“كما تعلمون جميعًا، بعد ارتفاع أسعار حرير باتاشو، بدأ سعر حرير أسترايا بالارتفاع أيضًا. إنّه يرتفع بشكل جنوني. نحن بحاجة إلى تدبير مضاد.”
“لكنّ الحرير سلعة فاخرة. هل من الضروري فعلًا تنظيم أسعار مثل هذه البضائع؟”
“صحيح. ما هو عاجل الآن هو إيجاد منجم جديد لأحجار المانا ليحلّ مكان ناروت. أسعار الحرير ستستقرّ من تلقاء نفسها. ألم نشهد الأمر نفسه مع حرير باتاشو؟”
كان ليندن شويلر يراقب بصمت النبلاء وهم يتجادلون حول الطاولة المستديرة.
هذا الاجتماع النبيل، الذي يُعقد كلّ شهر، لم يتغيّر قط.
كانوا فقط يدورون حول موضوع الاحتكار والتلاعب بالأسعار ، و ينتهي الاجتماع دومًا بلا نتيجة.
على الأرجح لأنّ كثيرًا من النبلاء يجنون الأرباح من ذلك.
‘حثالة.’
حدّق ليندن ببرود في الرجل الذي كان يُحرّك هؤلاء الحثالة من خلف الستار.
أحد البارونات حوّل النقاش من الاحتكار إلى مناجم أحجار المانا—من الواضح أنّه كان يأخذ التعليمات من أحدهم.
وذلك الـ “أحدهم” كان إيليون كورني.
“بما أنّ السادة قد أثاروا الأمر، فقد يكون من المفيد بالفعل مناقشة مناجم أحجار المانا” ، قال إيليون وهو يغيّر الموضوع بسلاسة دون أن يتكلّم كثيرًا بنفسه.
لقد كان أفعى.
بل أسوأ من الأفعى—جشعه لا يعرف حدًّا.
كانت عائلة كورني عائلة زوجة الأمير الأوّل، أي أنّها مرتبطة بالفعل بالعائلة الإمبراطورية. الأمر نفسه ينطبق على عائلة روشاناك، عائلة الإمبراطورة.
ومع ذلك، كانتا تتصرّفان وكأنّهما تطمعان بالمزيد.
كان واضحًا حتّى دون وجود شبكات استخبارات أنّ هاتين العائلتين قد تحالفتا.
مؤخّرًا، حاول إيليون كورني دفع نيريس روشاناك لتكون زوجة الأمير الثاني.
ولماذا كانت عائلة كورني تسعى لدعم ابنة عائلة روشاناك؟
حتّى لو لم تكن الإمبراطورة متورّطة مباشرة، كان من الواضح أي نوع من الحسابات قد جرى على مستوى العائلة.
علاوة على ذلك، وبما أنّ أحجار المانا في ناروت، التي تملكها عائلة روشاناك، قد أوشكت على النفاد، فقد أصبحت عائلة كورني يائسة في بحثها عن منجم جديد.
من الواضح أنّ كلّ هذا جزء من المخطّط ذاته.
“ما الفائدة من مناقشة المناجم؟ القضيّة هي: من سيحصل على حقوق التنقيب؟”
كانت عائلة روشاناك تملك بالفعل حقوق التنقيب في ناروت ، وبالتالي ليس لها الحقّ في المطالبة بالمزيد. لذا، كانت تسعى للتحالف مع عائلة كورني.
وهذا ما جعل من الضروريّ ألّا يحصلوا على حقوق التنقيب التالية. لأنّه إن فعلوا، فستُصبح الإمبراطورية لعبة في يدي كورني و روشاناك.
وسيبدو التضخّم الحاليّ أمرًا بسيطًا بالمقارنة.
فحتى الآن، يعاني الشعب. ولن يسمح ليندن بأن تتفاقم معاناتهم.
‘لن أسمح لكم بتحقيق مآربكم، أيّها الأوغاد.’
رمق ليندن النبلاء بنظرة تهكميّة وهو يدور بعينيه حول القاعة.
“من دون حقوق التنقيب، لا يمكن فعل شيء.”
عند هذه الملاحظة الوحيدة من ليندن، بدأت عينا إيليون تتحرّكان بقلق.
حتّى الآن، كان يعمل من خلف الكواليس. لكن الآن ، ومع توتّر ظاهر على وجهه، بدأ يتكلّم.
“أنت محقّ. لكن لهذا السبب فإنّ إيجاد منجم هو الأمر الأساس. الحصول على حقوق لموقع عديم الفائدة لا معنى له. ألم تذهب بنفسك إلى دافا لهذا السبب ، يا لورد ليندن؟”
“هل تعرف حتّى إلى أين ذهبت؟ يا لها من مفاجأة.”
“لا تتظاهر بالجهل.”
“نعم، ذهبتُ إلى دافا. لكن ما الغرض من إثارة هذا الأمر الآن؟ هل تخشى أن أستولي على دافا وأتركك في موقف ضعيف؟ يبدو أنّني الوحيد الذي لم يعلم أنّ هذا الاجتماع لعبة لتقاسم الأراضي.”
“هذا ليس ما قصدته … ما أردت قوله هو أنّ استكشاف المناجم يجب أن يُدار بحذر. أنت تدرك مدى أهمّية حقوق أحجار المانا. إذا احتكرتها العائلة الخطأ، فسترتفع الأسعار أكثر بكثير ممّا حدث مع الحرير.”
“همم. لم أكن أعلم أنّك حريص إلى هذا الحدّ يا لورد إيليون. لقد كنتُ أقضي إجازة فقط في دافا.”
ردّ ليندن بلهجة كسولة وهو يداعب ذقنه كما لو كان غافلًا حقًّا. والتوى وجه إيليون من الغيظ المتزايد.
“هل تسخر منّي؟”
“بالطبع لا. لكن فلنكفّ عن الحديث عن المنتجعات. ولننتقل إلى أمر يستحقّ اجتماعًا حقيقيًّا.”
“ماذا تقصد؟”
“سمعت أنّ حرير أسترايا لا يُباع هذه الأيام إلّا عبر الشركات المملوكة لعائلة كورني. هل تمانع لو سألتُ: ما المعنى العميق الكامن وراء ذلك؟”
“الأمر ببساطة أنّ ابنة أخت زوجتي من أسترايا، و كانت قادرة على توفيره. لا أعتقد أنّ الأمر بحاجة إلى توضيح أصلاً.”
“آه، إذًا يبدو أنّني أسأت الفهم مرّة أخرى. أوّلًا الملح، ثم الفحم، والآن الحرير أيضًا. يا له من تواتر غريب. أعتذر على سوء الفهم المتكرّر. أرجو أن تسامحني.”
أدّى ليندن إيماءة اعتذار مبالغ فيها.
فقهقه إيليون ساخرًا من سلوكه.
“ليس أمرًا جديدًا. توقّعت انتقادات تافهة عندما بدأتُ مشاريعي التجارية بدافع الحبّ للإمبراطورية.”
“هاهاها. حسنًا، من الجيّد أن قلبك واسع إلى هذا الحدّ.”
ضحك ليندن بملء صوته على سخرية إيليون وصفق على ركبته.
وقد جعل التوتّر بين رأسي العائلتين النبيلتين بقيّة النبلاء يشعرون بالانزعاج الشديد.
‘مثيرون للشفقة’ ، فكّر ليندن.
ثم وقف، وفرك كتفيه بمبالغة. وكان مجرّد نهوضه بجسده الطويل كفيلًا بفرض الهيبة في القاعة.
نظر حوله و أعلن بصوت جهوري:
“بدأتُ أشعر بتيبّس في كتفيّ من طول الجلسة. هذه الكراسي ضيّقة عليّ. على كلّ حال، سأغادر. وبما أنّ لورد إيليون يفكّر كثيرًا في مصلحة الإمبراطورية، فأنا واثق أنّ البقيّة في أيدٍ أمينة.”
و غَمَز لإيليون، فبقي الأخير عاجزًا عن الكلام، فاغرًا فاهه.
“لم يمضِ علينا سوى ساعتين! أتغادر بالفعل؟”
“نعم. زوجتي بانتظاري.”
“أتدع امرأة تُملي عليك أفعالك؟!”
سخر إيليون منه علنًا، لكنّ ليندن تجاهله تمامًا وفتح الأبواب على مصراعيها.
“أراكم الشهر المقبل.”
“يا لك من وصمة عار!”
طارت إهانة إيليون نحو ظهر ليندن المنصرف، لكنّ الأخير، كما في كلّ مرّة، لم يردّ ومضى في طريقه.
***
ما إن خرج من قاعة الاجتماع، حتّى اختفى الابتسام الودود عن وجه ليندن.
وحدّق ببرود في الأبواب المغلقة.
‘إذًا كورني يسعى خلف دافا أيضًا.’
اتّكأ على عمود، وأدخل يده في سترته.
ومن جيب داخلي، أخرج ورقة صغيرة.
“لـمنتجع عائلة شويلر الشتوي، أوصي بـ Y بدلًا من D”
كانت الرسالة قد طارت إلى نافذة مكتبه في الليلة السابقة، مربوطة بحصاة.
لا اسم مرسل، ولا اسم مستلم. مجرّد هذه الجملة الغامضة.
للوهلة الأولى، بدت مزحة.
لكنّ ليندن لم يستخفّ بها.
كان المعنى الخفيّ فيها متعمّدًا بوضوح.
“منتجع شتوي…”
أخذ يُفكّر في مدلولها بجدّيّة.
فالإمبراطورية اللورنتزيّة تعيش حاليًّا “شتاءً”—كناية عن غياب الإمبراطور.
ومؤخّرًا، كان قد تحدّث عن هذا الأمر مع شخص ما.
“الأمير الثاني؟”
انعقد حاجباه الضيّقان، وضاق نظره الثقيل.
إن كانت الرسالة من الأمير الثاني، فهي تستحقّ التفكير العميق.
“منتجع شتوي” ربّما يشير إلى مكان للاحتماء من هذا الشتاء الإمبراطوري.
بمعنى آخر، منجم أحجار المانا التالي.
فـ”D” تشير على الأرجح إلى دافا، التي كان قد زارها للتوّ.
“ليس D ، بل Y…”
بدأ ليندن يُفكّر في الأماكن التي تبدأ بحرف Y. وبعد لحظة تأمّل قصيرة، ارتسمت على وجهه ابتسامة عميقة.
وعبر رواق القصر بخطوات أخفّ من ذي قبل.
***
“ما رأيك؟ ليس سيئًا ، أليس كذلك؟ لقد استقدمتُ النسّاجين من باتاشو خصّيصًا للبيت الزجاجيّ. خصوصًا حديقة التوليب هذه—رائعة، أليست كذلك؟”
رمق فرانز وجه كرايتون المتفاخر بنظرة باردة.
كان الاثنان يجلسان متقابلين على طقم شاي في البيت الزجاجيّ للإمبراطورة.
ألقى فرانز نظرة سريعة على زهور التوليب النضرة، وقال ببرود: “هل لهذا السبب دعوتني؟ كان عليك أن تتفاخر أمام جلالة الإمبراطورة بدلًا من ذلك. كانت ستُكافئك كما يليق بابن بار.”
“بالطبع عرضتُ الأمر على والدتي أوّلًا. لكن لم يكن بإمكاني أن أتجاهلك. نحن عائلة.”
عائلة.
سخر فرانز مكرّرًا الكلمة، وابتسم ابتسامة باهتة.
فوجئ كرايتون من ابتسامته.
“ما المضحك؟”
“محاولتك في التصرّف كأنّك طبيعي. و أنا نفسي لا أستطيع التصرف طبيعيًّا حتّى مع زوجتي”
“وما الغريب في ذلك؟”
ابتسم كرايتون بخبث و أشار إلى أحد الخدم ، الذي بدأ يصبّ الشاي لفرانز. ثمّ شبك ذراعيه وقال بهدوء: “وبالمناسبة—عن زوجة الأمير الثاني …”
“ما بها؟”
“لا تتحسّس كثيرًا …”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 37"