1
استمرتِ الحربُ طوالَ ست سنواتٍ كاملة.
كانت هناك مملكة غلوريوس التي امتازت بجمال الطبيعة والأشجار الخضراء،
و مملكةُ وينترنايت التي كانت توازيها في المكانة، إلّا أن العلاقةَ بينهما تدهورت ببطءٍ منذ عهد الملكِ السابق، وبلغت الأمورُ حدَّ اندلاعِ الحرب بينهما.
كانَت الدماءُ تُسفَكُ في الأرضِ القاحلة،
وكانت الصرخاتُ الحزينةُ لوداعِ الأحبّة لا تنقطعُ كلَّ ليلة.
لقد كانت حربًا لم تخلِّف إلّا الألمَ للطرفين،
الصديق والعدو على حدٍّ سواء.
لكن بعد ستِ سنواتٍ من المعارك،
وضعت مملكةُ غلوريوس نهايةً للحربِ بنصرٍ عظيمٍ، واستعادَت السلام.
عادتِ الجيوشُ إلى أوطانِها بعدَ انتهاء الحرب،
وخرجَ شعبُ غلوريوس لاستقبالِ العائدين منهم بفرحٍ واحتفاء.
صحيحٌ أنَّ بعضَهم لم يتمكّنوا من العودة،
لكن موتَهم سيُخلَّد في التاريخِ كأبطالٍ شُجعان.
في ذلك اليوم، عمَّت المملكةَ احتفالاتٌ فرحًا بالنصر، وأ
قيمت وليمةٌ في القصرِ الملكي تكريمًا للجنود الذين بذلوا جُهودهم في ساحةِ القتال. ب
ينما كان الجميعُ يحتفلون بالنصر،
تلقى قادةُ ونوّابُ الحرس الملكي دعوةً من الملك للقاءٍ خاص.
ألقى الملكُ نظرةً دافئةً على أتابعهِ المخلصين الذين ضحوا بالكثير.
“لقد بذلتُم جهودًا عظيمة.
أعتقدُ أنّ بفضلكم، عادت السّلامةُ إلى هذه البلاد.”
عندَ سماعِ كلماتِ الملكِ المؤثرة،
انحنى الجميعُ باحترامٍ عميقٍ.
كانت نظراتُ الملكِ تتجوّلُ بينهم حتى توقفت عندَ امرأةٍ ذاتِ شعرٍ أحمر،
واقفةً بتواضعٍ تؤدي التحية.
إنها أدورا ألفريد، أصغر قائدةٍ في فرسان الفرقة الخضراء
وأشهر فارسةٍ في مملكة غلوريوس، فهي المرأة الوحيدة التي حققت هذا المركز.
لا أحد ممن شهدوا الحرب يمكنه إنكارُ دورِها الكبير في تحقيقِ النصر،
لا سيما عندما قطعت رأسَ قائدِ العدوِّ في لحظةٍ حاسمة،
رافعةً إياه بيدِها في إعلانٍ صريحٍ بانتهاءِ الحرب.
كان الملك فخورًا بها كونَها من أتباعه.
“ألفريد، لقد كان لكِ دورٌ عظيمٌ في هذا النصر، أليس كذلك؟”
“كلا، يا جلالتك. لقد كان بفضلِ زملائي الذين قاتلوا معي.”
رغم أنَّه كان بإمكانها أن تتفاخرَ، إلّا أنّها أظهرت تواضعًا زاد من إعجاب الملك بها.
“لا يوجد من يُنكر دورَكِ العظيم. وأودّ شخصيًا أن أكافئكِ على مجهودكِ هذه المرّة.”
“كلماتُك وحدها تكفيني، يا جلالتك.”
“لا، أنا أصرُّ على مكافأتكِ. إذا كان لديكِ أمنيةٌ،
فاطلبيها، وسأمنحكِ إياها. سأعطيكِ لقبًا أو أرضًا إن أردتِ.”
“إذن، لديَّ طلبٌ واحدٌ فقط…”
تفاجأ الملك بطلبها، إذ كان يتوقعُ منها رفضَ العرض.
“ما هو؟ تحدّثي دون تردد.”
“أرغبُ في الاستقالة من منصبي كفارسة و قائدة.”
ماذا؟ لوهلةٍ شكَّ الملك في ما سمعه، إلّا أنَّ كلماتِها التالية أكّدت ما قالته.
“أريدُ الزواج.”
أدورا ألفريد تريدُ الزواج؟ الفتاةُ التي ارتدت البنطال بدلًا من الفستان،
واختارت السيفَ بدلًا من الزهور، والتي أصبحت قائدةً رغم كلّ التحديات،
الآن تُخبره برغبتها في التخلّي عن دورها كفارسةٍ من أجل الزواج؟
لقد كانت الوحش الأحمر الذي يملأ ساحات القتال برائحة الدم،
وها هي اليوم تريد الزواج!
لم يكن الحاضرون يصدقون ما سمعوه،
بل حتى بدأ البعضُ يتساءل إن كان ما سمعوه صحيحًا.
أمَّا الكاتب الذي كان يقف بجوار الملك،
فقد وضع يده على أذنه ليتأكّد مما سمعه،
فيما نظر إليها زملاؤها من الفرسان بدهشةٍ بالغة.
“لهذا أريد التنحي، أرجو أن تمنحني هذا الطلب.”
لكن أدورا كانت جادة ولم تتراجع عن قرارها،
مما جعل الجميع يُحدقون فيها بذهولٍ بالغٍ.
تردّد الملك قليلاً وسأل مجددًا.
“ألن تندمي؟ أليس هذا منصبًا حققتِه بصعوبةٍ بالغة؟”
كانت أدورا قد حصلت على ثقةِ الجميع، بمن فيهم الملك نفسه،
وسكانُ المملكة كانوا يُطلقون عليها لقب بطلة الحرب ويمتدحون شجاعتها.
كان بإمكانها طلبُ أيّ مكافأة تُريدها ولن يبخل بها الملك.
إنّه لأمرٌ عظيم أن تتنازل عن كلّ ذلك لتعيش حياةً عادية،
خصوصًا أنّها لم تتعرض لإصابةٍ تعيقها عن حمل السيف.
“نعم، أريد أن أعيشَ كزوجةٍ لرجلٍ ما.”
هل قالت إنها تريد العيش كزوجةٍ لرجل؟ الجميع في القاعة صُدموا بنظراتهم المُسلّطةً عليها.
حتى الملك لم يخفِ دهشته،
فتلك المرأة التي لم تعرف سوى السيف والحرب تريد الآن أن تترك كلّ شيءٍ من أجل الزواج!
شعر الملك بالقلق إن كان ما قالته أثرًا من آثارِ الحرب.
لكنها كانت واثقةً كعادتها، لم يظهر على ملامحها أيّ تردد،
فاضطر الملك في النهاية إلى الموافقة.
“سأسمحُ لكِ.”
“شكرًا لك، يا جلالتك.”
شكرتهُ بأدبٍ، فيما كان الجميع لا يزالون يحدقون فيها بصدمةٍ غير مصدقين لما قالته.
ولم يمضِ وقتٌ طويلٌ حتى بدأت الشائعات تنتشر عن بحث عائلة ألفريد عن عريسٍ لها.
أحدثت الشائعة ضجةً كبيرةً في المملكة،
فأدورا ألفريد، التي اعتقد الجميع أنّها ستظلّ عازبةً طَوال حياتها، قرّرت الزواج!
بل وتخلّت عن منصبها من أجل ذلك، وكان الجميع يتساءل من سيحظى بشرف الزواج منها.
وبعد أيامٍ قليلة، زارها رجلٌ وتقدّم بطلب الزواج، وعندما قبلت به،
كانت الصدمة التالية فقد كان هذا الرجل هو ليونيل ليونيك غلوريوس،
الأميرَ الرابع، والذي اعتبره الناسُ نقطةَ ضعفٍ في العائلةِ المالكة و عارها،
الذي كان يُلقّب بوردة الزينة و الأمير نصف الدم.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"