كان أسلاف كيربيل، المعروفين بالسّحرة القدماء، يصنعون أدوات سحريّة متنوّعة للسّيطرة على غير السّحرة.
كان على غير السّحرة أن يخضعوا لقوّة هذه الأدوات، فحكم السّحرة القدماء كأسيادٍ لزمنٍ طويل.
لكن بعد أن رقد السّاحر القديم في مثواه الأخير، بدأت الأمور تتغيّر تدريجيًا.
مع مرور الوقت، أصبح أحفاد السّاحر أضعف شيئًا فشيئًا.
بزواجهم من بشرٍ لا يملكون السّحر وإنجابهم أطفالًا، خفّت قوّة السّحر في دمائهم تدريجيًا.
حتّى جاءت لحظة بدأ فيها أطفالٌ بلا سحر يولدون من نسل السّاحر القديم.
في تلك الفترة، أُسّست الإمبراطوريّة الحاليّة بقيادة الإمبراطور الأوّل، وأنشأ أحفاد السّاحر القديم برج السّحر لإدارة الأجيال اللاحقة.
ثمّ في يومٍ ما، وقع أثرٌ موروث عبر أجيال أحفاد السّاحر القديم في يد الإمبراطور.
منذ ذلك الحين، بدأ الإمبراطور يطمع في آثار السّاحر القديم، فجمع النّاس وهاجم برج السّحر.
كان هناك سحرة انضمّوا إلى جانب الإمبراطور طمعًا في المكافآت، فهاجموا رفاقهم.
في النّهاية، الأدوات التي صُنعت للسّيطرة على البشر قادت السّحرة أنفسهم إلى الهلاك.
لهذا السّبب، أخفى كيربيل آثار السّاحر القديم في أماكن لا يمكن لأحدٍ الوصول إليها.
كان واضحًا أنّ إخراج هذه الآثار إلى العلن سيُسبّب الفوضى فقط.
لكنّ هذا القرار انهار أمام موت الشّخص الذي أحبّه.
“في البداية، كان تصرّفًا متهوّرًا. كلّ ما كان يشغل ذهني هو إنقاذها.”
تابع كيربيل حديثه بهدوء:
“لكن مهما رددتُ الزّمن مرّات ومرّات، كانت النّتيجة دائمًا واحدة.”
“ماذا تعني بأنّ النّتيجة كانت واحدة؟”
“أعني أنّه مهما حاولتُ تغيير المستقبل، لم يكن ذلك مجديًا.”
أطلق كيربيل ابتسامة مريرة.
“في البداية كان حادث عربة، ثمّ تسمّم، ثمّ مرض. بعدها، اضطررتُ لمشاهدة أنواع لا تُحصى من الموت بعينيّ.”
تنهّدت إيفيت بهدوء على كلامه.
“لا يُعقل. كيف يمكن أن يحدث ذلك؟”
“لو عرفتُ الإجابة، لما كنتُ هنا.”
سخر كيربيل باختصار ومرّر يده على شعره.
“بدأ جسدي ينهار، ربّما بعد أن رددتُ الزّمن للمرّة العشرين.”
“لحظة، هل تعني أنّك استخدمتَ الأثر أكثر من عشرين مرّة؟”
تفاجأت إيفيت.
شخص عادي لا يستطيع استخدام الأثر ولو مرّة واحدة، فكيف له أن يستخدمه أكثر من عشرين مرّة؟
“لو كان الأمر كذلك، العجيب أنّ جسدك لم ينهار أسرع.”
كأنّه قرأ أفكارها، قال كيربيل بنبرة غير مبالية:
“كان المهمّ بالنّسبة لي هو ذلك الشّخص. إذا كان بإمكاني إنقاذها، لم أكن أبالي بانهيار جسدي.”
“يبدو أنّك حقًا أحببتَ ليليانا.”
فكّرت إيفيت بهذا مجدّدًا.
حتّى في القصّة الأصليّة، كان كيربيل مخلصًا لليليانا بشدّة.
“لكن الطّريقة كانت خاطئة بعض الشّيء.”
قبل أن تصبح ليليانا ونويل ثنائيًا رسميًا، كان كيربيل شخصيّة ثانويّة محبوبة إلى حدّ ما.
لكن بعد أن عرف بعلاقتهما، تحول إلى الظّلام.
“لكن في القصّة الأصليّة، لم يُذكر أنّ كيربيل ردّ الزّمن.”
إذن، كان هناك استنتاج واحد فقط:
“يبدو أنّ هذا العالم مختلف عن القصّة الأصليّة التي أعرفها.”
ربّما هو ما يُسمّى بالعالم الموازي.
غرقت إيفيت في أفكارها للحظة، ثمّ عادت إلى الواقع عندما سمعت صوت كيربيل يتابع:
“لم يكن موتها فقط هو الشّيء الذي لم يتغيّر مهما رددتُ الزّمن.”
أغلق كيربيل عينيه طويلًا ثمّ فتحهما وقال:
“في كلّ مرّة تموت، كان ذلك الرّجل دائمًا بجانبها.”
“من هو ذلك الرّجل؟”
على سؤالها الحذر، أطلق كيربيل ضحكة خفيفة.
“حسنًا، الآن لم يعد مهما من هو ذلك الرّجل. لأنّه يحبّ امرأة أخرى بالفعل.”
قال ذلك ونظر إلى إيفيت بنظرة ذات مغزى.
“المهمّ هو أنّهما للمرّة الأولى لم يقعا في حبّ بعضهما. ما لم أنجح في تحقيقه رغم محاولاتي العشرات، حدث هذه المرّة كمعجزة.”
توقّفت إيفيت للحظة وهي تستمع إليه بتمعّن.
أدركت من يقصد بذلك الرّجل.
“إنّه نويل.”
في القصّة الأصليّة، كان من المفترض أن يقع نويل في حبّ ليليانا خلال لقاء خرّيجي أكاديميّة لوهين.
لكنّه لم يقع في حبّها.
“لأنّه التقى بي قبل ذلك.”
شخصيّة كان من المفترض أن تموت، تسلّلت إلى حياته بالصّدفة.
بسبب ذلك، حصل نويل على خطيبة مزيّفة، ولم يقع في حبّ ليليانا.
“بل إنّ نويل يحبّني.”
عندما وصلت إلى هذه الفكرة، عضّت إيفيت شفتيها برفق ثمّ أفلتتهما.
“هل أنا العنصر المتغيّر إذن؟”
قال كيربيل إنّه مهما فعل، لم يتغيّر المستقبل.
لكن بعد أن تسّللت إلى جسد إيفيت بلانشيت، تغيّرت علاقة نويل وليليانا.
هذا يعني أنّ المستقبل تغيّر بسببي.
“لماذا تسّللتُ إلى هذه النّقطة الزّمنيّة بالذّات؟”
ظلّت الأسئلة دون إجابة.
“لدي سؤال لك، كيربيل.”
“تكلّمي.”
أومأ كيربيل برأسه، فتحدّثت إيفيت بحذر:
“لماذا سُرق الأثر هذه المرّة من قِبل الفيكونت ماغنوس؟”
قال كيربيل إنّه ردّ الزّمن مرّات عديدة باستخدام الأثر.
هذا يعني أنّه كان يحتفظ بالأثر معه طوال الوقت.
“عندما أردّ الزّمن، يعود الأثر إلى مكانه الأصلي. لذا، كنتُ دائمًا أذهب لاستعادته بعد كلّ مرّة.”
“إذن، لم تذهب لاستعادته هذه المرّة؟”
أومأ كيربيل على سؤالها.
“لأنّني قرّرتُ أن تكون هذه المرّة الأخيرة.”
بسبب الاستخدام المتكرّر للأثر، كان جسده قد تحطّم بالفعل.
لو ردّ الزّمن مرّة أخرى، كان من الواضح أنّه لن يتحمّل يومًا واحدًا.
لذلك، لم يذهب كيربيل لاستعادة الأثر، وتوجّه مباشرة إلى ليليانا.
أراد قضاء يومٍ واحد إضافي معها.
“لم أتوقّع أن يجد أوين ماغنوس الأثر. كان ذلك متغيّرًا لم أحسب له حسابًا.”
“كيف وجده؟ ألم تقل إنّك أخفيته في مكان لا يمكن لأحد الوصول إليه؟”
“كان يتذكّر كلّ الأزمنة التي رددتها.”
“ماذا؟”
ردّت إيفيت بذهول:
“يتذكّر الأزمنة التي رددتها؟ هل هذا ممكن؟”
“إنّه نوع من الآثار الجانبيّة النّاتجة عن الاستخدام المفرط للأثر.”
ضحك كيربيل كأنّ الهواء يفلت منه.
“بفضل ذلك، أعاني من شابّ صغير.”
“ها…”
تنهّدت إيفيت كمن يأس.
كان من الصّعب التعامل معه أصلًا، والآن يملك ذكريات المستقبل أيضًا.
أمسكت إيفيت رأسها بيدخا من الصداع .
حتّى وهي جالسة على السرير، شعرت بدوخة.
“أحتاج إلى وقت لترتيب أفكاري.”
تمتمت إيفيت وهي مطأطئة رأسها.
في تلك اللحظة، كانت أفكارها مشوّشة لدرجة أنّها لم تعرف ماذا تقول.
“إذا كان لديكِ أسئلة لاحقًا، اسألي. سأجيب.”
نهض كيربيل ببطء من مكانه.
يبدو أنّه لم يكن ينوي إطالة الحديث.
“لحظة.”
عندما استدار كيربيل للمغادرة، نادته إيفيت بسرعة:
“لماذا تحدّثتني الآن بهذا بعد أن أخفيته طوال هذا الوقت؟”
توقّف كيربيل في مكانه، واستدار ببطء ليواجهها.
“فقط شعرتُ أنّ الوقت قد حان. لم أفعل ذلك من أجلكِ، فلا تُسيئي الفهم.”
قال كيربيل ذلك وغادر غرفة نوم إيفيت.
كانت نظرته غامضة، أكثر من أيّ وقت مضى، جعلت قراءة أفكاره صعبة.
***
“أنت، الجديد.”
“آه، نعم!”
“انقل هذا إلى المخزن.”
سلّم خادم المطبخ لليون كيسًا بحجم جسم طفل.
تلقّى ليون الكيس بتفاجؤ، متعثّرًا وهو يحاول الحفاظ على توازنه.
“هذه توابل للاستخدام في وليمة جلالة الإمبراطور. احترس ألّا تسكبها.”
بعد هذا التّنبيه القصير، غادر الخادم.
اضطرّ ليون إلى حمل الكيس بصعوبة إلى مخزن المواد الغذائيّة بمفرده.
عندما كان يعمل لدى الفيكونت ماغنوس، لم يكن عليه القيام بمثل هذه الأعمال البدنيّة.
كان السّحر يتولّى معظم الأعمال المنزليّة.
لذا، شعر أنّ وتيرة العمل المحمومة في القصر الإمبراطوري كانت مرهقة بعض الشّيء.
“ومع ذلك، هذا أفضل.”
فكّر ليون بحزن.
عندما كان مع الفيكونت ماغنوس، كان جسده مرتاحًا، لكن قلبه كان أكثر توترًا بكثير.
حياة مليئة بالخوف من الضّرب في أيّ لحظة كانت أسوأ من الإرهاق البدني الذي يعيشه الآن.
“النّاس هنا ليسوا سيّئين.”
بالطّبع، كان هناك من ينظر إليه بعدم رضى، لكن مقارنة بالفيكونت ماغنوس، كان ذلك لا يُذكر.
“أتمنّى أن أستمرّ بالعمل هنا…”
توقّف ليون عند هذه الفكرة، ونظر حوله بقلق.
كان يخشى أن يكون قد نطق بأفكاره بصوتٍ عالٍ.
“يجب أن أحترس من كلامي.”
لا يعرف متى أو أين قد يكون الفيكونت ماغنوس يراقبه.
شعر ليون بقشعريرة في ظهره، فسارع خطواته.
بعد قليل، وصل إلى المخزن بصعوبة، ووضع الكيس بحذر.
مع اقتراب وليمة عيد ميلاد الإمبراطور، امتلأ المخزن الذي كان خاليًا بالمكوّنات.
بينما كان ليون يلتقط أنفاسه ليغادر المخزن، سمع صوتًا مألوفًا يتردّد من الظّلام:
[يبدو أنّك تتأقلم جيّدًا.]
شحب وجه ليون.
[لا تجب، فقط استمع.]
أغلق ليون فمه بإحكام وأومأ برأسه.
[قريبًا، ستصلك رسالة. إذا أرسلتَ السّحر إليها، سترى خريطة. كلّ ما عليك هو تثبيت الشّيء الذي أعطيتك إيّاه في المكان المشار إليه. لا يمكنك أن تفشل في هذا، أليس كذلك؟]
ارتجف كتفا ليون عند النّبرة السّاخرة.
أومأ بصمت، فأضاف الصّوت بنبرة راضية:
[استمر هكذا، وسأقبلك حقًا كابن لي.]
مع نهاية الكلام، خفت الصّوت في رأسه.
جلس ليون على الأرض كأنّه انهار، عيناه الذّهبيّتان المشابهتان لعيني والده مغرورقتان بالدّموع.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 38"