أومأ جايد ببطء، متفقًا مع كلمات مييل، بينما بدأ توروي بالكلام بعد لحظة صمت.
“إذاً، هل حدث أمر ما مجددًا للكنز؟”
ترددت مييل للحظة قبل أن تجيب بهدوء:
“نعم… أظن ذلك. فكوكو لم يسبق أن أخطأ في تحديد موقع الكنز، وحتى الكتب التي درستها كانت تشير إلى فيرهون.”
صمتت قليلاً ثم تابعت:
“لذا من المحتمل أن يكون الكنز الموجود في فيرهون مخفيًا بطريقة مشابهة لما حدث في غرين فوريون، أو كما كان الحال مع ختم الحكيم. وربما يكون هذا هو الاحتمال الأقرب للصواب.”
ربما يكون مخفيًا بواسطة قوة سحرية هائلة، أو أن طبيعة الكنز ذاته تجعله يتوارى عن الأنظار.
“إذاً، لن يكون العثور عليه أمرًا سهلاً هذه المرة.”
قالها جايد وهو يمرر يده في شعره، وقد بدا أكثر جدية من ذي قبل.
وأضاف توروي:
“كلام سيد البرج منطقي، لن تكون المهمة سهلة.”
ثم لاحظ ارتخاءً خفيفًا في كتفي مييل، فسارع بمتابعة الحديث دون توقف، كأنه يحاول أن يبدد ما شعرت به من تردد أو انكسار، وقال:
“لكن رغم ذلك، سنجده. كما فعلنا دائمًا.”
ابتسم توروي ابتسامة خفيفة، فتبدّل وجه مييل قليلًا، رغم أن ملامحها بقيت مشدودة.
قال جايد:
“لا تقلقي يا مييل. لست وحدك في هذا. أنا وسمو الأمير معك.”
“… نعم يا معلمي. وشكرًا لك يا سمو الأمير.”
حاولت مييل أن تبتسم، وبدت ابتسامتها طبيعية تقريبًا. لكنها لم تكن كتلك التي ترتسم على وجهها حين تبتسم حقًا، وقد أدرك الرجلان ذلك، لكنهما لم يشيرا إليه.
قال جايد بعدها:
“على أي حال، احتفظي بأداة الاتصال التي أعطيتك إياها، وكني حريصة عليها. ينطبق الأمر عليك أيضاً يا سمو الأمير.”
“أجل يا معلمي.”
“لا تقلق.”
أخرج كلٌّ من مييل وتوروي جهاز الاتصال الذي كان معلقًا في عنقهما، وأظهراه. فأومأ جايد برضا.
“أوه، وبشأن حفل العشاء المسائي، ليس من الضروري أن تحضريه يا آنسة مييل. وكذلك أنت يا سيد البرج.”
سألت مييل بتردد:
“هل هذا ممكن حقًا؟”
رغم أنها جاءت في مهمة سرية، فإن صفتها العلنية كانت سكرتيرة ولي العهد، وكان من المتوقع أن تحضر المناسبة.
رد توروي:
“نعم، هذا ممكن. دخولنا إلى فيرهون كان سرًا، لذا حتى إن حضرت بمفردي، فلن يُثير ذلك استغراب الإمبراطور. ناهيك عن أنه مجرد حفل بسيط.”
“… فهمت.”
“لذا، أثناء حضوري الحفل، يمكنك التحرك بحرية. لكن توخي الحذر واجب دائمًا.”
“أجل، سأفعل.”
تردد توروي قليلاً، ثم قال:
“وخاصةً… لا تتجولا كل منكما وحده. من الأفضل أن تبقيا معًا دائماً…”
‘رغم أنني لا أرغب بذلك حقًا…’
لكن تعريض مييل للخطر كان أسوأ بكثير من شعوره بالغيرة أو الاستياء.
‘لا مجال للمقارنة. فمييل تبقى الأهم.’
قال جايد مبتسمًا:
“كما تريد.”
فهو أساسًا لم يكن ينوي الابتعاد عن مييل، لكن سماع الأمر من توروي أضفى عليه طعمًا خاصًا.
قال توروي بنبرة ثقيلة:
“أعتمد عليك في رعاية الآنسة مييل.”
فرد جايد بنبرة ساخرة:
“أوه، معلمها سيتولى رعايتها جيدًا.”
تلاقت نظرات الاثنين، وتبادل كل منهما نظرة صامتة مليئة بالتحدي، ثم سرعان ما أشاحا بوجهيهما.
قال توروي:
“على أي حال، ابتداءً من الغد، سأغادر القصر بحجة متابعة شؤون تتعلّق بالوحوش. وسنتمكن من التحرك بحرية أكبر.”
ابتسم بلطف نحو مييل، فتلألأت عيناها بشيء من الارتياح.
“هذا جيد، فخارج القصر ستكون الحركة أسهل.”
أومأت مييل بابتسامة هادئة، فتركّزت أنظار الرجلين عليها.
‘جميلة كما العادة.’
لم يستطع جايد إخفاء ابتسامة خفيفة ارتسمت على وجهه.
‘… آنسة مييل، فاتنة فعلًا.’
وتلاشت ملامح توروي المتجهمة.
لكن عندها، انطلقت فجأة تساؤلات كوكو، الطائر الصغير الذي كان جالسًا على كتف مييل:
“لكن، ماذا لو كان الكنز مخفيًا في القصر أو الكنيسة؟”
ارتسمت لمحة من التوتر على وجه مييل حين سمعت كلامه.
قالت بصوت منخفض:
“سيكون من الأفضل لو تمكنا من تفتيش القصر اليوم، لكن… المكان واسع وهناك قيود كثيرة…”
عقّب كوكو:
“والكنيسة؟ سمعت أن في العاصمة كنيسة كبيرة للحاكم غافيلون، أليس من الممكن أن الكنز مخبأ هناك؟ ربما وجده أحدهم وخبأه.”
لم يكن كوكو يقصد شيئًا خاصًا، بل كان فقط يتحدث باحتمالات منطقية.
لكن ملامح الثلاثة تغيّرت مع كلامه.
قالت مييل، مترددة:
“ربما… لكن رُسل الحاكم لا أظن أنهم يرفضون استخدام السحر، أليس كذلك؟”
(م.سبب ذكر هذا الامر هو أن الكنز يطلق طاقة سحرية نقية وهائلة).
فقال جايد بنبرة هادئة:
“ليست فرضية مستبعدة تمامًا.”
“حقًا؟ هل هذا ممكن؟”
أومأ جايد:
“صحيح أن الكهنة لا يرفضون استخدام السحر صراحةً، لكن سمعت أن بعض كبار الكهنة لا يرتاحون له كثيرًا.”
وأكّد توروي كلامه:
“صحيح. بعض الذين يمتلكون قوى مقدسة عالية من كبار الكهنة، يتحفظون تجاه السحرة.”
نظرت مييل إليهما، تتأمل كلامهما.
قال جايد:
“في النهاية، هذه معلومات سمعتها من بعض الشيوخ، ولا أستطيع التأكد منها.”
وقال توروي:
“وأنا كذلك سمعتها من سحرة القصر، لذا لا أجزم بدقتها.”
علّقت مييل:
“ربما… لكن إن كان من يملكون طاقة مقدسة نقية يتصرفون مثل كوكو حين وصل إلى فيرهون وشعر بالقلق، فربما ينفرون من كنز كهذا يمتلك طاقة سحرية قوية.”
هزّ كوكو رأسه قائلاً:
“هممم… عند التفكير بذلك، يبدو منطقيًا. حتى أنا، لو رأيت أثرًا مقدّسًا، لرغبت في رميه.”
تأمل جايد كلامهما وقال:
“الكنز مقابل أثر مقدس… المقارنة منطقية نوعًا ما.”
قال توروي بثقة وهو ينظر إلى مييل:
“في هذه الحالة، سأطلب من الإمبراطور الإذن لزيارة الكنيسة.”
سألت مييل باندهاش:
“حقًا؟ ستفعل ذلك؟”
أومأ توروي:
“نعم. الإمبراطورية المقدسة تحب أن يزور معابدها ذوو المكانة من الدول الأخرى.”
أشرقت ملامح مييل، فابتسم توروي بدوره.
“حتى لو كانت صفتك الآن مجرد سكرتيرة، فهم يعتبرونها مرتبة نبيلة.”
ضحك جايد ساخرًا:
“سمو الأمير… أشعر وكأنك تتجاهلني تمامًا.”
أجابه توروي ممازحًا:
“أنت أيضًا، مساعد ولي العهد يُعامل معاملة شبه النبلاء.”
قطّب جايد حاجبيه، غير مرتاح قليلاً من النبرة المرحة.
طَرق طَرق-
دقّ خفيف على الباب قاطع الحديث، تبعه صوت مألوف:
“أيها الضيوف الكرام، أنا ساين. حفل العشاء أصبح جاهزًا. يرجى الخروج متى ما أنهيتم استعدادكم.”
بصوت مهذب، ردّ توروي:
“فهمت.”
ثم نظر إلى مييل وجايد، فأومآ برأسيهما وقاما من مجلسيهما.
قالت مييل بهدوء لكوكو:
“كوكو، هل تفضل أن تختبئ الآن؟ أم تود البقاء هنا لترتاح؟”
أجاب كوكو بإصرار:
“لا، سأبقى معكِ.”
فارتسمت على شفتيها ابتسامة خافتة.
اقترب توروي منهما وهمس:
“لحظة فقط.”
ثم تقدّم وفتح الباب، ليجد ساين في انتظاره.
قال له بهدوء:
“سأحضر الحفل وحدي، فجهّز طعامًا خاصًا لمرافقيّ. إنها رحلة طويلة وقد أنهكتهم.”
في صوته كانت ثقة صامتة. ثقة بأنهما سيقومان بما يلزم، حتى في غيابه.
——-
18 فصل واوصل للكاتبه
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات
لرواياتي ومستقبلاً نسوي فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 90"