وبينما كان يخرج زجاجةً من مبرد النبيذ، وقعت عيناه فجأةً على هيئة داجون التي لم تكن بحال جيدة.
“عليكِ أن تستحمي أولًا.”
واتسعت عينا داجون في دهشة لسماع كلمة “استحمي”. ويبدو أنها بدأت تدرك فجأةً أنها في مكان مغلق مع رجل وحدهما.
فرأى جي وون ذلك التغير وابتسم بخفة.
“لم أتوقع أنكِ ستشعرين بالوعي تجاهي.”
“ألم تقل قبل قليل أنكَ لست أخي الحقيقي فلا أخلط الأمر؟”
فازدادت ابتسامته اتساعًا حتى ظهرت أسنانه المرتبة.
“انظري إلى شكلكِ الآن.”
و نظرت إلى نفسها في تلك اللحظة.
“أنتِ الآن لستِ جذابةً بما يكفي لارتكاب خطيئة سفاحٍ قريب، لذا اطمئني.”
واحمرّ وجه داجون فورًا خجلًا.
“سأ……سأستحم إذًا.”
وقفت داجون بسرعةٍ وأخذت تبحث بعينيها في المكان، كما لو أنها تحاول معرفة مكان الحمّام.
“آه! ادخلي من هناك وستجدين الحمّام.”
و وضعت حقيبتها التي كانت تحملها عند قدميها، وترددت قليلًا. فأضاف جي وون تحسبًا.
“هل لديكِ ملابس لتبديلها؟”
فقد احترق منزلها بالكامل، فلا يوجد ما يُبدَّل.
“……لا.”
فردّ جي وون بنبرةَ عادية وكأنه يلقي كلامًا عابرًا.
“سأضع لكِ ملابس أمام الحمّام، استحمي وارتديها.”
“حـ، حسنًا.”
ثم استدارت ودخلت إلى الحمّام. وتابعها جي وون بنظره قبل أن يبتسم مرة أخرى.
“على الأقل عاد وجهها الطبيعي.”
***
شعرت داجون لأول مرة اليوم بالراحة تحت المياه الدافئة.
ولم تكن تصدق أن كل ما حدث اليوم بالفعل حدث. فقد احترق بيت لي سوك وبيت داجون بالكامل، والتقت بجي وون، والتقت بأمها.
ثم……
‘أوه، صحيح! المعطف!’
تذكرت فجأةً المعطف الذي خلعه لها تشا شين وأعطاها إياه.
“أين وضعته……؟”
لم تتذكر.
كانت تمسك به عند مغادرة المستشفى على ما يبدو، لكنها نسيته تمامًا في لحظة ما. وربما فقدته بعد مواجهتها لرجال القروض.
وضايقها هذا الأمر، فمن المؤسف أن تنسى أمرًا كهذا تمامًا.
وكان من المفترض أن تعيده له عند لقائه لاحقًا، فأصابها القلق فجأة.
لكن ما كان أخطر من الملابس هو المكان الذي التقت فيه به، والمظهر الذي يصعب شرحه.
والتفكير بالأمر الآن جعل لقاءها به مشكلةً خطيرة جدًا. حتى أنها تذكرت أيضًا أنها قالت له أن أمها أُدخلت المستشفى.
وكلما فكرت، ازدادت خطورة الموقف وضوحًا.
ماذا أفعل الآن؟
تذكرت كلام تشا شين بأنه لن يسأل مهما كان فضوله. وتساءلت بجدية إن كان عليها إخبار جي وون بهذا الأمر.
رغم أنها شعرت بالانتعاش بعد الاستحمام، فإن داخلها لم يكن منتعشًا أبدًا. وبما أنها قررت قبول عرض جي وون، فلا يمكنها تجاهل الأمر ببساطة.
“يجب أن أخبره….”
أنهت حمامها وفتحت باب الحمّام قليلًا وسحبت الملابس التي تركها جي وون لها، ثم أقفلت الباب مجددًا.
وعندما فتحتها لترتديها، فوجئت بأنها ملابس نسائية. كانت تتوقع أنها ملابس احتياطية تخصه، لذا بدت مذهولةً وهي تنظر إلى الفستان.
كانت تظن أن هذا المكان منزله وحده……ألم يكن كذلك؟
حتى الفستان كان ملائمًا لها على نحو غريب. بدا أن صاحبته امرأةٌ تشبه داجون في القوام.
أهدرت وقتًا وهي تكافح لرفع السحّاب الموجود خلف ظهرها بمفردها، ثم خرجت أخيرًا من الحمّام. وما إن خرجت إلى غرفة المعيشة حتى انتشرت رائحة طعامٍ لذيذة داخل المنزل.
وبدا أن جي وون شعر بحركتها، فحمل صينية الطعام ووضعها على طاولة غرفة المعيشة.
“هل أنتِ معتادةٌ على الاستحمام طويلًا؟”
كان طبق باستا بالكريمة.
تساءلت للحظة إن كان هو من طبخها، ونظرت إليه بشيءٍ من الشك قبل أن تدير رأسها سريعًا.
“ليس تمامًا، لكني كنت أرتدي الملابس وحدي.”
“نعم؟”
نظر إليها دون فهم، ثم بدا أنه تذكّر مسألة السحّاب فجأة.
“لم أفكر بذلك. أعطيتكِ إياها فقط لأن مقاسها يبدو مناسبًا.”
ثم جلست داجون على الأريكة بتوتر.
“لمن هذه الملابس؟”
لم يكن السؤال صعبًا، لكن جي وون توقف لوهلة، ثم أجاب بلا مبالاة.
“لا أدري.”
ووضع شوكةً أمام داجون.
“ظننتّ أنكِ لم تجدي وقتًا للعشاء. و أنا أيضًا لم آكل.”
“أتتقنُ الطهو؟”
سألت باستغرابَ لمجرد أنها لم تتوقع أنه يطبخ، فابتسم بخفة.
“لا أعرف الطبخ. هذا طبقٌ لا يحتاج إلا لسلق المعكرونة. ثم تضيفين الصوص وتقلبينه فقط.”
أومأت داجون بلا اهتمام خاص. وأخذت تتناول الباستا، وكانت مناسبةً حقاً.
رغم أن منزلها احترق بالكامل، وأمها قد لا تستفيق قريبًا، فإن الطعام دخل حلقها وكان طعمه جيدًا، فبدت لنفسها مضحكةً قليلًا.
وحين رفعت رأسها شعرت بنظراته، فوجدته ينظر إليها.
“ألا يعجبكِ الطعام؟”
“يعجبني. أنا لا أتحسس من أي طعام.”
“فلماذا تأكلين بنهمٍ ضعيف؟”
“لا أدري. فقط……شعرت بالغرابة أن الطعام يمرّ في مثل هذا الوضع.”
فهم جي وون قصدها، فأجاب بنبرةٍ واقعية.
“اكلِي جيدًا مهما كان الوضع. أنتِ بحاجةٍ للقوة كي تستطيعي حماية أمكِ.”
“…….”
لم تكن تتوقع منه هذا النوع من الكلام، فشعرت بالراحة دون أن تدري. ومجرد رؤية جي وون يأكل الباستا بهدوء جعلت قلبها أخف قليلًا.
و عندما شعر بنظراتها، رفع رأسه.
“ماذا؟”
“أنتَ تأكل بطريقةٍ توحي أن الطعام سيء.”
“هو سيء.”
“أما أنا فأراه جيدًا.”
نظر إليها جي وون ببرود بينما كانت منحنيةً فوق الطبق تأكل بجدية. ثم تحدّث بنبرةٍ خفيفة المعنى.
“إذًا……ما جوابكِ؟”
وضعت داجون الشوكة، وقد أنهت طبقها دون أن تنتبه. لكن كما قال، عليها أن تقاوم كي تستطيع حماية لي سوك.
لذا قررت أن تصمد أكثر قليلًا.
“جوابي هو……نعم.”
فارتسمت على شفتي جي وون ابتسامةٌ خفيفة.
***
وصلا الآن إلى المكان الذي ستعيش فيه داجون من هذه اللحظة فصاعدًا.
كانت عيناها تتحركان سريعًا وهي تمشي خلف جي وون في مرآب القصر.
ورغم الظلام، استطاعت أن ترى الحديقة الواسعة المصفوفة بإحكام، وواجهة القصر الهائلة التي تبعث على الرهبة.
وبينما كانت تتأمل المشهد الغريب عليها، شعرت بنظرةٍ تتجه نحوها، فالتفتت. وقد كان جي وون يراقبها بصمتٍ منتظرًا.
“آه، آسفة.”
ولشعورها أنها جعلته ينتظر، أسرعت للحاق به، لكنه ردُ بهدوء،
“انظري جيدًا. حتى تعتادي.”
“نعم؟”
“حتى أنا لا أرى هذا المنظر كثيرًا، لكنكِ……ولدتِ هنا وترعرعتِ. هذا البيت بالنسبة لسايو هو مسقط رأسٍ يشبه الوطن.”
وتذكرت داجون منزلها المحترق بالسواد.
المكان الذي ولدت وكبرت فيه. الوطن.
نعم……هذا المكان بالنسبة لأختها سايو سيكون طبيعيًا بقدر التنفس.
“لا تنظري له كأنه غريب، لذا شاهديه كثيرًا الآن بينما لا يوجد أحد. فلا أحد يراقب منزله كل يوم.”
فضحكت داجون بخفة من صراحته المباشرة.
“سأفعل ذلك عندما لا يوجد أحد……أو عندما يكون جي وون أمامي فقط.”
“قولي: أخي.”
صحّح لها اللقب، فابتسمت داجون.
“حسنًا، أخي جي وون.”
نطقت اللقب ثم أعادت نظرها إلى الحديقة، ولهذا لم ترَ الاضطراب الخفيف الذي ظهر في عيني جي وون عند سماعه كلمة “أخي”.
“إلى أين نذهب الآن؟”
“اتبعيني.”
تقدم جي وون أمامها، وتبعته داجون وهي تمسح المكان بعينيها.
وبما أنه المكان الذي عليها الاعتياد عليه، فقد تفحصته بتركيزٍ أكبر.
ثم توقف جي وون أمام المبنى الرئيسي في وسط المنزل.
“ادخلي، إنها الغرفة الأخيرة في آخر الممر في الطابق الثاني.”
“لن تأتي معي؟”
سألت باستغراب، فألقى عليها جي وون نظرةً يصعب فهمها للحظة.
وكانت داجون، التي لا تعرف شيئًا عن تفاصيل المنزل، تنظر إليه بثبات. لكن بسبب الضوء خلفه، لم تستطع رؤية ملامحه جيدًا.
_______________________
جي وون مب اخوها بالدم ابدا لايكون هو الطرف الثاني 🤡 انقلع معلش كنت احبك
وداجون يا عمري يوم بدت تستوعب وش صاير قاعده تاكل وتتبوسم😔 يبي لها احد يضمها🫂 ومب جي وو طبعاً
التعليقات لهذا الفصل " 10"