سبلاش!
غطس ميل في البحيرة.
شاهدته وهو يغوص بابتسامة.
توقعت أن يظهر على السطح قريبًا، مبتسما ويشكرني.
“لكن ماذا يفعل بحق السماء؟”
لكن في اللحظة التي لامس فيها جسده الماء، حرك ميل ذيله بسرعة واندفع إلى أعماق البحيرة.
حدث ذلك في غمضة عين.
اختفت تجعيدات شعره الزرقاء الداكنة المتطايرة دون أن تترك أثراً في البحيرة.
“… ميل؟”
تمتمت بذهول. رأيت الخدم من حولي يبدون مرتبكين.
سألت بهدوء وببطء.
“ميل؟ ماذا تفعل؟”
“آنستي! لا يجب أن تدخلي البحيرة!”
“أنا لا أفعل أي شيء غبي، فلا تقلقوا.”
تجاهلت قلق الخدم وانحنيت ببطء، وقربت وجهي من البحيرة.
بدأ المشهد تحت السطح المتماوج يظهر. كانت المياه صافية كالزجاج، لذا تمكنت من رؤية ميل دون صعوبة.
كان ميل يسبح بجنون. كان يندفع بسرعة من مكان إلى آخر.
كان ذلك بعيدًا كل البعد عن مظهر شخص يستكشف منزلًا جديدًا.
“……!”
عندما التقت عيناي بعيني ميل، بدا وكأنه على وشك الصراخ، ثم تحرك بشكل أكثر جنونًا.
لكن سباحته الجميلة عبر البحيرة الشاسعة لم تدم سوى لحظة. تصلب جسد ميل، ثم بدأ يتخبط.
“غوغ، غرغ… آآآآه”
صرخته الحادة، التي كانت مسموعة حتى خارج البحيرة، تسببت في ذعر الخدم وسؤالهم.
“ماذا… ماذا هناك يا آنسة؟”
“……”
“آنسة؟”
“ها ها……”
غطيت فمي بيد واحدة، أكاد لا أستطيع كبت ضحكي.
ترددت نظرة الخدم عندما لاحظوا أنني أضحك.
“يا للروعة. هل ظننت أن هذه البحيرة هي البحر؟”
نظرت بحنان إلى حوري البحر الذي يتخبط في الماء. حتى ألمه بدا محببًا.
انزلقت أفكاري غير السويّة في همسة.
“لو كان ماء هذه البحيرة مالحًا، ومتصلًا بالبحر، لما أطلقت سراحك هنا أبدًا.”
“آه، أيتها الآنسة الشابة… هل من المناسب حقًا تركه هكذا؟”
عند سماع صراخ ميل، توتر الخدم بجانبي، مرتبكين.
نظرت إليهم بعبوس وقلت.
“أبتعدوا عن حوري البحر الخاص بي.”
“غرغ! غرغ!”
في تلك اللحظة، كافح ميل، الذي كان يمسك بحلقه من الألم لفترة طويلة، ليصل إلى السطح.
كان جسده يرتجف بشدة وهو يرفع الجزء العلوي من جسده قليلاً فوق الماء.
“كح! كح! كح!”
حقيقة أنني كنت أتنفس نفس الهواء الذي يتتفسه، وأنني أستطيع أن أمد يدي وألمس بشرته، ملأتني بالسعادة.
“يا إلهي…”
نظرت إلى ميل ووضعت على الفور أكثر تعبير يثير الشفقة يمكنني إظهاره. لكن النظرة في عيني ميل وهو يحدق بي لم تكن عادية.
سألتُ ميل، واضعةً ابتسامة خفيفة كما لو أنني لا أعرف شيئًا.
“ميل؟ لماذا تنظر إلي هكذا؟”
كان ميل يحدق بي بعيون حمراء.
حتى في ألمه، كان وجهه مشوهًا بالغضب وهو يصرخ في وجهي.
“ماذا فعلتِ بي!”
“ما الذي تتحدث عنه؟”
“ماذا فعلتِ بالماء بحق السماء… كح! آه!!”
ميل، الذي كان يتنفس دون حاجة إلى الماء، كان يتلوى من الألم.
تحول وجهه الشاحب إلى اللون القرمزي من السعال المستمر. كان وسيمًا بما يكفي لإثارة الدوافع السادية.
أعجبني المنظر، ثم تظاهرت بالجهل وفتحت فمي ببطء.
“آه. أنت مندهش لأن الماء عذب؟”
“عذب… ماء؟ ما هذا؟”
“يعني ماء بدون ملح. على عكس البحر، هذا الماء ليس مالحًا.”
أخذت بعض ماء البحيرة بإصبعي وأدنته من فم حوري البحر.
“ماذا… تفعلين…؟”
“ابق ثابتا.”
“ممم!”
أدخلت إصبعي في فمه المفتوح قليلاً ولمست لسان ميل. كان ناعماً وبارداً.
قبل أن يستعيد ميل رشده ويغلق فمه، سحبت إصبعي برفق وفحصت أسنانه سريعاً.
كانت أنيقة وصغيرة، لطيفة مثل الحصى البيضاء.
“طعمه مختلف عن المياه المالحة، أليس كذلك؟”
ابتسمت بخفة ومسحت خد ميل بظهر يدي.
حتى في ذلك الوقت، نظر ميل إليّ بذهول.
كانت بشرة ميل باردة وناعمة. كان إحساسًا مختلفًا تمامًا عن الزجاج.
كم تشوقت لإحساس لمسه.
استغليت اللحظة، ومسحت بعناية أطراف تجعيدات ميل الزرقاء الداكنة.
“آه… آه، شهق…”
غير قادرة على دفع يدي، ترك ميل دموعه تنهمر بثبات.
هذا الحوري السخيف واللطيف لم يفكر حتى في إيذائي، بل حزن فقط.
“…لا تبكي. قد لا تلامس البحر، لكنه منزل جديد أكبر بكثير. ستعتاد عليه.”
“شهق…”
“إذا كنت لا تستطيع تحمل ذلك حقًا، فهل نعيدك إلى الحوض؟ سأملأه بمياه البحر التي اعتدت عليها.”
على الرغم من تعزيتي الصادقة، أطلق ميل عليّ نظرة مليئة بالاستياء.
لكن تلك النظرة وحدها لم تكن كافية لإثارة الخوف في الآخرين.
كنت آمل سراً أن يقول ميل إنه يريد العودة إلى الحوض. لكن ميل، الذي لم يستطع التحدث بسبب نحيبه، هز رأسه.
عندما رأيت ذلك، انسلت مني ابتسامة ساخرة.
“إذن أنت تفضل هذا المكان على البقاء بجانبي، حتى لو كان ذلك مؤلماً؟”
“……”
“كنت تبكي بشدة بسبب مدى ألم ذلك، لكن يبدو أن حتى هذا أفضل من العيش معي. ها ها.”
ابتسمت بسخرية. لكنني سرعان ما قررت أن أفكر بشكل إيجابي.
إذا كان يختار البقاء بجانب البحيرة، فيبدو أن العيش في المياه العذبة لم يكن أمراً لا يطاق بعد كل شيء.
قمت بكبت خيبة أملي، وأجبرت نفسي على توديعه بلطف.
“سأتي كل يوم. تحمل الأمر إذا شعرت بالملل.”
“… لا تأتي.”
“أراك غدًا.”
قررت أن أمنحه الوقت ليتأقلم مع منزله الجديد بمفرده، أنا شخص مراعٍ لمشاعر الآخرين، بعد كل شيء.
تركت ميل ورائي، واستدرت ورجعت إلى القصر مع الخدم.
“ششش… شش…”
وصلني صوت نحيب خافت يشبه صوت البحر من الخلف، لكنني لم ألتفت.
لم أدرك ذلك حينها، لكنه كان تجنبًا متعمدًا.
بمجرد أن أبدأ في مواساتك، من يدري إلى أي مدى سأتأثر.
* * *
“لقد وعدته. ماذا أفعل؟”
كنت قد قلت إنني سأذهب لمقابلته اليوم، لكن عندما فتحت عيني هذا الصباح، كانت حالتي بعيدة كل البعد عن الطبيعية.
لا بد أن حرارتي قد ارتفعت بشكل كبير، فقد أصابني صداع شديد، وكأن دماغي يرقص داخل رأسي.
“آه، هاا…”
يبدو أن السبب هو تعرضي للرياح الباردة لفترة طويلة أمس.
“آنستي! استعيدي وعيك!”
من خلال رؤيتي الضبابية، رأيت الخادمات يهرعن بشكل محموم.
وضعت احداهن بسرعة قطعة قماش مبللة على جبيني؛ وذهب أخرى لإحضار الطبيب.
منذ أن دخل ميل هذا المنزل، كنت منغمسة فيه لدرجة أنني نسيت للحظة.
كان جسدي ضعيفًا للغاية.
“سيرفين! ما هذا بحق السماء؟ لماذا تدهورت حالة ابنتي؟!”
هرع أبي إلى غرفتي وطالب الخدم بإجابات.
نظر الخدم إليّ. منعني الألم الشديد في رأسي من إسكاتهم.
“الحقيقة هي… أن الآنسة خرجت أمس لتطلق سراح حوري البحر في البحيرة.”
“ماذا؟”
تجمدت تعابير وجه أبي ببرودة. ارتجف الخدم من الخوف.
ركعوا على عجل، متوسلين المغفرة.
“نحن آسفون! نحن آسفون!”
“…الخدم ليسوا مذنبين.”
التفت أبي إليّ بحدة عند سماع كلماتي التي بالكاد نطقتها.
نظر الخدم إليّ بعيون تبدو وكأنها تقول إنهم قد نجوا.
“و…”
“حوري البحر ليس مخطئا أيضاً.” أردت أن أقول ذلك أيضاً، لكن وعيي انسلخ أولاً.
كان زفيري حاراً بشكل لا يطاق. شعرت بأن جسدي كله يحترق ويؤلمني، كما لو أنني وقعت في الجحيم نفسه.
ربما كان ذلك عقاب البحر لي.
* * *
عندما فتحت عيني مرة أخرى، كان قد مر يومان كاملان.
“آنسة… آنسة…”
شعرت الخادمات اللواتي رأينني أستيقظ بالارتياح، ومسحت بعضهن دموعهن.
يبدو أنهن عانين كثيرًا، لعلمهن أن حياتهن ستكون في خطر إذا مت.
“هل طردته من أجل لا شيء؟”
نظرت إلى حوض السباحة الفارغ في الغرفة.
عدم قدرتي على رؤية ميل لحظة فتح عيني جعلني أندم قليلاً على إطلاق سراحه في البحيرة.
بعد أن كنت فاقدة الوعي لمدة يومين، كانت رؤيتي ضبابية والأصوات تبدو بعيدة ومكتومة.
ومع ذلك، نهضت من السرير على الفور.
“آه.”
للحظة، انهارت ساقاي وكدت أسقط، لكنني ثبت نفسي بقوة إرادتي.
“…يجب أن أذهب.”
ميل سيكون في انتظاري. على الرغم من التأخر، كان عليّ أن أذهب الآن.
وبينما كنت على وشك الاستعداد للمغادرة، خاطبتني الخادمات بقلق.
“لا يمكن ذلك، سيدتي.”
“سأذهب إلى البحيرة وأعود. سأرتدي ملابس دافئة.”
“لا يجب أن تفعلي ذلك… حقًا، لا يمكن ذلك، سيدتي.”
حاولت الخادمات بإلحاح ثنيي عن ذلك مرارًا وتكرارًا. لكنهن حاولن إيقافي بالكلام فقط.
كان جسدي هشًا للغاية لدرجة أنه كان يتمايل عند أدنى لمسة، ومن المفارقات أن هذا الضعف الشديد كان يعني أن الخادمات لم يستطعن حتى لمسي.
عندما رأيتهم يتجولون عاجزين، غير قادرين على اتخاذ قرار، عرضت عليهم بديلاً.
“سأتحمل أنا مسؤولية قراري، حسنًا؟”
“… مكان آخر، مكان آخر. إذا كنت تشعرين بالضيق، ما رأيك بالذهاب إلى الحديقة؟”
ابتسمت إحدى الخادمات ابتسامة محرجة على وجهها القلق.
كان طلبًا غريبًا. الحديقة كانت مقبولة، لكن الغابة كانت ممنوعة.
أدركت أن سبب منعي من الخروج لم يكن يتعلق بصحتي فقط.
خطر ببالي فكرة في تلك اللحظة.
الحوري الوحيد في البحيرة هو ملكي.
“…ماذا فعلتهم بحوريّي بحق؟”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"