“أنا، أنا؟ … لا، أنهُ ليس كذلك. لماذا تفكريَن هكذا؟”
في تلك اللحظة ارتكب خطأ في كلامه.
لحسن الحظ، لم تبدُ مييلا متشككةً أو مستغربةً.
“أنتَ تجعل طفلًا ضعيفًا يغمى عليه بسهولةٌ رغم أنهُ يعمل خادمًا لهُ. أليس هو كذلك؟”
“آه، هذا…”
لم يجد كلمات يرد بها.
في الواقع، كان كل من الخادم تيتي، والابن المريض الذي يرقد في الفراش، هما ذاته إيسْتين نفسه.
مييلا، التي لا تعرف هذا، كانت ترى السيد كصاحب عمل قاسي.
شعوره كان مراً قليلاً.
“هممم، حسنًا، بما أننا نتشارك نفس الحالة المرضية، نستطيع أن نتفهم بعضنا البعض أكثر.”
“ما هذا الكلام؟”
ردّت مييلا بشفاه متجعدة مستاءة من التبرير السخيف.
إيسْتين فالوار.
الشاب الذي لم ترَ وجهه سابقًا، بطل هذه الرواية، و تيتي.
كانت تشعر بمشاعر سلبية تجاهه بلا سبب واضح.
ربما كانت تعلم الآن لماذا أمه قالت إن هذه الرواية من النوع المُظلم.
ربما غياب الرجل المريض في البيت جعله انطوائيًا وقاسيًا.
‘في الحقيقة، أعرف طريقة لعلاج مرضه…’
لكنها لم ترغب في إخبار أحد.
لم ترغب في مساعدة هذا الرجل السيئ الذي يجعل تيتي يعملُ من أجلهِ.
رغم أنّه أتاح لها الحضور إلى الفيلا بدعوته، إلا أنها بقيت مترددة.
‘لماذا أشعر بالكراهيةِ تجاهه هكذا؟’
حتى تجاه ميريا، التي أذتها، لم تشعر بهذا النوع من المشاعر.
وبينما كانت تفكر في سبب هذا الشعور، أدركت الجواب.
‘نعم، يمكنني مسامحة من يؤذيني.
لكن لا يمكنني مسامحة من يؤذي تيتي! هذا كل شيءٍ.’
لم يعلم إيسْتين بما في قلب مييلا، فتوقف قليلاً ثم سألها.
“مييلا، لو طلبت منك الذهاب معي إلى قصر دوق فالوار، هل ستأتيين؟”
كان سؤالًا عالقًا في ذهنه.
لكن بما أنّ موعد وعده مع أمه كان غدًا، لم يعد لديه وقت للتأجيل.
كان من الأهم معرفة رغبة مييلا أولًا، أكثر من نجاح خطته.
“ماذا تقصد بذلك؟”
“أنا سأغادر هذه القرية يومًا ما، بعد تعافي السيد. قد يكون بعد سنوات، أو حتى الشهر القادم. لكن حينها ستبقين هنا وحدكٌ.”
“هل ستغادر…؟”
لم يمض وقت طويل منذ لقائهما، لكنها بدأت تفكر في الوداع.
امتلأت عينا مييلا بالحزن فورًا.
“كنت أراقبك وأراكِ تعملين بجد. أنتِ تعتقدين أن أهل القرية طيبون، لكنني أعتقد غير ذلك.
هناك أناس سيئون هنا. الطيبون لا يجعلون الأطفال يعملون. ولا يقللون أجرهم عن عمد.”
تغيّر تعبير مييلا فجأة وكأنها فهمت شيئًا.
“هل هذا يعني أنك تريدني أن أذهب معك؟ لتساعدني؟”
“بالضبط. أريدكِ أن تذهبي من هذه القرية. في فيلا دوق فالوار سيكون لكِ حياة أفضل. أعدك بذلك.”
“أنتَ ستذهبَ معي أيضًا، أليس كذلك؟”
ابتعد السؤال عن الموضوع قليلاً، فشعر إيسْتين بقلق غريزي.
لم يستطع أن يؤكد لها ذلك.
اللعنة لا تزال تنهش جسده، وقد يسقطُ في أي لحظة.
وكان يعرفُ أنّها سَتصابُ بحزنٍ شديد لو قال الحقيقة.
لذا أدار كلامه.
“إن أردت، سأبذل قصارى جهدي لجعل ذلكَ ممكنًا.”
“حسنًا، أنا أحب أن أذهب معكَ أينما كان. لقد قلتُ سابقًا إن هدفي أن أصبح خادمة في قصر دوق فالوار. أريد ذلكَ! هيا، أريد أن نذهب معًا!”
أخيرًا جاءت إجابة مييلا الإيجابية.
لم يكن الأمر مستغربًا.
فهي لا تريد فقدان شخص عزيزْ مرة أخرى.
كم عانت من حزن من فقدانِ أمُها إلى الأبدِ.
وهذه هي أول مرة تجد فيها شخصًا يقف بجانبها.
كانت تريد البقاء مع تيتي دومًا.
“حسنًا.”
ابتسم إيسْتين ابتسامة خفيفة.
في الحقيقة، كان يفكر كما تفكر هي.
لو استطاع، لكان قد تخلص من هذه اللعنة الشريرة وأصبح معافىَ.
وكان يريد أن يرى مييلا تستمتع بالأطعمة اللذيذة في القصر ِ.
هذه كانت أمنيته الوحيدة، متواضعة لكنها ثمينةٌ.
وأخيرًا جاء اليوم الذي وعد فيه والدتهُ.
“إذًا، إيس… تيتي، كيف حالكَ؟ لقد مرّت بالضبط أسبوعان.”
نظرت زوجة الدوق حولها في القصر.
غريب، أين ذهبت تلك الفتاة التي تشبه السنجاب؟
فكرت بها دون وعي، ثم استيقظت من تلك الأفكار.
‘يا إلهي، ماذا أفكرُ؟’
لا يجب أن تسمح لنفسها بالتعلق بهذهِ الطفلةِ مهما كانت لطيفةً.
إن لم يثبت إيسْتين فائدتها، فلن تَسمح لها بدخولِ القصر.
هذا واجبها كسيدة الدوق.
في تلك اللحظة، ظهر شيء فجأة بجانبها.
“مرحبًا، سيدة ريجينا. أنا مييلا. قابلتكِ مرةً من قبلُ، هل تتذكرينني؟”
“آه، نعم، مييلا. كيف حالكِ؟ لم نرك منذ زمن.”
ردت بحيادية، لكنها داخليًا كانت مندهشة.
أين اختفت هذه الفتاة؟
بفضل تاريخ عائلتها في تدريب فرسان َالسيف، كانت حاسة ريجينا قويةً.
لكن حتى ريجينا لم تلاحَظ وجوَدها قبل لحظاتٍض.
‘هل هي من عائلة قتلة محترفين؟’
لكنها بدت بريئةً جدًا.
لم يكن هناك أيّ أثرٍ في يدها كدليل على تدريب عنيف.
النتيجة: طفل هادئ جدًا من الأصلِ.
‘هذا موهبة بحد ذاتها. لا يستطيعُ الجميع تقليدها.’
زاد إعجاب السيدةَ بالفتاة، لكنها لم تكن تعرفَ ذلك.
بعدها نادت ريجينا إيسْتين.
“إيسْتين، هل أنت مستعد للوفاءِ بوعدكَ لي؟”
“بالطبع.”
أومأ إيسْتين بثقة.
همست مييلا لنفسها بسؤال “ما هو الوعد؟”، ويبدو أنّهما لم يتفقا مسبقًا.
قال إيسْتين في أذن مييلا:
“سأخبرها بما تجيدين، حتى نتمكن من الذهاب معًا إلى القصر.”
فهمت مييلا وأومأت.
“ها هو. اقرأيها.”
فتحت ريجينا المذكرة التي أعطاها إياها إيسْتين.
كانت مليئة بالتفاصيل، وليس مجرد كلمات قليلة.
لكن كلما قرأت، تغيّر تعبيرها بطريقة غريبة.
“إنه مجتهد جدًا، لا يكذب، يأكل جيدًا…”
هل هذه مزحة؟ ضاقت عينا ريجينا. لكنها واصلَت القراءةَ بسرعةْ.
“يحترم العهود، حتى العقود الظالمة؟”
هذا يعني أنّه مغفلةٌ و ساذجةٌ.
بالنسبة لسيدة صارمة مثل ريجينا، هذا نوع غير مفهوم من البشر.
“لا يعرف لغة الإمبراطورية، لكنه يستطيع قراءة وكتابة رموز غريبة.”
هذا الجزء كان عليه خط مميز ونقاط.
إيسْتين أشار إلى أنها موهبة عظيمة.
لكن ريجينا لم تبدُ معجبة.
“يتحمل الروائح الكريهة جيدًا.”
آه، هذا مُرفوض.
في فيلا دوك فالوار، لا يُسمح بأي روائح كريهة.
الهواء دائمًا مُراقب بسحر خاص، مع معطرات مميزة.
“لديه قلب طيب جدًا، يعامل الحيوانات برحمة.”
هذا أثار بعض التعاطف في قلبِ ريجينا.
وعندما قرأت السطر الأخير، صُدمت بشدةٍ.
“هل من الممكن أن مييلا موهوبةٌ بالتنبؤ؟”
❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً في واتباد وقناة الملفات،
حسابي واتباد : _1Mariana1_
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات