معلمي قد جُنّ [ 92 ]
عادت مييل إلى غرفتها وألقت بنفسها على السرير.
وما إن استلقت حتى هبط كوسيليكو على جبينها.
انحنى الطائر الصغير برأسه، وحدّق في عينيها بثبات.
“ مييل، تعلمين جيدًا أنه عليك أن تكوني أكثر حذرًا في هذه الإمبراطورية الملعونة، أليس كذلك؟“
“ طبعًا. خصوصًا أننا متخفيان، لذا يجب أن أتناول جرعة التحوّل بانتظام.”
“ حسنًا، طالما يعينك الأمر.”
“ أقلقتك إلى هذا الحد؟“
ابتسمت مييل بخفة وهي ترفع الطائر الصغير عن جبينها بلطف، ثم حدّقت فيه وهي تمسكه براحتها.
“ هاه، طبيعي أن أقلق. إن أصابك مكروه، فكيف سأقابل لياد لاحقًا؟“
‘ أوه، يا له من طائر طيب.’
داعبت مييل رأس كوسيلليكو برفق. وفي تلك اللحظة، سُمع صوت طرق على الباب.
“ مييل، العشاء جاهز. اخرجي.”
“ نعم معلمي!”
نهضت مييل من السرير على الفور، وطار الطائر الصغير ليلحق بها.
وما إن خرجت من الغرفة، حتى تسربت إليها روائح شهية.
“ يبدو أنهم اهتموا بتقديم الطعام لأننا تابعان لولي العهد.”
قال جايد ذلك وهو جالس على أحد مقاعد المائدة، فتوجهت مييل مباشرة إلى الجهة المقابلة.
كانن المائدة عامرة بأصناف شهية من الطعام.
سلطة طازجة، خبز ساخن، ديك رومي مشوي ضخم، إلى جانب أطباق تقليدية من مطبخ فيرهون.
“ واو، يبدو لذيذًا حقًا.”
بدأت مييل بتذوق السلطة والحساء أولًا. وبالطبع، أعدّت طبقًا صغيرًا خاصًا لكوسيليكو.
“ تفضل يا كوكو. جربه، إنه لذيذ.”
لكنها لم تعطه من لحم الديك الرومي. فقد شعرت أن الأمر أقرب إلى أكل لحم الأقران.
رغم أنه مجرد متعاقد، فإن هذا النوع من اللحوم… لا يناسبه.
فكرت بذلك، وتابعت طعامها.
“ تأكلين بشهية.”
قال جايد مبتسمًا وهو يراقبها.
بدا أن وقته في مراقبة مييل أطول من الوقت الذي أمضاه في تناول طعامه.
“معلمي …”
نادته مييل وهي تمضغ قطعة من اللحم بنشاط.
“ نعم يا مييل؟ هل تحتاجين شيئًا؟“
ردّ عليها جتيد بصوت بدا أكثر دفئًا من المعتاد.
أجابت وهي تواصل الأكل:
“ اليوم سنقوم بجولة في القصر الملكي، صحيح؟“
“ نعم. لكن الوقت متأخر الآن…”
وأشار بذقنه إلى النافذة، فكان الليل قد خيّم تمامًا.
“ ثم إن ولي العهد موجود في القصر أيضًا، لذا من الأفضل ألا نبتعد كثيرًا عن هذه المنطقة. على أي حال، بإمكاننا الخروج خارج القصر غدًا.”
“ صحيح، معك حق.”
تابعت مييل تناول السلطة، ثم شربت بعضًا من عصير البرتقال الطازج وقالت:
“ لكن، هل يُسمح لنا بالتجول بحرية داخل القصر؟ حتى وإن تناولنا جرعات التحوّل، فإننا غرباء ومظهرنا مختلف عن سكان فيرهون، ما قد يلفت الأنظار.”
ابتسم جايد ابتسامة خفيفة، ثم ملأ كأسها الفارغ بعصير البرتقال وقال:
“ لا تقلقي من هذه الناحية. أنا موجود، أليس كذلك؟“
“… آه، تقصد أن هناك سحرًا لذلك؟“
كانت مييل تعرف الكثير عن السحر، لكنها لم تسمع من قبل بسحر يجعل الآخرين لا يلاحظون وجود شخص ما.
“ بالطبع. لكنه نادر، وعدد السحرة القادرين على استخدامه قليل.”
هزّ جايد كتفيه بخفة. فقالت مييل وهي تشرب من عصيرها:
“ يعني لا يستطيع استخدامه سوى قلائل… وأنت من ضمنهم يا معلمي؟“
“ صحيح. وطبعًا الحكيم العظيم قادر على ذلك أيضًا.”
ابتسمت مييل ابتسامة صغيرة حين سمعت ذلك.
“ على الأقل من الجيد وجود مثل هذا النوع من السحر.”
“ في هذا العالم، توجد أنواع لا تُحصى من السحر.”
لكن هذه المرة، لم يكن جايد هو من أجاب، بل كوسيليكو.
كان قد أنهى طعامه، وبطنه انتفخ قليلًا.
“ آه، لقد شبعت.”
“ بطنك انتفخ يا كوكو.”
داعبت مييل بطنه الصغير وهو مستلقٍ على المائدة.
“ كان الطعام لذيذًا جدًا… على كل حال، مييل، يوجد الكثير من أنواع السحر التي لا تخطر على بالك.”
“ أجل، أعتقد ذلك.”
رغم أنها درست السحر، فإن معرفتها بأنواعه كانت محدودة.
‘ كنت أظن أنني أعرف الكثير، لكن يبدو أنني ما زلت أفتقر للكثير.’
واصلت تناول طعامها وهي تفكر بذلك.
“ عندما ننتهي من مهمة البحث عن الكنوز، سأعلمك أنواعًا أخرى كثيرة. أي نوع تريدينه.”
اتسعت عينا مييل قليلًا عند سماع وعده.
“ حقًا؟“
“ طبعًا. أعدك.”
خفق قلب مييل بقوة من كلماته. لكنها تذكرت فجأة أمرًا…
كنتُ قد قررت مغادرة برج السحر بعد انتهاء هذه المهمة…
لكن يبدو أن ذلك القرار بدأ يتزعزع.
والسبب… كان هو.
“ هل أنهيت طعامك؟“
سألها جايد، دون أن يعلم بما يدور في ذهنها.
نظرت إليه مييل للحظات، ثم أومأت برأسها بهدوء.
“ نعم، انتهيت.”
“ حسنًا، فلنبدأ الاستعداد.”
بدأ جايد بتنظيف المائدة بخفة، وساعدته مييل في ذلك، ثم نهضت من مكانها.
“ لنذهب أولًا إلى غرفتك.”
“ غرفتي؟“
“ نعم. قبل أن نُلقي السحر الذي يُخفي حضورنا عن الآخرين، علينا فعل أمرٍ ما.”
“ ما هو؟“
سألته مييل بنظرات تملؤها الحماسة، فلحقته إلى غرفتها.
ما إن دخل حتى مدّ يده وبدأ بإلقاء تعويذة.
وقفت مييل تراقب المشهد بصمت، فاختلطت في يد جايد طاقة قاتمة بلون الدم مع هالة ذهبية ساطعة.
وتوجهت تلك الهالة السحرية البراقة نحو سرير الغرفة.
كان جايد غارقًا كليًا في التركيز، لا يطرف له جفن.
وما هي إلا لحظات حتى انفتح فم مييل بدهشة.
“واو …”
خرج صوت تعجّب خافت منها دون وعي.
فبمجرد انتهاء جايد من السحر، ظهر شيء على سريرها.
كان… مييل، نائمة بعمق تحت الغطاء.
وقفت مييل مذهولة، لا تكاد تصدّق ما ترى.
“ هل أدهشك الأمر؟ اقتربي وانظري بنفسك يا مييل.”
ربت جايد على كتفها بخفة وقال ذلك بابتسامة.
كان يرى أنها تبدو شديدة اللطافة حين تتفاجأ.
“ آه، هذا يعني… هذه أنا.”
اقتربت مييل ببطء نحو السرير، ورأت نفسها مستلقية فيه بعمق.
“ جربي لمسها.”
فمدّت يدها ولمست خد صورتها النائمة، لكنها لم تشعر بشيء.
“ آه… سحر وهمي؟“
“ تقريبًا. هو نوع من أنواع السحر الوهمي. يُظهر شكلك في حال دخل أحد الغرفة. ولن يُقدم أحد على إيقاظك.”
“ يعني… إذا لم يدخل أحد، تختفي هذه الصورة؟“
“ صحيح. لقد ضبطته بدقة، فلا خوف من انكشافه. أساسًا، لا أحد يدخل غرف الضيوف المهمين من تلقاء نفسه، لكن الاحتياط واجب.”
“ رائع حقًا…”
“ وعندما تعودين وتزيحين الغطاء، ينتهي السحر تلقائيًا.”
“ رائع.”
تمتمت مييل وهي تحدّق في صورتها النائمة.
وكان كوسيليكو قد عاد إلى كتفها، يراقب المشهد بصمت.
‘ إنه يتقن فعل هذه الأنواع الدقيقة من السحر حقًا. حتى في المرة الماضية. لعلّه فعلًا خليفة رياد القادم…’
حدّق كوسيليكو في جايد مليًّا، بينما كان جايد قد أنهى بالفعل تطبيق نفس السحر في غرفته الخاصة.
“ مييل، حان وقت الخروج. تعالي.”
ناداها جايد من جناح توروي.
كانت لا تزال مبهورة بصورة جسدها الوهمي، لكنها ما لبثت أن توجهت إليه.
“ معلمي، ما نوع السحر التالي؟“
سألته بصوت يملؤه الترقب.
ــــــــــــ
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 92"