على الرّغم من أنّ قوّتي المقدّسة كانت عالية بشكلٍ غير متوقّع، إلّا أنّني، لحسنِ الحظّ، لم أصل إلى مستوى شهرة أبفنيل، لذا لم يتمّ استدعائي إلى أماكنَ كثيرة جدًا.
لذلك، كنتُ راضية نوعًا ما عن حياتي الحاليّة، لكن أن يُطلب منّي الذّهاب إلى الحرب؟
حتّى الآن، كنتُ أستخدم قوّتي لعلاج النّبلاء الممدّدين على الأسرّة أو الأشخاص الذين أصيبوا بجروحٍ طفيفة فقط، لكن الحرب حيث يموت النّاس فعليًا تبدو مرعبة جدًا.
“أيّها الكاهن، أنا خائفة من الحرب. لا أريد الذّهاب إلى مكانٍ قد أرى فيه شخصًا يموت أمام عينيّ. قلتَ إنّكَ ستحترم رأيي، لذا من فضلك لا تجبرني. أفضّل أن أقوم بمهامٍّ أخرى خلال تلك الفترة.”
ومضت الرّؤية ببياض ساطع. كنتُ أسمع صوت الرّعد من حين لآخر، لكن هذه المرّة كان البرق الأول الذي جعلَ رؤيتي بأكملها بيضاء، فشعرتُ بالارتباك للحظة.
ثمّ سمعتُ صوت الكاهن:
“ثلاثمئة قطعة ذهبيّة.”
دوّى الرّعد بقوّة كما لو كان يمزّق الأرض. كان رعدًا هائلاً جعل جسدي كلّه يرتجف. كأنّه يعلن عن ولادة بطل، استمرّت أذناي في الطّنين لفترة.
لكنّني سمعتُ بوضوح ما قاله الكاهن الأعلى:
“إذا نجحت هذه الحملة، سيُمنح كلّ معالج ثلاثمئة ذهبيّة تقديرًا لجهوده.”
يحاولون شراء النّاس بالمال!
لكن كان ذلكَ مبلغًا كبيرًا جدًا.
أنهيتُ حساباتي بسرعة و ابتسمتُ بإشراق. كانت تلك الابتسامة التي كثيرًا ما أثنت عليها ليلي قائلة إنّها مثاليّة للتّعامل مع الآخرين.
“أيها الكاهن، لقد تمّ تعليك المعالج، منذُ البداية، أنّ دوره منع إصابة الحلفاء من خلالِ التعامل مع الأعداء أوّلاً.”
“لا أتذكّر أنّني علّمتُكِ شيئًا كهذا…”
“سأذهب.”
ربّما لن أحصلَ على كامل الثلاثمئة ذهبيّة. من المحتمل أن أضطرّ لدفع جزء للمعبد، لكن حتّى مع ذلك، و بناءً على التّسويات السّابقة، كان المبلغ الذي سيصلني هائلاً.
تظاهرتُ بعدم رؤية تغيّر تعبير الكاهن الأعلى إلى البرودة وابتسمتُ مجدّدًا ببراءة.
أيها الكاهن، الحقيقة الثّابتة التي لا تتغيّر في الأنظمة الطبقيّة أو الدّيمقراطيّة هي أنّ الذّهب يحكم كلّ شيء.
“ألم تكوني منذُ قليل خائفةً من الذّهاب إلى الحرب؟”
“الرّعد الذي ضرب للتوّ أعطاني هدفًا. لقد أخبرني أن أعيش حياة لإنقاذ النّاس.”
“…….”
تفاقم تعبير الكاهن الأعلى سوءًا، لكن بما أنّه فشل دائمًا في إقناعي في الماضي، لم يفتح فمه مجدّدًا.
قلتُ إنّني أريد حياة هادئة دونَ تغييرات كبيرة، لكن السّلام يأتي من المال. لكي يكون الإنسان كريمًا، يجب أن يكون ثريًا. لو كنتُ أملك الكثير من المال، كنتُ سأصبح قدّيسة هذا المعبد بثقة.
وعلاوةً على ذلك، لو كنتُ أملكّ الكثير من المال، لما عانيتُ من الواجبات أو الامتحانات. كنتُ سأذهب إلى المدرسة بلا مبالاة و أسافر براحة.
كنتُ سأجلس كلّ يوم في مقهى عند النّافذة، أقرأ كتابًا بهدوء، بينما يتساءل النّاس “مَنٔ تكون هذه؟”، وربّما كنتُ سأصبح مالكة مبنى.
كنتُ أريد تحقيق أحلام حياتي السّابقة التي لم أحقّقها هنا.
ابتسمتُ بسهولة.
* * *
خرجتُ من المكتب و توجّهتُ بخطواتٍ خفيفة إلى السّكن. بعد انتهاء حديثي مع الكاهن، جفّت ملابسي المبلّلة تمامًا، لكن بما أنّ الزّبون سيأتي، كان عليّ ارتداء زيّ الكاهنة بشكلٍ لائق. كان ذلكَ مزعجًا، لكن بما أنّه مصدر تمويل ضخم، و بما أنّه الشّخص الذي سأشارك معه في الحرب بعد عشرة أيّام، قرّرتُ زيادة الودّ الدّاخلي معه قليلاً.
إذا واجهتُ موقفًا خطيرًا، ألن ينقذني كشخصٍ يعرفني ولو قليلاً؟ حسنًا، بالطّبع، يجب ألّا يقتلني الدّوق لأنّني أزعجه أوّلاً.
كانت فكرةً واعدة، فشردت للحظة.
عندما فتحتُ الباب و دخلتُ، كانت ليلي، زميلتي في الغرفة، مستلقية على السّرير تقرأ كتابًا بهدوء. كان المطر يهطل، ولم يكن هناك جدول أعمال للعصر، لذا كان الجميع يأخذون قسطًا من الرّاحة.
“ليلی، ألم تكوني ذاهبة إلى الحرب كمعالجة؟”
سألتُ ليلي وأنا أغيّر ملابسي ببطء. في الحقيقة، قوّة ليلي المقدّسة قويّة نسبيًا، لذا كانت هي الأولويّة الثّانية للاستدعاء من معبدنا.
بالطّبع، قوّتي المقدّسة كانت استثنائيّة بشكلٍ غريب، متجاوزة الكهنة العاديين في أبفنيل، لكن قوّة ليلي، رغمَ أنّها لا تُضاهي أبفنيل، كانت مماثلة لقوّة الكاهن الأعلى في معبدنا.
“نعم.”
“ألستِ خائفة؟”
“ليس كثيرًا. مع قائد فرسان أبفنيل و قائد فرسان الإمبراطوريّة، يمكن للمعالجين البقاء بأمان في المخيّم الخلفي دونَ قلقٍ كبير. علاوةً على ذلك، المعالجون ثمينون حتّى بالنّسبةِ للأعداء، لذا لن يُقتلوا.”
كما هو متوقّع، كانت ليلي هادئةً دائمًا. أومأتُ برأسي وأنا أغلق أزرار زيّ الكاهنة.
في الحقيقة، ليس كلّ الكهنة قادرين على استخدام قوّة الشّفاء.
أن تصبح كاهنًا أمر بسيط يتطلّب التّسجيل في المعبد و اجتياز اختبار بسيط. من بينهم، من يملكون قوّة مقدّسة يصبحون كهنة متخصصين، وإذا تجلّت قدرة الشّفاء من تلكَ القوّة، يُطلق عليهم “معالجون” ويُعاملون كأشخاصٍ ثمينين.
بالطّبع، ليسَ الكهنة فقط، بل هناك أيضًا سحرة يستخدمون سحر الشّفاء و يُطلق عليهم “معالجون”، لكن نسبة الكهنة أعلى بكثير.
لذلك، في الإمبراطوريّة، هناك حتّى وحدة متخصصة من المعالجين تُسمّى “غلوريا”. إذا نجحتِ في الانضمام إلى غلوريا، يمكنكِ مغادرة المعبد و ستصبحين معالجة تابعة للإمبراطوريّة.
وكانت ليلي تسعى إلى الحصول على وظيفةِ معالجة في الإمبراطوريّة.
“علاوةً على ذلك، المشاركة في الحرب ستكون تجربة جيّدة عند التّقدّم إلى غلوريا.”
“لا أصدّق، حتّى هذا العالم مجتمع يعتمد على المواصفات العالية.”
منذُ أن بدأنا جمع الغسيل، كانت تنظر إليّ بنظرات كأنّها تقول”ما الذي تفعلينه؟”، لكنّني شعرتُ بالأسف حقًا و نظرتُ إلى ليلي بحسرة.
من وجهة نظرها، ربّما كان هذا بمثابة نشاط خارجي أو تدريب إمبراطوري…
ربّما ستكتب لاحقًا في خانة “تجارب التغلّب على صعوبات الحياة” أنّها ذهبت إلى الحرب.
“بالمناسبة، أنتِ ذاهبة إلى الحرب أيضًا، أليس كذلك؟”
“نعم، سوف يقدّمون ثلاثمئة ذهبيّة، كيف أرفض؟”
“……إذن، بالنّسبة لكِ، الأمر يتعلّق بالمال.”
كانت ليلي تذهب من أجل تحسين سيرتها الذّاتيّة، وأنا أذهب من أجل المال. بدا الأمر محزنًا قليلاً لكلينا، لكنه ليس سيئًا تمامًا، فهززتُ كتفيّ بلامبالاة.
ليلي دائمًا تحثّني على الانضمام إلى غلوريا معها، لكن في الحقيقة، العمل هناك يعني حياة أكثر انشغالاً و السّفر عبر الإمبراطوريّة بأكملها، وهو أمر لم يجذبني.
بالطّبع، كان المال الكثير مغريًا، لكن ما أريده ليس المال الذي أجنيه من العمل الشّاق، بل مجرّد الكثير من المال.
“هل ستستخدمين هذه القدرات لتكوني عاطلة أو شيء من هذا القبيل؟”
“ليلي، أن تكوني عاطلة ثريّة هو حلم الجميع.”
أليسَ هذا ما يفكّر فيه الجميع لمرّةٍ على الأقل؟
مثل فكرة : إذا عُرض عليك العيش في غرفة صغيرة لمدّة شهر دونَ الخروج، مع توفير طعام وأحدث الأجهزة الإلكترونيّة ودونَ انقطاع الكهرباء، مقابل مليار، هل ستفعل ذلك؟
بدون تردّدَ، نسبة 100.1% سيوافقون على العرض.
أو مثل مشكلة : الضّغط على زر A سيعطيك احتمال 50% لربح 10 مليارات، والضّغط على زر B سيعطيك 100% احتمال لربح مليار. فأيّهما ستختار؟
فكّرتُ في الأمر كثيرًا، لكن عندما أفكّر الآن، لن يصلني هذا المال على أيّ حال لذا لا يهمّ…
شعرتُ بحنين غريب للحظة، لكن ليلي قطعت هذه الأفكار بهدوء.
“هل وقّعتِ على استمارة التّقديم بشكلٍ صحيح؟ لم تكتبي شيئًا غريبًا، أليس كذلك؟”
“الكاهن ديموتيو كان يراقب. حتّى رغمَ كونِ تلكَ الأخطاء حدثت منذُ سنوات، ما زلتِ تسخرين منّي؟”
“كيف أنسى عندما كتبتِ اسمكِ بشكلٍ خاطئ في حدثٍ بالعاصمة و شاركتِ بعد تأخير طويل؟”
يا إلهي، عليكِ أن تنسي ذلك!
حدّقتُ في ليلي بنظرةٍ غاضبة، فضحكت مازحة.
إنّها تضحك و تمزح الآن، أليس كذلك؟
في المعبد، يُنادونني عادةً بـ”ريني”، لكن اسمي الحقيقي هو “رينيشا”. هناك قصّة حزينة وراءَ هذا. عندما وصلتُ إلى هنا يتيمة، سألني الكاهن عن اسمي.
لم أعرف اسم الجسد الأصليّ، ولم أستطع قول اسمي الحقيقي، فظللتُ أرمشُ بعينيّ فقط. نظرَ إليّ الكاهن بعيونٍ مليئة بالشّفقة و سأل إن كان بإمكانه تسميتي.
لكنّني هززتُ رأسي و قرّرتُ أن أختارَ اسمي بنفسي، قائلة إنّني أريد أن أصبحَ شخصًا جديدًا في المعبد، وهي كلمات أثّرت في الكاهن.
السّبب الحقيقي كان بسيطًا. بما أنّني وصلتُ إلى عالم خيالي، أردتُ اختيار اسمٍ رائعٍ بنفسي، مثل اسم في لعبـة.
فكّرتُ لثلاثة أيّام بينما أنظر في المرآة إلى شعري البنيّ الرماديّ و عينيّ الخضراوين، متسائلةً ما الذي يناسب هذا الوجه.
في النّهاية، اخترتُ “رينيشا”، وهو اسم بدا راقيًا بالنّسبةِ لي. الآن، بما أنّني كاهنة، فاسمي الكامل هو رينيشا إلـنور.
رينيشا، اسم جيّد. قال الكاهن إنّه راقٍ أيضًا. لكن المشكلة… أنّني لم أكن أعرف الكتابة هنا، و عندما بدأتُ التّعلّم، أدركتُ أنّ كتابة “رينيشا” صعبة للغاية.
بالطّبع، هناك أسماء أصعب بكثير—مثل اسم الإمبراطوريّة نفسه—لكن بالنّسبةِ لطفلة صغيرة، كان اسم”رينيشا” تحديًا كبيرًا.
كانت ليلي تسخر منّي كلّما أخطأتُ في كتابة اسمي، لكنّني شعرتُ بالحزن قليلاً. كان يجب أن أختار اسمًا أسهل، مثل ليلي، أو ربّما نيني. لو كنتُ نيني، لكان بإمكاني عمل إعلان عابر للأبعاد.
شعرتُ بأسفٍ متأخّر و ارتديتُ الثّوب الأخير وأنا أتمتم. كان الثّوب فضفاضًا، فلم أستطع إدخال ذراعي بسهولة و تأرجحتُ، فضحكت ليلي.
اختلط صوت المطر مع صوت خافتٍ لعربةٍ تقترب.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 2"