أُخِذ أستارد فاقد الوعي على نقالة. وفي تلك الأثناء تم إنقاذ شخص آخر لاحقًا.
كان ذلك الشخص هو فارس الحماية الخاص بأستارد. الفارس الذي ما زال لديه بعض الوعي خرج متكئًا على فارس آخر وهو يعرج.
وبعد مرور بعض الوقت، بعد غروب الشمس، تم العثور على سبعة مدنيين كانوا محاصرين جراء الانهيار الأول، ولكنهم كانوا جميعًا في حالة وفاة.
—
“آه، ظهري!”
استيقظت وأنا أشعر بتصلب في ظهري. وعندما رفعت جزئي العلوي من السرير مع صوت صرير، أدركت أن جسمي بالكامل كان يؤلمني.
ببطء، عادت إليَّ الذكريات قبل فقداني للوعي.
“كنت أعتقد أنني سأموت في ذلك القبو.”
لحسن الحظ، تم إنقاذي في وقت مبكر. كان ذلك معجزة.
نظرت حولي، وبدا لي أنني في غرفة العلاج. تخلّيت عن فكرة الضغط على نفسي، وعُدت لأستلقي بهدوء على السرير.
بعد وقت قصير من استيقاظي، جاء إليّ أحد الخدم. قال إن ولي العهد الذي استعاد وعيه، طلب مني أن أستريح جيدًا في الغرفة اليوم.
“بالنسبة لي، هذا أمر ممتاز!”
—
في صباح اليوم التالي، كانت حالتي الصحية أفضل بكثير من الأمس. القصر الإمبراطوري كان يعج بالحديث عن حادثة احتجازنا في القبو مع ولي العهد، وعندما التقيت راميد في الصباح، بدأ يسألني بقلق كبير عن صحتي.
كان لدينا وقت كافٍ حتى الساعة الثامنة صباحًا، فتوجهنا سويًا إلى مطعم الفرسان بعد أن هدأ.
بينما كنا نتناول الطعام، بدأ راميد فجأة الحديث معي.
“ألا تعارض المثلية؟”
رفعت رأسي متعجبة مما قال فجأة، ورأيته يتجنب نظراتي بشكل غريب ويخدش رأسه بحرج.
“أعني، بما أن ولي العهد مثلي الجنس، ألا تشعر بالانزعاج من المثليين… هذا ما أقصده.”
كنت في منتصف تناول الطعام وأخرجت دفتري، لكن توقفت عند سماع كلماته الأخيرة.
لم يكن لدي أي تقبل تجاه المثلية بحد ذاتها.
عندما كنت في كوريا، تعلمت أنها شيء معارض للمجتمع والفطرة ، أما الآن، فأنا مشغولة جداً بمحاولة البقاء على قيد الحياة، وليس لدي الوقت لمناقشة القيم.
لكن لماذا كان علي أن أكرر هذه الدائرة من الموت والحياة؟ أليس بسبب ذلك التوجه اللعين لولي العهد؟ بمجرد أن وصلت لهذا التفكير، تصلبت ملامح وجهي تلقائياً.
“آه…”
نطق الشخص الآخر بآهة قصيرة. لم أكن مهتمة بحالته بسبب الغضب الذي تصاعد فجأة داخلي، فوضع لاميد شوكته على الطاولة بحدة.
“لدي عمل طارئ، لذا سأغادر الآن. تناول طعامك ببطء.”
هاه؟ قبل أن أتمكن من قول أي شيء، نهض من مقعده بسرعة. ومرر يده في شعري بطريقة عشوائية قبل أن يختفي بسرعة، مثلما كان يفعل دائماً، لذلك لم أعر الأمر اهتماماً كبيراً.
—
سرت ببطء حتى وصلت إلى مكتب ولي العهد. طرقت الباب، وسمعت صوتاً عميقاً من الداخل.
“ادخل.”
عندما فتحت الباب ودخلت إلى المكتب، كان ولي العهد جالساً على كرسيه كالمعتاد.
أما الاختلاف الوحيد فهو الضمادة الملفوفة حول رأسه. نظر إلي بعينيه الحمراوين وأشار إلى الكرسي المقابل.
مهمتي المعتادة كانت الوقوف في زاوية الغرفة، لكنني جلست هذه المرة بسبب إصابة في ساقي.
وضع ولي العهد الأوراق التي كان يحملها جانباً، وسند ذقنه على يده بينما نظر إلي.
“هل تشعر بأن جسدك بخير؟”
__لقد تحسنت كثيراً بفضل يوم الراحة.
“هذا جيد. وماذا عن ساقك؟”
__قالوا إنها ستتحسن بعد بضعة أسابيع. هل أنتم بخير، سموكم؟
“أنا بخير تماماً. كانوا يحاولون إقناعي بالراحة لمدة أسبوع على الأقل، لكنني كنت متضايقاً من ذلك. عليّ أن أكون قوياً بالطبع.”
كان يبدو أنه يحاول إلقاء مزحة، لكنني اكتفيت بالإيماء برأس بلا تعبير. شعر ولي العهد بالإحراج وخدش خده بيده الأخرى، ثم غيّر الموضوع.
“علمت مجموعة ‘شما بيرت’ أن المشكلة وقعت أثناء قدومهم، لذا قرروا تحمل المسؤولية عن الأضرار التي حدثت في المشروع.”
هذا جيد.
فجأة رغبت في أن أسأله إذا كان هناك ناجون آخرون من النفق المنهار. ففي الأصل تم حصارنا بسبب محاولة الإنقاذ.
لكنه لم يبدِ أي نية للتحدث عن ذلك، وربما قد ماتوا جميعاً.
تذكرت السيدة التي كانت تبكي بحرقة وشعرت ببعض الثقل في قلبي.
“صحيح… آه، هناك أيضاً شيء مهم عليّ إخبارك به. هل تتذكر أنه كان من المقرر أن يُحدد ما إذا كنت ستصبح حارساً شخصياً رسمياً في المعركة التي ستقام في أوائل يونيو؟ لكننا قررنا أخذ هذا الحدث بعين الاعتبار. من الآن، أنت حارس شخصي رسمي لي.”
كانت تلك مفاجأة. انحنيت برأسي قليلاً لأشكره.
“بما أنك أصبحت فارساً رسمياً، سيتم منحك لقب بارون. عليك زيارة دائرة الضرائب لترتيب الأمور. ستحصل أيضاً على فرصة للتقدم لاختبارات الانضمام لأحد فرق الفرسان في القصر. إذا لم يكن لديك فريق محدد في بالك، ففكر في الانضمام إلى فريق الفرسان الخاص بي.”
__نعم، سموكم.
“…حسناً.”
لم يمر المزيد من الكلام بعد ذلك. عاد ولي العهد إلى مراجعة أوراقه، وأنا جلست أمامه أحدق للحظات.
هل انتهى الأمر؟ هل علي العودة إلى مكاني الأصلي الآن؟ فجأة تذكرت أن هناك سؤالاً أردت طرحه: لماذا بذل جهداً كبيراً لإنقاذي؟ ولكن، ولي العهد استبقني.
“إيريين.”
أومأت برأسي مرة واحدة.
“عندما انهار النفق، كنت بالقرب من المدخل. كان بإمكانك الهروب بسهولة وحدك.”
رفع عينيه الحمراوين من الأوراق ونظر إليّ مباشرة. بدا أن نظراته تتأرجح بعمق للحظة.
“لكن بدلًا من ذلك، دخلت للداخل لإنقاذي.”
“…”
“هل يمكنني أن أسأل عن السبب؟”
كان سؤالًا غريبًا. كنت أظن أنه سيعتقد أنني فعلت ذلك فقط لأنني حارسه الشخصي. فكرت في إعطائه الإجابة التقليدية، لكنني قررت قلب السؤال عليه.
“…لأنك لم تكن فقط سيافًا واعدًا، بل أيضًا منقذي وحارسي الشخصي.”
أدركت أن استراتيجيتي كانت الاختيار الصحيح من رده. أدركت حينها أن اتباع مسار الكاهنة كان خطأً كبيرًا. لكنه لم ينتظر طويلًا قبل أن يطالبني بإجابتي.
“إذن، ما هو جوابك لسؤالي؟”
فكرت مليًا.
يبدو أن هذا هو الوقت المناسب. الوقت المناسب لإغوائه.
بعد أن قررت أنه حان الوقت لإظهار اهتمامي به، كتبت له ردًا وأرَيتُه إياه.
__أعتذر. لقد كذبت. لم أتطوع لأكون حارسك الشخصي فقط من أجل حماية البلاد.
لم يكن هذا الجواب المناسب على سؤال ولي العهد عن سبب عدم هروبي وإنقاذه بدلًا من ذلك. بل اعترفت بجرأة أنني كذبت على جلالته، ومع ذلك، بدلًا من أن يعاتبني، سألني بفضول:
“إذن، ما هو السبب الآخر؟”
__هل تتذكر، سموك، اليوم الذي تعرضت فيه لهجوم من قبل القتلة؟
أومأ ولي العهد برأسه بهدوء.
___في ذلك اليوم، في الحقيقة، اعتقدت أنه لا يوجد شخص في هذا العالم أجمل منك. لذلك سعيت جاهدا لأصبح حارسك الشخصي.
لقد أخفيت الحقيقة وقلت بشكل غير مباشر إنني وقعت في حبه من النظرة الأولى وأصبحت حارسه الشخصي لحمايته. وكان ذلك جواباً على سؤاله عن سبب مخاطرتي بحياتي لإنقاذه.
كانت كذبة صريحة دون ذرة من الصدق، ومع ذلك بقي وجهي بلا تعبير، وكأنني لم أقل شيئًا.
هل سيرفضني ويحتقرني كما كان يفعل دائمًا؟ أم سيصدر رد فعل مختلف هذه المرة؟
راقبت رد فعله بعناية، متجاهلة ضربات قلبي المتسارعة.
لكنه أجاب بكل هدوء، ” حقًا؟” ثم عاد إلى التركيز على الأوراق، وكأن شيئًا لم يحدث.
ماذا؟ هل هذا كل شيء؟ شعرت وكأنني في لحظة فقدت صوابي كتحطم زجاج النافذة.
ولي العهد، غير مدرك لمشاعري المضطربة، عاد بهدوء إلى عمله وكأن الأمر لم يكن مهمًا.
ساد الصمت في المكتب. كانت زوايا فمي تحاول الارتفاع بشكل لا إرادي، لكنني تظاهرت بعدم الاكتراث.
بعد حوالي دقيقة، نهض فجأة من مقعده.
“لدي مكان لأذهب إليه لبعض الوقت، ابق هنا وانتظر.”
ثم خرج من المكتب كالعاصفة، وأغلق الباب خلفه.
بقيت وحيدة في الغرفة، محبطة ومتشائمة، وقد ارتسمت على وجهي ملامح الاستياء.
تبا، لقد كان واضحًا أن محاولتي هذه المرة فشلت لأي سبب كان.
لكن على الأقل، لم أتعرض للإهانة هذه المرة، ووجدت في ذلك عزاءً. ثم أدركت مدى سخافة موقفي، فقذفت القلم الذي كنت أحمله على الأرضية الرخامية.
—
خرج أستارد بال من مكتبه، تاركًا خلفه حارسه الشخصي، وسار بسرعة بعيدًا عن المكان.
خطواته الكبيرة تدوي على السجاد الأحمر الفخم في الممر. ورغم أنه كان يضغط على أسنانه بإحكام، إلا أن ملامح وجهه بقيت باردة للغاية.
دون هدف محدد، عبر أستارد القصر الملكي حتى وجد غرفة فارغة ودخل إليها.
أغلق الباب بقوة خلفه. كانت الغرفة، التي لم يكن لها مالك، نظيفة تمامًا، حيث لم يترك الخدم فيها أي ذرة غبار.
جلس أستارد على الأرض مستندًا إلى الباب، ثم رفع يديه ليمسح وجهه الجاف عدة مرات.
عندما أنزل يديه مجددًا، كان وجهه قد احمر قليلاً، بخلاف ما كان عليه قبل لحظات.
‘ماذا؟’
ماذا يعني هذا؟ غمر أستارد وجهه بين ركبتيه، غارقًا في أفكاره.
تذكر المشهد الذي مر به للتو. الفارس الصغير الجالس أمامه، بعينين زرقاوين كالبحر ينظر إليه بثبات، وعرض له بهدوء الورقة التي كتب عليها بخط جميل:
“اعتقدت أنه لا يوجد شخص في هذا العالم أجمل منك، يا سموك.”
كانت تلك الكلمات… كانت حقًا…
لم تكن سوى اعتراف بالحب بشكل غير مباشر.
في اللحظة التي سمع فيها تلك الكلمات، شعر بالارتباك الشديد لدرجة أنه اضطر للتظاهر بالانشغال بالأوراق حتى لا يظهر أي رد فعل غير لائق. لكنه في النهاية لم يستطع التحمل وخرج مسرعًا من الغرفة.
رفع رأسه مستندًا على الباب ونظر إلى السقف. رأى الثريا المطفأة والجدران المغطاة بالورق الرمادي الداكن. عيناه الحمراوان كانتا مملوءتين بالتساؤلات بينما همس بصوت منخفض:
“…ظننت أنه يكرهني.”
قبل أن يعلن كذبة أنه مثلي الجنس، كان مستعدًا لمواجهة نظرات الانتقاد من البعض. في مجتمع النبلاء، كان الموقف تجاه المثلية قاسيًا جدًا.
وهذا كان أحد الأسباب التي جعلته يدعي كذبًا أنه يفضل نفس الجنس.
على أي حال، كان يعتقد أن إيريين أيضًا يكرهه، وشعر أستارد بالصدمة في البداية، لكنه تقبل ذلك بعد بضعة أيام. ولكن الآن، وبعد هذا الاعتراف الضمني، كان من الصعب عليه فهم ما يفكر فيه إيريين.
“إذا لم يكن يكرهني…”
بدأ يهمس دون وعي، وقد وصل فجأة إلى فكرة جديدة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "019"