أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
«أوه…»
هبط قلبه إلى الأرض كما لو سقط من مكانٍ عالٍ.
تملك الذعر من الكونت تشايلور لدرجة أنه أمسك قلبه الخافق بقوة وتراجع إلى الوراء وهو يترنح على قدميه المرتجفتين.
دقّ… دقّ…
لم يكن ما يراه وهماً.
كان هناك كونت تشايلور آخر، يحدّق فيه بعينين ثاقبتين، مبتسمًا ابتسامة عريضة تُظهر أسنانه كلها.
كان يحدّق به بتركيز مخيف، فيما كان وجهه ويداه وجسده يزحفون خارج المرآة واحدًا تلو الآخر.
«آه… أ… آه…»
ترنّح الكونت تشايلور من شدّة الخوف الذي لم يعرف له مثيلاً من قبل، وفي النهاية انهارت ساقاه وسقط على الأرض.
أراد بشدّة أن يشيح ببصره عن ذلك الشيء الذي يشبهه تمامًا لكنه في الوقت نفسه مختلف بطريقة مرعبة، لكنه كان يشعر في أعماقه أنه لا يجب أن يشيح بنظره أبداً.
«أوه… أوه…»
ذلك الشيء، وقد خرج نصفه العلوي فقط من المرآة، أمال رأسه قليلاً وهو يراقب الكونت شايلور كما لو كان مخلوقًا غبيًا يستمتع بمراقبة فريسته بعد أن اصطادها.
لو خرج أكثر قليلًا، لشعر الكونت أنه سيفقد وعيه فورًا.
ما هذا بحق السماء…
كان عليه أن يتحرك، أن يهرب، أن يفعل أي شيء لكن جسده لم يتحرك.
وحتى لو استطاع، فهل سيمكنه الهرب؟ ماذا لو اندفع نحوه ذلك الكائن بمجرد أن يخطو خطوة واحدة؟
يا إلهي… يا إلهي… ماذا أفعل؟
بينما كان الكونت يحاول جاهدًا التفكير في طريقة للفرار…
تتتتتتتتتتت!
ذلك الـ«تشايلور» الذي لم يكن يظهر سوى نصفه العلوي في المرآة، زحف منها بسرعة لا تُصدّق وانقضّ على الكونت المرعوب!
«كواااااه!»
صرخ الكونت تشايلور صرخةً كادت تكون صرخة الموت، وهو يغمض عينيه بقوة.
كم من الوقت مضى هكذا؟
«الكونت تشايلور؟»
«…آه!»
فتح الكونت عينيه على صوت مألوف.
كان كبير الخدم «كيل» ينظر إليه بقلق.
«يا سموّكم، هل أنتم بخير؟ لماذا أنتم هنا…؟»
«م… ماذا…؟»
لم يجب الكونت على كلام كيل، بل أخذ يلتفت حوله بسرعة.
لم يكن هناك أحد.
ذلك «الآخر» الذي خرج من المرآة اختفى تمامًا دون أي أثر.
نعم… لم أره… لم يحدث شيء… بالتأكيد لم يحدث!
لكن الخوف الذي رآه وشعر به كان واضحًا جدًا لدرجة أنه لم يستطع إقناع نفسه بأنه كان يتوهّم.
«ما بك يا سيدي؟»
في تلك اللحظة، أفاق الكونت فجأة على صوت آخر يأتي من خلف كبير الخدم كيل.
كان هناك رجل يقف خلفه، يحدّق إليه بعينين باردتين وشعرٍ فضيّ طويل.
لم يحتج الكونت تشايلور سوى نظرة واحدة على ملابسه ليعرف من يكون.
«صاحب السموّ الدوق الأكبر…»
أومأ الرجل بصمت ردًا على تساؤله المرتبك.
«ما الذي كنت تفعله هنا؟»
«ذلك!»
أشار الكونت بيده المرتجفة نحو الاتجاه الذي كانت فيه المرآة، وساقاه لا تكادان تحملانه.
لقد دمّر انطباعه الأول الذي حاول أن يبنيه بعناية، لكن لا وقت الآن للمظاهر أو للأدب.
لقد اختبر لتوّه خوفًا يكاد يوقف أنفاسه.
«سيدي! لقد خرج من المرآة شيءٌ يشبهني تمامًا و!»
قطّب الدوق الأكبر حاجبيه وهو ينظر إلى الاتجاه الذي أشار إليه الكونت.
ثم قال بنبرة باردة:
«ما الذي تتحدث عنه بالضبط؟»
«قلت لك! في المرآة… كان هناك شيء يشبهني…»
«كونت تشايلور، أين هي المرآة هنا؟»
«…ماذا؟»
أدار الكونت رأسه بارتباك نحو المكان الذي كانت فيه المرآة.
«هذا… مستحيل…»
لم تكن هناك مرآة.
لا يُعقل… لقد كانت هنا! لقد قضيت وقتًا أعدّل مظهري أمامها!
وبينما هو يحدّق في المكان الفارغ بذهول، تنفّس الدوق الأكبر بعمق وقال لكيل:
«يبدو أن الكونت تشايلور قد رأى ذلك. كيل، خذه وأعِد رفعه.»
«نعم، سيدي.»
«ماذا… ماذا تقصد؟»
سأل الكونت بدهشة، والدوق ينظر إليه ببرود:
«أتيتَ إلى قصر عائلة إيليستون دون أن تعرف؟»
«ها؟»
«ألم تصدق الشائعات؟»
نظر إليه الدوق بشفقة خفيفة وقال:
«الشائعات التي تقول إن لعنة القصر قد رُفعت… خاطئة.»
دقّ.
توقف قلب الكونت مرة أخرى.
اللعنة لم تُرفع؟ إذًا هذا القصر لا يزال ملعونًا؟
يعني هذا أنه قد دخل مكانًا لا تزال الأرواح الشريرة تسكنه.
إذًا ما رأيته قبل قليل كان… حقيقيًا؟
ازداد وجهه شحوبًا حتى كاد يصبح رماديًا.
التفت الدوق الأكبر عنه بنظرة صارمة وقال:
«يبدو أن الوقت غير مناسب للحديث، عد لاحقًا. كيل، خذ الكونت إلى غرفة الاستقبال.»
«أمرك، سيدي.»
«وأبلغ سيمون بما حدث. يبدو أن الكونت قد تعرّض للعنة.»
عندما سمعت سيمون القصة من الخادم الذي أرسله كيل، عضّت على أسنانها بغضب.
«كنت أعلم أن هذا سيحدث!»
في أثناء وجبتها الهادئة، جاءها الخبر كالصاعقة: ضيف في القصر.
على عكس مركيز بارينغتون، لم يكن الكونت تشايلور من الرجال الذين يفهمون شيئًا عن الظواهر الغريبة أو اللعنات.
لم يكن يدرك حتى الوضع الحقيقي للقصر، ولا بدا عليه الحذر أو الفطنة.
ولهذا السبب نصحته سيمون بلطف أن يتجنّب المرايا محاولةً منها لتجنّبه اللعنة التي كانت تشعر بأنها ستصيبه.
لم يكن ذلك بدافع اللطف فحسب، بل خوفًا من أن يحدث ما حدث الآن.
لكن لماذا فعل بالضبط ما طلبت منه ألا يفعله؟
«لماذا تفعلون دومًا ما يُقال لكم ألا تفعلوه؟ لا أفهم!»
وضعت سيمون السكين والشوكة وهي تشعر بالضيق.
كانت تأمل ألا يُصاب تشايلور باللعنة، لأنّها في حال حدث ذلك ستكون هي من سيُجبر على التدخل ومحاولة حلّها.
وإذا كان أشخاص آخرون متورطين، فلن تتمكن من تجنّب الأمر مهما حاولت.
«من الآن فصاعدًا، من لا يقرأ الإرشادات لن يُسمح له بالزيارة!»
«لك… لكن…»
«حتى الدوق نفسه، إذا لاحظتِ، يتهاون في بعض الأمور!»
لم تستطع آنا قول شيءٍ واكتفت بالصمت.
لقد حدث كل هذا لأن الكونت تشايلور أصرّ على زيارته في ذلك اليوم رغم رفض الدوق الأكبر إيليستون.
لكنها لم تستطع إخبار سيمون أن هذا كله كان نتيجة انحدار مكانة عائلة إيليستون وفقدانها قوتها ونفوذها السابق.
«اللعنة… أنا أفقد عقلي…»
جلس الكونت تشايلور على الأريكة في غرفة الاستقبال، يسبّ ويلعن بلا توقف.
كان مظهره الأنيق وشعره المرتب قد تلاشى تمامًا، وبدأ العرق البارد يتصبب من جبينه من شدّة القلق.
لو علم أن القصر ما زال تحت اللعنة، لما خطا خطوة نحوه.
الإمبراطور بدأ يبحث عن بيت إيليستون، زعيم مقاطعاتنا الشرقية، إنها فرصة للنهوض من جديد، فيجب علينا نحن نبلاء الشرق أن نتحد…
كان هذا اقتراحه لعائلة إيليستون، والآن نسيه تمامًا.
الاجتماع الشرقي؟ هراء! كيف يمكن عقد اجتماعاتٍ بينما اللعنة لا تزال هنا!
«لماذا أتيتُ إلى هنا؟!»
ضرب الطاولة بقبضته بقوة.
لقد أصيب باللعنة هذا ما قاله له الدوق الأكبر بوضوح.
هو الآن تحت تأثير لعنة.
كيف يمكنه أن يهدأ بعد ذلك؟
كان بطبعه ضعيف الأعصاب، والآن كاد قلبه يتوقف من الخوف.
لم تفارق صورته في ذهنه: ذلك “الآخر” الذي خرج من المرآة وابتسم له بنصف جسده.
أنا عالق… ماذا أفعل الآن؟ هل يمكنني الخلاص؟
إن كان عليّ أن أعيش هكذا إلى الأبد…
ارتجف الكونت بشدة، لم يجرؤ حتى على تخيّل ذلك.
«اللعنة!»
يشعر أن هناك من يراقبه… لا سبب لذلك، لكنه متأكد.
الذعر يملؤه… فيلتفت بسرعة خلفه ثم يتجمّد.
انتظر لحظة.
لم يكن هذا إحساسًا عابرًا، بل كان حقيقيًا.
في الغرفة التي يجلس فيها وحده، شعر بوضوح بأن هناك من ينظر إليه.
تصلّب جسده كله، وبرودة غريبة سرت في عموده الفقري.
نظرات أحدهم… حضوره…
وكأنّها فوق رأسه بالضبط.
همسة…
شعر بيدٍ ما تمسح رأسه برفق.
همسة… همسة…
«…»
رفع رأسه ببطء ونظر إلى السقف.
«…هاه!»
ثم حبس أنفاسه.
على السقف… كانت هناك مرآة.
وفي المرآة، كان نسخته الأخرى تنظر إليه مائلة الرأس، تبتسم ابتسامة عريضة تُظهر أسنانها، بينما يخرج نصف جسدها من الإطار.
ثم مدّت يدها ولمست شعره.
طنج! ككككككككك!
لحظة ذعرٍ مطلق، غريزة البقاء اشتعلت بداخله.
بدلًا من الصراخ، قفز فورًا من مكانه وركض خارج الغرفة بأقصى ما يستطيع.
وفي تلك اللحظة، ذلك “الآخر” ذو الابتسامة الواسعة نزل من المرآة وبدأ يلاحقه بسرعة لا تُصدّق!
دَدَدَدَدَدَدَدَدَدَ!
«وااااا…»
وصوت الخطوات المسرعة خلفه يقترب أكثر فأكثر، فصرخ الكونت تشايلور صرخةً مكتومة، صرخة يأسٍ ورعبٍ خالص.
م.م: معلاباليش علاه جاتني الضحكة وهو في هذي الحالة 😂
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 116"