⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
أخذت وو-كيونغ حمامًا بطيئًا، ثم وضعت مرطّب الجسم بتمعّن، كأنها تؤجل انتهاء الطقس. بعد ذلك وضعت قناعًا شفافًا على وجهها الخالي من أي زينة، وجلست على السرير. انساب صوت مغنية عبر سماعة البلوتوث، غناء هادئ أشبه بإلقاء قصيدة.
مدّت يدها نحو الهاتف الموضوع إلى جانبها، تفقدت التاريخ والوقت، ثم أعادته إلى مكانه.
إذن… اليوم جمعة.
مرّ الأسبوع كلمح البصر، كأنه مقطع فيديو تتغير سرعته بين البطء والتسارع. بالكاد تصدّق أن الليلة هي ليلة الجمعة.
منذ صباح الاثنين، حين خفق قلبها بقوة لرؤية صورة “تاي جونسيوب” في الصحيفة، وحتى فترة الظهيرة التي قضتها غارقة في القلق والتوتر، بدا اليوم طويلًا بشكل لا يُحتمل، كأنه يُعرض ببطء شديد.
في مساء الأربعاء، وصلتها رسالة منه:
[آسف، استغرق موعدي وقتًا أطول اليوم].
في اليوم التالي، عندما دخلت وو-كيونغ المكتب، بدا “جونسيوب” يقتصد في كلماته حتى في التعليمات السريعة والمراجعات المختصرة. توترت هي الأخرى، وحاولت أن تجيب بسرعة وتتذكر كل ما يقوله من دون أن تسأله شيئًا. وعندما همّ بالمغادرة على عجل، نقر بأصابعه على المكتب. التفتت إليه، فبادرها بالسؤال:
– “لا جيوب؟”
– “ماذا؟”
كانت ترتدي بنطالًا بلا جيوب وسترة صوفية محبوكة. أشار لها أن تقترب، وأخرج شيئًا من جيب بدلته. مدّ يده، فإذا بها تضحك فورًا وهي ترى ما وضعه في كفها.
– “قدموها كحلوى. وعندما طلبت شراء القليل منها، قالوا إنها لا تُباع بل توزّع مجانًا… لكنهم لم يكونوا يملكون علبة تعبئة.”
كانت خمس قطع شوكولاتة مسطّحة ومستديرة، مختلفة قليلًا في الشكل واللون، مرشوشة بغبار ذهبي، موضوعة في كيس بلاستيكي بسيط.
اتسعت عيناها بدهشة، فضحك أكثر كما لو استمتع بتعبيرها. شعرت هي بدافع لمد يدها نحوه، لكنها تماسكت. بدت ابتسامته الهادئة كافية لإرباكها.
قال معتذرًا وهو يغطي يدها التي أمسكت بالشوكولاتة:
– “أنا آسف عما حدث أمس.”
أغمضت وو-كيونغ عينيها قليلًا دون وعي. مجرد إمساكه بيدها كان له ثقل يشبه احتضان جسدها كله. ثم همس:
– “حين تظهرين بهذا الشكل… يجعلني أرغب في تقبيلك.”
سحبت يدها بسرعة، وأخفضت رأسها تخفي احمرار وجهها.
كان مكبّر الصوت يشغّل الآن أغنية لمغنية بصوت منخفض وأجش. جلست أمام منضدة الزينة، نزعت حقيبتها ورتبت شعرها. وبعد لحظة تردّد، فتحت درج الإكسسوارات. هناك، كانت الشوكولاتة التي أبقتها في غلافها بعد أن أكلت واحدة فقط. أخرجتها ووضعتها في كفها المفتوح، وراحت تنقر بخفة على الغلاف البلاستيكي قطعة بعد قطعة.
ثم نهضت فجأة، التقطت هاتفها الملقى على السرير. إشعار جديد، لكنه لم يكن سوى رسالة دعائية لا معنى لها. تفقدت صندوق الرسائل، وتطبيق المحادثات… لا شيء من جونسيوب. لا مكالمات فائتة، ولا إشعار بموعد. كان الأمر متوقعًا، ومع ذلك شعرت بقلبها يتشقق ببطء، كالبسكويت الذي تتكسر أطرافه.
10:05.
حدقت طويلًا في الأرقام على شاشة الهاتف، تحاول أن تُسكت تيه أفكارها.
بعد اليوم الذي ذهبتُ فيه إلى مكتب “تاي-سيوب”، تغيّر موقف “جون-سيوب” بمهارة. حين وصلتني رسالته مساء الأربعاء لإلغاء موعدنا، شعرت بالارتباك وخيبة الأمل في آن واحد؛ كمن يفتح بطاقة تقرير مليئة بالأرقام الفوضوية على غير توقّع. والأدهى أنني خجلت من نفسي لأني شعرت بخيبة الأمل أصلاً.
ظننتُ أن “جون-سيوب” بدأ يبتعد عني، لكن الجو حين سلّمني الشوكولاتة كان حميميًا أكثر مما توقعت.
اعتقدتُ أنه سيتصل بي قبل عطلة نهاية الأسبوع. ربما كنت فقط أصدّق ما أردت تصديقه، لكنني قضيت اليوم كله حتى هذه اللحظة وأنا أنتظر. وضعتُ هاتفي مقلوبًا على الخزانة، وفتحتُ كيس الشوكولاتة الذي أعطاني إياه. أخرجتُ قطعة مستديرة ودفعتها بين شفتي. أغلقت فمي ببطء، وتركتها تذوب على لساني. امتلأ فمي بالحلاوة، لكن عينيّ لسعتاهما دموع حارقة.
كم هو مثير للشفقة أن ينهكك صبرك بعد يوم واحد فقط من الانتظار.
تذكرتُ مرارًا وتكرارًا حديث “تاي-سيوب”، وصدى كلماته في أذني بينما كان “جون-سيوب” يصغي إليه. لعلّ تحذيره من “السقوط في الوحل” كان يحمل معنى أعمق لم أفهمه. ربما رأى “جون-سيوب” ذلك أيضًا. هو عقلاني بما يكفي، وربما بدأ بالفعل يضع الأمور في نصابها الطبيعي.
دفعتُ ما تبقى من الشوكولاتة إلى عمق الدرج. كانت القطعة في فمي قد ذابت كليًا، لم تترك أثرًا إلا طعمًا لزجًا سرعان ما يتلاشى. مثلما قد تتلاشى هذه العلاقة أيضًا.
“وو-كيونغ!”
بلعت ريقي سريعًا وأجبت وأنا أسمع صوت أمي من خلف الباب:
– “نعم!”
– “اخرجي، بدأت الدراما.”
– “حسنًا، سأخرج.”
عندها فقط تذكرت أنني وعدتها بمشاهدتها معها قبل أن أستحم. فتحت الباب، فاستقبلتني رائحة شهية.
– “ما هذا كله؟”
كانت أمي قد وضعت زجاجة سوجو على طاولة غرفة المعيشة، ولوّحت بالكأس قائلة:
– “لنشرب قليلًا.”
بجانبها كان الماكريل المشوي المقرمش يلمع بالحرارة. جلستُ معهم وقدّمت لأبي شريحة كمثرى مقشرة. ابتسم وهو يحمل الكمثرى في يد وكأس السوجو في الأخرى.
السوجو مرّ… والكمثرى حلوة.
جلسنا نحن الثلاثة على الأريكة. وحدها أمي كانت غارقة في متابعة الدراما. ملأتُ كأس أبي مجددًا، وأطعمتُهما كعكة أرز غمستها في المايونيز وصلصة الوسابي. في حضني كانت “بيك-سيول” تتذمّر، فطعمتها كمثرى صغيرة. لكنها أخرجتها بلسانها وكأن الطعم لم يرق لها.
– “إيجو… ألا تشمين رائحة الأكل؟”
زحفت نحضن أبي وجلست تنظر إلى طعامه بعينين واسعتين لامعتين. ناولها قطعة كعكة أرز فالتهمتها سريعًا قبل أن تعود إليّ. حاولتُ أن أقدّم لها كمثرى، فأدارت وجهها بعيدًا. ظلّت الرغبة في عينيها واضحة.
في النهاية قطعتُ لها لقمة صغيرة أخرى، فما إن وضعتها في فمها حتى اتسعت عيناها الدائريتان أكثر، ورفعت كفوفها كما لو تطلب المزيد. لكنني منعتها بهزّة يد حاسمة.
– “يكفي. هذا مالح. غدًا أعطيكِ بعضًا من البوك-إيوتغوك.”
تطلعت إليّ بيك-سيول بعينين حزينتين كما لو فهمت. ضحكت أمي وأبي وهما يتابعان المشهد. تناولتُ ما تبقى من كعكة الأرز بعد أن غمستها في الصلصة. كان مذاقها مقرمشًا، والوسابي يلسع لساني بنعومة جعلت فمي يسيل.
– “أمي… طعامك لا يُقارن. ألذ من مطاعم الفنادق حتى.”
ضحكت بفخر وأجابت:
– “يكفيني أن أراه لأعرف وصفته.”
– “وو-كيونغ، أمك تحب الطبخ أكثر مما تحب الأكل نفسه.”
ضحك أبي، فأضافت أمي وهي تمازحه:
– “الأمر ليس مهارة فقط، بل إحساس. لم أزر مطاعم ميشلان من قبل، لكن لو فعلت، ربما استطعت تقليد أطباقها.”
رفعت كأسي الثالث. كان حلقي يحترق من حرارة السوجو، ومع ذلك فتحت زجاجة جديدة. واحدة أخرى فقط.
– “انظروا إليه. يبدو أجمل بالبدلة من الممثل ذاك… ما كان اسمه؟”
عندما نظرتُ إلى الشاشة بسبب حماس أمي المبالغ فيه، رأيت لقطة كاملة لرجل يهدد “جونج يو”. وبفضل الزاوية التي استنزف مدير التصوير جهده عليها، بدا الممثل وكأنه عارض أزياء لا علاقة له بالقصة.
– “قلتُ لكِ هذا في المرة السابقة…”
– “يا إلهي، يجب أن تكون والدته لطيفة. لا… صديقته جيدة، ما دخل والدته بالموضوع؟ على أي حال، يجب على المرأة أن تواعد رجلاً كهذا مرة واحدة في حياتها. لياقته البدنية تحفة فنية! بدلته تناسبه كأنها مفصّلة على جسده. كتفاه عريضان، ساقاه طويلتان… وهالته آسرة. إنه وسيم، بارد الملامح، لكن ابتسامته تجعله يبدو بريئًا، أليس كذلك؟”
لم يخطر اسمه حتى ببالي. طالما استغرق مني وقتًا لحفظه… إنه ممثل سيُذكر فقط بفضل مهاراته في الرماية وقوته البدنية. ضحك أبي من مديح أمي الذي لا ينتهي. عندها فقط زمّت شفتيها محرَجة وكأنها تذكرت وجوده.
– “صحيح، ألم يقل لكِ وو-كيونغ من قبل إنكِ تحبين هذا الممثل؟”
نظرت أمي، التي كان الخجل يغمرها بعد كأسين من السوجو، إلى أبي ثم جرّت وو-كيونغ بلا سبب:
– “حبيبتنا وو-كيونغ ستكون مناسبة لرجل مثله، أليس كذلك يا عزيزتي؟”
– “لكن ألا يبدو بارداً بعض الشيء؟”
– “كلا. عندما يبتسم، يكون صادقًا وبريئًا.”
– “وو-كيونغ، هل يعجبكِ هذا النوع من الرجال؟”
ضحكت وو-كيونغ بصوت عالٍ وهي تنظر إلى جدية أبيها:
– “أنا أحب رجلاً مثل والدي. هو أروع بكثير من أي ممثل.”
– “أترى؟ والدك يؤمن بك حقًا.”
– “ولمَ لا؟ أبي وسيم، أنيق، يجيد ارتداء البدلات، وهو شاعر ومعلّم أيضاً!”
ضحك أبي، فمالت أمي نحوه مازحة:
– “لقد رفضتُ حتى طالب طب من مستشفى كبير، لأنه ظل يلاحقني ويعترف لي.”
قال أبي مبتسمًا:
– “أوه، صحيح.”
فابتسمت أمي بدلال وهي تغمز، ثم أضافت:
– “لكنني كنت مهووسة بـ يون نام-غيون لدرجة أنني لم أر غيره.”
كان وو-كيونغ يفرغ كأسه بهدوء بينما يصغي إلى كلام أمه المتفاخر. شعر بثقل في ذراعيه، علامة على أن الثمالة تغلبت عليه.
على الشاشة ظهر الممثل مجددًا، بجسد مثالي ووسامة باردة. للحظة، مرّت صورة “تاي جون-سيوب” في ذهن وو-كيونغ؛ أكتافه الأعرض، بنيته الأشد، وخط فكه الصارم… ثم ابتسامته. ابتسامة واحدة كفيلة بمحو وجه الممثل. أفرغ كأسه مرة أخرى وابتسم برفق، كأنه يذيب الصورة من ذهنه.
حين أغمضت عينيه وفتحهما، كانت قطعة كمثرى أمامه. رفع بصره فوجد ابتسامة أبيه تطمئنه. على عكس أمه المندمجة بالدراما، كان والده يراقبه طوال الوقت. ناوله الكمثرى وقال:
– “منعشة. كُلي واحدة أخرى.”
التقت عيناه بعيني أبيه خلف النظارة. شعر بالخجل، فأشاح وجهه ومضغ الكمثرى وهو يغطي خده المتورد بيده.
قبل أن تنتهي الدراما، انسحب الأبوان إلى غرفة النوم، تاركينه مع “بيك-سيول” التي ما زالت تبحث عن بقايا الطعام. لوّح لها وو-كيونغ مازحًا:
– “مستحيل!”
لكنها قفزت إلى حضنه وبدأت تلعق ذقنه.
– “كفى، تدغدغني!”
ضحك وهو يبعدها بيديه المرتعشتين من الثمالة، ثم انهار مستندًا إلى الأريكة. رفعها بين ذراعيه وأخذها إلى غرفة النوم.
كان التعب يسحق جسده. أطفأ الأضواء واستلقى. وما إن أغمض عينيه حتى أيقظه صوت أزيز.
فتحت عيناه فرأى مرآة الزينة تتوهج بلون أزرق. كان هاتفه يهتز هناك. اقترب، وإذا بالكلمات على الشاشة:
[رئيس الأركان]
اتسعت عيناها، وضغطت على زر الاتصال:
– “نعم، مرحبًا؟”
جاءه الصوت الهادئ كالصباح:
– “هل أيقظتك من نومك؟”
كان لا يزال نصف نائم، والضوء الأزرق المحيط بالهاتف ينعكس على وجهه. وضع وو-كيونغ يده على منفذ الإرسال وخفض صوته:
– “لا…”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 48"