ارتبكت ليتيا بشدّة في هذا العالم الغريب، فكانت أول ما قامت به أن ضربت رأسها برفق، محاولة استيعاب الحقيقة.
كان الألم خفيفًا، لكنه واقعي، بعيد عن أي وهم أو حلم عابر.
“هاه… حسنًا، سواء كان هذا مجرد توهّم أم تجسّد، لم أفعل شيئًا خاطئًا في لعبة الحبّ، سأكون بخير. نعم، سأكون بخير.”
تنفّست ليتيا بعمق، محاولة تهدئة أعصابها، ومُحاوِلة النظر إلى الأمور من زاوية إيجابية.
فظهور الحلقة الأولى يعني أنها على موعد قريب مع شخصيتها المفضّلة.
‘بطلي الذي طالما شعرت أنه بعيد المنال… والآن سألمسه؟ وما المشكلة في ذلك؟’
لطالما واجه عشّاق الألعاب تحديات، لكن بالمقارنة مع حسابها المصرفي الصفري، كان هذا أقل الأمور رعبًا.
“سأختار الخيار الثاني.”
قررت اختيار “الدوق”، والآن صار بإمكانها الاطّلاع على ملفه الشخصي ضمن أهداف اللعبة.
[فتح / إغلاق]
“لا حاجة لذلك، أنا أحفظ كل شيء عن ظهر قلب.”
في أيامها المتعبة، حين كانت كل حركة تثقل كاهلها، ظهر سيدريك فجأةً في عالمها، كأنّه هدية القدر التي أنعشت روحها وأشعلت فيها شعلة الأمل.
لم تكن متحمّسة للذهاب إلى العمل، لكن وجوده في اللعبة ومتابعة قصة النهاية السعيدة معه جعلها تغفل عن همومها لوهلة.
“ليتيا، هل أنتِ صادقة؟”
كسر صوت الكونت المليء بالقلق أفكارها وتردداتها.
وعندما اختارت الخيار، عاد العالم المتجمّد إلى الحركة من جديد.
“نعم، يا أبي. أنا صادقة. أتمنى أن يكون الدوق إدْوين شريكي.”
شعور غريب اجتاحها، أشبه بأن تصبح البطلة في فيلم أبطال خارقين يعيد الزمن بلا نهاية.
“سأرسل رسالة إلى عائلة إدْوين.”
“شكرًا لك.”
ابتسمت ليتيا وارتفعت من مكانها، وربما يصل الرد في اليوم التالي بالموافقة.
عادت إلى غرفتها، واستلقت على السرير، وبدأت تضرب الوسادة بفرح عارم.
“ماذا سأقول عند لقاء سيدريك؟ هل أقول: وجهك رائع؟ أم كن بطلي المفضّل؟ أريد توقيعك!”
غطّت وجهها بكلتا يديها، فمجرد التفكير بسيدريك جعل قلبها يكاد ينفجر.
إنه بطَلها المفضّل، الذي لم يكن لتتخيّل لقاءه إلا على شكل أكريليك أو دمى أو صور.
“آه… ماذا أفعل؟ أشعر بالخوف…”
في الحقيقة، أكثر الأمور رعبًا أن شخصًا حيًّا يبتلعه عالم اللعبة، لكن ليتيا لم تعر لذلك أهمية.
البطل المفضّل دائمًا ما يحيا بعيدًا عن متابعته، لكن لو اقترب فجأة، فهذا شعور مرعب بحق.
“هذا جنون. لا أستطيع التنفّس، سأموت. ربما أنا في الجنة بالفعل، بسبب إرهاقي الشديد جعلني الإله يُشفق عليّ.”
دوّرت ليتيا جسدها لتستكشف الطاولة المجاورة، فتبين أنّ الهاتف مفقود.
في هذا العالم، لا وجود للأجهزة الرقمية.
‘أليس غريبًا أن أكون داخل لعبة، وفي الوقت نفسه بلا أي وسيلة إلكترونية؟’
كانت معتادة على مشاهدة الفيديوهات بسرعة 1.5× بسبب الدوبامين، فهل ستصمد الآن؟
أغمضت عينيها بأسف، ثم فتحتهما لتجد شيئًا جديدًا أمامها.
“أوه، يا آنستي! لقد وصلت رسالة الرد!”
“ماذا؟”
‘لم أكن نائمة، فقط أغلقت عيني للحظة.’
رمَت ليتيا بعيونها بدهشة، لم تكن نعسانة لأنها لم تنم طويلًا.
كل شيء غير واقعي، وهذا منطقي.
حوّلت انتباهها إلى هيث، التي بدت سعيدة وكأنها تلقت الرد بنفسها.
“وصل الرد من عائلة الدوق إدْوين، ها هو!”
استلمت ليتيا الرسالة بتلقائية، وانبعث منها عطر خفيف وناعم يذكّر بسيدريك إدْوين.
『 📜 | مرحبًا، ليتيا إتْوار. أنا سيدريك إدْوين.
سعيد جدًا بطلبك أن تكوني شريكتي.
لم أجد بعد شريكًا للحفلة، فإذا وافقتِ على مشاركتي، سيكون ذلك فخرًا لي.
ألقاك في حفل التعريف.』
“آه… هذا مربك.”
تنفست ليتيا بعمق، وهيث حاولت رؤية محتوى الرسالة لكنها تراجعت خجلاً.
“لماذا؟ هل سترفضين؟ لكنك طلبتِ ذلك…”
“لا، إنه مثالي جدًا.”
“…ماذا؟”
تغيّر وجه هيث بشكل غريب.
احتضنت ليتيا الرسالة بعناية، وكأنها كنز ثمين من سيدريك.
“خطّه مرتب، حتى يدوّنه بعناية… جنون! لن أحب إلا هذا الشخص.”
ضحكت بخبث، فابتعدت هيث بحذر.
“هيث.”
“نعم؟”
توقّفت هيث، والحرج ظاهر عليها، بينما مدّت ليتيا الرسالة بحذر.
“هل يمكنني وضعها في الخزنة؟”
“الخزنة الشخصية بجانب المكتب، آنستي.”
“شكرًا، هيث.”
ابتسمت ليتيا، وانحنت هيث، ثم ابتعدت.
وضعت الرسالة في الخزنة، وأغلقتها مع وضع كلمة مرور جديدة: عيد ميلاد بطَلها المفضّل.
“حقًا، حبّ اللعبة هو متعة الحياة.”
ربّتت على الخزنة بسعادة، وجلست على الكرسي ممسكة بالقلم الريشي.
“حسنًا، سأكتب ردًّا.”
لكنها لم تكتب حرفًا، فالورق تبلّل من الحبر قبل أن تتمكن من الكتابة.
“أريد كتابة شيء أنيق، لكن كل ما أستطيع فعله هو المديح المفرط!”
عرفت ردود فعل سيدريك مسبقًا، فكانت تتخيّل ابتسامته وحبه للطريقة التي تعاملها بها.
“ليس من الضروري أن تكون لطيفة جدًا…”
تمتمت ليتيا بحسرة، فهي تحب شخصية سيدريك منذ البداية، كأمير خرج من القصص المصوّرة.
في الأيام الصعبة، كانت تفتح اللعبة لتراه وتستمد القوة.
“كان لطفه مجرد وسيلة للسيطرة، لو علمت بذلك سابقًا… لكن من كان يعرف عن ماضيه.”
رمشت ليتيا ببطء، وارتجف أمامها ضوء أزرق باهت على الشاشة.
[جار التحميل…]
نافذة التحميل المعتادة في اللعبة.
بعدها…
“يا، أيّها النظام.”
‘سأستمتع باللحظة كما يفعل البطل!’
أغلقت ليتيا عينيها بشدة، وكانت تخاف فتحها لتغيير الجوّ المحيط.
في تلك اللحظة:
“آنسة ليتيا؟”
سمعت صوتًا مألوفًا قريبًا، فرفعت رأسها، ووسعَت عينيها من الدهشة.
‘سيدريك…!’
شعره الأسود الداكن يحيط بوجهه، وعيناه الذهبيتان تتلألأ كالشمس.
تمامًا كما رأته في اللعبة، كأنه شخصية واقعية الآن.
“آنسة ليتيا، هل أنتِ بخير؟”
نظر إليها بقلق صادق.
استعادت ليتيا وعيها، ونظرت حولها.
“آه…”
تساقطت أنفاسها بينما اكتشفت حديقة رائعة أمامها.
نافورة من الرخام الأبيض، أزهار متنوّعة الألوان، ونسيم خفيف يحمل عبق الزهور.
كأنّها رسوميات معدّة بدقّة متناهية.
‘لقد تجاوزت الفصل.’
لم تستطع ليتيا النظر مباشرة لسيدريك، فخفضت رأسها.
وظهرت يد كبيرة أمامها.
“تمسّكي بي جيدًا، فالدرج طويل ومتعرّج .”
“آه… هذا…”
ارتبكت ليتيا وهي تواجهه عن قرب، وكان قلبها يكاد يقف.
شعرت أنّه حيّ يتنفس أمامها.
‘إنه حقيقي… إنه سيدريك إدْوين.’
لحظة لقاء البطل المفضّل، التي ستظل محفورة في الذاكرة.
التعليقات لهذا الفصل " 2"