أستغفر الله العظيم واتوب اليه 

⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁

 

جلسَت سيمون على الكرسي تحدّق بالنافذة لوقتٍ طويل، ثم بدأ رفاقها الذين خرجوا يعودون واحدًا تلو الآخر، لكنّهم توقّفوا عند رؤيتها جالسةً هناك.

 

“ما الأمر؟ سيمون، لماذا تفعلين ذلك؟”

 

“آه! هل هذا ما زال هنا؟ بدأت أشعر بالغثيان مجددًا.”

 

“لكن ما زال رائحته طيبة. يشهّي.”

 

“متى ستجلبون لي الطعام الجديد، لويس؟”

 

“آبيل، اصمت.”

 

أوقف لويس آبيل الذي كان يبحث عن وجبة جديدة رغم أن ذراعيه كانتا ممتلئتين بالطعام. ثم نظر بجدية إلى ظهر سيمون.

 

“هل اكتشفتِ شيئًا في هذه الأثناء يا سيمون؟”

 

تحوّلت أنظار الجميع نحوها.

 

وقفت سيمون، استدارت، وقالت:

 

“لن آكل أي طعام من هذا القصر بعد الآن.”

 

“هاه؟ لماذا؟”

 

“لأن طعمه سيء؟”

 

هزّت سيمون رأسها وأشارت نحو النافذة.

 

“من الآن فصاعدًا، لن آكل إلا الطعام الذي نجلبه من الخارج.”

 

ما الذي يحدث خارج النافذة؟

 

نظر الجميع إلى النافذة دون أن يفهموا ما يجري.

 

ثم بدأ أوركان يلاحظ شيئًا غريبًا، فتجمّد تعبير وجهه.

 

“ماذا؟ ماذا هناك يا جماعة؟”

 

“لماذا أنتم جادّون هكذا؟”

 

بينما كان آبيل وبيانكي، اللذان لم يلحظا الأمر بعد، يتذمّران، أشار لويس إلى نقطة على زجاج النافذة دون أن يشيح بصره.

 

“الطبق…”

 

“طبق؟”

 

“لا يوجد… طعام.”

 

“ماذا تقول؟”

 

عندها فقط شهقت بيانكي بدهشة، وأطبقت فمها بإحكام.

 

أدار آبيل رأسه ذهابًا وإيابًا بين الطبق المنعكس في النافذة والطبق الممتلئ أمامه، غير قادر على الفهم.

 

“رين؟ لماذا هكذا…”

 

“لا أعلم.”

 

أجابت سيمون بدلًا من لويس وقالت:

 

“هناك شيء مريب في هذا القصر. من الأفضل ألا نأكل هذا الطعام الغريب. على الأقل هو لا طعم له.”

 

أومأ لويس قليلًا.

 

“حسنًا. إذن سأذهب أنا وأوركان لشراء طعام لكم.”

 

“لا، الخروج لجلب الطعام في كل مرة قد يثير انتباه أهل قصر ديلانغ.”

 

“إذن ماذا ستفعلين؟”

 

“رين، آسفة، لكن يجب أن أذهب إلى قصر إيليستون للحظة.”

 

“قصر عائلة إيليستون؟… لا مانع عندي، لكن ما السبب؟”

 

بدت ملامح سيمون جادة على غير عادتها.

 

“سأكتب رسالة إلى الدوق الأكبر. أولًا، بشأن طعامنا، ثم…”

 

يبدو أنها تحتاج لمعرفة أشياء لا يمكن كشفها من داخل قصر ديلانغ.

 

‘كان عليّ أن أشكّ بتلك الشبح العجوز منذ أن هربت…’

 

ألا يمكن لتلك الروح القديمة أن تكون أيضًا كاشفًا للخطر؟

 

لم يكن لدى سيمون شعور جيّد تجاه الأمر.

 

“…إذن، هل نأكل أولًا؟”

 

“هاها! حسنًا!، هل تريدين أن تأكلي؟”

 

سارع آبيل وبيانكي لتخفيف الجو المتوتّر عبر توزيع الطعام الذي اشتروه من الخارج. لكن رغم محاولاتهم لخلق جو مرح، ظلّت سيمون وبقية المجموعة صامتين، يأكلون غارقين في أفكارهم.

 

تلك الليلة.

 

في وقتٍ كان الجميع فيه نائمين، باستثناء الفيكونت ديلانغ الذي سهر يعمل مجددًا، خرج لويس بهدوء من القصر متجهًا إلى قصر إيليستون.

 

أما الآخرون، فانشغل كلٌّ بمهمّته.

 

بيانكي جالت في أرجاء القصر خفية عن الخدم تبحث عن معلومات، بينما اختبأ آبل في الحديقة يراقب غرفة الفيكونت ديلانغ.

 

وسيمون…

 

“ضَع يدك على الجدار ودَع المانا تتسرّب ببطء في المنطقة التي تلمسها.”

 

“ببطء؟”

 

“نعم، ببطء شديد، تدريجيًا. كلما كانت أوسع وأسطح كان أفضل. فقط كن حذرًا من الإفراط بالقوة.”

 

استغلت سيمون القليل من الوقت لتتلقّى درسًا قصيرًا في السحر من أوركان.

 

“…هذا أصعب مما توقعت.”

 

“أنتِ تؤدّين جيدًا جدًا كمبتدئة. بل إن كمية وعمق المانا لديكِ مذهلان، ومن المدهش أنّك وصلتِ إلى هذا الحد بمجرّد هذا التعليم البسيط.”

 

قال أوركان وكأنه يحدّث تلميذة صغيرة، واضعًا يده على الجدار بجانب يدها ليستشعر تدفق المانا.

 

“نعم، هكذا تُوزّع. لكن توزيعها لا يعني فقدانها. فالسحر الكاشف يوصل جميع الأعصاب إلى المانا الموزّعة ليبحث عن أي مهيّجات.”

 

“…نعم.”

 

كالعادة، أوركان، كأفضل ساحر في إمبراطورية لوان، شرح لها طريقة استخدام سحر الكشف بطريقة جعلت سيمون، التي لا تعرف شيئًا عن السحر، تفهم بسهولة.

 

أغمضت سيمون عينيها وركّزت كل طاقتها على المانا المنتشرة بالجدار.

 

شيء ما… يثير المانا الضعيفة المتوزّعة.

 

“…لا أظن أن هناك شيئًا هنا.”

 

قالت بجدية، فأومأ أوركان مبتسمًا بخفة.

 

“صحيح. لا شيء مكتشف الآن. أحسنتِ. من الآن يمكنك استخدام سحر الكشف كما فعلتِ. ولحسن الحظ، التعامل مع مانا الموت لا يختلف عن التعامل مع المانا العادية.”

 

أومأت سيمون.

 

“إذن، هل يمكنني فقط نشر المانا على الجدار طوال اليوم وأتحقق من أي مهيّج؟”

 

“نعم، تمامًا.”

 

بدا أوركان كالمعلّم الذي يربّي تلاميذه بالثناء، وقد بدت عليه السعادة لأنها فهمت حتى أبسط التفاصيل.

 

رفعت سيمون يدها عن الجدار.

 

من هذه الليلة حتى الفجر، أو حتى وقوع الحادث، عليها أن تُبقي يدها على هذا الجدار وتبقى متيقظة.

 

قد يكون الأمر منهكًا روحيًا وطاقيًا، لكن لم يكن هناك خيار.

 

‘قد يكون هذا الجناح سالمًا، بخلاف غرفة الفيكونت…’

 

لكنها لا تدري. ربما الظاهرة تنشط بأي طابق بمجرد استخدام الغرفة الأخيرة.

 

ولذلك، بينما كان آبيل وبيانكي يراقبان ويحققان، قرّرت هي وأوركان تفقد الغرف الأخيرة بكل طابق لمعرفة ما إن كان هناك شيء مخفي بالجدران.

 

غادر أوركان الغرفة قائلًا:

 

“سأراقب من القبو أيضًا. إن حدث أي شيء أو واجهتِ صعوبة، نادي عليّ فورًا. وإن لم تنجح الأمور، يمكنك استخدام مقعد الاتصال.”

 

“نعم، شكرًا لك يا أوركان.”

 

عاد أوركان إلى غرفته، وجلست سيمون على السرير تحدّق في الجدار الفارغ.

 

‘قد لا يكون الشبح الطارق هو المشكلة الحقيقية.’

 

خطر لها هذا فجأة.

 

بدأ الأمر بطلب التعامل مع طرقات على الجدار وشخص يطلّ من الهواء… لكن، هل هذا فقط ما هو غريب في هذا القصر؟

 

طعام بلا طعم، طعام يظهر في الواقع ولا ينعكس في النافذة.

 

الخادم الذي قدّمه رغم أنّه يجب أن يكون قد تذوّقه.

 

وجبة جديدة لم تأتِ رغم طلب لويس.

 

كانت هذه كل الأدلة حتى الآن، ومع ذلك شعرت بالامتنان لاكتشافها مبكرًا.

 

الآن لا يمكنها إهمال حتى أصغر الشوائب.

 

أعادت يدها للجدار.

 

‘ببطء… تدريجيًا…’

 

هكذا مرّت الليلة الأولى، وكل واحد منهم منشغل بمهمته.

 

خربشة خربشة خربشة خربشة خربشة-

 

“أه… أه…”

 

غرفة الفيكونت ديلانغ.

 

تتحرّك يداه بسرعة تحت ضوء الشموع الذائب.

 

تحوّل لون جلده إلى البنفسجي، وعيناه غائرتان ما زالتا.

 

حدّق في الكلمات التي تخطّها يده دون أن يرمش، عيناه متّسعتان مليئتان بالشعيرات الدموية.

 

خربشة خربشة خربشة خربشة خربشة-

 

جييييك!

 

تمزّق الورق بين يديه من شدّة السرعة، ولم يلبث أن غطّى مكتبه بالحروف حتى لم يبق مكانٌ يُكتب فيه.

 

“طنين! طنين، طنين…”

 

في تلك اللحظة، طرق الباب.

 

دخل الخادم مترنّحًا، عيناه متدحرجتان، وفتح فمه قائلاً:

 

“وو… اربطوه… آآآآآآآآه…”

 

“اصمت… اصمت… اصمت…”

 

خربشة خربشة خربشة خربشة خربشة-

 

في لحظة، انقلبت عينا الفيكونت وهو يتمتم كالتعويذة:

 

“اصمت، أوه… اصمت… أوه… طَرق! ككك! طَرق!”

 

وبينما كان لحمه يتآكل عن يديه من شدّة الكتابة، استمر الفيكونت يكتب بعظامه.

 

غمر الدم المكتب تدريجيًا، ومع ذلك لم تتوقف يداه.

 

نظر الخادم إليه بعينين غائرتين، ثم أحنَى رأسه وسكب إبريق الشاي الفارغ في الكوب الفارغ.

 

م.م: سكان القصر كلهم ملعونين 🫣

 

“أوووووه… أووووووووه…”

 

خربشة خربشة خربشة خربشة خربشة خربشة خربشة-

 

لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان. الجو حار جدًا.

 

لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان. الجو حار جدًا.

 

لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان. الجو حار جدًا.

 

لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان. الجو حار جدًا.

 

تكررت الجملة نفسها عشرات المرات، بيدٍ دامية، على جدارٍ يزداد قتامة.

 

Sel

للدعم :

https://ko-fi.com/sel08

أستغفر الله العظيم واتوب اليه