“بداية الفصل الأول: ” قصر الأشواك 

على أطراف مدينة لوندون الملبدة بسحب الرماد وأضواء المصابيح الغازية المبهتة، وقف قصر شامخ تحيط به أسوار من الحديد الأسود المتشابك بالأشواك. كان القصر يُدعى “قصر الأشواك”، ولم يجرؤ أحد من سكان المدينة على الاقتراب منه، فقد نُسجت حوله أساطير عن الأرواح الملعونة والسحر القديم.

في إحدى الغرف العلوية للقصر، كانت تقف فتاة شابة تدعى إلاريانا أمام مرآة ضخمة ذات إطار مزخرف برموز غريبة. انعكس في المرآة وجهها الشاحب وعيناها العسليتان اللامعتان. كانت إلاريانا كراوفورد الوريثة الوحيدة لعائلة كراوفورد التي اختفت بشكل غامض قبل سنوات. كانت ترتدي فستانًا فخمًا من الساتان الأسود الذي يتلألأ تحت ضوء الشموع، مع حواف ذهبية دقيقة. شعاع ضوء القمر الذي تسلل عبر النوافذ الكبيرة عكس إشراقة شعرها الكستنائي الطويل المتماوج.

“إلاريانا، يجب أن تنهي تجهيزاتك. الحفل يبدأ بعد ساعة،” جاء صوت صارم من الخادمة العجوز، السيدة مارثا.

أدارت إلاريانا رأسها ببطء نحو الخادمة العجوز، السيدة مارثا، وقالت بنبرة مملوءة بالبرود: “أنتِ تعلمين جيدًا أنني لا أهتم بمثل هذه الحفلات. لماذا يجب أن أتصرف كدمية في يد المجتمع؟”

تقدمت مارثا بخطى بطيئة ولكنها ثابتة نحو إلاريانا وقالت: “لأن هذا الحفل هو الفرصة الوحيدة لاستعادة إرث عائلتك، سيدتي. لقد دعاك الدوق أليستر بلاكمور بنفسه. إن غيابك سيُفسَّر كإهانة.”

تنهدت إلاريانا وأشاحت بوجهها نحو النافذة المطلة على الحديقة الخلفية المظلمة. كانت تشعر أن هذه الدعوة ليست بريئة، وأن وراءها شيئًا أكبر من مجرد حفل. لكنها لم تستطع تجاهل ذلك الإحساس العميق الذي يربطها بالدوق أليستر، على الرغم من أنها لم تقابله يومًا.

في تلك اللحظة، بدأ الهواء في الغرفة يبرد بشكل غريب، وظهر انعكاس مختلف في المرآة. لم يكن وجه إلاريانا بل وجه امرأة بشعر فضي وعينين متوهجتين. تمتمت المرأة بصوت يشبه الريح: “إلاريانا… احذري من الظلال.”

شهقت إلاريانا وتراجعت للخلف، لتصطدم بالسيدة مارثا التي نظرت إلى المرآة لكنها لم ترَ شيئًا. “ما بكِ يا سيدتي؟ تبدين شاحبة.” قالت مارثا كلماتها حين ظهرت ملامح القلق على وجهها.

“لا شيء… فقط توتر قبل الحفل،” أجابت إلاريانا بصوت مرتجف وهي تحاول أن تستعيد هدوءها.

لكنها علمت في أعماقها أن الظلال بدأت تتحرك، وأن هذه الليلة ستكون بداية رحلتها نحو المجهول.

بعد دقائق قليلة، انتهت إلاريانا من تجهيزاتها وخرجت من غرفتها متوجهة إلى قاعة القصر الكبرى، حيث كانت الثريات الكريستالية تتلألأ فوق رؤوس الضيوف كنجوم معلقة.

عندما وصلت إلى أسفل الدرج الحلزوني الضخم، توقف الحديث بين الضيوف فجأة، وتوجهت الأنظار كلها نحوها. كانت تحمل في خطواتها مزيجًا من الجاذبية والغموض، ولم تستطع تجاهل النظرات التي تحمل مشاعر متباينة بين الحسد والفضول.

في وسط القاعة، كان يقف رجل طويل القامة ذو شعر داكن، وكانت عيناه الزرقاوان تخترقان الحشد بنظرة حادة وواثقة بينما كانت حركته توحي بثقة وفخامة تُظهر مكانته العالية في المجتمع. كان يقف هناك، مثل تمثال حي من الجمال والمهابة. لكنه لم يكن مجرد رجل أنيق، بل كان يتألق بالحضور والتأثير الذي يجعل كل من يراه يشعر بعمق سلطته. تقدم نحوها بخطوات هادئة ولكنها واثقة.

“الآنسة كراوفورد،” قال بصوت عميق ورزين، و هو ينظر لعيناها العسليتان اللامعتان، “إنه لشرف لي أن أرحب بكِ في حفلي. أنا أليستر بلاكمور.”

أحنت إلاريانا رأسها قليلاً وأجابت: “الدوق بلاكمور، الشرف لي. شكراً على دعوتك.” لكنها شعرت بوخزة خفية في قلبها، كأن هذا اللقاء سيغير حياتها إلى الأبد.

لم يكن لديها وقت لتسترسل في التفكير، فقد قاطعها صوت انفجار مفاجئ خارج القصر، مما جعل الحضور يصرخون في ذعر. تبادلت إلاريانا وأليستر نظرة سريعة، وعرفت أن هذه الليلة تحمل أكثر من مجرد حفلة راقصة

” نهاية الفصل الأول “

 

 ” eiri___435380 ”  حساب الانستا 

 ” ℐ𝓇𝒾” المترجمة