أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
الوقت الذي كانت فيه المديرة تتعرض لمضايقات الأشباح.
كانت سيمون ولويس يراقبانها من زاوية مخفية عبر شق في الباب.
“آآآآآآآه!!! أنقذوني!!!!”
كانت المديرة تصرخ، تنزف، ثم تنقلب عيناها. كان الأمر أشبه بالتعذيب، سوى أن الخصم لم يكن إنسانًا.
من الواضح أن المديرة شخص شرير، لكن مجرد المشاهدة لم يكن بالأمر السهل.
سأل لويس، وهو يصرف نظره عنها:
“هل أكتفي بالجلوس والمشاهدة؟”
رفعت سيمون رأسها ونظرت إليه.
“هل تعتقد أننا بحاجة لإنقاذ المديرة؟”
“لا، ليس هذا ما أعنيه. إن واصلت على هذا الحال، قد تموت.”
“لن تموت. سيتركون حصتي.”
“هم… ماذا تعنين؟”
التفت لويس مجددًا إلى المطبخ. وكما توقّع، لم يرَ شيئًا سوى المديرة التي فقدت وعيها أخيرًا.
ألم يختفِ ذلك الشبح قبل قليل؟
فبعد أن تأكّد من أن المديرة بشرية، كان الشبح الوحيد الذي رآه هو ذلك الوجه الرجالي الذي ظهر في البداية.
لم يرَ شيئًا آخر.
يبدو أنه، باستثناء سيمون بصفتها نكرومانسر، لم يكن قادرًا على رؤية الأشباح في كل مرة.
فالأشباح الموجودة في القصر قد تكون كيانات ملعونة تملك شكلًا من المانا، لكن الأرواح خارج القصر لم تعد تملك حتى المانا، وهي كيانات غير مادية.
لا يمكن رؤيتها إلا بإرادة قوية.
الأشباح التي لا يستطيع لويس رؤيتها الآن تراها المديرة بوضوح، لأنها إنسانة عادية، والدليل أنها تتلوّى وتفقد وعيها.
واحد… اثنان… ثلاثة… أربعة…
في تلك الأثناء، كانت سيمون تحصي عدد الأشباح في ذهنها.
كان هناك ما مجموعه اثنان وعشرون شبحًا مجتمعين في الغرفة.
وإذا أضفنا الأشباح التي لم تظهر بعد وما زالت مختبئة، فسيكون العدد كافيًا لصنع حوالي ثلاثين تعويذة.
أومأت سيمون برأسها ونهضت قائلة:
“الآن وقد تأكدت من كل شيء، فهذا مريح أكثر، إذ لا حاجة لأن أفتش المبنى بأكمله واحدًا واحدًا، صحيح؟”
انفجر لويس ضاحكًا بعدم تصديق من كلماتها.
“عندما أفكر بالأمر مجددًا، سيمون حقًا…”
واحدة من بقايا دماغها تعمل بذكاء.
هكذا جرت الأمور:
حين كانت المديرة تتألم وهي تصطدم بالجدار، اختفى شبح الوجه الرجالي مطيعًا عند قول سيمون: “لا تقتلوا المديرة.”
حينها أدركت سيمون.
إنهم يحبسون المديرة هنا كي ينتقموا من سيمون.
فخطرت لها فكرة ذكية: لنقدّم المديرة كطُعم ونراقب.
أي أن يُقيَّد جسدها فلا تستطيع الهرب، وعندما تدرك الأشباح أن الهدف لا مفرّ له، ستتجمع حوله.
وتبيّن أن توقّع سيمون كان صحيحًا تمامًا.
الأشباح التي كانت تعذبها في الماضي بدأت تتجمع هنا واحدًا تلو الآخر، وبدأت تعذّب المديرة بجدّية.
“كيف تجري الأمور؟”
في تلك اللحظة عاد آبيل ورفاقه الذين كانوا يفتشون الميتم. كان آبيل يحمل امرأتين على كتفيه.
ألقاهما على الأرض بقوة.
كانتا المعلمتين اللتين عذبتا سيمون مع المديرة.
“سيمون، هل هؤلاء هما المعلّمتان اللتان ذكرتِهما؟”
التفتت سيمون للحظة، وألقت نظرة على المرأتين الممدّدتين، ثم أومأت برأسها.
“نعم، هما.”
قال آبيل:
“لقد كان من الصعب العثور عليهما. لولا أوركان، لما وجدناهما لأنهما اختبأتا جيدًا. بالكاد تمكّنت من إيجادهما بفضل حساسية أوركان للمانا.”
هزّ بيانكي رأسه بقوة وصفع ظهر أوركان ضاحكًا.
“آه! ماذا تفعل يا بيانكي!”
قال بيانكي:
“أوركان عثر عليهما وآبيل طرحهما أرضًا حتى لا يهربا. هل أنتِ متأكدة أن لا يوجد غيرهما؟”
“نعم، كلاهما فقط.”
الميتم لم يكن كبيرًا، كانوا يأخذون الكثير من الأطفال لجمع المال، لكن لم يكن لديهم عدد كافٍ من المعلمات، ولم تكن الإدارة صحيحة أصلًا.
حدّقت سيمون بالمرأتين قليلًا ثم أدارت وجهها بلا مبالاة.
“لنضعهما أيضًا في الغرفة.”
“حسنًا.”
أعاد آبيل حمل المعلمتين إلى المطبخ حيث كانت المديرة.
فتجمّع المزيد من الأشباح، ليصبح العدد ثمانية وعشرين.
قالت سيمون:
“فلنبدأ بالرحيل الآن؟”
كانت متوترة قليلًا لأن طلب مركيز بارينغتون جاء في مكان تعرفه، لكنه لم يكن بالأمر الصعب، فقط العدد كان كبيرًا.
يمكنهم إنهاء التحقيق هنا، والعودة لاحقًا للتعامل مع تلك الأشباح.
فالأشباح هنا، بخلاف لعنة القصر، يمكن القضاء عليها بالتعاويذ فقط.
وأشار آبيل إلى المديرة والمعلمات الممددات:
“سيمون، هل ستتولين أمرهن؟”
أومأت برأسها.
فحمل آبيل “الحمولة” على ظهره واتجه نحو العربة، بينما تبعه البقية إلى الخارج.
أما سيمون، فتوقفت والتفتت نحو الأشباح التي كانت تحدق بها، وقالت:
“أراكم لاحقًا. شكرًا… على إزعاجكم لي.”
فاختفت الأشباح الثمانية والعشرون بهدوء، من دون أن ترد على كلماتها.
وبالرغم من أن آبيل كان نحيفًا جدًا، إلا أنه بدا خفيف الحركة حتى وهو يحمل ثلاثة أشخاص دفعة واحدة.
“فلنخرج من هنا. الرائحة مقززة. أُغغ!”
خرجت سيمون ورفاقها من الميتم بعربة تقلّ ثلاثة أشخاص فاقدي الوعي، وقد أنهوا مهمتهم بنجاح.
“آه…”
ارتجفت المديرة في الهواء البارد.
كان الجو باردًا كالمعتاد، لكنها أدركت غريزيًا أن هذا ليس نفس الميتم الذي حُبست فيه أشهرًا.
الهواء أنقى.
ورغم أنها كانت حبيسة طويلًا، لم تعد رائحة العفن التي اعتادت عليها تخرج اليوم.
…ماذا؟
كانت على وشك أن تغفو لتتجاهل التعب الذي لم يزل مهما نامت، لكنها فتحت عينيها فجأة بفعل الألم في ساقيها.
“آه! أوي!”
ما الأمر؟ ماذا حدث؟
ساقاها لا تتحركان. ليس ذلك فحسب، بل بالكاد كانت قادرة على التنفس.
“أوغغ… آه…”
حاولت أن تمسك بساقها المكسورة وبطنها، لكنها لم تستطع.
ذلك لأن جسدها بأكمله كان مربوطًا بإحكام بالحبال.
مكان غريب، ألم غريب، وثياب ملطخة بالدماء.
تنفست المديرة بعمق وأطلقت أنينًا مذعورًا.
ذكريات ذلك الجحيم عادت متأخرة قليلًا.
ذلك اليوم، كعادتها، عانت من شبح رفعها في الهواء وضربها في كل مكان.
ثم ظهرت أمامها سيمون، التي كانت تعتقد أنها ماتت منذ زمن، تنظر إليها بعينين باردتين.
ثم جعلت رجالها يقيدونها…
“تلك… تلك الحقيرة… أنا!”
ألقتها سيمون بلا حول ولا قوة بين أنياب الأشباح.
وكأنه انتقام.
نعم، كان انتقامًا.
سيمون التي رأتها ذلك اليوم لم تكن وهمًا. لقد جاءت فعلًا إلى الميتم، وقيّدتها، ورمتها إلى الأشباح.
فإن كان ما حدث انتقام سيمون، إذن يمكن تفسير كل شيء.
الأبواب التي لا تنتهي، والأشباح التي لاحقتها وعذّبتها هي والمعلمات.
كل ذلك كان انتقام سيمون.
“…سأقتلك.”
قبضت المديرة يديها ورجّت رأسها، تلقي باللوم على سيمون في الخوف والجوع وكل ما حدث.
ستقتل سيمون.
عليها أن تجد تلك الفتاة.
“…”
لكن أين هي؟
نهضت المديرة بيديها المقيّدتين غاضبة، وحدّقت حولها بتشتّت.
كان المكان مظلمًا. لكن عينيها قد اعتادتا الظلام، فلم يكن صعبًا أن ترى.
نعم، إنها في غرفة.
غرفة ضيقة بلا نافذة واحدة.
جدرانها وأرضيتها من الحجر، وبها سرير واحد فقط.
لكن حتى ذلك السرير لم يكن لها، إذ كانت مربوطة في زاوية بعيدة عنه.
جلست المديرة من جديد وهي تجرّ ساقها المكسورة.
لقد خرجت بالفعل من ذلك الميتم.
لحسن الحظ تخلصت من السجن الأبدي، لكن المشكلة أنها لم تهرب بحرية، بل يبدو أنها أُسرت من قِبَل شخص ما.
وذلك الشخص غالبًا سيمون.
ما الذي يحدث بحق الجحيم…
وبينما كانت تحاول استيعاب وضعها، أصابها الدوار من الألم والجوع والخوف.
كليك.
انفتح الباب، ودخل نور شمعة يبدّد الظلام.
“آه!”
ارتعبت المديرة وزحفت إلى الزاوية، لكن ما لبثت أن حدّقت بوجه الداخل، مغيرة تعابيرها لتحدق بغضب.
عينان حمراوان تحدقان بها، وشعر أسود يتدلّى بنعومة. ملابس فاخرة ورائحة عطرة جعلتها تبدو مختلفة تمامًا عن الفتاة التي عرفتها من قبل، لكن الوجه لم يتغير، سوى أن الجسد صار ممتلئًا.
همست المديرة بصوت متقطع، متألم:
“سيمون…”
جلست سيمون على السرير تنظر إليها بلا أي تعبير.
وخلفها، عند الباب المفتوح، كان هناك رجال آخرون.
رجلان سبق أن رأتهما في الميتم، وآخرون يرتدون زي خدم من عائلات نبيلة.
وقفوا أمام الباب، يسدّونه بإحكام كي لا يفلت أحد، وينظرون إليها بوجوه بلا تعبير، مثل سيمون تمامًا.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات