أستغفر الله العظيم واتوب اليه 

⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁

 

على عكس لقائهم الغريب في البداية، جرى الحديث بين آل إيليستون والفيكونت بسلاسة.

 

“بالطبع، نحن مهتمون جدًا بالاستثمار في إعادة إعمار الإقليم. حتى أن إدارتنا العليا تقدّر بشدة إمكانات هذه الأرض.”

 

“أشكركم جزيل الشكر على قول ذلك.”

 

“ولكن…….”

 

بدا الفيكونت في غاية الحرج. عندها توقّف دوق إيليستون عن تقطيع شرائح اللحم ونظر إليه.

 

“هل هناك مشكلة ما؟”

 

“هممم…….”

 

ابتسم الفيكونت وكأنه محرج.

 

“شروط الاستثمار هي… في النهاية، هناك بالفعل الكثير من الموانئ التجارية التي بدأت تتعامل معنا.”

 

سرعان ما عاد الفيكونت، الذي كان يرتجف بتوتر ويظهر احترامًا غير معتاد تجاه دوق إيليستون، إلى طبيعته المعتادة وبدأ يتدلل مع تقدّم الحديث.

 

م.م: يتدلل بمعنى أظهر الجرأة والملاعبة بقصد التلطف.

 

والآن بعدما نظر إليهم مليًا، رأى أن آل إيليستون مجرد أناس عاديين يفتقرون للخبرة الاجتماعية بسبب عزلتهم الطويلة.

 

‘لا، لا. ليسوا عاديين بل مجرد سذج وبسطاء.’

 

ماذا يعرف من لم يعقد صفقة أو يتعامل مع التجار من قبل؟

 

الميناء التجاري الذي اقترحه دوق إيليستون كشرط للاستثمار كان يستخدمه معظم التجار سرًا منذ فترة طويلة، حتى قبل أن يطرحه الدوق.

 

ولماذا يُرهقون أنفسهم بالاستثمار في طريق جاهز يمكنهم استخدامه مجانًا دون أن يتورطوا معه؟

 

‘من طريقة حديثه، يبدو أنه لم يكلف نفسه عناء التحقيق حتى.’

 

حتى وإن رُفض طلبهم، فسيظل بوسعهم استخدام الميناء التجاري كما هو، إلا إذا اكتشف الدوق ذلك ومنعهم.

 

فُكّت لعنة عنهم، والآن يريدون إعادة الإعمار تدريجيًا، لكن لا يملكون المال. وعندما سمعوا أن ثريًا يزور القرية، سارعوا بدعوته دون حتى إجراء بحث عن شركائهم التجاريين.

 

ضحك الفيكونت في نفسه وأظهر ملامح شفقة.

 

“بالطبع، أنا متحمس لتطوير هذا الإقليم الجذاب مع الدوق، لكن لست متأكدًا إن كان أهل القمة عندنا يوافقونني الرأي.”

 

“هل هذا… غير كافٍ؟”

 

سألت فلورييه بقلق ظاهر.

 

أومأ برأسه بهدوء، رغم أن ملامحه أظهرت صعوبة الإجابة.

 

“الشروط… لا أظن أنني أستطيع إقناع الإدارة العليا بجعل الميناء التجاري شرطًا. لقد استثمرت فقط، وجميع القرارات بيد مالك القمة.”

 

اتسّم وجه دوق إيليستون بالجدية.

 

ها هم النبلاء السذج بالفعل.

 

كأنني أنظر إلى وريث صغير بدأ للتو تدريبه كخليفة.

 

بالطبع، لم يكن من الدقيق أن يُسمّى دوق إيليستون شابًا. لكنه لم يتعلم بعد التعامل مع الآخرين، أليس هذا شبيهًا بالصغار؟

 

غير أن هناك أمرًا لم يكن الفيكونت روتن يعلمه.

 

وهو أن دوق إيليستون لم يكن ينوي أصلاً عقد صفقة معه، وعلى عكس الفيكونت الذي لم يعرف حتى وجه الدوق، فقد أتم رِن كل التحقيقات والخلفيات حول روتن.

 

وفي الحقيقة، هناك شخصان آخران حاضران في هذا المكان.

 

“هممم.”

 

تظاهر الفيكونت روتن بالتفكير لحظة، ثم نظر إلى آل إيليستون.

 

كانا يبتسمان رغم أن الصفقة لا تسير كما ينبغي.

 

‘تِش، ما زال ابتسامة مقززة كلما نظرت إليها.’

 

الفم يبتسم، لكن العينين صامتتان تمامًا. لا يوجد دمية شنيعة أكثر من هذا.

 

“هل هناك ما يستحق التجارة غير الميناء؟ إن وُجد شيء جيد، سأحاول إقناع التجار.”

 

“هممم، فهمت…….”

 

دووم.

 

مع ظهور ملامح الحيرة على دوق إيليستون، دوّى صوت مكتوم من خلف الباب جعل روتن يلتفت للخلف.

 

“لكن ما الأمر، يا فيكونت روتن؟”

 

“هاه؟ لا، هذا….”

 

وأشار الفيكونت إلى الباب.

 

“لقد سمعت للتو صوتًا عاليًا بالخارج. هل هناك جلبة؟”

 

“عمّ تتحدث، يا فيكونت؟”

 

أمال دوق إيليستون رأسه وكأنه لا يفهم ما يقوله.

 

“لم أسمع شيئًا بالخارج.”

 

“……أهكذا؟”

 

وبينما بدا روتن متسائلًا، التفت الدوق إلى فلورييه.

 

“مدام، هل سمعتِ شيئًا؟”

 

“لا، لم أسمع شيئًا أيضًا.”

 

“كِيل، هل تتحقق من الوضع بالخارج؟”

 

“أوه، لا.”

 

لوّح روتن بيده بسرعة.

 

“أظن أنني توهمت. هاها.”

 

“أفهم. لنكمل إذن.”

 

دووم.

 

التفت الفيكونت روتن مرة أخرى.

 

منذ لحظة فقط، سمع بوضوح شيئًا ثقيلاً يرتطم بالأرض.

 

لم يكن وهمًا.

 

استدار بحدة نحو الدوق وزوجته وأشار إلى الباب بيده.

 

لقد سمعتموه هذه المرة بوضوح!

 

“ألم تسمعوا الصوت الآن؟”

 

غير أن الدوق والدوقة تبادلا نظرات حائرة وكأنهما ما زالا لا يفهمان.

 

أومأ دوق إيليستون لكِيل وكأنه بلا خيار.

 

“لم أسمع شيئًا. سأذهب لأتفقد أولًا.”

 

“نعم، سيدي.”

 

لا يُعقل!

 

كيف لا يسمعون؟

 

دووم.

 

الصوت مرتفع جدًا، ومع ذلك يقولون إنهم لا يسمعون؟

 

دووم.

 

مستحيل!

 

“كفى مزاحًا. هذا ليس مضحكًا أبدًا.”

 

“عفوًا؟”

 

استفاق الفيكونت فجأة من كلام الدوق الذي بدا منزعجًا.

 

“هل تمزح؟”

 

“فيكونت روتن، لا نحب هذا النوع من اللعب. إن كنت تحاول السخرية منا، فتوقف.”

 

“م-ماذا تقول؟”

 

“لست تحت لعنة، فكيف تكون الوحيد الذي يسمع أصواتًا لا يسمعها أحد؟”

 

ارتجفت عينا روتن.

 

لعنة.

 

لعنة؟

 

دووم.

 

دووم.

 

أليس هذا مقلبًا من الدوق؟ كيف لا يسمعون صوتًا واضحًا كهذا؟

 

دووم.

 

دووم.

 

الصوت يعلو بوضوح.

 

لعنة؟

 

‘أنا تحت لعنة؟’

 

“كِيل، هل تسمع شيئًا؟”

 

“لا. لا أسمع شيئًا.”

 

بعد أن سمع دوق إيليستون الإجابة القاطعة من كِيل، تكلّم بوجه غير مرتاح.

 

“لنواصل حديثنا إذن.”

 

“ج-جلالتك، عليّ أن أغادر الآن-“

 

“خلاصة القول، لا أرى أن الميناء غير كافٍ ليكون شرطًا للاستثمار.”

 

“……هاه؟”

 

ما الذي يقوله في هذا الوضع الآن… … ؟

 

ابتسم دوق إيليستون ابتسامة باهتة.

 

“إنها صفقة تبادل فيها حياتك بجبال من المال. ألا تعجبك؟”

 

“ماذا يعني هذا…….”

 

“ألست تتاجر بالفعل على نطاق واسع في ميناء إقليمي؟”

 

“…….”

 

كنت أعلم. شعرت وكأن أحدهم ضربني على رأسي بقوة.

 

إنها خطيئة عظيمة أن يتاجر في إقليم الدوق دون علمه، لكن ما هو أخطر هي “البضائع” المتداولة هناك.

 

وماذا يمكن أن يُباع ويُشترى سرًا في مكان تقل فيه رقابة الإمبراطورية؟

 

أشياء محظورة مثل الأدوية والخمور والكتب الممنوعة والبشر.

 

إن انكشف هذا للإمبراطورية، سيُعدم لا محالة. وسيكون أكثر ربحًا أن يشتري صمت الدوق باستثمار ضخم.

 

ابتسم روتن ابتسامة مصطنعة، لكن عينيه امتلأتا بالصدمة والغضب.

 

“كنت تعرف كل شيء ودعوتني.”

 

ابتسم دوق إيليستون لأول مرة ابتسامة حقيقية، وقد بدا سعيدًا للغاية.

 

“تتصرف وكأنني لم أتعامل مع البشر من قبل.”

 

“……ماذا تريد؟”

 

“أعطني نصف ثروة عائلتك.”

 

ارتجف جسد روتن.

 

النصف! نصف……! مهما كان، هذا كثير جدًا.

 

ماذا عن عائلته إن فقدت نصفها؟ ماذا عن الخدم الكثر؟

 

سينهار كل شيء سريعًا.

 

“جلالتك! ه-هذا غير ممكن! إن حدث هذا فأسرتي-“

 

“أعطني نصف ثروتك، وسأفتح موانئي لتستخدمها علنًا بدل التسلل كالفئران. وسأتغاضى عن كل ما حدث سابقًا. حتى عن البضائع التي جلبتها، وعن جثة المرأة التي قتلتها ودفنتها في أرضي.”

 

“……ماذا؟”

 

دووم.

 

شعر روتن أن دمه جف من رأسه.

 

ماذا أفعل؟ كيف أنجو؟ شلّت الكلمات عقله عند آخر جملة من الدوق.

 

‘الآن، ماذا……؟’

 

تسرب الزفير من حنجرته بدلًا من الكلمات العالقة.

 

وعندما رأى الدوق والدوقة ملامح وجهه المرتبكة، وضعا الشوكة والسكين جانبًا في آن واحد.

 

الآن انتهى وقت التمثيل مع قاتل.

 

“لكي تعقد صفقة مع شخص ما، عليك أن تعرفه جيدًا. فالمخبرون والصيادون منتشرين بكثرة في أرضي.”

 

“مستحيل…….”

 

هل هؤلاء الأوغاد يبيعون معلومات الزبائن؟

 

“قبل بضع سنوات فقط، زارت إقليمي امرأة تحمل طفلك برفقتك، ثم اختفت فجأة.”

 

“هذا، هذا……!”

 

“ومؤخرًا، عُثر على هيكل عظمي لامرأة حامل وجنينها في أرضي.”

 

كانت عظام تلك المرأة قد اكتُشفت مدفونة في القرية خلال تحقيق أجراه لويس ونقابة المغامرين وصيادو القرية.

 

وربما اختيرت أرض الدوق لأنها بعيدة عن أعين الإمبراطورية والنبلاء.

 

هزّ روتن رأسه بجنون.

 

“لا، لا……! لم أفعل! لم يحدث شيء من هذا القبيل…….”

 

في تلك اللحظة، شعر بظل يقترب بهدوء من خلفه.

 

وحين همّ بالالتفات فجأة، بانغ! اخترق الألم رأسه وغاب عن الوعي بسرعة.

 

“كل الأحكام ستُتخذ على يد هي.”

 

دووم.

 

دووم.

 

دووم.

 

ظل الصوت الذي قطع الحديث من قبل مسموعًا بوضوح حتى النهاية.

 

Sel

للدعم :

https://ko-fi.com/sel08

أستغفر الله العظيم واتوب اليه