أستغفر الله العظيم واتوب اليه 

⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁

 

“إذا أردنا أن نستنتج، فيبدو أن شيئًا غريبًا قد حدث للفيكونت ديلانغ منذ أن استلم الجوهرة من جمعية السحر الأسود.”

 

أوركان حكّ ذقنه وتحدث بوجه جاد.

 

“هل هذا كل ما في المذكرات؟”

 

هزّت سيمون رأسها.

 

“لا، هناك المزيد.”

 

قطّبت بيانكي حاجبيها.

 

“المزيد؟ تقصدين أنه كتب مذكراته حتى وهو في تلك الحالة؟”

 

“ليس وكأنه كان طبيعيًا، بل أظن أنه كان يفقد عقله بالتدريج بينما كانت الأحداث تجري.”

 

“همم، إذن لنلقِ نظرة على المذكرات كاملة ونحاول ترتيب الوضع.”

 

أومأت سيمون لكلام أوركان وبدأت تقرأ التالي:

 

[حتى وقت قريب، كنت أظن أن ما أعانيه مجرد هلاوس أو أوهام بسبب إرهاقي الشديد مؤخرًا.

لكن اليوم أدركت أنني لست وحدي، بل الجميع في القصر يعانون الألم ذاته.

عائلتي وموظفوني جميعًا صاروا يجنّون تدريجيًا.

أعطتني جمعية السحر الأسود جوهرة يمكنها استدعاء الظواهر الغريبة مباشرة.

أدركت لاحقًا أن السبب وراء كل ما يحدث هو تلك الجوهرة، لكن محاولة حل الأمر الآن لا جدوى منها.]

 

قلّبت سيمون صفحات المذكرات بصمت.

 

[زوجتي وطفلي ماتا اليوم.]

 

تجمّد الرفاق الذين كانوا ينصتون بهدوء لكلمات سيمون وحدّقوا فيها.

 

“ماتا؟”

 

“نعم، مكتوب هنا أنهما ماتا.”

 

“لكن، لكن!”

 

قالت بيانكي بعدم تصديق:

 

“ألم تقولي إن للفيكونت وخدمه عائلات أيضًا؟”

 

“بيانكي، دعيها تكمل أولًا.”

 

تدخّل آبيل مهدئًا وأشار لسيمون كي تتابع القراءة.

 

فتحت سيمون الصفحة الأخيرة من المذكرات وقرأت:

 

[زوجتي وطفلي ماتا في النهاية بسبب الهلاوس، إذ كانت تظهر لهم امرأة حمراء العينين كل ليلة وتخنقهم.

وبالمثل، كان كثير من الموظفين يعانون التجربة ذاتها وينتهون بإنهاء حياتهم بأنفسهم.

في فترة قصيرة، مات العديد من ساكني القصر بسرعة.

ماذا علي أن أفعل الآن؟

إن كان السبب في كل هذا تلك الجوهرة التي جلبتها من جمعية السحر الأسود،

فكيف يمكنني أن أتحمل مسؤولية هذا الذنب؟

وهل هو ذنب يمكن التكفير عنه بحياتي؟]

 

أنهت سيمون القراءة وحدّقت في رفاقها.

 

“هنا تنتهي مذكرات الفيكونت ديلانغ.”

 

“هل انتهى كل شيء؟”

 

“لكن في النهاية، المذكرات لم تصف بشكل واضح هوية الخدم الغامضين في القصر أو حقيقة الفيكونت ديلانغ نفسه؟”

 

وأثناء حديثهم، واصلت سيمون تقليب المذكرات.

 

سسّك… سسّك…

 

عند صوت الصفحات، توقّف الجميع ونظروا إليها.

 

“ألم ينته الأمر؟”

 

“انتهى.”

 

فتحت سيمون الفصل الأخير مجيبة عن سؤال بيانكي.

 

“لكن الوصية ما زالت.”

 

“…وصية؟”

 

“وصية؟”

 

التفتت بيانكي وآبل نحو الباب في وقت واحد.

 

كتب الفيكونت ديلانغ وصية؟

 

ما معنى هذا…

 

نظرت سيمون إلى وجوههم وبدأت تقرأ الوصية:

 

[أواصل سماع صوت في رأسي.

كلمات كائن يتجاوز الجنس والعمر.

وحين أعود من عملي، أجد كل الموظفين المتبقين موتى.

إنه خطئي وحدي.

قلبي يتألم ولم أعد أحتمل أكثر.

لذا سأنتحر في هذه الغرفة اليوم.]

 

“…”

 

بام

 

أغلقت سيمون المذكرات تمامًا وكأنها النهاية بالفعل.

 

ظلّ الجميع يحدّقون في المذكرات بصمت.

 

إن كانت وصية الفيكونت ديلانغ قد نُفّذت حقًا، فهذا يعني أن من كان يتحدث معهم حتى الآن…

 

“أتقولين إنه ميت؟”

 

“ربما.”

 

“مستحيل… لكنه كان يتحدث معنا طوال هذا الوقت. كيف يكون ذلك؟”

 

“بيانكي، اهدئي. إن كان من السهل التمييز بين الأحياء والأموات بالنظر فقط، فكيف تفسرين خدم القصر؟”

 

حاول أوركان تهدئة بيانكي المذعورة.

 

“الوصية تصرّح بوضوح أن الخدم موتى.”

 

المذكرات تقول إن معظم الخدم ماتوا، والوصية تقول إن آخر من تبقى قد مات أيضًا.

 

ومع ذلك، ألا يوجد حتى اليوم خدم يعملون في القصر؟

 

هل سلوكهم الغريب أحيانًا سببه أنهم أموات؟

 

“هل هذا ممكن؟ هل يمكن لميت أن يبدو طبيعيًا إلى هذا الحد؟”

 

سألت بيانكي وهي تحدّق في سيمون. كانت تعرف أنه يمكن للروح التي تملك رغبة قوية أن تبقى مثل أشباح الميتم.

 

لكن هل يمكنهم تحريك الأشياء كالصحون والتحدث بجدية وكأنهم موجودون تمامًا؟

 

“نعم، ممكن. وهناك مثال واضح.”

 

“مثال واضح؟”

 

قالت سيمون بثقة:

 

“إنه قصر الدوق إيليستون.”

 

“…نعم!”

 

أدرك أوركان شيئًا وارتسمت ابتسامة على فمه.

 

الآن بدا وكأن الألغاز التي حيّرته منذ بداية الشكوك بدأت تنحل.

 

“إنها اللعنة ذاتها التي أصابت عائلة إيليستون!”

 

“لعنة؟”

 

“ماذا تعنين؟”

 

“نعم! دعوني ألخص الأحداث بالترتيب الزمني.”

 

صفّقت سيمون بيديها كمن يريد إزالة الارتباك.

 

“في إحدى الليالي، جاء المركيز بارينغتون إلى الفيكونت ديلانغ في مسألة عاجلة. قال إن هناك مشكلة خطيرة في الإمبراطورية وأراد منهم التحقيق في الظاهرة الغريبة معًا.”

 

وبما أن المركيز كان على اتصال بمخبر في قرية هرتين، يبدو أنه قصد أن يحقق بنفسه عبر المخبر، بينما أراد الفيكونت ديلانغ التحقيق من خلال جمعية السحر الأسود.

 

“حين زار الفيكونت الجمعية، أعطوه جوهرة. أخذها للقصر واحتفظ بها ليعطيها للمركيز لاحقًا.”

 

“ثم بعدها ظهرت الظواهر الغريبة. أليس كذلك؟”

 

أومأت سيمون عند كلام آبيل.

 

لا بد أنه كان يعاني من هلاوس سمعية وبصرية. ربما كان يرى المرأة حمراء العينين كما رأتها سيمون.

 

الناس الذين لم يحتملوا تلك الهلاوس فقدوا عقولهم واحدًا تلو الآخر، وانتهوا بالانتحار. وفي النهاية، أقدم الفيكونت نفسه على الانتحار بعدما أثقله الذنب.

 

وبهذا، لم يتبق أحد من عائلة ديلانغ.

 

“لكن من أعادهم للحياة؟ بتلك الهيئة الشبيهة بالبشر؟”

 

“هممم.”

 

ظهرت تجعيدة عميقة بين حاجبي أوركان.

 

لطالما قطّب جبينه بهذا الشكل حين يحاول ترتيب أفكاره المعقّدة.

 

“هل هذا ممكن؟ هل يمكن إعادة إحياء أحدهم كروح أشبه بالبشر؟”

 

“نعم.”

 

قاطعت سيمون أفكاره وأشارت إلى نفسها.

 

“ساحر الموت مثلي يمكنه فعل ذلك.”

 

ساحرة موت.

 

مؤخرًا، صارت سيمون أقرب إلى طاردة أرواح، تقضي أيامها برؤية الأشباح وطردها، حتى كاد رفاقها ينسون حقيقتها. لكن في الأصل، نيكرومانسر هم من يتحكمون بالجثث ويستدعون الأرواح.

 

ولهذا السبب، رغم أن بعضهم قد يحظى بمباركة إله قوي، فإن الناس يعدّونهم نذير شؤم.

 

لأن مجرد التلاعب بالموتى يثير الاشمئزاز.

 

إذن، ما هو استنتاج سيمون؟

 

“عائلة ديلانغ واقعة الآن تحت سيطرة ساحر موت.”

 

وفوق ذلك، تحت سيطرة ساحر موت قوي للغاية، قادر على جعل الأرواح تبدو وكأنها بشر أحياء، بل وتتصرف وتذهب للعمل بشكل طبيعي.

 

“استخدمت تعاويذ الكشف على جدران هذه الغرفة، فاكتشفت مكانًا مخفيًا بالكامل.”

 

“مكان مخفي؟”

 

“كان يشبه غرفة معيشة عادية، لكن على الأرض رُسمت دائرة كبيرة بالدم.”

 

“دائرة؟ آه.”

 

أوركان نظر إلى الورقة في يده.

 

كانت هي الرسم الذي أحضرته بيانكي من قبل متسائلة عن معناه.

 

أشارت سيمون إلى الورقة.

 

“ما هذا الرسم؟”

 

سألتها بعد أن كوّنت تخمينًا مسبقًا، فأجاب أوركان:

 

“إنها… دائرة استدعاء. تستعمل لاستدعاء شيء ما.”

 

إن كان شيئًا جمادًا، فيكفي بعض المواد البسيطة. أما إن كان كائنًا حيًا، فلا بد من تقديم تضحية ذات قيمة مماثلة.

 

عادةً، حين يُستدعى وحش لعقد، يُرسم الدم بدَم طائر. وللاستدعاءات الأقوى، يُرسم بدَم المستدعي نفسه.

 

“تلك الدائرة كانت مرسومة في غرفة المعيشة. هل يعني ذلك أنهم كانوا يحاولون استدعاء شيء؟”

 

فكرت سيمون بالمرأة حمراء العينين التي واجهتها في سحر الكشف.

 

لقد قالت: بضع عشرات من البشر لا تكفي لاستدعائي.

 

لتلخيص الأمر:

 

“كانت جمعية السحر الأسود تريد استدعاء كائن ما. لذلك أخفوا غرفة فيها دائرة الاستدعاء في قصر الفيكونت ديلانغ، وانتظروا موت جميع ساكني القصر واحدًا تلو الآخر.”

 

“…ولماذا؟”

 

أجابت سيمون فورًا على سؤال آبل:

 

“ليضحّوا بكل أفراد عائلة ديلانغ من أجل استدعاء كيان معيّن.”

 

“مَن…؟”

 

“أنسيس.”

 

قالها لويس فجأة بعد أن ظلّ صامتًا طوال الوقت منذ بدأت قراءة المذكرات.

 

“أنسيس، الخائنة التي أُعدمت قبل ثلاثمئة عام في إمبراطورية لوان. كانوا يحاولون استدعاءها، أليس كذلك؟”

 

وكان لويس يمسك في يده رسالة من دوق إيليستون.

 

Sel

للدعم :

https://ko-fi.com/sel08

أستغفر الله العظيم واتوب اليه