شعرتُ برعشة باردة تنزلق أسفل عمودي الفقري. شيء بارد ورطب بدا وكأنه يتسلل على ظهري، يلتف حول رقبتي، يهمس لي.
“لقد انتهيتِ.”
سمعتُ الكلمات بوضوح. شعرتُ بدوار من ضوء الشمس، تألمت رأسي، وغمرني غثيان شديد. كان قلبي ينبض بجنون، ثم،
“جين. جين. انظري إليّ.”
هرع ليام مور، ملقيًا بحقائبه وممسكًا بكتفيّ. كانت يداه دافئتين، صوته دافئًا، كل شيء دافئًا، لكن لا ينبغي أن يكون كذلك. لا ينبغي أن يكون كذلك. يجب أن تكون هذه لعبة.
لا بد أنني كنتُ أعاني من نوبة. لم أستطع التنفس بشكل صحيح. حتى في حالتي المترنحة، لم يكن صوته في أذنيّ يشبه آلة، لم يكن رتيبًا. كان حيًا. حيًا جدًا، على عكس الصوت الخالي من العاطفة والمسطح لبرنامج تحويل الصوت الذي تذكرته. أتذكر ذلك جيدًا! جيدًا جدًل! لا يمكن أن تكون ذاكرتي خاطئة، لا يمكن أن تكون كذلك. إذا كان هذا واقعًا، فلن أستطيع العودة إلى المنزل، وإذا لم تكن لعبة بعد الآن، فماذا سأصبح؟
“جين!”
أخيرًا، رفعت رأسي. توقف جسدي عن المقاومة.
كان هناك غريب يقف أمامي. عينان رماديتان، شعرٌ أسود. لقد كان ليام مور الذي أعرفه، لكن في الوقت ذاته، كان ليام مور الذي لا أعرفه.
نظر إليّ بوجه “قلق”، كان صوته قلقًا، صوته…
“أنا… أنا، أعني…”
لماذا… لماذا كان في صوته عاطفة؟ لماذا بدا وكأنه “قلق” عليّ؟ لماذا كانت عيناه دافئتين وصوته بشريًا حقيقيًا؟ كان دائمًا يبدو كإنسان، لكن لماذا الآن؟ كيف؟
لم أفعل شيئًا. لم أتفاعل. لم يكن هناك زر تفاعل من الأساس!
أين حدث الخطأ؟ متى بدأ كل شيء يتعطل؟
كل شيء حولي كان حيًا، يتحرك من تلقاء نفسه. لم أنتبه حتى.
متى بدأت عيونهم تظهر العاطفة؟ متى بدأت أصواتهم تحمل النبرات المختلفة؟ متى بدأت ميزات اللعبة تختفي؟ لكن قبل ذلك، هل هذه لعبة حقًا؟
ركبتاي استسلمتا. الرجل الذي يمسك بي صاح متفاجئًا. أسقطتُ رأسي، محدقة بفراغ في الأرض. كان ليام، الذي ركع معي، يقول شيئًا، لكنني لم أسمعه. كنتُ أشعر بالبرد.
تمتمتُ.
هذا ليس مكاني. أنا لا أنتمي إلى هنا. أنا لستُ حتى بريطانية. أريد التوقف. أريد العودة إلى المنزل. لقد كان الأمر ممتعًا، إنها لعبة رائعة. أنا أفهم، أفهم ذلك حقًا. الدقة التاريخية، الرسومات المذهلة، كل شيء حقيقي جدًا. التمثيل الصوتي رائع. كل شيء رائع. الصعوبة مناسبة تمامًا. من فضلك دعني أعود إلى المنزل.
“جين، من فضلك، أخبريني ما الخطب. دعيني أساعدك!”
لهثتُ بحثًا عن الهواء، فتحتُ فمي لإجبار الأكسجين على الدخول. تجمعت الدموع في عينيّ المحترقتين. لا. ضحكتُ. ضحكتُ بشدة حتى تألم بطني، وتألم جسدي كما لو أنني تعرضتُ للضرب، شعرتُ بالخفة والبرد. سمعتُ صدًا لصوتِ ضحكاتي.
بعد فترة طويلة، بالكاد تمكنتُ من مناداة اسمه.
“ليام شكوفيلد مور.”
لم يعد هناك أفكار تتبادر إلى الذهن.
“أشعر وكأنني على قيد الحياة…”
ثم وصلني سؤال ليام مور (ربما يحمل قليلاً من الخوف).
“…من أنتِ؟ ماذا فعلتِ بجين؟”
عدتُ إلى الواقع. لا، لا يمكنني أن أظهر ذلك.
فجأة، ومضت فكرة في ذهني. قصة شخص أخبر حالمًا أنه يحلم، وحدق الجميع إليه.
ماذا لو أدركت شخصيات اللعبة غير القابلة للعب أن هذه لعبة؟ كانت فكرة مخيفة.
يديّ المرتجفتان أخرجتا دفترًا. ماذا فعلتِ بجين؟ يا له من سؤال مضحك. لم تكن جين سوى دمية فارغة، تنتظر شخصًا ليحل محلها. إذا أغلقتُ اللعبة، فإما أن تتوقف، تختفي، أو تبقى دون تغيير إلى الأبد. بدوني، أنتَ أيضًا،
“من أنتِ؟”
سأل ليام مور مجددًا، صوته منخفض ومليء بالغضب. بدا وكأنه يراني كشيء استولى على جسد جين. كان ذلك صحيحًا نصفًا.
كان وجهي مبللاً. ربما مغطى بالدموع. لم أرد إظهار هذا الوجه. لم أرد أن يرى وجهي خاليًا من كل تظاهر وبارد.
كان الرجل على وشك سؤالي بغضب مجددًا لكنه توقف عندما رأى وجهي. نعم. إنه يفهم. لا يوجد وحش استولى على جسد إنسان يمكن أن يظهر مثل هذا التعبير. أجبتُ.
“…لا أعرف…”
أنا آسفة. أعتذرت مرارًا وتكرارًا. أنا آسفة. سأخبرك في المرة القادمة.
أضاءت الشاشة. لا، هل كانت تظلم؟
[جار التحميل…]
ظهرت الكلمات. شعرتُ وكأن شخصًا يكتبها مباشرة.
أنا…
ثم عادت الصفحة إلى الوراء.
***
رأيتُ ظهر ليام مور وهو ينهض من مكانه.
متى بدأ ذلك؟ جسدي وعقلي تبعا الحالة المخزنة، واختفى الجنون المؤقت الذي هز رأسي في وقت سابق، تاركًا عقلًا باردًا وهادئًا ليرحب بي. شعرتُ وكأنني أُغمر بماء مثلج. ارتفعت الحمى ثم بردت فجأة، مما جعلني أشعر بالبرد.
جين أوزموند. أنا. لا أعرف الاسم. لا أعرف الوجه. لديّ شعر بني وعينان خضراوان وأعيش في 13 شارع بايلاندز، لندن. لا… لكن ما الذي كان غير صحيح؟
“هذا ليس صحيحًا…”
أدار ليام رأسه، عيناه مفتوحتان على اتساعهما. تفاعل مع صوتي. ليام مور، الذي لا يعرف شيئًا، فكرتُ، ماذا يجب أن أفعل بك؟
كان العقل ينظر إلى هذا الموقف مجددًا بثبات. دماغي، الذي لم يعد في نوبة، كان أخيرًا يفكر.
ما المشكلة؟
متى تغير؟
لم أكن أعرف ما الذي يختفي، وحتى لو عرفتُ، لم يكن لديّ طريقة لإيقافه. كان الأمر مثل الإمساك بالرمل. كلما ضغطتُ بقوة، تسرب بسرعة أكبر. كان هناك طريقة واحدة فقط للخسارة. هكذا هي الأمور. ستدفعني إلى الجنون في النهاية.
ماذا يجب أن أفعل لأبقى عاقلة؟
فكرتُ مجددًا، وجدتُ الإجابة في كلمات ليام مور. كان يقول دائمًا. لا تعرفي الكثير.
أردتُ أن أسأل إذا كان قد تنبأ بهذا. لكنني خفتُ أن يؤدي السؤال إلى نوبة أخرى، فأبقيتُ فمي مغلقًا.
انسي الأمر. إذا لم تستطيعي الفهم، انسي، وإذا فهمتِ، صلّي لتبقي عاقلة. ليس هناك خيارات كثيرة. سيكون هناك المزيد في المستقبل.
شعرتُ وكأن شظايا زجاج تتدفق عبر عروقي. كان حلقي يشعر بالوخز كما لو أنني ابتلعتُ عاصفة رملية، وكانت رأسي تدور. الحمى التي بردت كانت ترتفع مجددًا. كان القطار يهتز. كان يتأرجح صعودًا وهبوطًا كقارب. آه، ربما كانت رؤيتي هي التي تتأرجح…
تعثرتُ. اقتربت الأرض. لكن لم يكن هناك ألم. عادت عينا ليام مور إليّ، وأمسك بي بشكل مناسب.
“جين!”
دائمًا. هو دائمًا يراقب. إذا علم أنني لستُ جين الخاصة به، فسوف يتغير موقفه بسرعة كقلب اليد، لكنني لا زلتُ أتمسك بالأمل…
هذا المودة المصنعة هي سم. كنا نسير بالتوازي. بالتأكيد سيخطئ في اعتبار ذلك تواصلاً معي، لكنه لم يكن كذلك. كنتُ أركض نحو نهاية مجهولة، ولم يلاحظني أحد.
ربما إذا اقتربنا، ستتعرف على ‘أنا’…
لا ألومك. فقط من يستحقون يمكنهم اللوم. كنتُ فقط فضولية. من المفترض أن تساعد الأسماء في التعرف على بعضنا البعض، فلماذا لا تعرفني؟
كانت عيناه الرماديتان شفافتين قليلاً، أغمق نحو المركز. بدا وكأن شظايا لامعة تدور حولها. لم أستطع تحديد إذا كانت هذه هلوسة مني، لكن عقلي المحموم ألقى بأفكارٍ غريبة. هناك كون في عينيك.
“هل أنتِ بخير؟ ماذا حدث؟ هل أستدعي طبيبًا؟”
“أنا، أم،”
ضغطتُ على نفسي لأقول إجابة مترددة.
“ربما تكون هذه آثار ما رأيته بالأمس. شعرتُ فجأة بالبرد.”
غطت يد ليام مور جبهتي، حاجبة رؤيتي. حرارة جسده، التي كنتُ أجدها عادة ساخنة، شعرت بأنها باردة بشكل مفاجئ الآن. ربما لأنني كنتُ محمومة.
سرعان ما انزلقت يده، ملاطفة خدي. لم تكن يده الخشنة ناعمة، لكنها أعادت الاستقرار الذي فقدته. ومع هدوء تنفسي، تراجعت اللمسة المتبقية ببطء.
هذا لا يعني شيئًا. تمامًا كما أنا لا شيء هنا ولهؤلاء الناس…
“لنتوجه إلى الفندق. تحتاجين إلى الراحة.”
مع تلك الكلمات، فقدتُ قبضتي على وعيي العابر.
— ترجمة إسراء
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 43"