الآن وقد أصبحت وحدها مع كاليب، تكلّمت إليزيا بهدوء.
“تطلب المغفرة فجأة—لا أفهم. المغفرة على ماذا؟”
“كنتُ متهوّرًا. لم يكن عليّ أن أحضر السيّدة روشاناك. أرجوكِ صدّقيني. لم تكن فكرتي. تلك المرأة هي من أصرت على القدوم”
‘تلك المرأة’ ، ها. إذًا في هذه الحياة ، أصبحت نيريس الآن “تلك المرأة”.
فكّرت إليزيا ببرود.
في حياتها السابقة، كانت إليزيا هي “تلك المرأة”. كان مجرد سماع اسمها يقرفهم.
والآن، أصبحت نيريس تلك الشخص.
من الغريب كيف انقلبت الأمور بسهولة.
“تقصد أنك انصعتَ لإلحاح السيّدة روشاناك؟”
“أنا أقيم في كاليبي بدعمٍ من عائلة روشاناك. لم يكن لدي خيار آخر. أنتِ تعرفين كم الإقامة في العاصمة مُكلفة.”
تحدّث كاليب بتفصيل، واضعًا يده فوق يدها. كانت تحدّق في القفّازات التي أهدته إيّاها.
‘أنت حقًّا تعرف كيف تُخضعني ، يا كاليب.’
ربما لم تكن تعرفه جيدًا، لكنه كان يعرفها بكلّ تفاصيلها.
كان يعرف بالضبط كيف يتجاوز دفاعاتها، وأين تكمن نقاط ضعفها. ولم يتردد في استغلالها.
‘لماذا لم أُدرك ذلك في وقتٍ أبكر؟’
في هذه اللحظة، بدأت تتساءل إن كانت قد أعمتها مشاعر ما في السابق.
لماذا لم تستطع رؤية كلّ هذه الأشياء الواضحة؟
إن كانت خطيئة فرانز هي التجمّد والجمود، فإنّ خطيئة إليزيا كانت السذاجة—
خطيئة أن ترى ما تريد فقط.
أن تهتم بفرانز وحده، وتتجاهل كلّ ما عداه.
‘هذه المرّة، لن أُكرّر ذلك الخطأ مجددًا.’
قبضت يدها بعزيمة.
ساد صمت ثقيل في الغرفة.
ومع استمرار الأجواء المتوترة، رفع كاليب ببطء عينيه — كأنّه يتحقّق ما إذا كانت قد اقتنعت بكلامه.
أشاحت إليزيا بابتسامة ساخرة من شفافيّته. لم تكن تصدّق أنها لم تلاحظ ذلك من قبل.
نظراتها الباردة جعلت عينيه الرماديتين ترتجفان.
وقبل أن يتمكّن من تقديم أعذار أخرى، بادرت بالكلام.
“كم يمكن أن تكون الإقامة في العاصمة مكلفة؟ لا تخبرني أنك أنفقت مهري بالفعل؟”
“بالطبع لا! لقد تمّ حفظ مهرِكِ بأمان. لم أجرؤ على لمسه. إنه مال زفافكِ ، في النهاية.”
أكاذيب.
تلبدت عينا إليزيا بسواد عميق.
و كابحت رغبتها في الانفجار ، و سألته بنعومة ، “لماذا اخترتَ عائلة روشاناك بالتحديد؟ هناك العديد من العائلات النبيلة. لماذا هم؟ ماذا وعدوك؟”
عند سؤالها، قبض كاليب على فكّه.
لماذا روشاناك؟
جعلت الأمر يبدو وكأنه كلبهم. راقبت شدّة فكه ببرود.
‘لابد أنّها مهينة.’
لقد اختارت كلماتها عن عمد.
سيغضب كاليب — لكن لا حقّ له في ذلك.
وهو راكع عند قدميها، كانت علاقتهما واضحة للجميع.
إليزيا كانت الأميرة الثانية المتألّقة. و كاليب مجرد بارون من الأرياف.
لو شاءت، يمكنها بسهولة إسقاط شخص بمكانته.
وإن كان لديه أدنى حسّ، فسيعي ذلك.
هذا كان اختبارًا.
إن كان يهتم بلقبه فقط، فسيتحمّل. وسيُخفض رأسه أكثر ويتوسّل المغفرة — مثل أي انتهازي طامع في السلطة.
لكن إن كان حقًّا يعتبرها أخته، فسوف يُظهر مشاعره بلا تردّد.
سيغضب. سيشعر بالخذلان.
لأنهما لم يكونا هكذا من قبل.
في الماضي، كلّما ارتكبت إليزيا خطأً، كان كاليب يصحّحها برفق. كان يوجّهها ويعلّمها.
فربما — إن كان يهتمّ حقًّا — سيعلو صوته على أخته الصغيرة المتعجرفة التي أصبحت أميرة.
إن كان يعتبرها عائلة بحقّ.
‘فما رأيك ، يا كاليب؟’
انتظرت إليزيا بقلبٍ ينبض بقوّة.
تقدّم الزمن ببطء. وبدأت دقات ساعة قديمة تتردّد — تك ، تك.
“…حقًّا.”
تمامًا حين بدأ حلقها يجفّ، تكلّم كاليب أخيرًا. توترت ، وأصغت بانتباه.
وهو لا يزال راكعًا، مال إلى الخلف قليلًا، مستندًا بيد واحدة.
ثم انحنى، واضعًا جبهته على السجّادة.
“أنا آسف حقًّا، سموّ الأميرة القرينة الثانية.”
“…”
“لأنني قبلتُ دعم عائلة روشاناك دون موافقتكِ ، و أغضبتكِ — سأقبل بأيّ عقوبة ترينها مناسبة.”
أغلقت إليزيا عينيها بقوّة.
وقضمت شفتها.
وبينما كانت تلتقط أنفاسها، بدأ كاليب بسرد أعذاره.
“لا يوجد سبب خاص لقبولي عرضهم. كان بيننا صلة بسيطة من خلال ظهور سموّه الأول، وهم من تواصلوا معي أولًا. لم أتلقَّ منهم شيئًا سوى الإقامة في الفيلا والبيت في العاصمة. و … إن كان هناك ثمنٌ فعلًا، فقد طلبوا مني ببساطة أن أُعرّفكِ على السيّدة روشاناك”
استمعت إليزيا، وكتلة ثقيلة تشكّلت في حلقها.
لقد تأكد الأمر.
بالنسبة لكاليب ، لم تكن أختًا.
كانت الأميرة الثانية — أداة لاكتساب ودّ العائلة المالكة.
“اطمئنّي، سموّكِ، فلا داعي للقلق. عائلة أمبروز ما زالت مخلصة لكِ. لن أُسيء أبدًا إلى اسمكِ.”
“…يكفي.”
تنفّست إليزيا نفسًا مرتجفًا.
وفكّت قبضتها، ثم وضعت يدها برفق على كتف كاليب.
“يكفي. يمكنكَ أن تنهض.”
وعند كلماتها، رفع كاليب رأسه ببطء. كان وجهه متوترًا وهو يحدّق فيها.
والتقت نظراتهما في الهواء.
وساد صمت خانق من جديد في غرفة الاستقبال.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 57"