في كلّ عطلة ، كان كاليب يعود إلى الإقليم و يتحدّث عن كرايتون.
كانت قصصه عن الأمير الأوّل مليئة بالمديح—عن ذكائه المتّقد ، و نبله ، و رُقيّ سلوكه. كان ذلك أقرب إلى العبادة.
من الأفضل ألّا أجعل الأمير الأوّل خصمًا لي. قد يكون كاليب جسرًا مفيدًا.
تأمّلت إليزيا ملامح غلينا.
أن تُبادر غلينا باقتراح دعوة كاليب؟ ما الدّافع الحقيقيّ وراء ذلك؟ لم يخطر في بالها سببٌ واضح.
هل يمكن أن يكون السّبب ببساطة أنّه زميل الأمير كرايتون؟
كان من المعروف في أنحاء الإمبراطوريّة أنّ غلينا و كرايتون مُتعلّقان ببعضهما بشدّة.
كرايتون لم يلقِ نظرة على أيّ امرأة أخرى ، و غلينا كانت على استعداد لفعل أيّ شيء لإرضائه.
ربّما كانت دعوة كاليب مجرّد طريقة أخرى لكسب رضا الأمير.
لكن إن دُعي كاليب وحده، من يعلم ما قد تفعله باتريشيا؟
بعد أن رتّبت أفكارها ، انخفض رأس أليزيا قليلًا.
“شكرًا على الاقتراح. لكن من غير المعقول أن يُغادر اللورد إقليمه في وقت أزمة لحضور حفل. كاليب يُدرك ذلك أيضًا”
“أهكذا؟”
اتّسعت عينا غلينا ، و رفّت بجفنَيْها ببطء. و بعد لحظة ، ابتسمت و بدأت تنقر بأصابعها برفق.
“إذن ، ما رأيكِ بهذا؟ سنُقيم حفلًا راقصًا الشّهر المقبل بمناسبة عيد ميلاد كرايتون. يجب أن يكون من المناسب دعوته حينها ، أليس كذلك؟ سيكون موسم الأمطار قد انتهى”
نظرت إليزيا إليها بتأنٍّ.
فذلك العداء الّذي كانت تُظهره غلينا سابقًا قد اختفى.
و بدت فقط حريصة على توسيع قائمة الضّيوف.
ربّما يجب أن أسأل كاليب المزيد عن الأمير الأوّل في الحفل.
كانت إليزيا بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات عن كرايتون. و لعلّ كاليب قادرٌ على إعطائها بعض النّظرات الثاقبة.
“سيكون مناسبًا حينها”
“إذن سأُرسل دعوة إلى بيت أمبروز”
ابتسمت غلينا برضا ، و قد بدا عليها السّعادة بموافقة إليزيا.
جلست برشاقة على الأريكة، وأشارت لإليزيا أن تجلس كذلك.
“تفضّلي بالجلوس، يا سيّدة أمبروز”
طلبت إليزيا من سارا أن تُحضر الضّيافة، ثمّ جلست.
ومع مغادرة سارا ، بقيتا وحدهما في غرفة الاستقبال.
راحت إليزيا تُراقب غلينا بصمت، والّتي بدورها كانت تُمعن النّظر في الفستان الّذي ترتديه إليزيا.
رغم أنّ ردّها لم يكن وقحًا، إلّا أنّه ترك أثرًا مُحرجًا في النّفس.
بدا على غلينا بعض الارتباك من الصّمت المفاجئ. فكّرت في انتقاد سلوك إليزيا ، لكنّها اختارت أن تتكلّم مجدّدًا.
“سيّدة أمبروز …”
“المعذرة. الشّاي جاهز”
قُطِعت كلمات غلينا مع عودة سارا و برفقتها إيزولدي ، تُحضران الشّاي و الحلويّات.
تابعت السيّدتان ترتيب أدوات الشّاي الفاخرة والطّعام على الطّاولة في صمت.
“يمكنكِ الانصراف”
“أمركِ مطاع، يا سموّ الأميرة.”
بمجرّد الانتهاء من التّحضير، صرفت غلينا سارا و كأنّها صاحبة القصر.
كان ذلك استعراضًا مقصودًا للسّلطة—تجاهلًا لإليزيا، الّتي ستكون سيّدة جناح الأمير الثّاني.
لكنّ إليزيا لم تتأثّر.
أينما ذهبت غلينا، كانت تؤمن أنّها البطلة.
حتّى وإن كانت ضيفة، تصرّفت كأنّها المُضيّفة.
“أما تعرف خادمات الأمير الثّاني كيف يُقدّمن الشّاي؟”
قطّبت غلينا جبينها بعد رشفة واحدة.
فشربت إليزيا بدورها رشفةً صغيرة.
انتشرت رائحة الشّاي برفق، وملأ طعمه الغني فمها.
إنّه ممتاز … هل تبحث فقط عن عذر للانتقاد؟
تنفّست إليزيا بصمت، ثمّ وضعت كوبها بلُطف وأجابت بأدب:
“أعتذر. سأتأكّد من تدريبهنّ أكثر لاحقًا.”
“لا بدّ أنّهنّ يُشبهْنَ سيّدتهنّ. لا أظنّ التّدريب سيُفيد”
رفعت غلينا حاجبًا و سخرت.
كانت تستعدّ للدّخول في صلب سبب زيارتها.
تمنّت إليزيا لو تُسرع وترحل.
“معكِ حق. لا زال أمامي الكثير لأتعلّمه.”
“التّواضع جيّد. لكن في حالتكِ، هو كلّ ما لديكِ.”
دفعت غلينا بكوبها بعيدًا و أضافت: “كاليب و المنطقة الرّيفيّة مختلفان تمامًا ، كما تعلمين. و ستُصبحين فجأة فردًا من العائلة الملكيّة. لا بدّ أنّ ذلك سيكون صعبًا”
كلماتها حملت خبثًا ضمنيًّا.
رفعت إليزيا بصرها، ونظرت في عيني غلينا.
ابتسمت غلينا ابتسامةً ساحرة، وتابعت:
“أنا قلقة فعلًا إن كنتِ ستتمكّنين من التّأقلم مع حياة القصر. قواعد السّلوك هنا صارمة”
“كنتُ أدرسها باجتهاد”
“لكن هناك حدود لما يمكن تعلّمه وحدكِ ، أليس كذلك؟”
و قبل أن تتمكّن إليزيا من الرّد ، سارعت غلينا بإعلانها:
“لهذا قرّرت—سأعلّمكِ بنفسي. سأُخصّص من وقتي لإعطائك دروسًا في الإتيكيت”
إذًا ، هذا هو الهدف.
لمعت عينا إليزيا.
منذ تلك المواجهة الخفيّة بينهما أمام الإمبراطورة، لا بدّ أنّ غلينا كانت تبحث عن وسيلة لإذلالها. و هذه كانت وسيلتها.
تنوي تعليمي قواعد السّلوك الخاطئة لتُحرجني في الحفل ، لا شكّ في ذلك.
نظرت إليزيا إليها بنظرة باردة.
كانت تعلم سلفًا أنّ غلينا تنظر إليها كفتاةٍ ريفيّة جاهلة.
لكنّ ذلك لا يُقارن بما تحمّلته من باتريشيا.
لكن هذا لا يعني أنّني سأسمح لها بفعل ما تُريد.
بتظاهرٍ بالجهل ، ردّت إليزيا بابتسامة هادئة:
“لا يمكنني أبدًا أن أشغل وقت سموّكِ الثّمين”
ثمّ أضافت ، ولا تزال مبتسمة: “في الواقع، عرضت جلالة الإمبراطورة أن تُعيّن لي معلّمة آداب في أيّ وقت. كنتُ مُتردّدة، لكن إن كانت سموّكِ ترى أنّني بحاجة، فقد أطلب ذلك فعلًا.”
“جلالة الإمبراطورة؟”
تغيّر وجه غلينا بوضوح عند ذِكر الإمبراطورة.
ابتسمت إليزيا في داخلها بانتصار و هي تراقب ملامح غلينا تتبدّل.
لقد كانت على حق—كانت غلينا تنوي إسقاطها في الوليمة.
“سأتأكّد من ألّا أُسيء إلى العائلة الملكيّة. أشكركِ على عنايتكِ”
عضّت غلينا شفتها ، وحدّقت في فنجانها ، وقد بدا الغضب في عينيها.
“هل هناك شيء آخر يجب أن أحرص عليه؟”
جعلت لهجتها البريئة الوضع أكثر سوءًا.
ومضت عينا غلينا بغضب، وتشنّج فكّها.
“يبدو أنّ جلالة الإمبراطورة تُحبّك كثيرًا. حتّى أعطتك العقد الماسيّ، والآن ترغب بتعيين معلّمة لكِ؟”
‘يا لها من موهبة، سيّدة أمبروز.’
تركت إليزيا السّخرية تمرّ. لم يكن يهمّها ما قالته غلينا.
لإزاحة فرانز، كانت بحاجة إلى الأمير الأوّل.
لكنّها لم تكن بحاجة إلى زوجة الأمير الأوّل.
ما دامت لا تُعيقني ، فهذا يكفي.
نظرت إليها نظرة باردة.
كانت مجرّد شابّة نبيلة مغرورة ، اعتادت الحصول على كلّ ما تُريده.
ربّما لم تختبر قطّ طعم اليأس.
أحسد حياةً كهذه، نعم—لكن لا أكثر.
لم تكن إليزيا تنوي أن تهتزّ تحت وطأة ألاعيب البلاط.
ولن تُقاتل كلّ معركة تختارها غلينا.
فهناك ما هو أهمّ ينتظرها.
أتمنّى فقط أن ترحل.
غلينا، غير مدركة لأفكار إليزيا ، نَقرت بلسانها عندما التقت أعينهما.
“جلالة الإمبراطورة عادلة. لن تُنحاز إلى أحد.”
“فهمتُ.”
أجابت أليزيا ببرود و أدارت وجهها.
فزمّت غلينا شفتيها و تمتمت بغضب: “تعلّمي من مُدرّسة الإتيكيت كيف تُخاطبين من هم أعلى منكِ. يبدو أنّ ذلك هو الأمر الأكثر إلحاحًا.”
ثمّ وقفت فجأة.
و بينما تمرّ بجانب إليزيا ، أضافت ببرود: “الآن فهمتُ نوع الفتاة الّتي أنتِ عليها. و سأحرص أن تعرفي نوع الإنسان الّذي أنا عليه.”
انتظري فحسب.
“عودي بسلامة ، يا سموّ الأميرة”
انحنت إليزيا لها بأدب ، و كأنّها لم تسمع التّهديد.
غلينا ، تغلي من الغيظ ، استدارت و غادرت بشدّة.
لم تستقم إليزيا في جلستها حتّى تأكّدت أنّ غضب غلينا قد غادر المكان معها تمامًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 20"