“حسنًا، أباكِ يؤمن بكِ، سيل.” 

“نعم! سأعود وأظهر لكما بالتّأكيد تطوّرًا!” 

توقّفتُ عن إثارة قلق والديّ. في الحقيقة، شعور تلقّي القلق منهما كان رائعًا لدرجة أنّني تظاهرتُ بعدم معرفة ما يقلق والدتي رغم علمي به. 

‘أنا حقًا أصبحتُ طفلةً تمامًا.’ 

حبّ الوالدين الذي أختبره لأوّل مرّة جعلني أشعر وكأنّني طفلةٌ صغيرة باستمرار. 

كنتُ أنسى أحيانًا أنّ روحًا ناضجةً متمرّسة تسكن هذا الجسد الصّغير. 

“الآن، فليتقدّم المشاركون إلى الأمام!” 

في تلك اللحظة، نادى البارون بودرو على المشاركين. ابتسمتُ وأنا أسمع اسمي يخرج من فمه. 

“سأذهب!” 

كان السّيف الحقيقيّ، هديّة يوم ميلادي من والديّ، يتدلّى على خصري. مع هذا السّيف، لم أخف شيئًا. 

كنتُ أعلم أنّ التأخّر سيجعلني أتلقّى المزيد من التّوبيخ من والدتي، فاندفعتُ بلا تردّد إلى نقطة التّجمع. 

صاحت والدتي من خلفي: 

“إذا كنتِ ستُصابين، فالأفضل أن تخسري!” 

“لا، لن أفعل!” 

أجبتُ بسرعة. 

“سيل!!!” 

أدركتُ بعد سماع صراخ والدتي أنّ إجابتي عكست ما في قلبي. لكن كان قد فات الأوان. 

بدأت المسابقة، وفي الوقت نفسه، أُطلقت في قلبي إشارة البدء لأوّل مواجهةٍ حقيقيّة مع إينوك. 

‘لا أعرف متى سأتوقّف عن تعلّم السّيف، لكن بالإصرار، قد أصبح أقوى هنا.’ 

لو كنتُ أملك موهبةً ساحقة مثل والدتي أو جدّي، لكان ذلك رائعًا، لكن لا يمكن تغيير ما لا يمكن تغييره. 

كنتُ عاديّة. كلّما تعلّمتُ السّيف، أدركتُ ذلك أكثر. 

ما فهمه إينوك بسرعة، استغرقني مئات المحاولات لأفهمه. 

رقصة السّيف التي يؤدّيها إينوك بسهولةٍ كالتنفّس، كنتُ أحتاج إلى آلاف التّمارين لأؤدّيها بعد حفظها. 

رغم ولادتي في عالمٍ جديد بجسدٍ جديد، إلّا أنّ عقلي، الذي يحمل ذكريات حياتي السّابقة، كان موهبتي كما هي من حياتي السابقة. 

في عالمٍ يستطيع فيه الفرسان إطلاق طاقةٍ من سيوفهم، كيف لي، التي كنتُ أحمل عصًا وأطلق النّار من مسدّس، أن أنافس؟ 

‘لكن الآن، على الأقل الآن، أستطيع منافسة إينوك.’ 

ما زلنا صغارًا. كان إينوك أسرع قليلًا، لكنّنا بدأنا تعلّم السّيف معًا تقريبًا. 

لم يصل أحدنا إلى مستوى عالٍ بعد، ولهذا كانت هذه الفترة الوحيدة التي يمكنني فيها منافسة موهبة إينوك بخبرتي وتجاربي من حياتي السّابقة. 

كنتُ أعلم من حديث الكبار أنّ إينوك سيصل قريبًا إلى مستوى يشعر فيه بالهالة ويستخدمها في سيفه، وهو مستوى لا أستطيع حتّى تخيّله. 

لذا، لم يكن هناك خيار. لقد أدركتُ بعمق أنّ هذه المسابقة قد تكون فرصتي الأخيرة للتغلّب على إينوك، وكان عليّ بذل قصارى جهدي. 

“الآن، سنعلن عن أعضاء المجموعات التي ستدخل غابة ميترو. المجموعة الأولى! الابن الثّاني للكونت سيباستيان، بيون سيباستيان! الابنة الكبرى للماركيز إدوارد، روزالين إدوارد! الابن الثّالث للماركيز بالانغ، هنري بالانغ…” 

عندما تجمّع جميع المشاركين في المنطقة المفتوحة، أعلن البارون بودرو عن المجموعات. 

على عكس قسمي الشّبان والفرسان الرّسميّين، كان قسم الشّباب مخصّصًا لمن لا يزالون غير ناضجين، لذا تمّ تقسيمهم إلى مجموعات للأمان. 

لكن الفائز لا يُحدّد بناءً على منافسة المجموعات، بل بناءً على النّقاط الفرديّة. 

لذا، كان أعضاء المجموعة نفسها، بسبب تحرّكهم معًا، هم أكثر المنافسين الذين يجب الحذر منهم. 

“المجموعة الثّالثة! الابنة الكبرى للكونت لوفيل، بلانكا لوفيل! الابنة الثّانية للكونت فيورين، آريانا فيورين! ابن البارون تشايدن…” 

“آه…” 

“لا…” 

تردّدت أنّات المشاركين الذين وُضعوا في مجموعات مع أشخاصٍ معروفين بمهارتهم. 

حتّى لو كانت المسابقة ساحةً للتنافس بين إيمبليم وغراي، لم يعنِ ذلك أنّ الآخرين لا يستطيعون إثبات أنفسهم. 

المرتبة التّالية بعد إيمبليم وغراي، أو حتّى الأمل الضّئيل في التّفوق عليهما، كان هدف الجميع. 

إذا برز المرء في هذه المسابقة، قد يُختار للانضمام إلى فرقة فرسان إيمبليم أو غراي. 

المرتبة التّالية بعد إيمبليم وغراي تمنح حتّى امتياز اختيار فرقة الفرسان التي يرغب المرء في الانضمام إليها بأمرٍ من الإمبراطور. 

فكم كانت هذه المسابقة مهمّة؟ 

‘مع من سأكون في مجموعة؟’ 

نظرتُ حولي بعيونٍ مليئة بالتّوقّع، منتظرةً أن يُنادى اسمي. 

لكن بينما كنتُ أنظر، لاحظتُ شيئًا غريبًا. 

“…” 

“…” 

كان الجميع يتجنّب نظراتي بشكلٍ خفيّ. بدا وكأنّهم يحتفظون بمسافةٍ منّي. كان هناك فراغٌ بيضاويّ حولي. 

‘هل لأنّني من إيمبليم؟ أنا الأصغر هنا!’ 

لم يكن هناك أحدٌ أقصر منّي هنا؛ كنتُ قصيرةً جدًا. كنتُ في السابعة فقط. 

بالطّبع، بفضل دماء إيمبليم، كنتُ أنمو أسرع من أقراني في السابعة، فقد أبدو في الثّامنة أو التّاسعة. 

لكن على أيّ حال، كنتُ في مستوى طالبةٍ في المدرسة الابتدائيّة في كوريا. 

كان من المذهل أنّ أطفالًا يبدون كطلّاب المدارس المتوسّطة يحذرون منّي ولا يقتربون منّي بسبب هذا. 

‘هل إينوك كذلك أيضًا؟’ 

مددتُ رقبتي وبحثتُ عن إينوك في مكانٍ ما هنا. 

بينما كنتُ أقفز وأبحث، رأيتُ إينوك واقفًا بهدوء في وسط فراغٍ بيضاويّ مثله مثلي، دون أحدٍ حوله. 

“واو… مذهل حقًا.” 

كان إينوك أيضًا وحيدًا لأنّه من غراي. 

“هل يعتقدون أنّ الابتعاد عنّا سيمنعهم من أن يكونوا في مجموعتنا؟” 

كان من الصّعب تصديق أنّ هؤلاء هم الأشخاص الذين كانوا يحاولون جاهدين التحدّث إليّ وإلى إينوك في الحفلة أمس. 

‘إنّه مجتمعٌ تنافسيّ لا يقلّ عن كوريا.’ 

كنتُ صغيرة، لكن أن يغرق هؤلاء الصّغار في التّنافس منذ الآن، جعلني أهزّ رأسي تلقائيًا. 

“المجموعة الرّابعة! انتظر الجميع هذا! البطلة التي طال انتظارها من روتيناس، الابنة الكبرى لقائدة فرقة فرسان ميليسيا إيمبليم، سيف الإمبراطور، سيليسيا إيمبليم!” 

في تلك اللحظة، نادى البارون بودرو اسمي بطريقةٍ مسرحيّة. 

صرّرتُ على أسناني بهدوء. كنتُ بالفعل أتلقّى كلّ أنواع الحذر، وهذا التّعامل الخاصّ لم يكن ممتعًا. 

لكن بما أنّه الإعلان الذي انتظرته، كنتُ فضوليّة بشأن أسماء من سيكونون في مجموعتي، فأصغيتُ إلى صوت البارون بودرو. 

“…” 

شعرتُ وكأنّ الجميع في هذا المكان يركّزون معي بنفس الهدف، لكن… 

“والمحظوظون الذين سيكونون في نفس المجموعة مع سيليسيا إيمبليم هم: الابن الثّالث للبارون كوتيس، إيميت كوتيس! الابن الثّاني للماركيز بيلدمور، آوسريك بيلدمور!” 

“آه، لا!” 

“آه!” 

دوّت صرخات من مكانٍ قريب. ابتسمتُ بمرارة لصرخات زملائي في المجموعة. 

لكن الابتسامة المريرة على وجهي اختفت تمامًا عند سماع الاسم التّالي. 

“وأخيرًا، الذي طال انتظاره من الجميع! الابن الأكبر لقائدة فرقة فرسان ديانا غراي، إينوك غراي، الذي يُقال إنّه يشبه عائلة غراي، المساهم الأوّل في رفع شأن وشرف إمبراطوريّة روتيناس!” 

تمتم أحدهم أنّها “مجموعة الموت الرّابعة”، وأنّ هذا مصيرٌ لا مفرّ منه بين إيمبليم وغراي. 

لكن أن يتمّ وضع إيمبليم وغراي في نفس المجموعة في إعلانٍ يُفترض أنّه عشوائيّ؟ كان هناك شيءٌ مريب. 

كان من الواضح أنّه تمّ وضعي أنا وإينوك في نفس المجموعة عمدًا لنتنافس. 

‘الشّخص الوحيد في هذه الإمبراطوريّة القادر على فعل هذا هو الإمبراطور.’ 

لم يكن من الصّعب تخمين المتسبّب في هذا الوضع. التفتّ بسرعة إلى الخلف. 

من بعيد، رأيتُ والدتي تلهث غضبًا وهي تتّجه نحو مقعد الإمبراطور، بينما يهرع فرسان إيمبليم لمنعها. 

“واو، مذهل. النّاس تطير.” 

خرجت كلمة إعجاب من شفتيّ دون وعي. كانت والدتي ترمي الفرسان الذين يحاولون إيقافها بعيدًا. 

تنهّدتُ بحسرة وأنا أرى الفرسان يطيرون في الهواء. 

‘من يستطيع إيقاف أمّي الغاضبة…’ 

حتّى جدّي لم يكن قادرًا على إيقافها في مثل هذه الحالة.