أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
قالوا إنها لم تغادر غرفتها حتى اليوم.
“اليوم؟”
“نعم يا سيدي.”
قطّب الدوق الأكبر إيلستون حاجبيه.
تابع كبير الخدم “كيل” تقريره بوجه متضايق:
“وفقًا لـ (آنا)، الخادمة المسؤولة عن رعاية الفتاة، يبدو أنها تتناول جميع وجباتها، لكن بخلاف ذلك، لا تستدعي الخادمات ولا تغادر غرفتها.”
“مفهوم.”
أجاب الدوق الأكبر إيلستون باختصار وعاد إلى أعماله. فعلى الرغم من أنه ينتمي لعائلة سقطت من مكانتها، إلا أن عليه مسؤوليات كثيرة كونه دوقًا أكبر.
أما كبير الخدم “كيل”، فقد بدا متململًا من هدوء سيده المفرط.
“سيدي، عندي أمر أود قوله بدافع القلق…”
كان كيل قلقًا حقًا.
لقد مرّت ثلاثة أيام منذ أن أقامت (سيمون) في القصر.
وخلال هذه المدة لم تفعل شيئًا سوى الأكل.
لم تحاول التجول في القصر، أو التحضير لكسر اللعنة، أو حتى فحص الشجرة الغريبة.
أليس هذا غريبًا؟
كسر لعنة كبّلت القصر لـ 300 عام من دون أي استعداد؟
في نظر “كيل”، لم يكن ما تفعله سوى إضاعة للوقت.
ادّعت أنها جاءت لتكسر اللعنة، لكن كل ما فعلته هو التمتع بالراحة والطعام الدسم، ومن ثم ستفر هاربة بعد أن ترتاح جيدًا.
والحقيقة أنه يسمع من آنا دائمًا أن سيمون لا تنهض من سريرها إلا في وقت الوجبات.
شعر أسود وعينان حمراوان كالدم. نعم، مظهرها كمستحضِرة موت واضح، وبالتأكيد لديها قوة تمكنها من عبور تلك الشجرة الملعونة.
لكن… هل لديها فعلًا القوة اللازمة لكسر اللعنة؟
تذكّر كيل مظهرها يوم وصلت إلى القصر:
ثيابها رثة نتنة، لا تملك أي لياقة أو آداب، كلامها خفيف، وعيناها مليئتان بالطمع.
لم تكن شخصًا يمكن الوثوق به أو تسليمه مهمة بهذه الخطورة.
لو كان ما تقوله صحيحًا فخير وبركة، لكن ماذا لو كان كذبًا؟
وماذا لو علّق سيده آمالًا باطلة عليها؟
خشي “كيل” أن يُصاب الدوق الأكبر بخيبة أمل وجرح جديد.
“هل سيمون حقًا قادرة على رفع اللعنة؟ أخشى أننا قد جلبنا المتاعب على أنفسنا بجلب غريبة إلى هنا…”
أومأ الدوق الأكبر برأسه متفهمًا قلق كبير الخدم، لكنه أجاب بهدوء:
“سنكتشف قريبًا إن كانت صادقة. سأنتظر حتى يحين الموعد.”
لو كانت محقّة، فسيكون قد ضيّع فرصة عظيمة بسبب شكوك فارغة.
“صحيح، لكن… أخشى أن تأكل وتشبع ثم تهرب. وكذلك جعلها الجميع ينامون مبكرًا، هذا مثير للريبة. لا أستطيع أن أطرد الشك من قلبي.”
“إذن دع الشك عندك أنت، كيل.”
“سيدي؟”
“أنا سأنتظر وأرى.”
“… مفهوم يا سيدي. سنُحكم الرقابة على سيمون. لم يظهر منها أي استعداد لرفع اللعنة في الأيام الماضية، فيجب أن نتحسّب لهروبها.”
“مفهوم.”
مرّ الوقت، وها قد انقضت 6 أيام. يوم واحد فقط قبل الموعد الذي وعدت به سيمون.
سيمون، التي عاشت طوال الأسبوع مثل الجرذ في غرفتها لا تفعل شيئًا سوى الأكل، خرجت أخيرًا.
وذلك لأن الدوق الأكبر استدعاها لأول مرة منذ قدومها.
خرجت مع آنا، لكن توقفت فجأة ونظرت حولها.
“هل كانت المراقبة مشددة هكذا من قبل؟”
مخرج الغرفة، والممر المقابل، والحديقة خلفهما. بدا وكأن جميع حراس القصر تجمعوا وتمركزوا حول غرفة سيمون.
حولت آنا بصرها محرجَة من تمتمتها.
“لم يكن الأمر هكذا من قبل…”
لأن سيمون لم تُظهر أي نية للتحرك ضد اللعنة، ازداد الحذر منها.
“أها، فهمت.”
أومأت سيمون لآنا كأنها تقول “لا حاجة لتوضيح”، وتابعت طريقها إلى مكتب الدوق الأكبر.
“لقد جئتِ.”
“مر وقت طويل، يا صاحب السمو.”
حدّق دوق إيلستون في سيمون التي ابتسمت له. ثم قال ببرود:
“تبدين بخير.”
“شكرًا لك.”
بدت سيمون راضية، بينما ازداد عبوس “كيل” خلف سيده.
في أسبوع واحد فقط تحسنت صحة سيمون بشكل ملحوظ.
جسدها ظل نحيفًا، لكن علامات الهزال اختفت، وبشرتها بدأت تستعيد إشراقها.
فقد وفّر لها الدوق كما وعد طعامًا فاخرًا ومسكنًا مريحًا، بل وأمر آنا أن تحضر لها ثيابًا جديدة.
وبفضل ذلك، أصبحت تبدو أشبه بابنة عائلة نبيلة.
بمعنى الكلمة، بدت وكأنها حصلت على قسط وافر من الراحة.
“لكن… ما هذا المظهر؟”
توقف بصر الدوق عند رأس سيمون. الشعر الأسود والعينان الدمويتان اختفت، لتحل مكانهما عينا بنية وشعر بني.
ابتسمت سيمون:
“إنه صبغ سحري. استعرت بعض الصبغ السحري الذي لا يستخدمه الدوق.”
آه، المال يصنع المعجزات.
فأصباغ السحر الباهظة، التي لا يحلم بها العامة، تُباع هنا بشكل اعتيادي. وكان الدوق يستخدمها أحيانًا لإخفاء هويته عند الخروج.
ميزة هذه الأصباغ أنها تغيّر لون أي جزء من الجسد: الشعر، الجلد، العينين، وحتى الأظافر.
وهكذا حضرت سيمون مكتب الدوق بمظهر مختلف.
“ألن تعرّفني على السياف الذي طلبته؟ من الصعب عليّ أن أُظهر أنني مستحضِرة موت.”
فلو أفشى السياف أمرها للإمبراطورية، انتهى أمرها.
“افعلي ما ترينه مناسبًا.”
وضع الدوق قلمه جانبًا، ونهض من مقعده.
“إذن، أود أن أسمع ماذا كنتِ تفعلين.”
قالت سيمون:
“رجاءً اجلس هناك بهدوء.”
أشار كيل إلى الأريكة، فجلست سيمون، وجلس الدوق قبالتها.
“إنها مكتبة أجمل بكثير حين تراها في وضح النهار.”
ظل الدوق يتأمل سيمون وهي تتفحص المكان.
وكانت هذه أيضًا أول مرة يراها في وضح النهار. وبدت أصغر سنًا مما ظن في البداية.
“أليست في السابعة عشرة من عمرها؟”
سبعة عشر ليست صغيرة جدًا، لكنها ما تزال سنّ المراهقة، سن تحت حماية الأبوين.
ولو كانت نبيلة، لكانت تستعد لحفل ظهورها في المجتمع.
لكنها قالت إنها بلا والدين ولا مأوى.
“هل السبب كونها مستحضِرة موت؟”
قطع الدوق أفكاره وسألها:
“سمعتُ أنكِ حبستِ نفسك أسبوعًا كاملًا. ماذا كنتِ تفعلين؟”
لكن سيمون لم تجبه، بل قالت ما يهمه أكثر:
“اللعنة ستُرفع كما وعدت. هل جهزتَ ما طلبتُه؟”
“… “
كانت تتكلم بلطف، لكنها لا تحب الحديث عن نفسها.
بغض النظر، ما دام رفع اللعنة مؤكدًا، فلا بأس.
التفت الدوق إلى كيل وقال:
“أحضره.”
“حاضر يا سيدي.”
خرج كيل وعاد ومعه شخص غريب.
كان مغطيًا بعباءة داكنة بالية، فلا يُرى منه شيء.
لكن السيف الضخم على خصره، والضمادات الملفوفة على يديه، أظهرت هيبته.
“مرحبًا.”
كان صوته رجوليًا. انحنى بأدب ووقف بجانب الدوق.
“أقدمه لك. إنه السياف الماهر الذي طلبتِه.”
انحنى الرجل ثانيةً وهو يُعرَّف به.
“مرحبًا. أنا (رين) من نقابة المغامرين.”
“أوه، تشرفنا—”
انتظري لحظة… رين؟
“…رين؟”
“نعم، أنا رين.”
رين؟
بمجرد أن سمعت الاسم، شحب وجه سيمون.
كدتُ أن أفقد توازني. بينما الدوق لم يلحظ تغيّرها، وأكمل:
“يُقال إنه أمهر سياف في نقابة المغامرين.”
ازدادت جدية ملامح سيمون.
يبدو أن الأمر صحيح…
“رين”، الاسم المستعار لأمهر سياف في النقابة.
والآن، من خلال العباءة، رأت عينين زرقاوين صافيتين.
خلع الرجل عباءته وكشف عن وجهه. شعره الأشقر انسدل بالكامل.
“يا إلهي…”
إنه هو.
ملامح مصقولة، كأن الكاتب تعمّد نحتها بالكلمات ليجعله وسيمًا إلى أقصى حد.
من وجهه وحده تدرك أنه ليس شخصًا عاديًا.
حتى الدوق بدا حذرًا منه، لكن عيناه، اللتان لا تخفيان طبيعته، نظرتا إلى سيمون بلا انفعال.
“اليوم، جئتُ لأؤدي أوامر العميل.”
وعلى الرغم من حمله للسيف الضخم، فإن حديثه رقيق ومهذب.
لا شك إذن.
في الرواية الأصلية، لم يُكشَف وجهه بعد. عائلة إيلستون معزولة، لذا لم يعرفوا هويته. لكن سيمون التي قرأت الرواية تعرف.
ذلك السياف هو البطل الخفي في رواية “حين فتحت عيني كنت أخفي قوتي”.
إنه ولي العهد “لويس دين فيان”، رفيق البطل “آبيل”.
في إمبراطورية “روان”، لا يُكشف عن هوية ولي العهد إلا بعد تثبيته رسميًا، لتجنبه الاغتيالات.
لكن مع أن لويس قد نُصّب وليًا منذ زمن بعيد، إلا أن وجوده لم يُعلن لسبب مجهول.
وقبل أن يُكشف أمره للعالم، يجوب البلاد متنكرًا ليحل هذا “السبب المجهول”، ويلتحق برحلة البطل “آبيل”.
في البداية يكون مغامرًا برفقة البطل، ثم لاحقًا، بعد تحقيق هدفه، يساعده من خلف الكواليس حين يحتاج الدعم والقوة.
وهذا بالضبط هو الوقت الذي كان من المفترض أن تلتقي فيه سيمون بـ “آبيل” وتبدأ مغامرتها.
“أن يُقحم مثل هذا الشخص في قصتي هنا؟!”
في تلك اللحظة، ومضت في ذهن سيمون أوصاف نهايتها كما وردت في الرواية…
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 7"