“لم أكن أعلم أنّ سموّ وليّ العهد يحبّ إيمبليم إلى هذا الحد.” 

“من الصّعب جدًا في هذه الإمبراطوريّة ألّا يحبّ المرء إيمبليم.” 

كما هو متوقّع، بدأ النّبلاء يتهامسون وهم يستمعون إلى محادثة والدي مع وليّ العهد. 

عندما سمع جايد غراي هذه الهمسات، تصلّب وجهه بشكلٍ مخيف، فأغلق الجميع أفواههم. 

لكن والدي، وكأنّه لا يعلم، واصل حديثه مع وليّ العهد. 

“هذا الموقع هو تراثٌ ثقافيّ تاريخيّ يرمز إلى الصداقة الطويلة بين العائلة الإمبراطوريّة وإيمبليم، لذا لم نُظهره بعد لـ سيل. لذا، عندما تطلب من سيّد العائلة زيارته في المستقبل، اصطحب سيل معك لرؤيته.” 

“سأفعل ذلك بالتّأكيد. ماذا يحبّ دوق إيمبليم؟ لا يمكنني الذّهاب إلى مكانٍ كنزٍ لهذه العائلة خالي اليدين.” 

“اهتمام سموّك العميق وحبّك لإيمبليم سيكونان بالنّسبة لسيّد العائلة هديّة لا تُضاهى.” 

“حقًا؟” 

احمرّ وجه وليّ العهد بخجل. بدا تمامًا كمعجبٍ ناجح. 

لكن جايد غراي، الذي كان ينظر إلى هذا المشهد باستياء، سعى لمقاطعة التّدفق بسعالٍ مصطنع وتحدّث إلى وليّ العهد: 

“الحديث يطول، سموّ وليّ العهد.” 

“آه، أعتذر. لقد أفرطتُ في الحماس.” 

أدرك وليّ العهد أخيرًا، فبدأ مرتبكًا ولا يعرف ماذا يفعل. 

ربّما شعر بالحرج لأنّ الجميع اكتشف شغفه بإيمبليم، فسارع بالتّبرير: 

“منذ صغري، وبسبب ضعفي الجسديّ، كنتُ أعيش مع الكتب. الكتب التي جلبها زوج السّير إيمبليم كانت ممتعة للغاية، فانغمستُ فيها… تاريخ إيمبليم أثّر في قلبي.” 

عند ذلك، أومأ والدي برأسه بارتياح. 

شعرتُ بنفس الشّيء. ‘سيف الإمبراطور’… يا له من اختيار! هذا هو والدي بالفعل. 

كنتُ قد اطّلعتُ على هذا الكتاب منذ صغري، وهو قصّة بطوليّة يحبّها كلّ طفل. 

حتّى أنا وقعتُ في حبّ إيمبليم، عائلتي، بسبب ‘سيف الإمبراطور’. 

“أنا ضعيفٌ جسديًا، فلن أستطيع أن أصبح بطلًا مثل إيمبليم، لكن بدلًا من ذلك، أريد أن أكون حاكمًا لا يُخجل إيمبليم.” 

عند طموح وليّ العهد الخجول، قال والدي بابتسامةٍ دافئة: 

“إذا أراد سموّك ذلك، فستحقّقه بالتّأكيد.” 

أظهر وليّ العهد فرحًا واضحًا بتشجيع والدي. ثمّ أضاف والدي وهو يدفعني إلى الأمام نحو وليّ العهد: 

“سيل، يجب أن تُظهري لسموّه أنّكِ إيمبليم يُفتخر بها. مفهوم؟” 

فهمتُ نوايا والدي الواضحة، فابتسمتُ ببراعة وردّدت: 

“نعم، أبي.” 

“…” 

أمسك وليّ العهد فمه بكلتا يديه، معبّرًا عن فرحه بصمت. ثمّ، عاجزًا عن كبح حماسه، مدّ يده إليّ فجأة: 

“أرجو أن نعمل معًا، الأميرة الصّغيرة إيمبليم.” 

“حسنًا، أنا من يجب أن يقول ذلك.” 

أمسكتُ يده بكلتا يديّ بأدبٍ وبشكلٍ عفويّ. 

“واو!” 

فجأة، انفجر الحضور بهتافاتٍ مدوّية وتساقطت الأيدي بالتصفيق. 

تأثّر النّبلاء بمشهدي وأنا أعقد وعدًا مع وليّ العهد للمستقبل. 

“انظروا إلى هذا. ربّما نشهد الآن لحظةً أخرى من تاريخ العائلة الإمبراطوريّة وإيمبليم تُكتب.” 

“إذا أصبحت الأميرة الصّغيرة سيليسيا إيمبليم سيف العائلة الإمبراطوريّة، فهذه اللحظة ستُسجّل في الكتب، أليس كذلك؟” 

“ها، أنا متحمّس للمستقبل منذ الآن!” 

ما يحبّه النّبلاء أكثر من أيّ شيء هو الشّرف. 

لو كنا الآن في معركة الشّرف بين غراي وإيمبليم، لرفع الحكم يد إيمبليم في هذه اللحظة. 

“…” 

أدرك جايد غراي هزيمته في هذه المعركة الصّامتة، فنظر إلى والدي بوجهٍ متصلب. 

استقبل والدي تلك النّظرة بابتسامةٍ هادئة. 

حتّى في إدارة تعابير الوجه، كان والدي المنتصر. من خلال هذه المحادثة القصيرة مع وليّ العهد، أبطل والدي جهود الإمبراطور في ربط وليّ العهد بغراي. 

لم يكن بإمكان جايد غراي سوى الاعتراف بالهزيمة النّظيفة ورفع يديه استسلامًا. 

“لقد حصل إيمبليم على ذكاءٍ لا يناسبه. هذا مزعجٌ للغاية.” 

على الرّغم من أنّ كلمات جايد غراي غرقت وسط الهتافات والتصفيق، إلّا أنّها كانت مسموعةً قليلًا لنا. 

ردّ والدي بابتسامةٍ ثابتة: 

“أن يقول الدّوق غراي ذلك، هذا يسعدني بلا حدود.” 

“أنتَ دائمًا لا تترك كلمةً واحدة تمرّ دون ردّ.” 

“للأسف، لم أكن أحاول الفوز.” 

“همف.” 

توقّف جايد غراي عن النّقاش مع والدي. بدا وكأنّه حسب بسرعة أنّ الاستمرار سيضعه في موقفٍ أسوأ. 

“لنذهب الآن، سموّ وليّ العهد. هناك آخرون يجب تقديمهم إليك.” 

“آه، نعم. يجب أن نفعل ذلك، الدّوق غراي.” 

بدا أنّ وليّ العهد أراد التحدّث إلى والدتي أيضًا، فنظر إليها بنظرةٍ متردّدة، ثمّ تنهّد بحسرة. 

لاحظت والدتي ذلك، فودّعته بابتسامةٍ ودودة: 

“في المرّة القادمة، سأحيّيك بجانب جلالته كسيف الإمبراطور، سموّك.” 

“آه!” 

لم يستطع وليّ العهد كبح فرحته، فأمسك قلبه. بدا وكأنّه أصيب بحادث شغف، فكتمتُ ضحكتي بصعوبة. 

بعد أن أنهى وليّ العهد شغفه بارتياح، استدار بوجهٍ خالٍ من التردّد. 

نظر جايد غراي إلى والدي وهو يقود وليّ العهد، وتمتم بحسرة: 

“تسك، يا للأسف. لهذا السبب كنتُ قد اخترتك لتكون زوجًا لديانا…” 

دهشتُ ونظرتُ إلى والدي. هل كان جايد غراي يخطّط لتزويج والدي من خالتي ديانا؟ 

كنتُ أسمع بهذا لأوّل مرّة. ألقيتُ نظرةً على والدتي. 

لا بدّ أنّها سمعت تمتمة جايد غراي، لكنّها بدت وكأنّها كانت تعلم بالأمر مسبقًا، إذ لم تُظهر أيّ انفعال. 

‘واو، كدتُ أفقد والدي.’ 

أحببتُ والديّ جدًا. كانا الأفضل في العالم. 

لم أستطع حتّى تخيّل أنّهما ليسا والديّ. 

“أبي، أحبّك.” 

أدركتُ فجأة قيمة والدي، فاحتضنته بقوّة معبّرةً عن حبّي. 

لم أكن معتادة على إظهار العاطفة بسبب الخجل، لكنّ والدي ضحك واحتضنني بدوره. 

“أنا أيضًا أحبّك، ابنتي.” 

“هيهي.” 

نظرتُ أنا ووالدي إلى بعضنا البعض وابتسمنا. 

ربّما شعرت والدتي بالغيرة من هذه الأجواء بيننا، فتدخّلت متذمّرة: 

“قولي إنّك تحبّين أمّك أيضًا.” 

“أحبّك يا أمّي.” 

مددتُ ذراعيّ إلى والدتي. فاحتضنتنا أنا ووالدي معًا بقوّة. 

“من تحبّين أكثر، أبيك أم أمّك؟” 

عند سؤال والدتي الطّفوليّ، ضحكتُ مازحةً وأجبت: 

“عادةً أحبّكما معًا، لكن الآن أحبّ أبي.” 

“يا إلهي.” 

“هيهي.” 

كان والدي، الذي أحبط ببراعة خطط جايد غراي المزعجة، هو المفضّل لديّ اليوم. 

رأيتُ والدي يبتسم لأمّي بانتصار، فشعرتُ بسعادةٍ أكبر اليوم. 

“حسنًا، لقد رأينا جلالة الإمبراطور وتبادلنا التّحيّة مع سموّ وليّ العهد، فلنعد مبكرًا للرّاحة. سيل، يجب أن تستعدّي لمسابقة الصّيد.” 

أومأتُ برأسي لكلام والدتي. التفكير في مسابقة الصّيد جعلني أشعر بالتّوتّر مجدّدًا. 

لم أتلقَّ زيّ فرقة الفروسيّة وسيفًا حقيقيًا كهديّة يوم ميلاد عبثًا. 

غدًا، سأشارك في مسابقة الصّيد كمتسابقة في أوّل تجربةٍ حقيقيّة لي. 

بصفتي ممثّلة إيمبليم. 

“سأقدّم أفضل ما لديّ.” 

“بالطّبع، سيل، ستؤدّين بشكلٍ رائع…” 

نظرت والدتي إلى مؤخّرة رأس الإمبراطور، الذي كان يتحدّث مع نبلاء آخرين بعيدًا. 

“لكن أن يجعل ابنتي البالغة من العمر سبع سنوات تشارك في صيدٍ حقيقيّ، هذا الرّجل حقًا…” 

“أمّي، هيّا نذهب. أنا متعبة جدًا.” 

سارعتُ بتهدئة والدتي، التي بدت وكأنّها ستنفجر غضبًا إن تُركت، بينما كنتُ أتصبّب عرقًا باردًا.