بعد أن حيّت مييل الآخرين، عادت إلى غرفتها تاركة وراءها توروي وجايد وحدهما في الغرفة.
جلس توروي على الأريكة المقابلة لجايد، وأرخى ساقًا فوق الأخرى، بينما أسند جايد جسده إلى الخلف متكئًا على ظهر الأريكة، وعيناه تراقبان توروي بصمت.
سرعان ما تفحّصه توروي بنظرة مطوّلة، ثم تكلّم:
“سيد البرج… هل هذه حقًا كل النتائج التي خرجتم بها اليوم؟“
هزّ جايد رأسه ببطء مجيبًا:
“نعم، كما قلت تمامًا. لم نرَ في القصر ما يستدعي القلق أو الاهتمام. ويبدو أن كون هذا المكان إمبراطورية دينية هو السبب في ذلك.”
“كما توقعت…”
“كما ذكرتم، زيارة الكنيسة قد تكون نقطة التحول. قال الإمبراطور إن فيه عددًا كبيرًا من الأدوات، وإذا كان هو نفسه يقرّ بذلك…”
أغمض جايد عينيه لبرهة كمن يغوص في التفكير، ثم فتحهما مجددًا، فقال توروي:
“صحيح، علينا زيارة الكنيسة غدًا، ثم نعيد تقييم الوضع بناءً على ما نجده هناك. لعلنا نعثر على خيط يوصلنا لشيء.”
“تمامًا.”
أجاب جايد وهو ينهض من مقعده، ثم أومأ لترويج باحترام واتجه إلى غرفته الخاصة.
وبعد أن دخلا كلٌّ من جايد ومييل غرفتيهما، بقي توروي وحده.
جلس في صمت للحظة، ثم خلع رداءه واكتفى بارتداء قميص وسروال بسيط، قبل أن يستلقي على السرير ويغلق عينيه.
“غدًا سيكون يومًا طويلًا آخر…”
***
في الوقت نفسه دخل جايد غرفته، وما إن رأى السرير الصغير حتى نقر لسانه بامتعاض خفيف، لكنه لم يعلّق، بل بدأ يخلع ملابسه بهدوء.
خلع قميصه كاشفًا عن جسد مشدود العضلات، واكتفى بارتداء بنطال خفيف، ثم تمدّد على السرير، مستعرضًا في ذهنه ما مرّ به خلال اليوم.
“بلاد ناصعة البياض بشكل غريب… وقصر ملكي مليء بالأسرار، ثم الكنيسة… الكنيسة التي تخفي خلفها الكثير.”
أغمض عينيه ببطء ثم مدّ يده بخفة وأطلق قدرًا ضئيلًا من طاقته السحرية، فانطفأت أضواء الغرفة تلقائيًا.
“عليّ أن أجد موقع الكنز بأسرع ما يمكن… فقط حينها يمكنني التقدم إلى المرحلة التالية.”
تنهد بخفة، ثم راح في النوم.
***
في غرفة أخرى، كانت مييل قد فرغت لتوّها من غسل وجهها، وجففته بمنشفة ثم توجهت إلى السرير حيث كان كوسيليكو بانتظارها، جالسًا على ركبتيها بمجرد جلوسها.
“سنذهب إلى الكنيسة غدًا، أليس كذلك؟“
“نعم، لا خيار غير ذلك. إن لم نذهب، فلن نجد الكنز أبدًا.”
انخفضت كتفا كوسيليكو قليلًا وكأنّه شعر بثقل المهمة، ثم تمتم بخفوت:
“أعلم… لا مفر. وسأتقبل الأمر.”
“إذا شعرت أن الطاقة المقدسة مرهقة لك، يمكنك البقاء هنا يا كوكو.”
“الأمر ليس أنني أعاني، لكنها تجعلني أنزعج. ومع ذلك لا أحب فكرة البقاء وحدي هنا. لست كلبًا لحراسة البيت.”
نفش ريشه بانزعاج، مما دفع مييل للضحك ومدّت يدها لتربّت على منقاره بلطف.
“أعرف أنك لا تحب البقاء وحدك. ما قصدته هو أنني لا أريد أن يتعكّر مزاجك.”
ابتسمت وهي تنظر إليه، فبدأت ملامحه تلين.
“أفهم قصدك. لكن مع ذلك، لا يمكنني تركك وحدك. أن أكون بجانبك… هذه هي مهمتي الأهم.”
رفع رأسه بثقة نحوها، وراحت تمسح ريشه بلطف.
“كوكو، وجودك بجانبي يمنحني شعورًا وكأن أثر والدي لا يزال هنا.”
نظر إليها كوسيليكو بحنان، ثم ربّت جناحه بخفة على يدها.
“أفهم ذلك… يسعدني أن أكون نافعًا لك.”
“بالطبع. لقد ساعدتني كثيرًا.”
ابتسمت مييل، بينما ظل الطائر الصغير صامتًا، يغوص في أفكاره:
‘في البداية، كانت مييل بالنسبة لي مجرد ابنة لياد… لكن لم تعد كذلك. لياد ومييل… كلاهما أصبحا عزيزين عليّ.’
لم تكن مييل تعلم شيئًا عن هذه المشاعر، واكتفت بالابتسام وهي تواصل ملاعبة ريشه، ثم تمددت على السرير.
“حان وقت النوم يا كوكو. لقد مرّ اليوم بالكثير.”
“صحيح، علينا أن نرتاح استعدادًا للغد.”
اقترب كوسيليكو من وسادتها، وما إن استدارت إلى جانبها حتى تلاقت نظراتهما.
“كوكو، لدي طلب.”
“ما هو؟“
“أطفئ الضوء، من فضلك.”
قالتها بابتسامة مازحة، فكاد الطائر أن ينزعج، لكنه انفجر ضاحكًا.
“آه، حقًا!”
طار بخفة نحو المصباح، ثم نفش جسده دفعة واحدة، فانطفأ الضوء.
ساد الظلام أرجاء الغرفة، وعاد كوسيليكو يحلق بهدوء حتى استقر بجانب رأسها.
أحست بدفء جسده الصغير إلى جوارها، وابتسمت وهي تغمض عينيها.
“شكرًا يا كوكو… لولاك، ربما كنتُ تخلّيت عن البحث منذ زمن.”
قالتها بنبرة هادئة وصادقة.
فوجئ كوسيليكو باعترافها المفاجئ، وقال:
“ما هذا الهراء؟!”
“لا تصرخ. أقصد أن دعمك هو ما أوصلني إلى هنا.”
“تشه. لم نجد شيئًا بعد! لا داعي لهذا الكلام الآن.”
غمغمه وهو يتهيأ للنوم، مدسوسًا برأسه في جناحه.
“أنا جادة يا كوكو. شكرًا لك من القلب.”
“…وأنا أيضًا أشكرك يا مييل.”
فتحت مييل عينيها على اتساعهما، وقد فاجأها رده.
ورغم الظلام، استطاعت رؤيته وهو مكوّر جسده.
“أن تواصلي طريقك دون أن تستسلمي… هذا وحده يجعلني فخورًا بك.”
“حقًا؟“
“نعم. عندما التقيتك أول مرة، ظننت أنك ضعيفة الإرادة، رغم كونك ابنة لياد. لكن بعد كل ما مررنا به… أدركت أن العكس هو الصحيح.”
رغم أنه ما زال مغمض العينين، استمرت مييل في الإصغاء لصوته بهدوء.
“صحيح أنك لا تهتمين بالأشياء التي لا تثير فضولك… لكن حين يتعلق الأمر بشيء مهم، تشتعل داخلك إرادة لا تُقهر.”
“…أه، هل كنتُ هكذا فعلًا؟“
“نعم، كنتِ. حتى لو لم تتذكري، أنا أتذكر.”
“شكرًا لأنك تراني بهذه الصورة يا كوكو.”
“لا داعي لأن تشكريني. لكن… أن تكوني شخصًا يعرف كيف يقول شكرًا وأنا آسفة، هذه ميزة نادرة فعلًا… على أي حال، بفضلك تحررت من الختم، وربما أُمنح فرصة لرؤية لياد من جديد.”
مدّت مييل يدها لتربت عليه برفق.
“يبدو أنك تشتاق لوالدي كثيرًا، أليس كذلك؟“
“طبعًا. أنا مخلوقه الخاص، كيف لا أشتاق لمن خلقني؟ لكن…”
توقف عن الكلام فجأة.
كان على وشك الحديث عن حالة لياد الحالية… ما يشكّ فيه على الأقل.
لكنه لم يكن مستعدًا لإرباك مييل أو إغراقها بالقلق.
“لكن ماذا؟“
سألته مييل بفضول، فنفخ الطائر الصغير أنفاسه بضيق.
“لا شيء. لا يهم الآن. ستعرفين لاحقًا حين يحين الوقت.”
كان كوسيليكو يعلم أن لحظة الكشف لم تحن بعد، ولم يرغب في الحديث عن أمور لم يتأكد منها بعد.
“لننم الآن يا مييل.”
“نعم، تصبح على خير يا كوكو.”
——-
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 97"