أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
غرفة صغيرة تقع في أقصى زاوية قبو القصر.
من مظهرها وحجمها، كانت غرفة يمكن أن تُستخدم كمخزن قبل أن يقيم فيها الساحر الأسود.
بعد أن تلقى لويس أوامر سيمون، غادر القصر، فيما بقيت سيمون وحدها تتجول في الغرفة الضيقة، تطرق الجدران وتضرب الأرض بقدميها.
«باستثناء كرة البلور، هل هناك أشياء مخفية أخرى…؟»
على الأرجح لا.
توقفت سيمون عن التفتيش وجلست مجددًا على السرير.
لم يكن هناك مكان لإخفاء شيء، وإن وُجد لكان الخدم قد وجدوه أثناء التنظيف.
طق طق.
التفتت سيمون نحو مصدر الصوت عند الباب.
“تفضل.”
“سيمون.”
التي دخلت الغرفة كانت آنا، وعيناها لا تزالان دامعتين.
صرخت سيمون متظاهرة بعدم معرفة شيء:
“من فعل بك هذا؟ من يجرؤ!”
لقد جعلت سيمون آنا تبكي.
“هل كانت كيلي؟”
هزّت آنا رأسها وهي تعضّ شفتها، ثم تكلّمت بصوت مرتجف:
“العشاء… جاهز.”
“حسنًا. لكن حقًا، ما بكِ؟”
“في الحقيقة، سيمون… هناك شيء يجب أن أقوله لكِ…”
توقفت سيمون التي كانت على وشك مغادرة الغرفة، ونظرت إلى آنا.
كانت تتوقع ما ستقوله، لكنها فضّلت أن تسمعها.
قالت آنا بتردد:
“في الحقيقة… أنا من اختار هذه الغرفة لكِ يا سيمون! آسفة!”
“…ولماذا تعتذرين؟”
“آه! ظننت أنكِ لن تريدي الإقامة في غرفة وقعت فيها الحادثة… يجب أن نجد غرفة أخرى بسرعةـ”
“لا! أنا أحب هذه الغرفة! أحسنتِ! شكرًا لكِ!”
أحيانًا تشعر سيمون أن من تعيش معهم وتحادثهم يوميًا مجرد شخصيات داخل رواية، ويبدو أن هذا أحد تلك الأوقات.
حين تكون شخصية إنسان منحازة تمامًا نحو الطيبة المطلقة.
ربما حين خُلقت شخصية آنا، جُعلت ملاكًا لا يعرف حتى كيف يعتني بنفسه؟
خرجت سيمون من الغرفة، عازمة أن تعتني بآنا جيدًا من جديد.
سألتها آنا بحذر وهي ترافقها:
“سيمون، هل سمعتِ ما قاله الطباخ؟”
“نعم. لقد اكتشفت هويته. وسأراه بنفسي الليلة.”
“آه، الليلة بنفسك؟ هذا خطير…”
ترددت آنا ثم قالت:
“هل ستكونين بخير وحدك؟ أنا أيضًا… أنام في القبو على أي حال…”
توقفت سيمون ونظرت إليها.
فأسرعت آنا بتغيير كلامها:
“هاها، آسفة. سأكون عبئًا فقط، صحيح؟ آسفة يا سيمون.”
لا. لم تنظر إليها سيمون لأنها اعتقدت أنها ستكون عائقًا.
بل تعجبت كيف أن الجميع، من لويس إلى آنا، يرغبون بالبقاء بقربها رغم علمهم أنهم لن يستطيعوا فعل شيء أمام الخطر الحقيقي.
هل يرونها صغيرة وضعيفة لدرجة تحتاج للحماية؟
هزّت سيمون رأسها:
“شكرًا على قلقك. سأكون بخير هذه المرة.”
لكن ما معنى أن تقول إن لقاء شبح وجهًا لوجه أمر بخير؟
لم تفهم آنا، غير أن سيمون تابعت طريقها نحو غرفتها بصمت.
بعد العشاء، عادت سيمون إلى غرفتها في القبو، تظن أنها ستجد أخيرًا وقتًا لتُهيّئ نفسها.
لكن كيلي ظهرت، تحدّق بعينيها الضيقتين نحو الغرفة وكأنها لا تعجبها.
“إنها ضيقة ومظلمة جدًا. ستجلب أشباحًا لم تكن هنا أصلًا.”
“كل غرف القبو مظلمة. أليست غرفة كيلي كذلك؟”
“…”
لم تجد كيلي ما ترد به، لكنها أدارت وجهها متضايقة.
خشيت سيمون أن تبحث كيلي عن عيب لمجرد الاعتراض.
كل ما عليها فعله هو وضع المصباح والانصراف.
لقد أخبرتها سيمون أن عملها انتهى، فما الذي لا يعجبها بعد؟
سألتها سيمون بصبر:
“لماذا؟ لماذا تتصرفين هكذا؟”
فقالت كيلي وكأنها تنتظر الفرصة:
“أليس رين هنا اليوم؟”
“رين؟”
“سمعتُ أنكِ ستقاتلين ذلك الشبح الغريب الذي يُحدث أصوات الدوس! آنا أخبرتني بكل شيء.”
لكنها لم تقل أبدًا أنها ستقاتل.
وحين لم تجب سيمون، ظنّت كيلي أنها تؤكد كلامها، فأخرجت رأسها من الباب ونظرت في الممر بحدة:
“إذن الليلة خطيرة جدًا! أين ذهب رين في وقت كهذا؟”
“…”
هذا ثالث شخص الآن.
لكن سيمون تعرف طبيعة كيلي، فأجابت بهدوء:
“اذهبي لترتاحي. رين ذهب في مهمة. أنا من أرسلته.”
“لا! في ليلة كهذه، ذلك الرجل”
بدت كيلي راغبة في الاسترسال باللوم، لكن سيمون سارعت وأغلقت الباب.
سمعت تذمّرها من الخارج، لكنها تجاهلته وتمددت على السرير.
شبعانة ولا شيء لتفعله.
سأظل مستيقظة حتى الفجر مجددًا… فلأغمض عيني قليلًا.
أغمضت سيمون عينيها وسرعان ما نامت.
في فراغ أسود تمامًا، دخان رمادي يلمع بضوء غريب زحف كالأفعى والتف حول جسدها.
فتحت فمها لتصرخ من الألم الحارق، لكن لم يخرج صوت.
أرادت أن تتحرك، لكن جسدها لم يطعها.
عندها أدركت سيمون — أو بالأحرى “سيو هيون-جونغ” — أن ما يحدث حلم.
جاثوم؟ كابوس؟
لا، بل شعور بأنها مقيدة تحت وطأة الجاثوم داخل الكابوس.
بينما هي تتصبب عرقًا تحاول الانفلات من الدخان الذي يقيّدها، تحرك رأسها وحده وارتفع.
أمامها، تكاثف الدخان وتحوّل تدريجيًا إلى هيئة بشرية غامضة.
لم تستطع سيمون أن تُبعد نظرها. لم يكن له عيون، لكن رغم ذلك شعرت أنه يحدّق بها مباشرة.
«أيتها العابثة بالمصير.»
«تحاولين تغيير قدرك.»
«حسنًا. جربي أن تتخبطي.»
«سآتي إليك قريبًا.»
انهار وعي سيمون إلى الأعماق مع صوت لم يتضح أذكر هو أم أنثى.
شعرت بجسدها يسترخي.
رائحة الغبار الخفيفة، البرودة المعتدلة، والسرير والغطاء المريحان دلّوها أنها استيقظت أخيرًا من الكابوس.
فتحت عينيها، فإذا الظلام يحيط بها.
آه، صحيح، أنا في القبو.
مكان ضيق لا يصل إليه ضوء القمر. أحست سيمون أن العتمة تخنقها، فتلمست بيدها الشمعدان.
أشعلت المصباح، وتفقدت الغرفة الضيقة المكتمة.
ما زال الليل. لحسن الحظ، استيقظت في الوقت المناسب.
دق… دق… دق-
صوت خافت، ممل، آتٍ من الممر وراء الباب.
“أه…”
تجهم وجه سيمون.
لم تفهمه أول مرة، لكن بعدما عرفت أنه صوت رأس يُضرب بالأرض مرارًا، شعرت بالقرف.
في الحقيقة، فكرة رؤية ذلك الوجه الملطخ بالدم من جديد، كما رأته في القرية، جعلتها ترغب في الهرب.
ليس خوفًا، بل نفورًا غريزيًا من منظر بالغ الشذوذ.
دق… دق… دق-
أين هو؟
آنذاك سُمع صوت امرأة خافت من مكان ليس ببعيد.
عقل سيمون بدأ يعمل بسرعة.
ماذا أفعل؟
هل تخرج لملاقاته؟ هل هذا ما حدث مع الطباخ أيضًا؟
لمجرد التفكير بمواجهة شيء لا تعرف عنه شيئًا، شعرت أنها ستفقد وعيها وأن أبسط القرارات صعبة.
دق… دق… دق
ها؟ ليس هنا؟
دق… دق… دق
أم أنه ليس هنا أيضًا؟
بينما مشاعر سيمون مشوشة، كان الصوت يقترب ببطء، يعلن عن وجوده.
«حسنًا! سأواجهه!»
وإلا فما الفائدة من الهرب؟ هي من يجب أن تطرد أو تقضي على ذلك الشبح.
أمسكت سيمون بمقبض الباب بحزم.
لكن… ماذا لو كنتُ أنا من يبحث عنه؟
فقد تبعها منذ أن رآها أول مرة في القرية. أليس ذلك احتمالًا؟
خطر ببالها الفأر الذي حطم إصبعها، لكنها هزت رأسها لتطرد التردد، وفتحت الباب بقوة.
“…آه!”
تراجعت إلى الخلف مرتجفة.
ما رأته أمامها مباشرة كان قدمي شخص بلون أخضر جثة.
قدمان تتحركان صعودًا وهبوطًا.
دق… دق… دق… دق-
وإذا أنزلت بصرك قليلًاـ
غطت سيمون فمها بيدها.
امرأة ملطخة بدم عفن نتن واقفة رأسًا على عقب، مبتسمة تحدق إليها.
وجدتُك
وجدتُك
وجدتُك
امرأة يكسوها الدم، تقفز بحماس شديد.
حدّقت بها سيمون بلا تعبير للحظات. ربما يمكن التعود على هذا الوجه…؟
لكن من الأفضل البقاء هادئة.
خفضت سيمون جسدها قليلًا، نظرت إليها بهدوء وسألت:
“هل أنتِ متأكدة أنكِ وجدتِه حقًا؟”
وجدتُه
وجدتُه
توقف رأسها عن الارتطام من شدة الانفعال، ورفعت عينيها نحو سيمون.
الآن رأت سيمون أن الدم المتدفق من فمها قد غمر عينيها، حتى صارتا حمراوين تمامًا.
سألتها سيمون من جديد:
“هل أنا من تبحثين عنه؟”
حينها نظرت المرأة إلى سيمون من أعلى لأسفل، ثم ابتسمت.
ها؟ لا. ليس بعد.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 39"