتنع تشا شين بأن ذلك ممكن الحدوث، فهزّ رأسه موافقاً. وبعد أن كان يحدّق في الفراغ بعينين خاليتين من التعبير، فتح فمه فجأة بصوت هادئ.
“هل فكرتِ في موضوع الزواج؟”
“ز…..الزواج؟”
كان سؤالاً مباغتاً. وكان وجهه جاداً وهو يتحدث.
“نعم. أود أن أسمع رأي الطرف المعني أيضاً.”
كان أمراً اعتقدت أنه لا بد منه. وسيلةً لتحمي بها أمها.
وما كان أكثر من ذلك كانت تتعمّد إغلاقه في ذهنها، فكلما تعمّقت في التفكير ازدادت احتمالية أن تغرق في مستنقعٍ لا قرار له.
“لم أفكر فيه بعمق. قلتُ لنفسي: إذا كان شيئاً يجب فعله، فسأفعله…..بهذا القدر فقط.”
نظر إليها تشا شين بهدوء بعد جوابها الصريح.
“شخصٌ مثلي كان من الطبيعي أن تقعي في حبه من النظرة الأولى، هذا مؤسفٌ بالفعل.”
قال ذلك مازحاً وهو يبتسم بلطف، فابتسمت هي أيضاً.
“لم أقع في حبكَ من النظرة الأولى، لكني فكرتُ أنكَ وسيمٌ جداً.”
فضحك تشا شين بخفة ثم مسح الابتسامة عن وجهه وأكمل كلامه.
“اليوم قابلت شخصاً غير السيدة سايو في لقاء تعارف.”
“لقاء تعارف؟”
“إن قارنتِ بين عائلة كيم سايو وعائلتهم…..حسناً، ربما شروطهم أنسب بالفعل.”
لم تسمع داجون شيئاً من هذا من جي وون. لقد جرّها إلى هذا كله لإتمام خطوبتها على تشا شين، والآن تكتشف أن هناك طرفاً آخر ينافسها، فشعرت بالارتباك.
“ولماذا تذكر هذا الآن؟”
سألت داجون وقد أصبح فضولها حقيقياً.
“لن أذهب إلى أي لقاءاتٍ أخرى.”
“…….”
ثبت تشا شين نظره على داجون، لكن لم يظهر في عينيه أي شعورٍ يمكن قراءته.
“أريد الزواج من السيدة كيم سايو.”
“ماذا…..؟”
“إن كان لا بد لي من الزواج بشخصٍ ما، فأريد أن تكون السيدة كيم سايو هي ذلك الشخص.”
“…….”
“لنعقد خطوبتنا.”
_________________________
ياقلبي على المستعجلين ياناس✨✨✨✨✨
مره يجنن نرجسي وحلو وشكله خلاص وقع يعني مابقى الا الزواج ايه نعم ادعم قوه تزوجوا بسرعاااااه
يضحك يوم قالها انه راح يشوف غيرها كأنه يقول شوفي رحت لغيرس بس مابيها ابيس انت😔♥️
التعليقات لهذا الفصل " 14"