⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
مرت عطلة نهاية الأسبوع في لحظة.
كان لدى “جونسيوب” موعد واحد للعب الغولف، وثلاثة مواعيد للعشاء، وثلاثة أخرى للشرب، وانتهت بعشاء عائلة سونغ بيك جاي مساء الأحد.
لقد زار غرفة طعام سونغ بيك جاي آلاف المرات، ورغم مئات وجبات العشاء العائلية هناك، لم يملّ يومًا من الطعام. كان عشاء هذا الأسبوع وجبة صينية كاملة.
جاء رئيس طهاة الفندق السابق بنفسه إلى غرفة الطعام لتحيته وتقديم المقبلات له.
هو لا يترك أي طعام يُقدّم أمامه؛ يأكل كل شيء، يمضغه جيدًا، ويبتلع. لا يتجاوز الحدود أبدًا. فالنظرات، والكلمات، والازدراء، والمعاملة الباردة خلف الطاولة، مثل الأمواج: تفيض، لكن إن ثبتّ على قدميك جيدًا، فلن تغرقك، بل تبللك فقط.
كان يسمع ضحكة “لي سيوب”. ضحكة مثل الثلج.
“جونسيوب” يكره الثلج. يكرهه.
“لي سيوب” أبيض كالثلج، بارد كالثلج، ومنافق كالثلج، لكن ضحكته أحيانًا تتلألأ مثل بلورات الثلج.
“سيو وو” يضحك لمثل تلك الضحكة. لا يزال يتوسل إلى الرئيس، بينما “لي سيوب” يأسره بضحكاته. الرئيس يضيّق عينيه كالأقمار الهلالية ويقول شيئًا ما لـ”لي سيوب”.
أما “سيون-آي” فتشبك يديها وتبتسم بنبل، وتخاطب الرئيس بهدوء كغصن صفصاف قائلة: أبي. هي درع واقٍ لـ”لي سيوب”، حبّ أمومي مصنوع من التضحية المطلقة والصبر. تبدو وكأن عينيها الداخلية قد انفتحت بعد سنوات من تحمّل غرفة طعام سونغ بيك جاي.
أحس بلسعة في جبهته، فرفع رأسه، ليرى “سو جين”.
قالت بابتسامة:
“أنت دائمًا تأكل جيدًا. لهذا تعمل جيدًا، وتدير كل ركن من الشركة.”
ابتسم “جونسيوب” ابتسامة خافتة.
“إنه لذيذ، لذا تناول جيدًا. أنت بالفعل جيد في الركض.”
لكن الحقيقة أنه بعد مغادرته سونغ بيك جاي والعودة إلى المنزل، لا بد أن يتقيأ كل ما أكل. يضع إصبعه في حلقه، ينحني مثل الحيوان، ويُصدر صرخات مكتومة كصوت الحيوان قبل أن يستطيع الحركة من جديد.
م.م: بدون تعليق، حقيقة كان يكره كل جوهم العائلي، فعلا المظاهر لا تبين ماهو موجود في القلوب، و في عائلة يملؤها النفاق و بعد ما عاشه…هذا طبيعي جدا.
كانت هذه عادته منذ تسعة عشر شتاءً، منذ اليوم الذي تجمّدت فيه أحشاؤه في برد الثلوج الكثيفة. لم يفوّت وجبة واحدة منذ أن أكل أول مرة في سونغ بيك جاي.
تقيأ “جونسيوب” تلك الليلة كل الطعام، غسل أسنانه ثلاث مرات، غسل وجهه وجسده، ثم ارتدى بدلة رياضية، وشدّ قبعته إلى الأسفل، وبدأ الركض.
بينما كان يركض بمحاذاة النهر، مرّت به مجموعة من العدّائين.
“لنركض معًا!” صاح أحدهم، فانضم إليه الآخرون.
لكن “جونسيوب”، الذي غطت قبعته رأسه، أشار بالنفي. ابتعدت عنه المجموعة بألوانها الفلورية الزاهية، والتقت بمجموعتين أخريين في الطريق. وعندما صادفوا “جونسيوب”، صرخوا بشعار جماعي يشبه الصدى وغيروا مسارهم ليتجنبوه. ظل “جونسيوب” يركض وحيدًا، في صمت.
في أذنيه، بلا سماعات، كان كل ضجيج العالم يتدفق ويعود مثل الأمواج. عندما يركض، يصبح كل شيء موجة. تغمره لكنها لا تبقى؛ وإن لم تجرفه، تتركه وتمضي بعيدًا.
كلما أسرع، سخن جسده أكثر، وتصبب العرق من مسامه، وتغرغرت الدموع في عينيه. وفي لحظة ما، شعر أن جسده كله يتحول إلى قلب كبير. جسد لم يتبقَّ له سوى غريزة عطشى للأكسجين، جسد صادق تمامًا.
لا يتوقف “جونسيوب” عن الركض؛ لأنه يشعر أن دماغه يطير بعيدًا. يصبح بلا دماغ، بلا ذاكرة، بلا إحساس. لا ماضٍ يتذكره، ولا افتراضات أو توقعات.
في اليوم الذي تذوّق فيه أول تفاحة مسمومة، عرف “جون-سيوب” الحقيقة: الشخص الذي كان بحاجة إلى أب، لم تكن أمه، بل هو نفسه.
سواء أدرك ذلك في ذلك اليوم، أو بعد يوم، أو بعد شهر، فقد أدرك “جونسيوب” أنه عليه أن يخبر “سيوهي”:
“أنا… لا أحتاج إلى أب خان أمي.”
م.م: والده الذي جعل أمه تهرب معه قبل زفافها، كان يخونها قبل الهروب… في النهاية سيوهي كانت تعيسة بعد هروبها ذاك و تحملت من أجل ابنها فقط.
أحببتُ ضحكات أبي الصاخبة.
أحببتُ ركوب الدراجة معه.
أحببتُ جسد ابني الضخم وهو يركض نحوي ويناديني.
كلما كانا يتشابكان ويضحكان معًا، كانت أمي تضحك أيضًا وهي تراقبهما. لذلك اعتقدتُ أنني كنت سعيدًا. لكن “جونسيوب” لم يكن سوى طُعم، فخّ، ومقود خانق لـ”سيوهي”.
أما “كانغ جيووك”، فلم تكن لديه أي نية للتخلي عن تاي سي هوان، أو عن “تي كي”، أو عن الميراث الهائل الذي قد يحصل عليه عبرها.
أصبحت تفاحة “تاي سي هوان” المسمومة أحلى وأغرى مع كل تكرار. ملابس وأحذية باهظة الثمن، كتب وأجهزة إلكترونية، سيارات فارهة يقودها سائقون إلى المدرسة، آلة تشيلو لم يطلب مدرس الموسيقى سوى أن يُعزف عليها مرة واحدة، ومدرّسون خصوصيون من الدرجة الأولى. كانت رفاهيات لا يستطيع تحمّلها سوى “جون-سيوب”. بينما كان “سيوهي” و”جيووك” لا يزالان يعيشان حياة ضيقة، أفضل بقليل من الفقر.
فكرتُ كثيرًا… مرارًا وتكرارًا.
كنت أعرف كل شيء منذ ذلك اليوم.
لو أنني أخبرت أمي أن تتخلى عن أبي… هل كانت الأمور ستتغير؟
ولو فعلت، هل كانت ستعيش أطول قليلًا؟
عندما انتكس سرطان الدم عند “سيوهي”، بدا ذلك تطورًا طبيعيًا. كان ذلك بعد عام تقريبًا من دخول “جونسيوب” المدرسة الإعدادية. لم يعرف “تاي سي هوان” بمرض ابنته إلا متأخرًا. وعندما أخذها إلى المستشفى، كانت حالتها قد تدهورت إلى ما لا يمكن إصلاحه.
كان دخولها وخروجها محاطًا بحراسة صارمة، لا يُسمح إلا لـ”تاي سي هوان”. أما “كانغ جيووك”، فكان يزور المستشفى كل يوم، جالبًا معه المتاعب.
وفي تلك الفترة توقفت التفاحة المسمومة التي كانت تُقدَّم لـ”جونسيوب” فجأة.
مرّت ثلاثة أسابيع منذ آخر مرة رأيتُ فيها “سيوهي”.
وصلتُ إلى المستشفى في سيارة كانت بانتظاري أمام المدرسة.
قالت “سيوهي” لـ”جونسيوب”، الذي كان أطول منها بكثير:
ــ “جون-آه، أنا قلقة من أن أمي قد تحصل على الطلاق… هل سيكون الأمر بخير لو لم يكن لـ”جون-آه” أب؟”
كانت إجراءات الطلاق طويلة ومرهقة، بلا أي تقدم، بينما كان مرض “سيوهي” يزداد سوءًا بسرعة.
كان الرئيس “تاي” يحاول يائسًا الحصول على الطلاق، فيما كان “كانغ جيووك” ينسج كل شيء: من الشائعات البسيطة، إلى الإيحاءات القاتلة التي قد تشوّه سمعة “تاي كي” و”تاي سيهوان”.
لم يكن ذلك مثل رمي بيضة على صخرة ــ سخيفًا في وجه قوة TK ــ لكنه كان كافيًا لتأجيل إجراءات الطلاق.
كان يومًا شتويًا، غطّى فيه الثلج كل شيء.
كان يتساقط من السماء ناعمًا وكبيرًا، مثل غزل البنات الممزق بالأصابع.
ــ “الثلج يتساقط بغزارة… إنه عيد الميلاد.”
قالها “جونسيوب” وهو ينظر إلى شجرة عيد الميلاد المزينة بالأضواء خلف نافذة المستشفى.
ــ “هل يمكنك ترتيب السرير؟ أنا أيضًا أفتقدك.”
توقف “جونسيوب” عن محاولته ترتيب سرير “سيوهي”، وحملها.
وعلى الرغم من أنه لم يكن سوى تلميذ في المرحلة الإعدادية، إلا أن جسده كبر سريعًا، وصار بالفعل جسد رجل بالغ.
كانت “سيوهي” خفيفة جدًا بين ذراعيه، حتى شعر وكأنه يرفع دمية.
غرق قلبه وكأن حياة “سيوهي” تتسرب بعيدًا.
بدأ بالبكاء بصمت، ولم يقترب من النافذة خوفًا من أن يتسرب الهواء البارد إلى جسدها الواهن.
ــ “هل يمكنك رؤيتها الآن؟”
ــ “نعم… أرى.”
ــ “هل أرفعك أعلى؟”
ــ “لا… نحو النافذة.”
ابتلع “جونسيوب” دموعه وهو يقول:
ــ “أمي، لا يجب أن تصابي بالبرد.”
ــ “هل أنت بخير؟”
أجلس “جونسيوب” أمه على الكرسي المتحرك، وهو ينتبه إلى حبال المحاليل المتدلية. أعاد ترتيب قبعة الفرو على رأسها، وضع سترة صوفية على كتفيها، غطّى ساقيها ببطانية، ثم دفع الكرسي ببطء.
قالت “سيوهي”، وهي تنظر من النافذة إلى نيويورك الغارقة في الثلوج:
ــ “عيد ميلاد مجيد.”
ــ “عيد ميلاد مجيد.”
قالها “جونسيوب” بصوت متحشرج، تخنقه الدموع.
أشارت إليه “سيوهي” أن يقترب أكثر.
اقترب، رفع يده، ووضعتها على وجهه المبلل، كما لو كانت تحتضن طفلًا.
طفلنا…
طفلي.
ابتسمت “سيوهي” ابتسامة خافتة.
ــ “إذا لم تبكِ، سيأتي بابا نويل.”
لكن “جونسيوب” انفجر في البكاء بصوت عالٍ. طوى ركبتيه وسقط على الأرض.
ــ “أمي… أنا… كنت مخطئًا.”
ــ “ما الذي تتحدث عنه؟”
ــ “أنا… أنا…”
كان يجب أن أقول حينها إنني لم أكن بحاجة إلى أب.
لا، بل… لو لم أكن موجودًا أصلاً.
لو لم أولد.
لو اختفيت.
لو حدث ذلك، لذهبت أمي إلى جدي أبكر… ولعاشت.
بسببي أنا.
الجميع بسببي…
الشخص الوحيد الذي كان بحاجة إلى أب صالح… كان أمي.
دفن “جونسيوب” وجهه في جسد “سيوهي” وبكى بحرقة.
ربّتت “سيوهي” على رأسه المرتجف وقالت بصوت واهن:
ــ “لا تبكِ يا صغيري.”
ــ “جون-آه، أرني وجهك.”
أخرجت من جيب ثوب المستشفى منديلًا قطنيًا ناعمًا، ومسحت عينيه وأنفه، ثم قالت بهدوء:
ــ “لا تبكِ.”
ــ “لا يوجد بابا نويل… لا يوجد إله… لا توجد جنة! كم صليت… كم توسلت…!”
“لا تأخذ أمي بعيدًا عني… أرجوك، أنقذها… سأفعل أي شيء… أي شيء…”
ــ “جون-آه…”
ابتسمت “سيوهي” ابتسامة باهتة، فصرخ:
ــ “أمي، سأفعل كل شيء! ستكونين ملاكي الحارس… ستكونين جنتي…”
ــ “أمي…”
تظاهرت “سيوهي” بالضحك بصوت عالٍ، تنظر إلى “جونسيوب” الذي كان يهز رأسه بعناد.
ــ “ألم تعلم؟ أمي هي سانتا. ستُعطي “جون” هدية أيضًا.”
ثم همست في أذنه بصوت خفيض:
ــ “لكن عليك ألّا تخبر أحدًا بهذا. لا والدك… ولا جدك.”
م.م: مسكين جون سيوب، الي مر فيه مو قليل أبدا 💔
●●●
خلع “جونسيوب” ملابسه الرياضية المبتلة بالعرق، ودخل غرفة الاستحمام.
بينما كان الماء يتساقط على رأسه، أغمض عينيه.
ارتخت عضلات جسده تدريجيًا، لكن قلبه، الذي عصف به الانفعال، ظل ينبض ككائن حي منفصل.
عندما فتح فمه، انهمر الماء الساخن على لسانه.
ومهما بلغت سخونته، كان يشعر به باردًا، كأنه جليد يحرق عينيه.
سعل.
تخيل “جونسيوب” وهو يغطي فم امرأة، بينما يرتجف تحت تدفق الماء على جسده.
ليلةٌ يريد فيها أن يفجر رأسه من وطأة الذكريات المتكررة.
ليلةٌ تتجمد فيها أحشاؤه من البرد اللاذع.
وفي ليالٍ كهذه…
تكون هناك امرأة واحدة فقط… يريد أن يعانقها.
●●●
جلس “جونسيوب” في المكتب الرئيسي يقرأ بعناية المقال المعروض على الشاشة. كان عن مسابقة فنية بيئية ترعاها المجموعة.
ظهر “لي سيوب” مبتسمًا مثل ندفة ثلج بين الأطفال. كيف التقطت المرأة تلك الابتسامة في الإطار؟
“أرض واحدة ووحيدة. بيئة يمكننا أن نعيش فيها معًا. تنمية مستدامة…”
كانت الحروف تتراقص أمامه تحت وطأة الهلوسة السمعية التي خلفتها ضحكة “لي سيوب”.
في يوم الاثنين التالي لرحلة العمل، تحدث مدير مكتب العلاقات العامة “يو” عن المسؤولية الاجتماعية للشركات. أوضح أن الأمر كان مخططًا له حتى قبل قدوم “يون وو كيونغ” إلى المكتب، وقال إنه سيكون من الجيد أن يحضر رئيس المقر الرئيسي الحدث، يلقي كلمة قصيرة، ثم يلتقط صورًا لتعزيز صورة المجموعة. وعندما أجاب “جونسيوب” بالإيجاب، أضاف أن “يون وو كيونغ” ستنتقل بين شركة “آبل” ومكتب العلاقات العامة لبضعة أيام.
عندما رفع “جونسيوب” رأسه، كان المدير “يو” واقفًا بلا حراك، وعيناه معلقتان بعينيه كأنه يحاول قراءة ما يدور في ذهنه من وراء ملامحه.
ــ “نعم، هذا صحيح.”
أجاب “جونسيوب” بإيجاز.
كان من الطبيعي أن تؤول مسابقة الفن البيئي إلى “لي سيوب” بعدما قرر الرئيس “تاي سي هوان” أن يرافقه “جونسيوب” إلى اجتماع رجال الأعمال. كما أخذ “لي سيوب” الخطاب المعد مسبقًا والتقط الصور.
لكن… هل رأى “جونسيوب” وجه تلك المرأة منذ رحلة العمل؟
لقد مر أسبوع كامل. جاءت مرتين لتقدم تقارير موجزة، لكنها لم تجرؤ أن تنظر في عينيه. وصلت مسودة الخطاب للأسبوع القادم عبر البريد الإلكتروني، وكذلك التصحيحات.
كانت المرأة حذرة من “جونسيوب” كأرنب يقف فروه منتصبًا. حتى حين يمد يده إليها، كانت تقبض قبضتها وتصرخ.
هل تعاملني وكأنني مشاغب؟
أغلق “جونسيوب” الشاشة.
مسح جبهته بكلتا يديه، ودفن أصابعه في شعره للحظة.
ثم، بعد أن أغلق عينيه قليلًا، أعاد فتحهما وفتح الملف من جديد.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 23"