⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
استقام “جون-سيوب” في جلسته، والتقط فنجان الشاي أمامه. كانت أصابعه الطويلة وكفه العريض تجعلان الكوب، الذي بدا مناسباً تماماً لـ”وو-كيونغ”، يبدو صغيراً للغاية بين يديه.
“تلك الملابس.”
“نعم؟”
رفع “جون-سيوب” ذقنه وسأل:
“هل هذه البلوزة هي نفسها التي ارتديتها أول مرة رأيتِني فيها؟”
خفضت “وو-كيونغ” نظرها إلى بلوزتها. لم تكن مبهرجة، لكنها ذات ياقة عالية تغطي نصف عنقها، يتخللها دانتيل رقيق بين الطيات الدائرية، مع صف من الأزرار الصغيرة، ما جعلها أكثر بلوزة أنثوية بين جميع ملابسها. كانت هدية عيد ميلادها من والدتها في الربيع الماضي، وقد اشترتها بالتقسيط من متجر كبير طوال ستة أشهر. لذلك كانت “وو-كيونغ” توليها عناية خاصة وتطلب من نفسها ارتداءها كثيراً.
ذلك اليوم تحديداً كان يفترض أن ترى فيه “سيو دونغ-جاي”، وكانت أمها هي التي اختارت الملابس بنفسها. لذا فمن الممكن أن تكون البلوزة هي نفسها.
“نعم… ربما.”
أخذ “جون-سيوب” رشفة من الشاي، ثم قال بصوت هادئ:
“لماذا اليوم؟ لماذا في هذا التوقيت؟ لو لم تكوني هنا…”
اتسعت عينا “وو-كيونغ” عند سماع كلماته.
“في ذلك اليوم… قلت ذلك.”
“آه…”
أدارت “وو-كيونغ” بصرها بعيداً، تتجنب نظراته وهي ترفع فنجان الشاي. شعرت بحرارة تسري في مؤخرة عنقها. ومع ذلك، بدا أن “جون-سيوب” لا يأبه لانزعاجها.
سألها ببرود ظاهري:
“إذن… أي نوع من الأيام؟ أي نوع من الأماكن تريدين؟”
شدّت “وو-كيونغ” أسنانها قليلاً قبل أن تهمس:
“سيدي الرئيس، في ذلك اليوم… كنت مخطئة…”
ابتسم “جون-سيوب” ابتسامة ماكرة تفيض بسخرية:
“يا للأسف… ذلك الوجه، ذلك التعبير، في اليوم الذي ظننتِ فيه أنني رجل آخر…”
ارتجفت “وو-كيونغ”:
“ما الذي تتحدث عنه؟”
قال ببطء، وهو يثبت عينيه عليها:
“كان وجه حبّ كامل.”
“أيها الرئيس…”
أمال رأسه قليلاً، وفي صوته نبرة غامضة:
“أتعلمين كيف تتغير عيناك عندما تنظرين إليّ؟”
ترددت “وو-كيونغ”، وصوتها منخفض مرتبك:
“أيها الرئيس…”
“لو لم يكن ذلك من أجل قسم مسرح الجريمة…”
“أيها الرئيس!”
“حتى لو لم يكن الأمر من أجل ردهة الـTK، كنتُ سأتظاهر بأني لا أعرف ما حدث ذلك اليوم.”
لم تستطع “وو-كيونغ” الاحتمال أكثر. نهضت من مقعدها، وصوت الكرسي وهو يُدفع للخلف كان عاليًا.
وبينما كانت ترتدي سترتها بتوتر، أبقى”جون-سيوب” ظهره مستقيمًا، لكنه كان يحدّق فيها بإصرار. وكأنه لم يكترث بالازدراء في نظراتها. مسح يديه بهدوء بمنشفة مبللة وهو لا يبعد عينيه عنها.
كانت “وو-كيونغ” قد استدارت نحو الباب، لكنها توقفت وغيرت اتجاهها من جديد. مع كل خطوة نحو “جون-سيوب”، شعرت أن ساقيها تتصلبان وتخدران كجذع شجرة. ارتجفت يدها وهي تقبض على مقبض الحقيبة.
“كنتُ سأقول: هيا بنا نذهب لنأكل الأرز المطبوخ في قدر.”
شهقت “وو-كيونغ” نفسًا مرتجفًا.
يجب أن أتوقف. يجب أن أستدير الآن.
رنّ صوت إنذار داخلي في رأسها، كجرس يائس يحذّرها.
“تلك العيون…”
كان “جون-سيوب” يركز نظره على عينيها مباشرة. اهتزت عينا “وو-كيونغ” المحمرتان، فابتسم بخفوت وقال:
“أريد أن أرى هاتين العينين… الآن.”
وفي اللحظة التي رفعت فيها “وو-كيونغ” حقيبتها، قبض على معصمها بقوة. ارتطمت الحقيبة بالأرض عند قدميه. ظل “جون-سيوب” جالسًا، أنفاسه ثابتة، يحدّق فقط في عينيها.
“ألا يثيرك الفضول؟” قال ببطء.
“ماذا كنتِ ستفعلين بعد أن نتناول الأرز المطبوخ في القدر؟”
عضّت “وو-كيونغ” على شفتيها بقوة. وبعد أن راقبها “جون-سيوب” طويلاً، أرخى قبضته أخيرًا. تدلت يده بلا قوة، لكنه لم يزل جالسًا، يراقبها بصرامة غامضة.
قال فجأة، بأسنان مشدودة ودموع انحدرت على وجنتيه دون أن يدري متى سالت:
“اصفعيني على وجهي، يا يون وو-كيونغ.”
ارتجف وجهه، بينما رفعت “وو-كيونغ” يدها ببطء لتغطي وجهها هي، كي تخفي دموعها التي انفجرت بلا مقاومة.
نهض “جون سيوب” ببطء من مقعده. انحنى والتقط حقيبة “وو-كيونغ” التي سقطت على الأرض، ثم أمسك بيدها وأبعدها عن وجهها واقترب منها.
“العينان…”
حين فتحت “وو-كيونغ” عينيها المبللتين بالدموع، أفلتت منها تنهيدة متكسرة.
“سأُجنّ…”
داعبت يده الكبيرة مؤخرة رأسها المستديرة. كانت اللمسة على شعرها حنونة، حد أن تثير الوهم.
لكن لا… لا بد أنه وهم. إنه مجرد شوق جسدي.
كنتُ أعرف أن الأمر سينتهي هكذا… ربما أدركت ذلك منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها، منذ أن أوقف سيارته وأنزل النافذة. من اللحظة التي اقتربتُ فيها من هذا الرجل، كنتُ أعلم أنني سأتحطم، سأُكسر، سأفقد توازني… ولن أستطيع أبدًا العودة كما كنت. كانت النهاية مكتوبة سلفًا، وهذا الإغراء الخطير قد بدأ بالفعل.
وماذا لو كان كل ما أريده هو الجسد فقط؟ أول ما شدّني إليه كان جسده.
ابتلعت “وو-كيونغ” ريقها الجاف ورفعت رأسها.
مجرد تخيل أن تلك العينين الباردتين، الشبيهة بغابة مظلمة، قد تمتلئان بالحرارة… كان كافيًا ليجعل قلبي يرفرف بلا سيطرة.
قالت بصوت مبحوح:
“لقد أكلتُ كل الأرز المطبوخ في القدر…”
رفع الرجل حاجبيه بخفة، وكأنه يسألها بصمت، فتمتمت “وو-كيونغ” بهدوء:
“والآن… هل ستفعل ذلك معي؟”
ارتسمت ابتسامة مائلة على وجهه.
“سوف تندمين على ذلك.”
قالتها بثبات، كأنها تنقل معلومة باردة بلا تردد:
“ولماذا أندم؟”
ضحك بخفوت:
“لأني قليل الحياء. لا أملك لا حياء ولا خجلاً.”
كان رجلاً يعرف تمامًا أن الآخر، حتى بعد سماع مثل هذه الكلمات، لن يستطيع الابتعاد عنه أو الانفصال عنه. بهذا المعنى… هل عليّ أن أمدحه لأنه يفهم الأمور بهذه الدقة؟
ذلك الفتى الوقح.
أخذت “وو-كيونغ” نفسًا عميقًا وابتلعته كأنه شوكة.
قالت بصوت متقطع:
“أظن أن لدي ما أقوله…”
مال برأسه ساخرًا:
“حقًا؟ لم أكن أعلم.”
نظرت إليه بعينين ثابتتين وقالت:
“كنتُ أرغب في الحصول على واحدة… منذ أن رأيتك في صورة.”
عندها، ومض ضوء غريب في عينيه. ضوء بدائي… كغريزة وحش يتهيأ ليكشف عن أنيابه.
أما “وو-كيونغ”، فشعرت أنها مستعدة لتترك عنقها له… بكل سرور.
●●●
أغلقت أبواب المصعد خلفها، وبقيت وو-كيونغ متسمّرة في مكانها حتى سمعت ارتطامًا خفيفًا. من المدهش كيف انتهى بها المطاف إلى هذه اللحظة.
كان “جون-سيوب” واقفًا بالقرب منها، وخلفه بابٌ رمادي أزرق بدا وكأنه خطّ لا يمكن تجاوزه. رفع يده بثقة إلى لوحة المفاتيح، وانفتحت الأبواب بعد ضغطات سريعة. مدّ يده نحوها، لكنها مرّت بجانبه ودخلت أولًا، غير قادرة على النظر إلى الوراء.
ترددت في ذهنها كلمات قديمة قالها لها ذات يوم:
“الشخص الذي لا يعرف الحياء أمام ما يشتهيه، يأخذه دون رحمة.”
على الرغم من أنها تعرف ذلك، تبعته.
في الردهة ذات الإضاءة الخافتة، مدّ يده نحوها. شعرت بأصابعه الطويلة تقترب، فارتجف قلبها. حين التقت عيناهما، ابتسم بخفة. كان الصمت بينهما أثقل من أي حديث.
لم يكن الأمر بحاجة إلى كثير من الكلمات. كان يكفي أن تقترب خطواتهما حتى يتقلّص البعد بينهما أكثر. في الظلام الذي غمر المكان فجأة، أحاطها بذراعيه، فتسارعت أنفاسها وهي تشعر بحرارة جسده تلامسها من فوق ملابسها. اخترقت أنفها رائحة عطره المختلطة بملامحه القريبة، وأدركت أن العودة لم تعد ممكنة.
ارتجفت حين همس في أذنها:
“أتعلمين… قد تندمين.”
لكنها رفعت رأسها نحوه وقالت بصوت متقطع:
“ومع ذلك… أريدك أن تقبّلني.”
ارتسمت ابتسامة غامضة على وجهه، ثم انحنى نحوها. لم تكن قبلته رقيقة، بل عاصفة هادرة اجتاحت حواسها. كان الأمر أشبه بالتحذير، وكأنه يخبرها: لن يكون الأمر لطيفًا، بل صادقًا وقاسيًا بقدر الحقيقة نفسها.
اختلطت أنفاسهما، وارتجف جسدها تحت قبضته. شعرت وكأنها على وشك الانهيار، لكنها لم تتراجع. على العكس، شدّت بيديها ربطة عنقه واقتربت أكثر.
حين افترقا قليلًا، همس بصوت أجش:
“لقد دفعتني إلى الجنون منذ ذلك اليوم.”
لم تستطع الرد، فاكتفت بالنظر في عينيه. في تلك اللحظة، لم يعد هناك غرفة ولا مصعد ولا باب مغلق. كان هناك فقط رجل وامرأة، يقفان على حافة الخط الفاصل بين الرغبة والخطر، وهما يعلمان أن عبوره سيغيّر كل شيء.
تسارعت أنفاسها حين اقترب أكثر، يحيط خصرها بذراعيه كما لو أنه يخشى أن تفلت. ألقت نظرة سريعة على الجدار، حيث أضاءت مصابيح خافتة إطار صورة لصبي شاحب الملامح، ينظر مباشرة نحوها. رفعت يدها لا إراديًا كما لو كانت تريد لمس وجهه المرسوم.
اقترب “جون-سيوب” أكثر، فغطى عينيها بكفّيه من الخلف، وهمس في أذنها بصوت أجش:
“لا تنظري إلى هناك… انظري إليّ فقط.”
ارتجف جسدها كله. حاولت أن تلتفت، لكنه أحاطها أكثر، حتى لم تعد تفصلها عنه أي مسافة. تردّدت أنفاسها المرتجفة وهي تدرك أنها على حافة انهيار. لم يكن ذلك بسبب قوته الجسدية فقط، بل بسبب الحقيقة التي لم تعد تستطيع إنكارها: أنها تريده، رغم كل ما تعرفه عنه.
عندما ألححتُ عليه مرة أخرى، رفعت المرأة وجهها عن كتفي ونظرت إليّ بعينين مثقلتين.
مسح “جونسيوب” بلسانه دموعه اليابسة على رموشه، ثم همس بصوت مبحوح:
“توقفي… أرجوك.”
احتواها بذراعيه برفق. ومع تغيّر وضعهما، اجتاحها شعور جديد أربك أنفاسها. أغمضت عينيها وهزّت رأسها في ضعف، كأنها تخشى أن يخذلها قلبها من جديد.
سأبكي مرة أخرى… أعرف ذلك.
ضغط “جونسيوب” على شفتيه بقوة، وكأنه يعاقب نفسه، ثم ابتعد عن دفئها رغم صعوبة الفراق. ترك مكانه بجوارها بارداً، لكنه أعاد تغطيتها بعناية حتى عنقها، وقال وهو يمرر أصابعه في خصلات شعرها المبعثرة:
“سأحضر لك شيئًا… انتظري.”
كانت مرهقة لدرجة أنها لم تستطع حتى النهوض. أما هو، فدخل إلى الحمام، والماء ينساب فوق رأسه، بينما يبتسم بمرارة:
ما الذي أفعله بحق السماء؟
لكن حين عاد، لم يجد لها أثرًا. السرير كان نظيفًا ومرتبًا، كأنها لم تكن هنا قط. شعر “جونسيوب” بالبرد يهاجمه فجأة، فالغياب عنده كان دائمًا يأتي مثل صقيعٍ قاسٍ.
التفّ بالبطانية وانكمش في زاوية السرير، يخشى أن يسقط في كابوس. ومع ذلك، فتح عينيه ليجد نفسه في الحلم ذاته: جبل ثلجي ممتد بلا حياة، بلا طائر أو أثر كائن. وكان دائمًا، في تلك الرؤى، حافي القدمين.
غاصت قدماه في الثلج حتى كاحليه، وثقلت خطواته كأن أكياس رمل تشدّه للأسفل. حاول أن يعوّض بيديه، يلوّح بهما في الهواء، لكن التقدم ظل صعبًا. أراد أن يتوقف، لكنه لم يستطع.
كانت وجهته دائمًا شجرة.
شجرة يعرفها من الصور فقط، تتغير في أحلامه حجمًا وشكلًا، لكنها تظل الهدف. كان على وشك الوصول، لكن ساقيه توقفتا عن الحركة. صرخ في يأس، والريح الثلجية تمزّق ملابسه المدرسية الرقيقة.
وعندما بزغت الشمس، أضاء الجبل الثلجي بسطوع حاد، حتى إن انعكاس الضوء لسع عينيه. ظل يفركهما ويصرخ:
“أبي… أبي…!”
قدماه المتجمدتان بدتا ككتلتين من الثلج المشوّه. سقط على ركبتيه، ينادي:
“أبي… لا تمت… لا تمت…”
كان صوته أشبه بطفل صغير يستغيث، بينما تجمّدت دموعه على وجنتيه. عضّ على أسنانه ومسح خديه المرتجفين بلا وعي.
استيقظ مذعورًا، والعرق البارد يغطي جبهته. كان ممتنًا على الأقل لأنه استيقظ من الحلم قبل أن يبتلعه تمامًا. نظر إلى ساعته، ولم يستطع العودة إلى النوم حتى بعد نصف ساعة من الأرق.
أعاد ترتيب وسادته واستلقى على جانبه. مدّ يده إلى البقعة التي كانت المرأة قد استلقت فيها، وتحرك قليلاً، متوهّمًا أنه لا يزال هناك بعض دفئها. أغمض عينيه أخيرًا، متشبثًا بالوهم.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 35"