وفورًا، خيّم الصمت على السيدة مارتن وعلى أهل القرية المجتمعين.
…
فالناس هناك لم يكونوا حمقى بطبيعة الحال.
تغادر القرية فجأة؟ وليس على عربةٍ عادية، بل عربة فاخرة؟ لا بدّ أنّ أمرًا كبيرًا قد حصل مع مييلا. شيء شبيه “بالارتقاء في المكانة” كما يُقال مازحًا.
وسرعان ما تنهد أحدهم قائلًا:
“هاه، يبدو أنّ أولادنا كانوا يقولون الحقيقة. لم أصدّقهم حين قالوا ذلك!”
“عن أيّ شيء تتحدث؟”
“قالوا إنّ مييلا أعجبت شابًا من النبلاء،
وإنّها ذهبت لزيارته في الفيلا.
بصراحة ظننتهم يكذبون. لا يمكن لمييلا، بتلك البراءة، أن تفعل شيئًا كهذا. لكن تبيّن أنّهم كانوا على حق. يا إلهي!”
“أوه… يبدو أنّ حظّها قد انفتح بالفعل.”
ظلّ كبار القرية يتناجون فيما بينهم، لكنهم لم يجرؤوا على التدخّل أكثر من ذلك.
ففي رؤوسهم أخذت تطفو ذكريات استغلالهم لمييلا في الأعمال دون رحمة.
ولو عادت إليهم يومًا وهي بمكانة عالية للانتقام، لما وجدوا ما يقولونه حقًّا.
“لا أصدّق… هل هذه حقًّا مييلا؟!”
أما أولاد القرية، فقد أظهروا غيرةً واضحة، دون حتى أن يُخفوا مشاعرهم.
فهم مختلفون عن الكبار الذين بدَوا قلقين من خطاياهم الماضية.
“أنا أغبطها! أتمنّى لو أركب عربة مثل تلك أيضًا! مييلا! خذيني معكِ، أرجوك!”
بعض الأطفال قد نسوا تمامًا كيف كانوا يضايقونها، وبدأوا يتوسّلون بعينين لامعتين مملوءتين بالطمع.
وبينما هناك من يتوسّل، كانت ميريا تهمس لنفسها بصوتٍ خاوي:
“ما الذي يحدث؟ ما الذي أراه؟ مييلا… ستغادر القرية؟ لماذا؟ لماذا هي؟”
كانت ترتدي ذلك الفستان الجميل الذي رأته عليها مؤخرًا، وهي تودّع الجميع من عربة فاخرة بابتسامة مشرقة…
كان المشهد كفيلًا بأن يجعل دم ميريا يغلي غيظًا.
“لماذا هي وليس أنا؟ دائمًا! لماذا؟ لماذا؟!”
ما لبثت ميريا أن ضربت الأرض بقدميها وصرخت بانفعال لا يمكن كتمانه.
وفي الجانب الآخر، كانت الآنسة ريجينا تراقب ذلك المشهد الغريب، ثم سألت بهدوء:
“ما رأيكِ، مييلا؟ لو رغبتِ، أستطيع أن أتدخّل وألقّنهم درسًا لن ينسوه. ألا تشعرين بالحقد تجاههم؟”
“ها؟ ماذا تقولين، آنسة ريجينا؟”
نظرت مييلا إليها بوجه لا يفهم شيئًا، فأجابت ريجينا بنبرة هادئة:
“إيستين أخبرني بكلّ شيء. لم يدفعوا لكِ المال كما ينبغي، وأرهقوكِ بالعمل. وأولادهم لم يرحموكِ كذلك. كانوا جيرانًا سيّئين فعلًا.”
ترددت مييلا، ثم حرّكت عينيها بتفكير وقالت:
“هممم… صحيح أنّ هذا حدث… لكن أرجوكِ، لا تعاقبيهم.”
“ماذا؟”
بدا أنّ الآنسة ريجينا لم تفهم قرارها.
قالت مييلا بتردّد:
“لكن رغم كلّ شيء، لديّ ذكريات جميلة هنا أكثر من السيّئة. أودّ أن أحتفظ بتلك الذكريات الجيدة فقط عن قريتي التي وُلدتُ وترعرعتُ فيها.”
“هاه… طيبتكِ الزائدة هذه قد تكون نقمةً يومًا ما.”
قالت ريجينا، وهي تفتح مروحتها وتخفي بها شفتيها، متنهدة بخفوت.
“اسمحي لي أن أقدّم لكِ نصيحة.
إن واصلتِ بهذه الطيبة عندما نصل إلى قصر الدوق، قد تجدين نفسكِ يومًا تُقتلين وأنتِ تنظرين!
أتفهمين؟”
“مـ… ماذا؟ مـ… موت؟ حقًّا؟!”
ارتجفت عينا مييلا من شدّة الفزع.
كانت ريجينا تنوي فقط تحذيرها بلطف، لكنها على ما يبدو بالغت قليلًا، فشعرت بالحرج.
“أوه، لا أستطيع المزاح أمامكِ يا مييلا.
كنتُ أمزح فقط. من سيجرؤ على قطع رأس خطيبة وريث الدوق؟”
وإن وُجد أحد يجرؤ، فلن يكون سوى مجنون، أو جاسوس أرسلته عائلة معادية.
وكلا الاحتمالين ضعيف للغاية.
ما كان يقلق ريجينا فعليًّا شيء آخر:
“لكن فقط تذكّري أنّ نبلاء المجتمع الراقي، خارج حدود القصر، يشبهون الذئاب.
إن أظهرتِ ضعفًا، سيفترسونكِ بلا رحمةٍ. كونكِ خطيبة الشاب الوريث، فهذا يعني أنّكِ ستواجهين أولئك يومًا ما.”
“فهمتُ. سأضع ذلك في بالي دائمًا، آنسة ريجينا.”
أومأت مييلا بوجهٍ مليء بالإصرار.
وفي تلك اللحظة، أمسك إيستين بيدها وكأنه يطمئنها:
“لا تقلقي، مييلا. أنا سأحميكِ. سأكون بجانبك دائمًا، أينما ذهبنا.”
“لكن إيستين، من الغريب أن تحميني… أنت لا تزال صغيرًا.”
‘إنّك طفلٌ صغير لا أكثر…’
لم تجرؤ على قولها، لكن هذا ما فكّرت به.
فحتى قبل عدّة أيّام، كان الناس يصفونه بـ “الضعيف المريض”.
ورغم تحسّنه الآن، إلّا أنّه لا يزال يبدو أصغر منها وألطف منها بكثير.
“هل نسيتِ؟ رغم مظهري، أنا أكبر منكِ بسنتين. هذا الجسد فقط سببه اللعنة، وسرعان ما سأبدأ بالنمو مجددًا.”
ذكّرها إيستين بما نسيَته، وبدا منزعجًا من معاملتها له كطفل.
تلك اللعنة… لولاها، لما حدث شيء من هذا أصلًا. وهذا ما جعله يشعر بالحنق مجددًا.
“هـ… هكذا إذن؟”
بصراحة، لم تستوعب مييلا الأمر كلّه بعد. حتى بعد أن عرفت عمره الحقيقي، شعرت وكأنّها لا تزال أكبر سنًّا منه.
وحين لاحظ إيستين نظرتها، ضيّق عينيه بحدة.
“هاه، وجهك يقول إنكِ لا تصدّقينني…”
“لا! لا! أصدقكَ طبعًا! أصدقكَ تمامًا!”
ارتبكت مييلا وبدأت تتصرّف بجنون، لكن إيستين كان قد إنزعجَ أصلًا.
“حسنًا، عندما نصل إلى قصر الدوق، سترين بعينك.
عائلتنا فالوار، مشهورةٌ بجمال القوام والهيئة منذ الأزل. سترين الأمرَ بنفسكِ من خلال صور الأسياد السابقين.”
آه، لم يكن يريد أن يتصرّف بهذه الطريقة أبدًا.
لكنّه فعل. ولم يكن يعرف السبب.
‘هاها، إنّهما يتصرّفان بلطافة كالأطفال.’
هكذا فكّرت ريجينا، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة تلقائية.
بعد حوالي ثلاثة أيّام…
دخلت عربة مييلا أخيرًا إلى قصر دوق فالوار.
“واو! هذا هو قصر دوق فالوار؟! ضخمٌ للغاية! لو قالوا لي إنه قصرٌ ملكي، لصدقّت!”
أطلت مييلا برأسها من نافذة العربة، تتأمّل كلّ شيء من حولها بإعجاب.
ورغم الرحلة الطويلة، لم تبدُ متعبة.
فجسدها الذي تعوّد على الزراعة والأعمال اليومية لا ينهار بسهولة.
“… مييلا، ألم تنامي؟”
“لا! كنتُ منشغلة بالنظر إلى المناظر، فلم أشعر بالنعاس أبدًا!”
في المقابل، بدا إيستين أكثر تعبًا، وهو أمرٌ مفهوم بالنظر إلى أنه تخلّص من اللعنة مؤخرًا فقط.
“نُحيّي السيّدة، والسيد الشاب، وآنسة القصر الصغيرة!”
عند نزولهم من العربة، استقبلهم عشرات الخدم والموظفين باحترام.
“لحظة… مَن المقصود بـ ‘آنسة القصر الصغيرة’…؟”
لم تفهم مييلا شيئًا، وهمست لإيستين متردّدة.
ضحك إيستين وهمس لها هو أيضًا:
“أنتِ طبعًا.”
“هـا؟ أنا؟”
اتّسعت عيناها في دهشة. كانت تشبه السنجاب حقًّا في تلك اللحظة.
“نعم. ‘السيّدة’ هي والدتي، دوقة القصر. ‘السيد الشاب’ هو أنا، وريث الدوقية. وبما أنّكِ خطيبتي، فأنتِ تُلقّبين بـ ‘آنسة القصر الصغيرة’. فهمتِ؟”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 29"