حسنًا، إن لم يكن لديكَ نيّة للحديث معي، لمَ لم تختفِ من أمامي؟
من إحراج كون كلامي قد أُسيء فهمه، أنزلتُ عينيّ و أدرتهما، ثمّ رفعتُهما قليلاً.
تحتَ ضوء القمر، كان لا يزال واضحًا بشكلٍ حادّ. لكن يبدو أنّه لم يتجاهل كلامي تمامًا، إذ ظهرَ تغيّر طفيف في تعبيره.
إن كان في البداية ينظر إليّ بشك، فالآن بدا كأنّه يتساءل ‘ما الذي تتحدّث عنه؟’…
ربّما كان عليّ ألّا أحلّل كلامي كثيرًا قبل قوله.
بينما كنتُ أنزل عينيّ مجدّدًا، لمحتُ فجأةً السيف المعلّق على خصره. لم يكن رائعًا أو ضخمًا مثل سيف إلفينيراز الطّويل، لكن كنتُ أفكّر دائمًا أنّه يناسبه.
كان غمده يلمع بـ”سواد”، لا بشفافيّة أو بياض.
…آه.
أدركتُ للتوّ أنّني ارتكبتُ خطأً فادحًا.
لقد قلتُ للتوّ، أمام شخصٍ ربّما قضى اليوم على جنود فيوس، إنّ رؤية النّاس يتأذّون تجعلني مضطربة.
يا لها من ملاحظة طائشة.
لا أصدّق ذلك.
خشيتُ أن يغضب و يقطع رقبتي بسببِ هذا الخطأ الجسيم. ارتجفت أصابعي قليلاً، و أخفضتُ رأسي تمامًا.
“آسفة، آسفة.”
“…لماذا تعتذرينَ فجأة؟”
لحسنِ الحظّ، لم يكن هناك أيّ انزعاج في صوت الدّوق. أسرعتُ بصبّ الكلمات:
“نحن في حرب، و يبدو أنّني قلتُ شيئًا ضعيفًا جدًّا. أنا آسفة.”
“…أنتِ ضعيفة فعلاً، لكن لا داعي للاعتذار على ذلك.”
…ردّه كان غامضًا، لا أعرف إن كان يطمئنني أم لا.
الجزء الأخير بدا مطمئنًا، فرفعتُ رأسي، لكن عندما فكّرتُ في الجزء الأوّل، أصبتُ بالحيرة وأمَلتُ رأسي قليلاً.
لكن نظرات الدّوق المباشرة جعلتني أكشف عن أفكاري بصراحة.
أخبرته أنّه كان من طيشًا منّي أن أقول أنّ رؤية النّاس يتأذّون تجعلني مضطربة أمامَ شخصٍ يحمل سيفًا لحماية من خلفه.
في داخلي، أرسلتُ شكرًا خفيفًا لغادييل الذي قدّم لي كلامًا جيّدًا.
“….”
لكن لم يأتِ ردّ من الدّوق مجدّدًا.
كانت بشرته البيضاء تحت ضوء القمر تبدو أكثر شحوبًا، و عيناه العميقتان أغمق بسببِ الظّلال.
إن كان إلفينيراز ذو شعرٍ قصير مرفوع يعطي انطباعًا منعشًا، فإنّ شعر الدّوق كان هادئًا و منسدلًا، ومع شعره الأسود، كان ينضح بهالةٍ مظلمة.
كانت عيناه البنفسجيّتان تنظران إليّ بشكلٍ غريب. تردّدتُ بين تجنّب نظراته أو مواجهتها، فنظرتُ إليه بحذر.
لو لم يكن الدّوق يبدو كالزّومبي بهذا الإرهاق، لكان وسيمًا حقًا…
“…أعتقد أنّ الشّعور بالاضطراب من رؤية المصابين أفضل من التّعوّد عليه.”
بينما كنتُ أتأمّل وجهه خلسة، تحدّثَ أخيرًا. كان صوته المنخفض يتردّد بوضوح في نسمة اللّيل.
“صحيح أنّني أقضي على الأعداء، لكن لا داعي للاعتذار أو الانتباه لمشاعركِ من رؤية المصابين و أنتِ في حربكِ الأولى.”
…كان كلامًا متسامحًا بشكلٍ مفاجئ.
عندما أفكّر في الأمر، أجد أنّه محقّ، لكنّني كنتُ شديدة الحذر.
يبدو أنّ خوفي المعتاد منه، و حتّى في هذه اللحظة، امتـدّ إلى هنا. لكنّه في النّهاية قال إنّني لا أحتاج إلى الاعتذار.
شعرتُ بالإحراج قليلاً و أنزلتُ عينيّ. شعرتُ بالذّنب لأنّني جعلته في ذهني شخصًا قاسيًا و بلا رحمة.
نظرتُ إلى الأرض، ثمّ أومأتُ برأسي متأخرة لأظهرَ له أنّني فهمتُ.
كنتُ محرجة قليلاً، لكن شعور الامتنان له لاهتمامه بي كان أقوى.
قوله إنّ الشّعور بالاضطراب أفضل من التّعوّد كان مطمئنًا…
تأمّلتُ كلامه، ثمّ ابتسمتُ قليلاً.
حانَ وقت العودة. لقد حقّقتُ غرضي من استنشاق هواء اللّيل.
انحنيتُ برأسي.
“شكرًا لاستماعكَ إليّ. سأعود الآن، سيّدي… أقصد، الدّوق، لا، الفارس…”
اللّعنة. كان ختام الحديث جيّدًا، لكن عادتي في مناداته بـ”السّيّد” أفسدت اللحظة.
نظرتُ إلى ما وراء كتفه بعينين زائغتين وابتسمتُ بتكلّف.
ربّما لم يسمعه بوضوح.
لكن ملاحظته جاءت من زاوية أخرى.
“دوق؟”
“…نعم؟”
“لم أرث اللّقب بعد، و مع ذلكَ ناديتني بـ’الدّوق’؟”
كان صوته باردًا جدًا. لم أستطع قول شيء، فقط رمشّتُ بعينيّ و نظرتُ إليه مذهولة.
سمعتُ أنّه عادةً ما يتمّ تأكيد الوريث قبل بلوغ سنّ الرّشد، ثمّ بعد بضع سنوات ينتقل اللّقب إلى الجيل التّالي.
لكن حتّى مع ذلك، كان انتقال لقب قابيل ويلارد متأخرًا.
كان من المفترض أن يحدثَ ذلكَ قبل ثلاث سنوات، لكن بسببِ اكتشاف جثّة أخيه الأكبر، كيرفيان، الابن الأوّل للعائلة، تأخّـرَ الأمر….
لكن قبل شهر، أُعلن من الإمبراطوريّة أنّ انتقال اللّقب سيتمّ.
شعرتُ بالارتباك.
وجهه البارد كالجليد أخافني مجدّدًا.
“إذا ناديتِني هكذا، قد يُساء فهم الأمر وكأنّني أحاول التّخلّص من والدي لأخذ اللّقب.”
…ماذا؟ هل هذه دعابة؟ شعرتُ بالخوف حقًا، لكن سبب كلامه جعلني مذهولة.
يا للـوقاحة.
تساءلتُ كم مرّة واجه هذا النّوع من النّقد ليكون حساسًا لهذا الحدّ، لكنّني شعرتُ بالانزعاج من تحفّظه بسببِ خطأي.
حاولتُ مناداته بـ”الدّوق” لكنّني انتبهتُ إلى أنّه لم يرث اللّقب بعد، فناديته بـ”الفارس”!
لكن رغمَ دهشتي، وبما أنّني لا أزال في موقف أدنى، أجبتُ بأدب:
“إذًا… كيف يمكنني مناداتكَ؟”
“لمَ تنادينني أصلاً؟”
آه، فهمتُ. لا داعي لمناداته. لا يوجد سبب لمناداته… يا له من عبقري…
“نعم، صحيح…!”
أبديتُ إعجابًا خالصًا، لكن تعبيره أصبحَ غريبًا.
تجاهلتُ ذلك و انحنيتُ مجدّدًا و قلتُ إنّني سأعود. لم يأتِ أيّ ردٍّ منه.
كان إعجابي صادقًا، لكن عند التّفكير في كلامه، شعرتُ بالانزعاج قليلاً.
حتّى في أفكاري، كنتُ أناديه بـ”الدّوق” بأدب، لكنّه يقول إنّ مناداته كذلك قد تسبّب سوء فهم.
ربّما سيصبح دوقًـا بعد هذه الحملة، فما المشكلة؟
لذا، قرّرتُ مناداته بـ”قابيل” في ذهني.
إذا كنتُ أنادي قائد فرسان أبفنيل باسمه، فلمَ لا أناديه كذلك هو أيضًا؟
شعرتُ بالتمرّد في داخلي .
كان الفجر مضيئًا بشكلٍ غير عاديّ بسببِ القمر.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 8"