كان عليَّ أن أفكر فيما حدث. يجب ألا أتوقف عن التفكير. هكذا فقط، شعرتُ أنه قد يكون على قيد الحياة. كنتُ بحاجة إلى دليل يؤكد أنه لم يمت. كنتُ بحاجة إلى أمل.
— أولاً… سمعتُ صوت تكسير…
لم أستطع إزالة بقع الدم عن ورق الحائط. استنتجتُ الظروف منها.
لا بد أن عراكًا حدث. ليام مور ليس من النوع الذي يُهزم بسهولة. ربما أخرج سيفه الغريب للدفاع عن نفسه. خلال ذلك، تحطم بعض الأثاث، ومن المحتمل أن الستائر تمزقت بسبب السيف.
تعرض لهجوم…
مرة واحدة. لم يكن النزيف كبيرًا. تعرض للهجوم في وسط الغرفة، لكنه تحرك بسرعة ليستعيد مكانه. الهجوم الثاني كان الضربة القاتلة. كانت هناك بصمة يد على الحائط، كأنه اصطدم به أو استند إليه. حجم اليد كان له. أنا أعلم.
تخيلتُ ليام مور مصابًا، مستندًا إلى الحائط. اجتاحني حزنٌ لا يُطاق، فشعرتُ بضيق في التنفس. قلبي، الذي أصبح الآن ملكي، انهار وهو يعبر عن مشاعر حقيقية.
لم أتحدث إلا بعد أن بقيتُ وحدي.
“ما الذي حدث لك؟”
وضعتُ يدي على البقعة الجافة المتسربة في الحائط، وهمستُ. تمنيتُ لو شعرتُ بدفء هناك.
“ليام.”
الغرفة هادئة. لا رد يأتي. عضضتُ شفتي بقوة وسألتُ:
“أين أنت؟”
***
منذ الصباح، كان شارع بايلاندز صاخبًا.
فكرتُ طوال الليل. في الصفحة الأخيرة من دفتري، هناك تسع فتحات، وأهم القضايا السابقة مخزنة هناك. آخر ما حفظته كان في الفتحة السابعة، تحتوي على أمسية ما بعد قضية الحرم الجامعي.
إذن، يمكنني فقط استدعائها… لكن، إذا كان ذلك سيُضاعف ألم ليام مور، فلن أسامح نفسي أبدًا.
بعد مغادرتي، لا بد أن ليام مور تعرض للهجوم. لكن، إذا منعتُ تلك اللحظة، وتعرض للهجوم مجددًا؟ هل يمكنني الاستعداد؟ تكرار الإعادة حتى أعرف كل شيء ليس خيارًا جيدًا.
لا أعرف. رأسي مشوش. قررتُ تأجيل استدعاء الملف. لا أريد التفكير في هذا، لكن إذا تأكد موت ليام مور، سأعود. الآن، قررتُ أن أفعل كل ما بوسعي في هذه الدورة.
ما الذي يجب أن أفعله لأجد ليام مور؟
بينما كنتُ أفكر، سمعتُ جدالًا خارجيًا يقول إنه لن يستغرق وقتًا طويلًا. في هذه الأثناء، أعطتني ماري كومة من الرسائل. السيدة ماير، صاحبة المنزل، نظرت إليَّ وقالت: “جين، ماذا نفعل؟” وبكت. هدأتُ السيدة العجوز لفترة وعدتُ إلى غرفة الجلوس.
فجأة، سمعتُ طرقًا على الباب. منذ الصباح، كان الصحفيون يطرقون باب الطابق الثاني في 13 شارع بايلاندز.
كنتُ قد سئمتُ كل شيء. حقيقة أن ما حدث لنا كان بالنسبة لهم مجرد تسلية جعلتني عصبية. صرختُ بنزق:
“قلتُ إنني أرفض المقابلات!”
“أنا، آنسة جين.”
سمعتُ صوتًا مألوفًا. كان هيرشل هوبكنز هناك. صمت للحظات من خلف الباب، ثم تكلم:
“سمعتُ أن شيئًا حدث للسيد مور.”
“كيف عرفت؟”
لم أرسل أنا ولا ماري أي برقية. فتحتُ الباب.
اختار كلماته بعناية، ثم مدَّ لي جريدة. أخذتها وبدأتُ أقرأ المقال بصوتٍ عالٍ.
كان منزلنا مطبوعًا على الصفحة الأولى. بعنوان كبير: “محقق، مفقود؟” وجوه الشرطيين الجادة كانت واضحة. حتى المفتش جيفرسون، الذي حاول منع التصوير، ظهر في زاوية الصورة.
“<…حادث اختفاء في شارع بايلاندز. الضحية، رجل يبلغ 29 عامًا، محقق خاص…> ألا يوجد شيء اسمه أخلاقيات الصحافة في رؤوس هؤلاء الصحفيين؟”
“وإذا أضفتُ خبرًا متشائمًا آخر… يبدو أن الشرطة تعتبر هذه القضية جريمة بدافع الانتقام.”
رميتُ الجريدة بنزق بعد أن عجنتُها. ارتدت الجريدة المجعدة وتدحرجت إلى زاوية. لم يكن سلوكًا أظهره أمام هيرشل هوبكنز عادةً، لكنني شعرتُ أن هذا الغضب لن يهدأ إلا بهذا.
انتقام؟ انتقام؟ أي انتقام بحق خالق الجحيم! أولئك الذين يحملون ضغينة ضدنا لا يستطيعون تحريك ساكن أمام ليام مور. لقد ضربتُ بعضهم بنفسي. المنظمات الإجرامية الكبرى تفككت منذ زمن، فلا يمكنهم الانتقام.
“إنها جريمة، لكن لا أحد ممن ألقينا القبض عليهم يمكنه فعل هذا.”
“لا تعرفين.”
سماع كلمات هيرشل هوبكنز الباردة جعلني أبتسم بمرارة، مشوهة زاوية فمي. لا أعرف ماذا أفعل.
علمتُ ما سيقوله. الرسائل التي وصلت صباحًا قالت الشيء نفسه. “نأسف، نعزيكِ، ظننا أنه سيدفع ثمن أفعاله!” من أين سمعوا هذه الترهات؟ كانت الجريدة هي السبب.
فركتُ جبهتي. غضبي، الذي بلغ حنجرتي، كان على وشك الانفجار نحو لندن التي تتمنى موت ليام مور أكثر من أي أحد. طرحتُ سؤالًا حاولتُ ضبطه، لكن صوتي كان يرتجف دون سيطرة.
“هل تقول إنه ربما مات؟ أن أستسلم؟”
“…أعني أننا قد نحتاج إلى التحضير لجنازة. يجب أن تستعدي نفسيًّا.”
ها.
أن أفترض موته دون البحث عنه؟ لا أنوي وضع نعش فارغ في قبر ليام مور، وأقسم، لن أضع جثته هناك أبدًا.
لم أقصد الصراخ. توقفتُ، تنفستُ بعمق، وسألتُ بهدوء:
“ألا تشعر بأي شيء؟”
لقد رأيته منذ كان في التاسعة. كيف يمكنك أن تقول بسهولة أن أستسلم؟
صمت هيرشل، ضامًّا شفتيه، ثم تكلم:
“بالطبع، هذا الوضع مؤسف جدًّا بالنسبة لي. لكن أحيانًا، يجب على أحدهم التفكير بعقلانية.”
ثم أفلت يدي.
“سأبحث أيضًا. يجب استخدام علاقاتي في مثل هذه الأوقات. ليس لديَّ وجه لمقابلة آرثر…”
غادر هيرشل بسرعة كما جاء. كانت ماري في الطابق السفلي تتعامل مع الصحفيين الذين يتطفلون بحثًا عن أخبار. سمعتُ صراخها.
في هذه الأثناء، قررتُ. ليس وقت الجلوس هكذا. يجب أن أخرج وأكتشف شيئًا.
فجأة، رأيتُ معطف ليام مور.
***
آسفة، ليام.
سرقتُ ملابسه وارتديتها. السراويل والقمصان، الأشياء الداخلية، تم حلها بملابسي (التي صنعت خصيصًا)، لكن لم يكن لديَّ معطف. لكنني متأكدة أنه لن يمانع إذا ارتديتُ ملابسه.
أضفتُ نعلًا داخليًّا لزيادة طولي، ورفعتُ شعري وخبأته تحت قبعة. وضعتُ مكياجًا عمدًا لتعديل حاجبيَّ ووجنتيَّ. أصبح انطباع “جين أوزموند” مخفيًّا قليلاً، وتحول وجهي إلى وجه شاب نبيل. أشعلتُ سيجارة لتفوح مني رائحة التبغ. لففتُ وشاحًا حول رقبتي الناعمة.
تذكرتُ كلام ليام:
— اجعلي خطواتك ثقيلة. لا تصطنعي صوتك.
الملابس السميكة أخفت قوامي. حملتُ عصا تحتوي على حديد، يمكن استخدامها للدفاع.
“أيها السائق!”
خرجتُ من الباب الخلفي ومددتُ يدي لأستقل عربة.
“إلى أين، سيدي؟”
فكرتُ للحظة، ثم قلتُ:
“إلى University College.”
ملاحظة : university college هي جامعة موجودة في لندن فعلًا ف قررت احطها بالاسم الانجليزي
***
لحسن الحظ، لم يتعرف عليَّ أحد. تجولتُ في الحرم الجامعي، ولم يتحدث إليَّ أحد تقريبًا. توجهتُ بشكلٍ طبيعي إلى قاعة المحاضرات حيث وقعت القضية الأولى.
في القرن التاسع عشر أو الحادي والعشرين، هناك شيءٌ لا يتغير: إذا مات شخص في المدرسة، فإن المحاضرات تستمر. سمعتُ صوت الأستاذ من فتحة الباب المفتوح قليلاً. نظر إليَّ طالب في الممر، فشعرتُ بالتوتر، لكن يبدو أنه لم يكتشف هويتي.
كان هناك عود ثقاب.
أعاد عقلي بناء مسرح الجريمة.
كان الرجل في المنتصف.
هل كانت رسالة لمن سيأتون لاحقًا؟ إذا كان بإمكان شخص قتل إنسان دون أن يلاحظه أحد، فيمكنه إخفاء الجثة أيضًا. كان بإمكانه جعل الضحية مفقودة، مثل ليام مور. لكن تركها بشكلٍ واضح كان…
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 56"