حدّقت إليزيا بصمت في كاليب. كان جوّ الغرفة مشحونًا بصمتٍ متوتّر.
كلّما طال تركيز نظراتها عليه ، ازداد وجه كاليب شحوبًا.
“يا صاحبة السّموّ ، أنا …”
“قلتُ لك أن تقف.”
كرّرت إليزيا الأمر بصوت هادئ لا يُقرأ منه شيء.
وبمجرّد أن قالتها، وقف كاليب.
أشارت إلى الأريكة من دون أن تنبس بكلمة. جلس كاليب بتوتّر، ووضع يديه على ركبتيه.
نظرت إليه إليزيا بهدوء للحظة، ثمّ تنهدت. أزالت التوتّر الحادّ من اللحظات السابقة، وأطلقت ضحكة خفيفة.
ابتسامة مشرقة، كابتسامتها حين استقبلته في وقتٍ سابق، ارتسمت على وجهها.
هزّت رأسها برفق، وتكلّمت بنبرة لطيفة: “كاليب، لا داعي لكلّ هذا التّحفّظ.”
“…ليز.”
عند نبرتها المليئة بالمودّة، لان تعبير وجه كاليب. بدا مرتاحًا، وأمسك يدها بإحكام.
نظرت إليزيا إلى يده المكسوّة بالقفّاز وابتسامة لطيفة على وجهها.
وضعت يدها فوق يده، وتكلّمت بدفء:
“تعرف، كاليب، الكثير تغيّر منذ الماضي. هناك أمور كثيرة يجب أن ننتبه لها الآن. يجب أن نكون حذرين. خصوصًا أن صاحب السّموّ الأمير الثاني صارم في هذه الأمور. منذ قليل فقط، غضب كثيرًا لأنّ لحم الضّأن قُدّم على مائدتي”
قطّبت إليزيا جبينها كأنّها تحاول كبت دموعها.
بدا كاليب غير واثق من تفسيرها.
“غضب … لمجرّد تقديم لحم الضّأن؟”
“لحم الضّأن لا يُقدّم إلا في الولائم الملكيّة. لكن سارا …”
توقّفت إليزيا عن الكلام. ثمّ تابعت بوجه حزين: “هذا هو وضعي. صاحب السّموّ لا يحبّني. في الحقيقة، أظنّه يكرهني تقريبًا. لذا حين حاولتَ أن تريه امرأة أخرى، شعرتُ بالأذى.”
“لم أكن أعلم ذلك.”
بدت علامات الارتباك واضحة على وجه كاليب.
وفي داخله، ابتسمت إليزيا بانتصار.
“ولماذا كان عليك أن تختار عائلة روشاناك بالتّحديد؟”
تابعت كلامها بعبوس خفيف في جبينها.
“عائلة روشاناك هي عائلة الإمبراطورة، ومن أعرق البيوت النبيلة. من الطّبيعي أن تكون الأعين مسلّطة عليهم. فإذا كنتَ مرتبطًا بتلك العائلة، سيؤلّف النّاس القصص كما يحلو لهم.”
توقّفت إليزيا للحظة.
“لا أحبّ قول هذا، لكنّ النّاس سيقولون إنّك أعماك الطّمع في السّلطة — حتى لو لم يكن الأمر كذلك. أنا فقط قلقة من أن تطالك الشائعات.”
“لم أكن أعلم أنّك تشعرين بهذا الشكل …”
خفض كاليب رأسه، وتجلّى النّدم في ملامحه لسوء الفهم.
وعندما خفض نظره، تحوّلت نظرة إليزيا فجأة إلى البرود.
راقبته بعينٍ باردة، ثمّ رسمت ابتسامة على شفتيها.
لم تبتسم عيناها، لكنها تابعت الحديث بلطف: “مع كلّ ما يحصل من جهة الأمير الثّاني، وبما أنّني كنت قلقة عليك، تصرّفتُ بحساسيّة مفرطة. أنا آسفة. هل أزعجك الأمر؟”
“لا، أبدًا. أرجوكِ، لا داعي للاعتذار.”
هزّ كاليب رأسه بسرعة. وعندما رفع عينيه، غيّرت إليزيا ملامحها إلى الجديّة.
“لكن مع ذلك، أنا آسفة … لأنني أخفتك”
ربتت على يده.
ولو رآهما أحد الآن، لظنّ أنّ أختًا صغيرة قلقة تواسي شقيقها الأكبر.
ومع زوال حذره بالكامل، قال كاليب أخيرًا ما جاء من أجله: “في الحقيقة، عدتُ لأنّ لديّ أمرًا مهمًّا أريد مناقشته. وإن غفرتِ لي تسرّعي، فهل يمكنني تقديم بعض النّصيحة؟”
“ولِمَ تقول هذا؟ بالطّبع، تكلّم كما تشاء.”
بمجرّد أن أعطته الإذن، ابتسم كاليب وانحنى قليلًا، ثمّ خفض صوته: “بما أنّ الشّائعات قد ذُكرت … فمنذ أن أصبحتِ فردًا من العائلة المالكة، ووضع عائلة أمبروز يسوء. هناك حتى من يقول إنّ الأمير الثّاني حاول أن يُنقص من المهر إلى النّصف. وبما أنّك لم تدعينا إلى الزّفاف، بدأ النّاس يتجنّبون أمبروز.”
عَبَس كاليب بقلق.
“ولولا أنّكِ دعوتني إلى الحفل، لكانت عائلة أمبروز نُبذت تمامًا من مجتمع النّبلاء.”
“حقًّا؟ لم أكن أعلم. كوني في القصر ، من الصّعب سماع أخبار عن بيت أمبروز.”
“هذا طبيعي. لكن يا صاحبة السّموّ، شرف عائلة أمبروز هو شرفك أيضًا. إذا ازدادت قوّة العائلة، ستزدادين قوّة. لكن إن انحدرت، أخشى أن يؤثّر ذلك عليكِ سلبًا.”
“هذا ممكن.”
أجابت إليزيا بنبرة جادّة.
و في الحقيقة، كانت بالكاد تكتم ضحكة ساخرة.
كلّ ما كان يقوله كاليب كان هراءً.
كانت تعلم مسبقًا أن فرانز لم يلمس المهر.
وكانت تعلم أيضًا أنّ المهر الذي تلقّته قد تمّ تبديده بالفعل من قِبل بيت أمبروز.
آنذاك، ظنّت أنّ السبب هو زوجة أبيها.
لكن بعدما رأت كاليب اليوم، أدركت أنّ الأمر ليس كذلك.
كلّ ما كان يرتديه من أعلى جودة — يصلح للملوك.
في الماضي، لم تكن إليزيا لتلاحظ ذلك.
لكن الآن، بعد نقاشات لا تُحصى عن موضة النبلاء مع لوسيت، صارت تميّز الفخامة فورًا.
من بين كلّ ما كان يرتديه، كانت القفازات أبسط شيء — هديّتها الشّخصيّة، المقدّمة للأسرة المالكة.
ذلك كان أبسط ما عنده. أمّا البقيّة، فترف خالص.
وحين فكّرت في الماضي، حتى ملابسه الرّسميّة كانت من أفخر الأنواع — لكن بتصميم بسيط فقط.
‘والآن لا يكلّف نفسه عناء إخفائه.’
كان يرتدي سترة بأزرار ذهبيّة على كلا الجانبين وتطريز فاخر.
لمعان القماش اللطيف يدلّ على أنّه من حرير أسترايا ، الأغلى في السّوق حاليًّا.
ولم تكن السّترة وحدها.
دبّوس الكرافات مرصّع بياقوت فاخر ، و حذاؤه هو نفسه الذي ارتداه كرايتون مؤخرًا.
‘يرتدي نفس حذاء الأمير الأوّل؟ لا يمكن أن يكون ذلك محض صدفة.’
ضيّقت إليزيا عينيها قليلًا.
لقد بدا مشبوهًا أن يظهر فجأة مع نيريس.
كانت تشكّ منذ البداية بوجود علاقة بين الأمير الأوّل و نيريس، كونهما زميلي دراسة في الأكاديميّة. والآن، باتت متأكّدة.
“فما الذي تريده منّي إذًا؟”
لم يبقَ سوى كشف نواياه الحقيقيّة.
سألت إليزيا بهدوء، وابتسامة بريئة مرسومة على وجهها الجميل.
بدا كاليب راضيًا، ظانًّا أنّه نجح في التّلاعُب بها.
قبض على يدها بإحكام وقال:
“أرجوكِ، استمرّي بدعوتي إلى القصر. دعي الجميع يرون أنّك تهتمّين بعائلة أمبروز، حتى نتمكّن من استعادة سمعتنا”
“وهل سيغيّر ذلك شيئًا فعلًا؟ لا أظنّ أنّه سيحدث فرقًا كبيرًا.”
أمالت إليزيا رأسها ورفّت بعينيها ببراءة.
ظهر الانزعاج لوهلة على وجه كاليب، ثمّ ابتسم مجددًا.
“أو … يمكنكِ مشاركة جزء من مخصّصاتك الشّخصيّة.”
“مخصّصاتي؟ تقصد مخصّصات زوجة الأمير الثّاني؟”
“نعم. يمكنني شراء منزل صغير في كاليبس بذلك المبلغ. ولو عشتُ في العاصمة، ستشعرين بأمانٍ أكبر أيضًا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 58"