الحرية، ذلك المطلب السامي الذي نتوهم أننا نلاحقه، ليست مجرد غياب القيود. إنها أكثر عمقًا وتعقيدًا.
الحرية الحقيقية هي تلك التي لا توقف طموحنا وإبداعنا، بل إنها تزيد من اغترافنا لهما. وهي في ذات الوقت، تلك التي تَرْدَعُنَا بقوة حين نسيء لأنفسنا.
نحن نسيء لأنفسنا كثيراً، نسيء إليها حين:
نؤذي الآخرين بحجة أن الثقة والحب ليسا سوا عقبة، متناسين أن الأذى يُلوّث كياننا قبل أن يلامسهم.
نؤمن أن التحرر هو تركنا نفعل كل ما نريده من صواب وخطأ، متوهمين أن تحمل العواقب هو قمة الحرية.
هذا الإيمان المطلق بـ “دعني أفعل ما أشاء وأتحمل” هو في حقيقته أكبر عقبة أمام الحرية.
الحرية الصحيحة ليست تحريراً للفساد، بل هي تحرير لما يليق بك ويليق بوجودك.
الحرية هي أن تكون القواعد صائبة ومفيدة؛ قواعد لا تكبّل، بل تزيد الإبداع وتصقله.
قد لا ندرك ماهية هذه الحرية الحقيقية الآن، وسط ضباب المفاهيم المغلوطة. لكنني أوُقن أننا سندركها يوماً: إن لم يكن إدراكاً كاملاً في هذه الدار، فحتماً سيكون في الدار الآخرة.
حينها، سنؤمن، وسنحقق، وسنُقدّر. ثم سنكون ممتنين للخالق على كل “صرامة” واجهناها ومنعتنا من ارتكاب خطأ، كان يمكن أن يكون سبيلاً للجحيم.
الحرية هي الأمان، والأمان يحتاج إلى سياج من الإيمان والقواعد الصائبة.
التعليقات لهذا الفصل " 5"