▬▭الفصل 5▭▬
┊ ┊ ┊ ┊
◍ ◍ ◍ ✦
┊ ┊ ┊
◍ ◍ ⸎
┊ ┊
┊ ✦
⸎
“بينيلوب، إلى هنا.”
فتح الباب وأشار بذقنه للدخول. في الداخل، كانت هناك عدة أسرّة منخفضة ومكتب صغير. الأرضية كانت خشبية بلا أي غطاء، والجدران المتقشرة تحمل مرآة مهترئة، لم يكن مختلفًا كثيرًا عن غرفتي.
على السرير الموجود عند حافة الغرفة، وُضِع سيف أزرق اللون خاص بـإيدوريان ورداء أسود مُطرَّز بخيوط فضية. بدا أنه يستخدم هذه الغرفة.
أخرج إيدوريان ضمادات من أحد الأدراج وتقدّم نحوي.
“اجلسي.”
بدا وكأنه سيقوم بلفها بنفسه، لكنني سارعت بهز رأسي. إلا أن جسدي لم يكن سريع الاستجابة كما توقعت، فقد كان قد جلس بالفعل على الأرض.
“أعطني إياها، سأقوم بذلك بنفسي.”
“هل تعرفين كيف؟”
سألني وهو يميل رأسه جانبًا وكأنه متفاجئ.
“الأمر بسيط، مجرد لفّ الضمادة.”
لم أرد أن أتركه يلمسني. كنت أخشى أن يلاحظ أي شيء غريب عني، فقد كان حادّ النظر.
“ليس الأمر بهذه البساطة، لذا سأقوم بذلك.”
“إذن، علّمني وسأفعلها بنفسي.”
حدّق بي للحظة ثم عبس.
“هل تطلبين مني أن أُعلّمك أثناء لفّ الضمادة على ساقي؟”
لم يُخفِ انزعاجه من الفكرة، فاستسلمت وجلست أمامه.
بعد أن نظر إليّ قليلًا، أمسك بقدمي. شعرت بتوتر مفاجئ وأنا أتفقد كاحلي، متوجّسة أن يكون هناك أي أثر غريب، مما جعل دقات قلبي تتسارع قليلًا.
لكنه أطلق سراح قدمي بعد دقيقة، دون تعليق.
“الآن وقد رأيتِ، يمكنك فعلها بنفسك في المرة القادمة.”
نهض عن الأرض، نفض يديه، ثم سلّمني الضمادة المتبقية وكأنه أنهى مهمته.
قبل أن يغادر، سُمع صوت طَرق منتظم على النافذة. استدار إيدوريان وفتحها، ليطير طائر صغير إلى الداخل، يدور حول رأسه مرة قبل أن يحطّ على يده وكأنه معتاد عليه.
أزال إيدوريان أسطوانة صغيرة معلّقة على عنق الطائر، ثم قدّم له قليلًا من الماء والطعام قبل أن يقرأ الرسالة التي وصلت.
“هذا ليس جيدًا…”
تمتم بعد أن قرأها بسرعة، ثم غادر الغرفة فورًا، وكأنني لم أكن هناك. لم يخبرني بأي شيء عن محتوى الرسالة، لكنني سرعان ما استوعبت من أرسلها، مستندة إلى ما أعرفه من أحداث الرواية.
كان المرسِل عبقريًا، ربما الشخص الوحيد القادر على إنهاء هذه الفوضى سريعًا. والذي كنت بحاجة إليه.
…لكني لم أستطع تذكّر اسمه.
ما كنت أعلمه هو أنه كان فتى من عامة الشعب، صديقًا أكادميا لإيدوريان، سافر إلى العاصمة الإمبراطورية لرؤيته بعد وقت طويل.
وصل إلى ميناء رِيمان، حيث خطط للإقامة بضعة أيام قبل أن يستقل القطار إلى القصر الإمبراطوري. لكن قبل أن ينطلق، اندلع وباء الزومبي، وتم إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى العاصمة.
عالقًا داخل القطار المتوقّف على المسار، تلقّى رسالة من إيدوريان، والآن، كان قد أرسل رده.
قال إنه سيأتي إلى القصر بنفسه لأن المسافة ليست بعيدة. لكن هذا كان قرارًا طائشًا من شخص لم يواجه الزومبي من قبل.
في مثل هذه الأوضاع، الأولوية هي العثور على مأوى آمن وتأمين الطعام. لكن قلة المعلومات جعلت ذلك العبقري يختار طريقًا خطيرًا، وفي النهاية، أثناء تسلّقه الجبال، تعرّض للعضّ.
ورغم ذلك، تمكن من الصعود إلى منتصف الجبل بفضل براعته في الملاحظة.
لاحظ أن الزومبي يعتمدون على السمع والشم، لذا غطّى نفسه بجثثهم لإخفاء رائحته، وكان يتسلّق الأشجار ليلاً للاختباء.
لكن في النهاية، نَزَف. ورائحة دم الإنسان لا يمكن إخفاؤها، فهجم عليه الزومبي وافترسوه بالكامل.
إذا تمكنت من إنقاذه، فقد تُحل هذه الأزمة بسرعة. لكن تدخلي قد يثير الشكوك أيضًا.
“ما زلتِ هنا؟”
عاد إيدوريان، وهو يطوي ورقة كتب عليها بسرعة.
نظر إليّ للحظة قبل أن يقترب من الطائر الذي كان يشرب الماء. مرّر يده على ريشه بلطف، ثم وضع الرسالة داخل الأسطوانة الصغيرة مجددًا.
“هل لديكِ شيء تريدين قوله؟”
جلس على كرسي قريب، يراقب الطائر حتى ينهي طعامه، وسألني بصوت بدا متكلفًا. أشرت إلى الطائر بصمت، منتظرة تفسيره.
فجأة خطر لي أنه ربما كان يلمّح لي بالمغادرة بلُطف.
“إنه صديق من الأكادمية، قادم لرؤيتي.”
أجاب دون أي تردد.
“ستذهب لاستقباله؟”
“…نعم.”
تردد للحظة، ثم أضاف بصوت خافت:
“سأغادر في الصباح.”
استمر في ملاطفة الطائر، الذي بدا معتادًا على لمسته وأغمض عينيه مستمتعًا.
في الرواية، استخدم إيدوريان هذا الطائر لتحديد موقع صديقه، ثم تبعه إلى الجبال.
لكن في النهاية، صديقه تحوّل إلى زومبي، وإيدوريان تعرّض لإصابة خطيرة، وعاد بالكاد إلى القصر بعد ثلاثة أيام.
…لكن لا يمكنني أن أعرض عليه مرافقتي له أيضًا.
طرق، طرق.
بينما كنت غارقة في أفكاري، طُرِق الباب بخفة. كانت ليليا، تنظر إليّ وهي تقف عند المدخل نصف المفتوح.
“آنستي.”
ألقت نظرة خاطفة على إيدوريان قبل أن تتحدث إليّ.
“وجدت شايًا يساعد في الهضم، لذا أحضرته لكِ.”
كأن هناك شيء آخر عليّ التظاهر بشربه… لكنني تراجعت عن أفكاري، ومددت يدي لتلقي الكوب، إلا أن ليليا هزّت رأسها.
“أود التحدث إليكِ، هل يمكنني إحضاره إلى غرفتك؟”
هل سبق لـليليا أن طلبت التحدث مع بينيلوب من قبل؟
بحثت في ذاكرتي، لكن الإجابة كانت واضحة: لا.
“حسنًا…”
صوتها الجاد جعلني أفكر كثيرًا في الأمر.
***
نهاية الممر.
دخلت ليليا إلى الغرفة خلفي، ثم وضعت الكوب على الطاولة الصغيرة بجانب السرير.
‘ما الذي تود قوله إلى هذه الدرجة…؟’
جلست على طرف السرير ونظرت إلى ليليا.
“أنا آسفة حقًا.”
وقفت ليليا أمامي دون أن تجلس، وانحنت برأسها بعمق، تبدو غير مرتاحة.
“كما قالت آنستي، لا يمكنني أن أدرك تمامًا ما الذي مررت به بسبب ما فعلته. يمكنني فقط أن أخمّن وأنا في أمان.”
كنت أشعر منذ قليل أنها تراقبني بحذر، والآن فهمت أنها كانت تحاول قول هذا الكلام.
“لكن حتى لو كان مجرد تخمين، فإنه يؤلمني بشدة.”
راقبتني ليليا مجددًا، وهي تحاول كتم دموعها.
“لو لم ترفعيني أولًا، لكنت أنا من بقي هناك. ولو كنتُ أنا من بقي، لما استطعت التصرف بذكاء مثلك أبدًا.”
ليديا سويدي.
شعرها الوردي الفاتح المتمايل، وبشرتها البيضاء كالثلج، وعيناها المستديرتان، وشفتاها المرسومتان بانحناءة رقيقة تمنحانها مظهرًا ناعمًا وجذابًا. لكنها لم تكن مجرد وجه جميل.
صحيح أنها بطلة في رواية رومانسية، ويحصل أبطال الرواية الذكور على فرص عديدة لمساعدتها، لكنها لم تنجُ في هذا العالم المليء بالموت بمساعدة الآخرين فقط.
“أنا آسفة حقًا لأنني تركتكِ وحدكِ وسط الزومبي.”
حتى لو كانت الآن مجرد نبيلة مدللة لم تعتد حماية نفسها، إلا أنها مع مرور الوقت ستصبح إحدى أقوى المقاتلين في هذا الحصن.
“لكنني لن أسمح بحدوث ذلك مجددًا. كما رفعتِني أنتِ أولًا، سأحرص على حمايتكِ من الآن فصاعدًا.”
وهكذا وعدتني ليليا، التي مستقبلا س
تتدرب تحت إشراف الدوق وولي العهد، لتصبح قوية مثل فرسان القصر الإمبراطوري.
يتبع….
┊ ┊ ┊ ┊
◍ ◍ ◍ ✦
┊ ┊ ┊
◍ ◍ ⸎
┊ ┊
┊ ✦
⸎
التعليقات على الفصل " 5"