نظرت إليها كيربيل وهي تجيب بسرعة، فضحك ضحكةً خافتة.
غاصت عيناه الحمراوان في ظلمةٍ كئيبة.
“لكن ماذا أفعل؟ ليس لدي نية لرفع لعنتك.”
قالها كيربيل بنبرةٍ وقحة لا تُخفي شيئًا.
لم يظهر على وجهه أدنى شعورٍ بالذنب أو الأسف.
“ما هذا الجنون؟”
حدّقت إيفيت إليه في ذهولٍ وحيرة.
في القصة الأصلية، كان كيربيل شخصيةً خاليةً من أي تعاطف.
لم يكن يتصرف كإنسان إلا أمام ليليانا وحدها.
لقد عاش ما يقارب مئات السنين من أجل ليليانا فقط، فما بالك.
“اصبري. يجب أن أتحمل.”
كبحت إيفيت غضبها بجهد، وتابعت حديثها بهدوء:
“لماذا لا يمكنك رفعها؟ لا بد أن يكون هناك سبب.”
“لأن رفع اللعنة عنك قد يسبب لي مشكلةً مزعجة.”
أجاب كيربيل وهو يتثاءب بخفة.
بدا هادئًا تمامًا، على عكس إيفيت التي كانت تحترق من الداخل.
“وما هي تلك المشكلة المزعجة؟”
واصلت إيفيت الضغط عليه، فلوّح كيربيل بيده كأنه يملّ من الإجابة.
“فكري في الأمر كأنكِ ولدتِ لأجدادٍ مخطئين. هكذا هي الحياة على أي حال.”
قالها وهو يعدّل وقفته.
كان الملل قد بدأ يتسلل إلى تعابير وجهه، كأنما فقد اهتمامه بالأمر.
“ظننت أنكِ جئتِ لسببٍ عظيم، لكن يبدو أنه أمرٌ تافه.”
عند هذه الكلمات، لم تستطع إيفيت كبح جماحها، فصرخت فيه:
“تافه؟ بسببك الآن، هناك من سيموت!”
“ولمَ تموتين؟ ألم تلتقي بمن يشاركك قدرك؟”
لم يبدُ كيربيل متأثرًا بغضبها، بل وجه نظرةً جافةً إلى عنقها.
على الرغم من أن الوشم كان مخفيًا تحت ملابسها، بدا وكأنه يعرف بوجوده بالفعل.
غطت إيفيت عنقها بغريزة، محدقةً إليه بنظرةٍ حادة.
“هل تقول لي الآن أن أعتمد على ذلك الشخص طوال حياتي؟”
“لمَ لا؟ ألا يعجبك ذلك؟”
رمش كيربيل بعينيه، وكأنه يتساءل عن سبب اعتراضها.
لم تجد إيفيت جوابًا، فاكتفت بفرك وجهها بيأس.
كأنها تحادث وحشًا، قد يكون الحوار أكثر جدوى.
“اسمع، سيد فيتوراس، ألا تعتقد أن هذا قد تجاوز الحد؟”
“لا أعرف. ما الذي تجاوز الحد؟”
“أنا الملعونة أمرٌ سيء بما فيه الكفاية، لكن أن يضطر شخصٌ لا يحبنب للمسّي طوال حياته، أي ذنبٍ ارتكبه؟”
“حسنًا، لا يبدو أنه يكره الأمر بقدر ما تعتقدين.”
تمتم كيربيل بكلماتٍ غامضة.
لكن إيفيت كانت منهمكةً في حل مشكلتها لتلاحظ ذلك.
“كفى، ارفع اللعنة الآن. إن قلتَ إنه ليس لديك نية لرفعها، فهذا يعني أن هناك طريقةً لفعل ذلك، أليس كذلك؟”
حدّقت إليه إيفيت بحدة، مصممةً على إقناعه بأي وسيلة.
لكن كيربيل كان أكثر عنادًا مما تخيلت.
“مهما قلتِ، إجابتي لن تتغير. فلا تتعبي نفسكِ عبثًا، وركزي على استمالة من يشاركك قدرك. فبدونه، حياتك ستنتهي.”
أجاب كيربيل ببرودٍ دون أن يرف له جفن، ثم أدار ظهره لها دون تردد.
“يبدو أن الأمر انتهى، سأستأذن أولاً.”
“ماذا؟ لم ننتهِ من الحديث بعد، إلى أين أنت ذاهب؟”
صاحت إيفيت في ذهول، فابتسم كيربيل ابتسامةً خفيفة.
“لأجد من أحب.”
بعد هذه الكلمات، أشار بأصابعه، فعاد الضجيج المحيط الذي كان قد انقطع.
وفي لمح البصر، اختفى كيربيل دون أن يترك أثرًا.
يبدو أنه استخدم السحر للانتقال الآني.
في هذا التطور غير المتوقع، انهارت إيفيت وجلست في مكانها.
كانت تعتقد أن مقابلة كيربيل ستحل اللعنة حتمًا.
لكن هذا لم يكن في حسبانها.
نظرت إيفيت إلى الممر الفارغ، تعض شفتها بخفة ثم ترخيها.
“ماذا أفعل الآن؟”
أكاديمية لوهين ليست مكانًا يمكن زيارته في أي وقت.
بل إنه لا يمكن طلب مقابلة دون موافقة الطرف الآخر.
بمعنى آخر، لن تتكرر فرصة لقاء كيربيل بعد اليوم.
أغمضت إيفيت عينيها وأخذت نفسًا طويلاً.
كان عليها إيجاد حل بأي طريقة.
“فكري. كيف يمكنني إقناع كيربيل برفع اللعنة؟”
بعد دقائق من التفكير، خطرت في بالها فكرة مفاجئة.
“صحيح، هناك ليليانا!”
ليليانا كانت بمثابة عالم كيربيل.
ربما تستطيع هي تغيير رأيه.
ومضت شرارة أملٍ في وجه إيفيت الذي كان غارقًا في الظلام.
—
في هذه الأثناء، وفي الوقت ذاته.
بعد أن تخلص نويل بصعوبة من النبلاء الذين اقتربوا منه، بدأ بالبحث عن إيفيت.
“أنا متأكد أنني طلبت منها البقاء قريبة.”
لكن يبدو أنها غيرت مكانها، فلم يجدها في أي ركنٍ من قاعة الحفل.
“حقًا، لا يمكنني أن أرفع عيني عنها ولو للحظة.”
ضحك نويل ضحكة خافتة وهو يكشف عن كمه، ليظهر سوارًا مطابقًا لما أعطاه لإيفيت.
تقدم نحو الممر، فبدأ القلادة المعلقة بالسوار تتوهج بضوءٍ خافت.
تبع نويل الضوء بخطواتٍ هادئة.
كان حجر الاتصال الذي قدمه لإيفيت أداةً سحريةً لا تقتصر على التواصل، بل تتيح تتبع الموقع أيضًا.
كانت الطريقة بسيطة: كلما اقترب الحجر من الآخر، زاد تألق القلادة.
بفضل ذلك، استطاع نويل العثور على مكان إيفيت دون جهدٍ كبير.
“لم أتوقع أن أستخدم هذا يومًا.”
فكر نويل وهو يسير.
منذ لقائه بإيفيت، وجد نفسه يتصرف بطرقٍ لم تكن تعكس شخصيته.
أين هي الآن؟ ماذا تفعل؟
ما الذي يشغل تفكيرها؟ ومع من تتحدث؟
أسئلة لم تخطر بباله من قبل، بدأت تتردد في ذهنه بين الحين والآخر.
عندما اقترح عليها الخطوبة في البداية، لم يكن الأمر بهذا الحد.
لكن مع مرور الوقت، أصبح ينتبه إليها أكثر فأكثر.
“على أي حال، لقد ذهبت بعيدًا حقًا.”
على الرغم من ابتعاده عن قاعة الحفل مسافةً لا بأس بها، لم يظهر لإيفيت أثر.
ضحك نويل ضحكةً ساخرة وهو يمرر أصابعه في شعره.
“الضوء يشتد، يبدو أنها قريبة من هنا.”
في تلك اللحظة، لمح نويل شجرةً عتيقة ضخمة بينما كان يتفحص المكان.
كانت تلك الشجرة تقف شامخةً في مكانها منذ أيامه في الأكاديمية.
“لا تزال موجودة إذن.”
تقدم نويل نحوها كأن شيئًا ما جذبه.
بينما كان يتأمل الشجرة التي ترتفع كأنها ستغطي السماء، عادت إليه ذكريات الماضي فجأة.
—
أصبح نويل أبيرون “دوق أبيرون” قبل سبع سنوات من الآن.
كان والده، الدوق السابق، رجلاً فاسقًا لا يعرف شيئًا عن الوفاء.
لهذا السبب، كان لنويل خمسة إخوة غير أشقاء يكبرونه سنًا.
كان نويل، الأصغر بينهم، يعيش تحت رحمة إخوته، يكافح فقط ليبقى على قيد الحياة.
هرب من أجواء الدوقية الخانقة، والتحق بالأكاديمية كمن يبحث عن ملاذ.
حتى هناك، عاش بهدوءٍ كأنه شبح، مختبئًا في ظلاله.
كان اسم “أبيرون” وحده كافيًا لجذب الأنظار إليه.
وفي أحد الأيام، بينما كان يعيش كأنه غير موجود، قرأ في جريدة خبرًا عن مقتل عائلته بأكملها.
المتهمة في هذه المأساة كانت بيترين أبيرون، الزوجة الرابعة للدوق.
أي والدته.
“سمعتِ الخبر؟ يقولون إن زوجة دوق أبيرون قد أُلقي القبض عليها هذه المرة.”
[سمعتُ ذلك أيضًا. يبدو أن جلالة الإمبراطور يأخذ هذا الأمر على محمل الجد.]
[هل تعتقدين حقًا أنها قتلتهم جميعًا بمفردها؟ لم يكن هناك شخص أو اثنان فقط في تلك الواقعة.]
[من يدري؟ ربما تلقت مساعدة من أحدهم.]
بسبب مأساة عائلة دوق أبيرون، انقلبت حياة نويل رأسًا على عقب. أمّه، التي كان يعتبرها الوحيدة التي تقف إلى جانبه، سُجنت، وأقرباؤه أصبحوا يتربصون به لإسقاطه بأي ثمن.
لقد مات إخوته الذين كانوا يضايقونه، لكن الجحيم لم ينتهِ بعد. عندها أدرك نويل الحقيقة: ليس بإمكانه البقاء على قيد الحياة فقط لأنه يخفي أنفاسه.
ما دام يحمل اسم أبيرون، فسيظل الناس يسعون لقتله بلا هوادة. لذا، لكي يعيش، كان عليه أن يسحق خصومه أولًا.
في اللحظة التي استوعب فيها هذا الأمر، أغلق نويل أبواب قلبه بإحكام، ثم بدأ يتخلص من معارضيه واحدًا تلو الآخر دون أن يرف له جفن.
لم يكن هناك ما يردعه؛ ففي أعين الناس، كان قد طُبع في أذهانهم كابن قاتلة. وما الذي يمكن أن يضر سمعة قد هوت إلى الحضيض أصلًا؟
وبينما كان يقضي على أعدائه واحدًا بعد الآخر، وجد نفسه يومًا ما قد أصبح “دوق أبيرون”. كان النبلاء يخشونه وفي الوقت ذاته يطمعون في سلطته.
أولئك الذين كانوا يتجاهلونه في السابق، أصبحوا يركعون أمامه طواعية. منذ تلك اللحظة، بدأ نويل يصدّ بلا رحمة كل من يقترب منه، إذ كانت نواياهم واضحة كالشمس.
لكن كان هناك استثناء واحد: شخصٌ لم يستطع فهم غايته رغم مراقبته لفترة طويلة. تلك كانت إيفيت بلانشيت.
“الآن وأنا أفكر في الأمر، لقد التقينا أول مرة أمام تلك الشجرة.” ضحك نويل بخفة.
لم يكن لقاؤه الأول بإيفيت مميزًا بشكل خاص. كانا قد طُلب منهما إجراء مقابلة مع صحيفة بسبب تفوقهما الأكاديمي.
في ذلك الوقت، كان نويل على وشك التخرج، بينما كانت إيفيت طالبة جديدة لم يمضِ على التحاقها وقت طويل.
اقترح الصحفي إجراء المقابلة في الهواء الطلق بحجة الطقس الجميل، فوافق نويل وإيفيت بسهولة، إذ كانا يفضلان نسيم الخارج على الانغلاق في قاعة دراسية، حتى وإن كانا متفوقين.
“في ذلك الوقت، كانت قليلة الكلام.”
إن كانت ذاكرته صحيحة، فقد كانت إيفيت في الماضي تتحدث بقدر ضئيل للغاية. لم تفتح فمها إلا للإجابة على أسئلة الصحفي، وكان وجهها خاليًا من أي ابتسامة، بل كان جامدًا إلى درجة تبعث على البرودة
. لا يزال يتذكر كيف كان الصحفي يرمقها بحذر.
[سؤال أخير: ما هو حلمكما؟] عندما اقتربت المقابلة من نهايتها، طرح الصحفي سؤالًا تقليديًا.
أجاب نويل بأنه يريد أن يكون إقطاعيًا صالحًا، كذبة براقة يعلم أن لا أحد سيبالي بها لو صدق. لكن إيفيت، على عكسه، أجابت بصدق صارم: “لا يمكن للمرء أن يحلم دون أن يملك مستقبلًا.”
كان صوتها الخالي من التقلبات يحمل نبرة استسلام لا تتناسب مع عمرها. فاجأته إجابتها، فالتفت إليها دون وعي، ليجد عينيها الفارغتين ترحبان به.
[لم أفكر يومًا في المستقبل، لذا لا أملك أحلامًا.]
بعد هذا القول، استأذنت إيفيت وغادرت دون انتظار رد، رحيلٌ بدا وقحًا، لكن لم يجرؤ أحد على إيقافها، فقد كان تعبيرها وهي تقول إنها بلا أحلام باردًا كالجليد.
—
“لقد مرت سبع سنوات منذ ذلك الحين.” أنهى نويل تذكره وهو يمرر يده ببطء على الشجرة. رغم مرور الزمن الطويل، بدت الشجرة العجوز كما هي دون تغيير. “على عكس شخصٍ ما.”
قبض نويل على قبضته بقوة. في ذلك الوقت، لم يفهم موقف إيفيت، لكنه الآن يعرف سبب برودتها تلك. كانت إيفيت كمن وُلد ويوم موته محدد مسبقًا.
أن تُطلب من شخص كهذا الحديث عن أحلام المستقبل كان ظلمًا قاسيًا.
“ربما كان عليّ أن أصافحها على الأقل.”
لو فعل، لما عاشت إيفيت في قلق حتى الآن.
هذا الفكر الطارئ جعله يتوقف للحظة. “يبدو أن حالتي خطيرة.”
متى أصبح يهتم بأحد حتى يفكر هكذا؟ ضحك نويل ساخرًا من نفسه وأدار رأسه. وفي تلك اللحظة، كما لو كان الأمر مدبرًا، سمع صوتًا مألوفًا من مكان قريب.
—
بعد انفصالها عن كيربيل، عادت إيفيت إلى قاعة الحفل بحثًا عن ليليانا، لكنها لم تجدها، كأنها اختفت عن الأنظار.
“يبدو أن نويل لا يزال مشغولًا أيضًا.”
ألقت نظرة خاطفة على نويل المحاط بالناس.
“إن اقتربت الآن، سأعلق معه.” لم تكن معتادة بعد على أساليب النبلاء في الحديث، فبدلًا من التدخل وارتكاب خطأ، قررت الابتعاد مؤقتًا حتى يتمكن نويل من الخروج بنفسه.
غادرت الحفل وتجولت حول الأكاديمية، لتهدئ أفكارها المضطربة وتشاهد الأماكن المذكورة في القصة الأصلية.
أول مكان توجهت إليه كان نافورة صغيرة قريبة من الحفل. خشيت أن تكون مزدحمة، لكنها وجدتها هادئة لحسن الحظ.
عندما اقتربت، لفتت انتباهها الحصى الملونة التي أضفت بريقًا جميلًا على سطح الماء تحت أشعة الشمس، تمامًا كما وصفها الكتاب.
“جئتُ على سبيل التجربة، وها هي فعلًا موجودة.”
كانت هذه النافورة المكان الذي سيعلن فيه نويل حبه لليليانا بعد ستة أشهر من الآن.
“النظر إليها هكذا يشعرني بالغرابة.” تمتمت إيفيت وهي تحدق في النافورة. هذا المشهد جعلها تدرك أنها حقًا داخل عالم الرواية.
“لو لم أنتقل إلى هذا الجسد، هل كان نويل وليليانا سيقعان في الحب كما في القصة الأصلية؟”
بسبب بقائها على قيد الحياة، تغير الكثير من الأحداث. البارون لاريشي، الذي كان من المفترض أن يصبح كونت بلانشيت، أصبح مطاردًا بديون القمار، ونويل، البطل الأصلي، ارتبط بخطوبة مع شخصية ثانوية مثلها.
لم يعد بإمكانها تخمين مسار المستقبل. “كل هذا بسبب تلك اللعنة اللعينة.” زفرت إيفيت زفرة عميقة وهي تنظر إلى النافورة.
لو لم يفرض كيربيل هذه اللعنة المجنونة، لما وصلت الأمور إلى هذا الحد.
“ما الذي فعله أجداد بلانشيت حتى يستحقوا لعنة كهذه من كيربيل؟”
لم تذكر الرواية سبب لعنته لعائلة بلانشيه، فقط افتراضات غامضة أنهم أساءوا لليليانا بطريقة ما.
“ليليانا هي الوحيدة القادرة على التأثير في كيربيل.”
لو كان تفكيره أكثر عقلانية، لربما اعتبرته عاشقًا مخلصًا، لكن في نظر إيفيت، كان مجرد مجنون.
“ليتعثر في حجر ويسقط، وينكسر أنفه تمامًا.”
بينما كانت تدعو بصدق، رنّ صوت مألوف من خلفها: “أتمنى ألا تكوني تقصدينني بذلك.”
التفتت إيفيت مذعورة لتجد نويل ينظر إليها بعبوس خفيف.
“تساءلت أين ذهبتِ، فإذا بكِ هنا.”
قالها بلهجة عابرة، فشعرت إيفيت بالذنب دون سبب. كانت تنوي التجول قليلًا فقط، لكن الوقت مرّ أسرع مما توقعت.
“آسفة لخروجي دون إخبارك، بدوت مشغولًا جدًا فلم أرد مقاطعتك.”
ابتسمت بإحراج وهي تتجنب عينيه. ربما بسبب تحطم أملها في رفع اللعنة اليوم، لم تستطع مواجهة نظراته مباشرة.
“ظننتُ أنكِ تركتيني وهربتِ.”
تمتم نويل بنبرة لا يمكن تمييزها بين المزاح والجد، وهو ينظر إلى إيفيت.
شعرت إيفيت، التي أحست بتأنيب الضمير من جديد، فبذلت جهدًا لترفع زاوية فمها في ابتسامة.
“هيه، مستحيل! كيف لي أن أفعل ذلك…”
“في المرة القادمة، حتى لو بدوتِ مشغولة، أخبريني قبل أن تذهبي. أنا قلق عليكِ.”
“حسنًا، فهمتُ… مهلاً؟”
رفعت إيفيت رأسها فجأة بعد أن ردت دون تفكير.
فوقعت عيناها على نويل الذي كان يبتسم بتعبير غامض لا يمكن فهمه.
“قلق عليّ، يقول.”
نظرت إيفيت حولها دون وعي.
“هل هناك أحد بالجوار؟ هل قال ذلك من أجل شخص ما؟”
لكن مهما نظرت، لم يكن هناك سواهما بالقرب من النافورة.
“ما هذا؟ إذن، هل كان يقصد ذلك بجدية وليس تمثيلاً؟”
ما إن وصلت إلى هذه الفكرة، شعرت بقلبها يهوي فجأة.
“…لا، هل يُسمح له أن يقول مثل هذا الكلام بمثل هذا الوجه دون اكتراث؟”
“إن أصبت باضطراب في النبض بسبب هذا، هل ستتحمل المسؤولية؟”
كبتت إيفيت الكلمات التي كادت تخرج من حلقها، ونظرت إلى نويل بعينين مترددتين.
“أن يقلق دوق أبيرون بنفسه من أجلي، إنه شرف عظيم.”
حاولت إيفيت إخفاء ارتباكها بقولها ذلك بنبرة أكثر مرحًا.
لكن، على عكس توقعاتها، لم يكن رد فعل نويل إيجابيًا.
“…ليس ‘الدوق’، بل نويل.”
عبس نويل وهو يصحح تسميتها.
فتحت إيفيت عينيها بدهشة واستغراب.
“لماذا؟ أنتَ دوق، أليس كذلك؟”
“لا أريد سماع هذه التسمية منكِ أنتِ أيضًا.”
قال نويل بحزم.
بدا جديًا للغاية، فأومأت إيفيت برأسها رغم حيرتها.
“حسنًا، إذن. سأناديك نويل فقط.”
ما إن سمع تأكيدها حتى عادت الابتسامة إلى وجه نويل.
“…هل كان هناك من يزعجكِ في غيابي؟”
“من سيجرؤ على مضايقة خطيبة دوق أبيرون ويتوقع النجاة من العواقب؟”
كان معظم من حضروا لقاء الخريجين من النبلاء.
وحتى لو لم يكونوا كذلك، فقلة من لا يعرفون أنها خطيبة نويل.
“حقًا، هذا منطقي.”
أقر نويل بسهولة ومد ذراعه نحو إيفيت.
“ما رأيكِ أن نعود الآن؟ الجو بارد.”
أمسكت إيفيت بذراعه وأضافت بهدوء:
“لا أشعر بالبرد كثيرًا. هل أنتَ من يتأثر بالبرد أكثر، نويل؟”
أومأ نويل برأسه وهو يساير خطواتها البطيئة.
“لذلك لا أحب الشتاء كثيرًا.”
كان يوم مأساة أبيرون يومًا شتويًا باردًا.
ربما لهذا السبب، كلما أصبح الجو باردًا، كان مزاجه يميل إلى الانخفاض أكثر من المعتاد.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"