أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
إنه غريب. لا يوجد مكان لتطأ فيه الأقدام حيث تلك الجدار. لا يمكن أن يكون هناك طرق على الباب.
(هل كنتُ أتوهم السمع؟)
اقترب الفيكونت ديلانغ بحذر من السرير ووضع أذنه على الجدار.
لكن لم يكن هناك أي صوت. زفر ديلانغ الصعداء.
(لا بد أني كنتُ أتوهم—)
طَرق، طَرق.
“…هاه؟”
ارتبك الفيكونت ديلانغ ورفع أذنه عن الجدار.
لكن هذه المرة تبِع الصوتَ اهتزازٌ شعر به على أذنه، كما لو كان أحدهم يطرق الباب عند أذنه مباشرة.
كان الصوت بالضبط وكأن شخصًا يطفو في الهواء ويطرق على الجدار، في نفس الجهة التي وضع فيها ديلانغ أذنه.
“…”
حدّق ديلانغ بالجدار ثم أدار رأسه بعيدًا.
(لابد أني مرهق.)
فالناس عادة ما يتعاملون ببرود مع المواقف التي يختبرونها لأول مرة.
ربما كان مجرد وهم سمعي أو سوء فهم. ربما كانت الرياح قوية على نحو خاص.
ولأن ديلانغ لم يكن يؤمن مطلقًا بالظواهر الروحية، فقد تجاهل الأمر في البداية.
لكن تجاهل الأمر باعتباره وهمًا ناتجًا عن التعب شيء، ودوامه لعدة أيام متتالية شيء آخر، حتى إن ديلانغ لم يعد قادرًا على تجاهله.
“هذا يثير جنوني. لماذا أسمع هذا الصوت في غرفتي فقط؟ يجب أن أغير الغرفة أو شيئًا من هذا القبيل!”
شكا الفيكونت إلى كبير الخدم وهو يتذمّر.
“لم تكن تلك الرياح. أبدًا لم تكن الرياح! الرياح لا يمكن أن تطرق الجدار بهذا الوضوح.”
“سيدي…”
“لا أستطيع فعل شيء بسبب ذلك الصوت! لا أستطيع حتى التركيز في عملي! ذلك الصوت بالتأكيد شخص يطرق.”
“من ذا الذي يمكن أن يفعل شيئًا كهذا…!”
“سأمسك به وأعاقبه. لكن كلما حاولت أن أتحقق يختفي. ماذا أفعل…؟”
كان ديلانغ غاضبًا حتى احمرّ وجهه، وهو يتجول ذهابًا وإيابًا.
فكّر كبير الخدم لحظة ثم قال:
“إذن، ماذا لو وضعنا خادمًا ينتظر بالخارج حين يسمع السيّد الصوت، فيمسك بالفاعل؟”
“تتكلم بغير منطق!”
ارتجف كبير الخدم من صياح سيده.
“المكان الوحيد خلف ذلك الجدار هو الحديقة في الأسفل! من الذي سيحاول الطرق على الجدار بينما خادم يراقب، ولا يوجد أي مكان يختبئ فيه؟”
“هذا… هذا صحيح…”
مع أنه لم يكن لطيفًا عادة، إلا أن ديلانغ كان يعامل خدمه أفضل من غيره من النبلاء. لكن عندما يُعطَّل عمله بهذا الشكل، يتحول إلى شخص مخيف.
وبعد جلبة كثيرة، خطرت له فكرة “عبقرية”:
“حسنًا، سنفعل ذلك!”
“ماذا؟ سيدي، ما الذي…”
“ثُقب! سأصنع ثُقبًا!”
“ثُقب…؟”
“نعم! ثُقب! سأضع ثقبًا صغيرًا في الجدار عند رأس السرير. وعندما أسمع الصوت، أنظر من خلاله. سأرى من يتسلق الجدار ويمارس حيله!”
بالطبع، كان كبير الخدم يعرف كم أن خطة سيده سخيفة.
فالقصر مبني من حجارة ملساء، لا يمكن اختراق جدرانه، ولا يوجد طابق ثالث أو سطح فوق الطابق الثاني حيث تقع غرفة ديلانغ.
لذلك، من المستحيل أن ينزل أحد من الأعلى ويطرق الجدار.
لكن كبير الخدم أطاع صامتًا.
فمجرد أن يصبح رجل بذكاء ديلانغ مسدود التفكير إلى هذا الحد يعني أنه غاضب جدًا. الأفضل إذن أن لا يُغضبه ويعمل بما يريد.
وفي ذلك المساء، صُنع ثقب صغير في جدار غرفة ديلانغ.
تلك الليلة—
طَرق، طَرق.
سمع الفيكونت، الذي ترك عمله وجلس ينتظر على حافة السرير، الطرق مجددًا عند أذنه.
(أمسكتك!)
أسرع ووضع عينه في الثقب. ثم أطلق شهقة وسقط للخلف وكأنه قفز من المفاجأة.
كان الثقب الذي اعتقد أنه مفتوح مسدودًا من الجهة الأخرى.
ولم يستغرق وقتًا طويلًا ليُدرك أنها عين شخص ملتصقة بالثقب!
شخص ما كان يقف بجواره تمامًا، يحدّق إلى الداخل ويطرق على الباب.
كاد قلب الفيكونت يتوقف من شدّة الصدمة قبل أن يستعيد وعيه أخيرًا.
هذه الطابق الثاني. المكان الذي توجد فيه تلك العين هو فراغ لا يوجد فيه أي موطئ قدم.
حتى لو استعمل المرء حيلة ما ليتشبث بجدار حجري أملس كهذا، فلن يستطيع أن يطرق وهو ملتصق بالثقب هكذا دون أن يخلع كتفه أو عنقه.
“إلى هنا تنتهي القصة. العميل، الفيكونت ديلانغ، طلب منكِ تحديد هوية ذلك الشخص والتعامل معه.”
بعد أن أنهى المركيز بارينغتون كلامه، سألت سيمون ما كان يدور في ذهنها:
“هل سمع أحد غيره ذلك الصوت؟”
“لا أحد. الفيكونت ديلانغ وحده من سمعه.”
“هل سبق أن نام أحد غيره في تلك الغرفة، يا صاحب السمو؟”
“لا. الغرفة أُعِدّت خصيصًا له حتى لا يزعجه أحد أثناء عمله.”
أجاب المركيز بسرعة عن كل سؤال ربما يخطر ببال سيمون.
“هل يحدث هذا فقط عندما يكون وحده؟”
“نعم.”
“إذن كيف ستحل سيمون الأمر؟ ألم تقل إنه لا يسمح لأحد بدخول غرفته؟”
قال آبيل بضجر، وهو يعرف من خبراته كيف يعامل النبلاء عامة الناس.
الكثير من النبلاء يكرهون رؤية العامة في حجرات نومهم، ومن كلام المركيز بدا أن الفيكونت من هذا النوع.
لم ينكر المركيز وقال:
“لكن الآن يمكنكِ الدخول مطمئنة.”
“لماذا؟”
“لأن الفيكونت ديلانغ يقيم منذ ذلك الحين في نزُل في الضواحي، قائلاً إن مجرد وجود ذلك الشيء في القصر يمنعه من التركيز على عمله.”
“يا للجبن…”
علّق بيانكي ساخرا. بدا أن المركيز وافقه وأطلق ضحكة مكتومة.
“على كل حال، إذا قبلتِ الطلب، فسوف أرافقكِ إلى القصر قليلًا. ما قرارك؟”
“نعم، سأذهب وأرى.”
“سأعطيكِ تعويضًا كبيرًا. رجاءً اعتني بالأمر جيدًا.”
أنهى المركيز بارينغتون كلامه بارتياح وغادر.
“ونحن سنذهب أيضًا.”
قال آبيل، فأومأت سيمون والتقطت شوكتها مجددًا.
صرير— طَق.
في وقت متأخر من المساء، توقفت سيمون عند غرفة صغيرة في زاوية القبو.
كانت تُستخدم قديمًا كسكن لساحر أسود، وهي الآن سجن مؤقت يُحتجز فيه مدير الميتم والمعلمون.
“…أهلًا.”
نظرت سيمون إلى الثلاثة الذين جثوا أمامها وانحنوا، وتذكّرت ما دار بينها وبين دوق إلستون في مكتبته سابقًا.
“لقد طلبوا لقاءكِ.”
“لا أريد لقاءهم.”
عند جواب سيمون الحاسم، أومأ الدوق، ثم أصدر أمرًا بالنزول إلى القبو مجددًا.
لم يكن يهمّه إن قُتلوا أو تُركوا أحياء، لكن على الأقل كان يرى أنه ينبغي لهم أن يعتذروا للضحية.
قال الدوق لسيمون، التي توجهت بتثاقل إلى القبو:
“أمرهم بيدك.”
(لا أظن أن شيئًا سيتغير سواء ذهبتُ أم لم أذهب.)
لكن ماذا أفعل إن أمرني صاحبي بالعمل؟
فها أنا ذا.
“كنتُ أنتظر…”
جلست سيمون على السرير غير مبالية بما يقوله الثلاثة وهم جاثون ورؤوسهم ملتصقة بالأرض.
رائحة بشعة، ووجوه منفّرة.
“هاه.”
مجرد وجودها في هذا المكان جعلها تزفر.
“آه…”
المديرة، التي كانت واقفة بلا حراك، أطلقت أنينًا فجأة وارتجفت.
كانت آلام ساقها وضلوعها لا تزال مبرحة. نظرت سيمون إلى ساقها المكسورة.
كانت متصلّبة بشكل غريب مع اعوجاجها.
لم يكن من السهل حتى أن تستلقي بهذا الشكل.
ماذا قال دوق إلستون لهؤلاء حتى تغيّرت مواقفهم بهذا الشكل؟
أجهش المدير والمعلمون بالبكاء، من عار وألم ومشاعر مختلطة.
(لماذا عليّ أن أنتهي هكذا؟)
لا تزال المديرة تشعر أنها ستموت من الظلم.
لكنها الآن لا تستطيع حتى أن تُظهر سخطها أمام تلك المتعجرفة سيمون. لأن حياتها بيدها.
“آه…”
تذكرت المديرة آخر حديث دار مع الدوق.
لم يقل الكثير.
في البداية، اكتفى بالوقوف ومراقبتهم يصرخون من الألم والخوف حتى أنهكهم التعب.
ثم عندما ترجّت المديرة ألا يطلق سراحها، بل فقط أن يُصلح ساقها، تكلم أخيرًا.
“مؤخرًا، رُفعت اللعنة عن عائلتنا.”
كان حديثًا لا علاقة له بحالتها.
“نعم، نعم! أعلم! حقًا، رائع! لذا أرجوك—”
لا أحد في هذه المنطقة يجهل أن أسرة إلستون ملعونة.
وبما أن خبر رفع اللعنة عنها قد انتشر مؤخرًا، فقد كان المدير والمعلمون الذين يديرون الميتم في الأطراف يعرفون ذلك أيضًا.
“سيمون… هي من رفعت اللعنة.”
توقفت المديرة فجأة عن الكلام.
(سيمون رفعت اللعنة عن هذه العائلة؟)
حينها فقط استوعبت المديرة حقيقة هذه النهاية الغريبة، وكأن صاعقة ضربتها.
م.م: ضربة في منتصف الجبهة 🫠
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 76"