“لاحقتُها بجدّ. إلى أن تذكّرتني. إلى أن لم تعد تحتمل ألّا تنظر إليّ وجهًا لوجه. أنظري الآن، أليست رغبة رؤيتها هي ما جعلني آتي حتى إلى البحرية؟”
كان ذلك الكلام حقيقةً أيضًا. فمنذ ذلك اليوم، كان أدريان حاضرًا دائمًا في مجال رؤية إليسا، أينما ذهبت. وكان يبتسم لها كلما رآها.
كانت إليسا تعرف تلك اللحظة التي تنحني فيها عيناه الحمراوان كالهلال.
و حين كانت تتذمّر من أن مهارتها في المبارزة لا تتقدّم، كان يسهر الليل كله ليكون شريكها في التدريب.
وكانت تتذكّر، كيف كان يجلس حتى النهاية في المكتبة خلال فترة الامتحانات، ثم ما إن تنهض حتى يظهر بجانبها ويتبعها دون صوت.
وكانت قد تمشّت معه في الحديقة يومًا ما.
قصة حب أدريان وإليسا، المغلّفة بالرومانسية على نحو جميل، اختلفت في نتيجتها فقط. لأن أدريان أوبرون لم يقع في حب إليسا شوتر ولو مرةً واحدة.
كانت تلك ذكرياتٍ حاولت نسيانها قسرًا. ذكرياتٌ طُمست بذكرياتٍ أشدّ حدّة، مشبعةٍ بالغضب، حتى تلاشت طبيعيًا من ذهن إليسا.
حقيقةً غير مهمّة كانت تجوب هيكل السفينة كالشبح.
***
بعد ذلك، ومع تقديم أطباقٍ جديدة، انتقل الحديث بسلاسة إلى الإشادة بالطاهي الملكي. وحين انتهت المأدبة، أبدت الملكة تعبيرًا راضيًا وهي تثني على أدريان وإليسا.
“السيد أوبرون، الأدميرال شوتر. لقد أحسنتما الصنيع.”
ومع ذلك، لم ترفع الملكة نظرتها المشكّكة عن شولتز توغراهان.
وسرعان ما دخل مشهد ميناء روسيريكا المألوف في الأفق، مصحوبًا بصوت بوق السفينة العميق. وبدأت رحلة الترفيه على متن سفينة تينيسي تقترب من نهايتها.
تجمّع في الميناء حشدٌ من الناس، كبارًا وصغارًا، لمشاهدة سفينة الرحلات الضخمة التي نادرًا ما تُرى.
و اصطفّ إينوك والبحرية لتنظيم الحشود. ونزلت الملكة ووفد شلريد الدبلوماسي من السفينة واحدًا تلو الآخر وسط هتافات الناس.
وحين همّت البحرية، ومن بينهم الملكة وإليسا، بتوديع وفد شلريد، تعمّد شولتز توغراهان أن ينتقي إليسا، الواقفة خلف الملكة بخطوةٍ واحدة، ويخاطبها.
“الاقتراح الذي قدّمته ما زال قائمًا. لذلك سأنتظر، متى ما تغيّر قلبكِ.”
“لا يسعني إلا الاعتذار إن كان ذلك سيهدر وقتكَ الثمين.”
كان شولتز توغراهان ينظر إلى إليسا وهو يتحدّث، لكن من أجابه كان أدريان.
“لا تكن واثقًا إلى هذا الحدّ.”
ورغم الردّ الاستفزازي من أدريان، لم يفعل توغراهان سوى أن ابتسم بهدوء، كأنه كان يتوقّع ذلك.
ثم مضى، يقود وفد شلريد، وغادر الميناء قبل الجميع.
حتى بعد رحيله، ظلّ أدريان يحدّق في المكان الذي غادر منه وفد شلريد. وكأنه التقى فعلًا بندّ له، و كانت يده القابضة على يد إليسا مشدودةً بقوّة.
و مالت إليسا برأسها قليلًا، ثم توصّلت إلى الاستنتاج الأكثر راحة.
أدريان أوبرون، فعلًا، واسع الصدر. لدرجة أن يقبل بأن يضع إلى جانبه ابنةً غير شرعية كان يحتقرها ويشمئزّ منها إلى حدّ عدم اعتبارها نبيلة.
وأثار ذلك فضولها أكثر: ما الذي قدّمته جلالة الملكة ضمانًا، حتى يتمكّن من تقديم هذا الأداء المتقن الذي يتغلّب حتى على غرائزه؟
***
لم تكن الملكة آن ماري وحدها من نقرت بلسانها وهي تنظر إلى ظهر شولتز توغراهان المبتعد.
كانت المأدبة مثالية. أدّى أدريان أوبرون و إليسا شوتر مهمّتهما على أكمل وجه.
بالطبع، كانت مهمّةً بالنسبة لإليسا وحدها، لا لأوبرون.
ناهيك عن مظهرهما في قاعة الرقص. كانا عاشقين كاملين. ومع ذلك، لم يرمش شولتز توغراهان حتى، رغم كل مظاهر الحب بين الاثنين.
كان عنيدًا، ولم يُبدِ أي نية للتراجع. بل إن النبلاء المحافظين في سيفيا هم من انزعجوا، قائلين أن زواج أدريان أوبرون من امرأةٍ بتلك الخلفية سيكون وصمة عارٍ في تاريخ سيفيا، وراحوا يدفعون ببناتهم لإزعاج الملكة.
أما الدوق روسيريكا، الذي بات يساند الملكة، فحافظ على صمته كي لا يثير سخطها.
و كان قلقًا من أن تتسبّب ابنته غير الشرعية، إن أغضبت الملكة، في سدّ طريق مستقبل روسيريكا.
“من أين تأتي ثقة شولتز توغراهان هذه؟”
“…….”
“ما الذي يظنّ أنه قادرٌ على تقديمه للأدميرال شوتر، حتى يكون واثقًا إلى هذا الحدّ؟ دوق روسيريكا، ما رأيكَ؟ أجبني.”
كانت الملكة تواصل حديثها مع نفسها، ثم نادت فجأة اسم الدوق روسيريكا. فأجاب الدوق المتوتّر بالكلمات التي أعدّها مسبقًا.
“الأمر كلّه بسبب تقصير ابنتي. سأؤدّبها جيداً.”
لكن ذلك لم يكن الجواب الصحيح. فنظرت الملكة آن ماري إليه بامتعاضٍ ونقرت بلسانها.
“ألهذه الدرجة تجهل ابنتكَ؟ محور كل هذه الأحداث هو الأدميرال شوتر. مصير بحرية سيفيا معلّقٌ على اختيار واحدٍ منها. أتظنّ أنها لا تدرك ذلك؟”
“هذا بسبب قصُر نظري.”
“تنحَّ جانبًا. إن تدخّلتَ، فلن تجني سوى نفور الأدميرال شوتر.”
“نعم، سأضع ذلك في الحسبان.”
وفجأة، انتابه شعورٌ بالنشاز.
هل كانت إليسا ذات قيمةٍ فعلًا إلى هذا الحدّ، حتى تحكم الملكة عليها بهذه المكانة؟ مجرد ابنةٍ غير شرعية؟
*(من الي جابها؟)
وفي تلك اللحظة، أدرك الدوق روسيريكا حقيقةً واحدة.
منذ أن نزلت الملكة آن ماري إلى روسيريكا، لم تذكر، ولو مجاملة، حيال ابنه ديرن أو ابنته كيينا. و الابنة الوحيدة التي تردّد اسمها على لسانها كان إليسا شوتر.
***
ما إن نزل أدريان من السفينة حتى أصدر أمره إلى مساعده الذي جلبه معه من الشمال.
“أحضر لي غارون هايسن. وبأي وسيلةٍ كانت، لا تدع إليسا تعلم بهذا الأمر.”
وبعد ساعةٍ واحدة تمامًا، اقتاد مساعده الكفء، الذي كان من نخبة فرسان كرو، غارون هايسن إلى السجن البحري الواقع في أعماق القاعدة البحرية.
كانت ذكرى الليلة الماضية لا تزال واضحةً في ذهن غارون هايسن، حين اقتيد دون أن يفهم السبب وتعرّض للضرب على يد إليسا شوتر.
والآن، قبل أن تمضي أربعٌ وعشرون ساعة حتى، أدرك بغريزته أن الأمر ذاته سيتكرّر.
“قبل سبع سنوات، هل بدا لكَ تحذيري مضحكًا؟”
“أ….أدريان أوبرون؟”
كان صوتًا لم يسمعه منذ زمنٍ بعيد. لكنه لم يعد صوت أيام الطلبة. كان يحمل ثقلًا مختلفًا، هيبةً لا يملكها إلا من يقف فوق الآخرين.
أدرك غارون هايسن من جديد الفارق الشاسع بينه وبين ذلك الرجل. فسجد على الأرض ملتصقًا بها. كانت غريزة بقاءٍ ذليلة.
“ألم أقل لكَ ألا تقترب من إليسا شوتر مرةً أخرى؟ كان عليكَ ألا تنسى أن السبب في بقاء والدكَ جالسًا في منصبٍ رفيع ضمن فرسان الشمال، رغم إهانتكَ لأسرة أوبرون الدوقية، هو رحمتي.”
“لـ، لم يكن ذلك بإرادتي. إ، إليسا هي من اختطفتني!”
“لا تذكر ذلك الاسم بقذارة فمكَ. قبل أن أقطع ذلك اللسان.”
تلألأت عينا أدريان الحمراوان. فارتعد غارون خوفًا.
“ا، الأدميرال البحري هي من اختطفتني. لـ، لم أذهب لأنني أردت الاقتراب منها!”
“غارون هايسن. حتى الكذب له حدود.”
“أ، أنا؟ أي كذبةٍ قلتُ.…”
“ولماذا اختطفتكَ إليسا شوتر أصلًا؟”
“ذ، ذلك.…”
عندها فقط، مرّت الفظائع التي ارتكبها أمام عينيه.
‘تُرى، هل يعرف أدريان أوبرون كل شيء؟’
“كان هناك أكثر من شاهد رأى كيف تلفّظتَ بكلامٍ مهين بحقها على سطح السفينة. لماذا لا تحاول الاعتراف بذلك الجزء؟”
كان يعلم. ولهذا كان يتلقّى عقابه الآن.
“أ، أنا أخطأتُ. أرجوكَ، مـ، مرةً واحدة فقط، للمرة الأخيرة، امنحني فرصة. أ، أدريان، أرجوكَ.”
“تفَوَّه بكل ما حدث لإليسا، دون أن تسقط كلمةً واحدة.”
“ذ، ذلك….ما الذي حدث هو…”
أجبر غارون عقله المتجمّد على الدوران.
‘إلى أي حدّ يعرف أدريان أوبرون الحقيقة؟’
“جرّب أن تبقى صامتًا أكثر.”
لم يكن لدى أدريان وقت. ولاء البحرية لإليسا كان مطلقًا. و كان عليه أن ينهي كل شيء قبل أن يصل إلى إليسا خبر فتح أبواب السجن البحري السفلي.
وحين واصل غارون تردّده واختبر صبره، أخرج أدريان مسدسه. فدوّى صوت التلقيم المعدني فوق رأس غارون.
“سـ، سأتكلم! من البداية إلى النهاية، كل شيء.”
“تكلّم.”
“ا، أنزل السلاح أولًا.…”
لكن أدريان لم يكن ينوي خفض فوهة المسدس.
“من الأفضل ألا تخلط كلامكَ بالكذب. إن كنتَ فضوليًا لتعرف ما الذي سيحدث إن نطقتَ بما يختلف عمّا أعرفه، فجرّب.”
ارتسمت ابتسامةٌ حمراء كالسُّمّ على شفتيه. و حاول غارون الزحف ممسكًا بساق بنطال أدريان، لكن أدريان ركله قبل أن تصل يده إليه.
وبملامح يائسة، بدأ غارون يروي بتعثّرٍ ما جرى في حفلة السفينة. ومع كل كلمة ينطق بها، كانت ملامح أدريان تتلاشى.
كان أدريان، الواقف بلا حراك، يبدو كتمثالٍ من الجصّ البارد. وتحت مراقبة نظرته، اعترف غارون بكل ما تعرّض له بعدما اقتادته البحرية.
“قـ، قلتُ كل شيء. إذًا أطلق سراحي بسرعة. إن علمت إليسا شوتر أنني هنا، لـ، لساني.…”
في تلك اللحظة، فُتح باب السجن السفلي بصوت صريرٍ حادّ. ومع الصوت البارد، تراءى ظلّ باهت في مجال رؤية غارون. ثم دوّى صوتٌ مرتفع، لا ينسجم مع هذا المكان، كالصدى.
“لقد تأخّرت.”
وهكذا، صدر حكم الإعدام على غارون هايسن.
___________________
سي يا غارون كنت مقرف بزياده😘
شسمه ابو اليسا ليت من يكفخه! لايكون إليسا جايه بلوتوث؟ يعني من الي جابها للدنيا؟ امها بس؟ اسقاط نجمي؟ رسبنت في الارض؟ زرعتها امها في بطنها؟ يازفت انت الي جايبها كل تبن
وناسه فرغت الباقي خل نمدح ادريان مسكين كان يحبها من يومهم يدرسون ويتبعها وحاط مسافه يحترمها بس كله من الاتباع الحمير ذولا وعصير التفاح الي خلا اليسا تنسى ذاك اليوم😭
التعليقات لهذا الفصل " 28"