كل شيء كما هو. شعرت وكأنها عادت إلى تلك الأيام، حين كانت تغرق في وهم أن أدريان أوبرون قد سمح لها وحدها بدخول عالمه المغلق أمام الآخرين.
أدركت إليسا أخيرًا ما الذي اقترفته.
كان عليها الهروب. قبل فوات الأوان. قبل أن يحدث شيء أكثر بشاعة من رهان أدريان عليها.
كأن أدريان قرأ أفكارها، شدّ ذراعه حول خصرها، عضلاته تتصلب ليمنعها من التحرك ولو خطوة واحدة بعيدًا عنه.
“أحسنتِ، إليسا. استمري هكذا.”
قال أدريان ذلك بابتسامة مشرقة. مد يده ليلمس رأسها، ثم بدأ يمسح شعرها بحنان.
كما لو كان يربت على رأس طفل صغير.
“اخرس، أيها الوغد.”
رفعت إليسا عينيها بحدة وضربت صدره بقبضتها، لكن أدريان لم يتحرك قيد أنملة. اللعين لم يرف له جفن.
“لا يمكنكِ النزول وحدكِ هكذا، إليسا.”
“قلت لك أن تخرس.”
“ألا يجب أن نكمل التمثيلية حتى النهاية؟ كوني مطيعة وابقي في أحضاني.”
“ماذا قلتَ للتو-“
لم يترك أدريان لإليسا فرصة لإكمال جملتها، فرفعها بين ذراعيه فجأة. أمام أعين الجميع، لم تستطع إليسا مغادرة الأرضية بقدميها، بل كانت محتجزة في أحضانه بوضعية مهينة.
“أنزلني فورًا.”
صرّت إليسا على أسنانها وهدرت بصوت منخفض، لكن أدريان بدأ يمشي وهو يحملها كأميرة، كأنه لم يسمعها.
وكان على وجهه الوسيم تلك الابتسامة المزعجة. كان يستمتع حقًا بهذا الموقف المذل لإليسا.
حالما نزل من الأرضية، وقف أمام الملكة التي كانت تتحدث عن السياسة مع النبلاء، وهو لا يزال يحمل إليسا دون أن يضعها أرضًا.
تمنت إليسا لو أنها تستطيع عض لسانها والموت في تلك اللحظة.
“خطيبتي أصيبت. يبدو أن حذاءها غير مريح.”
قال ذلك وأشار بذقنه إلى قدمها اليسرى التي تنزف قليلاً.
“لا يمكنني أن أزيد من إصابتها، لذا أخشى أننا لن نتمكن من البقاء أكثر. أرجو أن تعذروا وقاحتنا، سنصعد الآن.”
لم ينتظر أدريان رد الملكة، كأن الأمر لا يهمه، وتوجه بها إلى الطابق العلوي.
كأن قلبه يحترق حقًا من القلق على جرحها.
شعرت إليسا بالذهول.
كان شعورًا سيئًا، لكنها اضطرت للاعتراف. أدريان أوبرون كان أفضل منها بكثير في التمثيل.
بالطبع، لن تعترف إليسا بهذا أمامه حتى لو ماتت.
“ألا يمكنك إنزالي؟”
“إذا مشيتِ، سينزف جرحك أكثر.”
“لا يهمني. أنزلني، قلت.”
كان مجرد خدش بسيط في قدمها أمرًا مبالغًا فيه. لقد اعتادت على جروح أكبر من رصاص وسيوف القراصنة، ولم تكن تعلم حتى أن قدمها تنزف بسبب الحذاء!
“انتظري. الناس لا يزالون ينظرون إليكِ.”
كلام فارغ بلا منطق. لو لم يكن أدريان يحملها، لما نظر إليها أحد أصلاً.
أثناء صعودهما إلى الطابق العلوي، كان أدريان يحيي الجميع بعينيه، موضحًا هذا الموقف السخيف.
“خطيبتي أصيبت في قدمها، لذا سنصعد أولاً. يجب أن أبقى معها. سأراكم لاحقًا.”
كان تمثيل أدريان، العاشق المتيم، مثاليًا تمامًا.
لم يضعها أدريان أرضًا إلا بعد دخولهما الغرفة الخاصة. حتى في تلك اللحظة، لم ينسَ تمثيله كخطيب رقيق، فأنزلها بحذر.
ولم يكتفِ بذلك، بل جثا على ركبتيه أمامها، ونزع حذاءها بيديه بحرص.
وطوال ذلك، كانت ابتسامة خفيفة مرسومة على شفتيه. ربما لم يكن أحد غير إليسا ليلاحظها. لا بد أن لا أحد في هذا العالم يكره رؤية أدريان مبتهجًا بقدر إليسا.
“تبدو في مزاج جيد؟”
“ولمَ لا أكون كذلك؟ قضيت اليوم كله مع خطيبتي.”
“لماذا؟ هل راهنت على خطيبتك هذه المرة؟ على ماذا راهنت؟ أنها ستقبلك؟”
رمَت إليسا كل التمثيليات والأقنعة جانبًا.
تخلت حتى عن كبريائها، وسخرت من نفسها.
ظنت أنها تستطيع التظاهر بأن شيئًا لم يحدث. كان عليها ذلك. أرادت أن تقول بكل جسدها إنه لم يعد قادرًا على التأثير عليها.
لأن حفل الأكاديمية، وقبلة الأرضية منذ قليل، بالنسبة لأدريان، ليست سوى لحظة تسلية، لا أكثر ولا أقل.
انعكس أدريان في عيني إليسا المتقدتين بالغضب. نظر إليها، إلى عينيها الذهبيتين المتوهجتين كأنها تريد قتله، ثم ضغط شفتيه بقوة.
“دعينا نعالجك أولاً.”
“أجبني أولاً.”
لكن أدريان تجاهل كلامها كأنه لم يسمعه، وأحضر منشفة نظيفة وبدأ ينظف قدمها المجروحة.
لم تستطع إليسا تحمل رؤية هذا التمثيل المزيف في غرفة خالية إلا منهما، فانتزعت المنشفة من يده وألقتها على الحائط.
“لا حاجة لذلك، أبعد يديك عن جسدي.”
بدأت إليسا تبحث عن حذائها الذي نزعه، لترتديه مجددًا. كان الألم في قدمها أهون بكثير من البقاء مع أدريان وحديهما.
حين همّت بفتح الباب دون أن تعرف إلى أين ستذهب، توقفت خطواتها عند صوت أدريان المنخفض المكبوت.
“إذا قلت إنني لم أفعل، هل ستصدقينني؟”
“لم تفعل ماذا؟ أوه، يبدو أنك لم تراهن على خطيبتك هذه المرة؟”
“كلاهما.”
“ماذا؟”
“لم أراهن عليك في حفل الأكاديمية.”
تجمدت إليسا في مكانها، تنظر إلى أدريان بنظرات ثاقبة، محاولة استكشاف صدق كلامه.
لكن أدريان، كأنه يسخر منها، رفع زاوية فمه بابتسامة ماكرة وقال:
“إذا قلت هذا، هل ستصدقينني؟”
شعرت إليسا وكأن خيط التوتر الذي كان مشدودًا انقطع فجأة.
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
حسابي عالانستا : annastazia__9
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 20"