معلمي قد جُنّ [ الفصل 89 ]
تسببت ردة فعل توروي الباردة في إحراج الإمبراطور تايسن، لكنه حاول جاهدًا ألا يُظهر ذلك.
‘في النهاية، الجميع يعلم أن ولي عهد هاغوران بهذه الطباع الباردة…’
ارتشف الإمبراطور رشفة من الشاي ثم قال:
“هاها، لا ينبغي لي أن أضيع وقت سمو ولي العهد الثمين. في الواقع، يتم الآن التحضير لمأدبة ترحيب صغيرة.”
“…كما أخبرتك سابقًا، يجب أن تكون محدودة جدًا.”
قالها توروي بنظرة حادة، فهز الإمبراطور رأسه بحماسة.
“بالطبع بالطبع! أعلم جيدًا ما طلبته يا صاحب السمو. بل إن ما يجري تحضيره أقرب إلى عشاء بسيط منه إلى مأدبة.”
“أتمنى أن تكون التحضيرات بأقل عدد ممكن من الأشخاص.”
قالها توروي بصوت منخفض، فرد عليه الإمبراطور على الفور:
“بالتأكيد. واقتصر الحضور على أقرب المقربين إليّ فقط.”
“…مفهوم.”
حينها فقط بدأ التوتر يخفّ من ملامح توروي قليلًا.
‘يا إلهي، هذا الفتى مرعب… لولا أنه ولي عهد هاغوران لما سمحت لنفسي بهذه الإهانة.’
فكّر الإمبراطور في نفسه، ثم وضع كوب الشاي جانبًا.
“على كل حال، سيستغرق تحضير العشاء بعض الوقت. لذا من الأفضل أن تستريحوا في مكان إقامتكم مؤقتًا.”
“…شكرًا لكم.”
“سيهتم ساين بمرافقتكم إلى مكان إقامتكم. ساين!”
عند النداء، دخل ساين الذي كان ينتظر خارجًا.
بقيت ملامحه هادئة ومحايدة كما يليق بمنصب خادم مقرب من الإمبراطور.
“أمرك، جلالة الإمبراطور.”
“دل الضيوف الكرام إلى مقر إقامتهم.”
“حالًا يا سيدي.”
انحنى ساين بأدب للإمبراطور، ثم وجّه بصره نحو توروي.
“من فضلكم، تفضلوا معي.”
قبل أن يغادر توروي غرفة الضيافة، ارتدى قلنسوته مجددًا وكذلك فعل جايد ومييل.
تقدم ساين المجموعة، وتبعه توروي بينما سارا مييل وجايد خلفهم مع ترك مسافة بسيطة.
كان طريق العودة إلى مقر الإقامة هو نفسه الذي جاءوا عبره.
مرورًا بالمخزن، ثم عبر الممر السري الذي فتحه ساين باستخدام الطاقة المقدسة، حتى وصلوا إلى القصر الجانبي.
‘يا له من مكان غريب…’
راودت مييل أفكار وهي تتذكر مشاهد اليوم داخل فيرّهون منذ لحظة دخولهم.
كل شيء كان مطليًّا بالأبيض، وكأن اللون الأبيض فرض مقدس لا يُمس.
‘ليس المباني فقط، بل حتى ملابس السكان بالكامل باللون الأبيض!’
ومن بعيد، قد يصعب حتى التمييز بين الناس.
‘ربما كان اختلاف التصاميم ناتجًا عن تباين المراتب الاجتماعية فقط.’
وقد لاحظت أن الإمبراطور يضع زينة من الألماس، دون أي نوع آخر من الأحجار الكريمة.
‘يبدو أن هذا البلد يتخذ من اللون الأبيض رمزًا دينيًا أو سياسيًا ما.’
بينما كانت تفكر، انتهى بهم المسير إلى نهاية الممر، وعادوا إلى القصر الجانبي.
بدأ ساين يصعد إلى الطابق الثاني ثم قال:
“حتى موعد مغادرة الضيوف الكرام، سيُخصص هذا القصر الجانبي بالكامل لإقامتكم. نرجو أن تقيموا براحة تامة.”
شعر توروي ومييل وجايد براحة داخلية بعد هذا التصريح.
“وطبعًا، إن أردتم، يمكننا تعيين بعض الخدم الموثوقين في خدمتكم.”
“…لا حاجة لذلك. كما قلت سابقًا، فقط قدموا لنا وجبات منتظمة. فنحن سنكون منشغلين في الأيام القادمة.”
“فهمت. وقد بلغني أنكم تنوون زيارة الممالك الصغيرة المجاورة أيضًا…”
أومأ ساين برأسه وتابع السير عبر الممر الأبيض النقي.
بعد برهة، وصلوا إلى وجهتهم.
توقف أمام أضخم باب في الطابق الثاني من القصر الجانبي، ثم انحنى بأدب.
“هذه هي الغرفة المخصصة للضيف الكريم. أما الغرف المجاورة فهي مخصصة لمرافقيه.”
ثم فتح الباب، فكشف عن…
‘مذهل… ألا يعرف هذا البلد غير الأبيض؟!’
ظهر أمامهم جناح فاخر مصمم بالكامل بالأبيض.
‘لحسن الحظ أن هناك لمسات رمادية هنا وهناك… وإلا لكان الوضع غريبًا للغاية.’
“إن احتجتم لأي شيء، فقط قوموا بقرع الجرس الموضوع بجانب السرير. لقد تم إعداده بالطاقة المقدسة لذا سنسمعه أينما كنا.”
“شكرًا لك.”
“إذن، أتمنى لكم راحة هانئة.”
انحنى ساين مرة أخيرة وخرج، ليقوم توروي وباقي المجموعة بخلع قلانسهم.
“وأخيرًا! هل يمكنني الخروج الآن؟”
بمجرد أن خلعت مييل قلنسوتها، ظهر كوسيليكو من داخلها.
طار الطائر الصغير أرجاء الغرفة، وكأنه كان مكتوم طوال الوقت.
قالت مييل مبتسمة، تنظر إليه بحنان:
“كوكو، تبدو بخير رغم كل شيء؟”
“جسديًا نعم. لكن مزاجي؟ سيء للغاية! كيف يمكن أن تكون كل الدولة بيضاء بالكامل؟!”
هبط كوسيليكو على كتف مييل يشكو بضيق.
بينما جلس توروي على الأريكة وخلع عباءته.
أما جايد، فاستخدم القليل من السحر لتفقد الغرفة.
لم يكن هناك أي أثر لطاقة سحرية غريبة.
قال توروي وهو يصب الماء لنفسه:
“رمز الحاكم غافيلون حاكم إمبراطورية فيرّهون هو النقاء. وهم يعتبرون اللون الأبيض رمزه المقدس.”
ناول كأسًا لمييل وآخر لجايد.
“حتى وإن كان رمزًا مقدسًا، فإن طلاء البلاد بأكملها به… يثير الريبة.”
قالها جايد ساخرًا وهو يرتشف من الماء، فأومأت مييل برأسها متفهمة.
“حقًا… الأمر يبعث على الشعور وكأننا وسط طائفة متطرفة.”
رد توروي:
“لا أعلم ما الذي حصل تحديدًا في فيرّهون بعد أن أغلقت حدودها، لكن حسب علمي… لم تصل الأمور إلى حد التطرف الديني.”
“حقًا؟”
“كما قلت، حسب معرفتي فقط. لا يمكن الجزم بشيء حتى ننهي تحقيقاتنا هنا.”
أومأت مييل برأسها موافقة.
ثم لاحظ جايد بابين خشبيين على جانبي الجناح الكبير.
“أوه، لا بد أن هذه الغرفتان هما التي تحدث عنهما ساين سابقًا.”
وكان خلفهما جناحان صغيران نسبيًا مقارنة بجناح توروي، لكن تصميمهما لا يقل نظافة أو أناقة.
“الغرف جنب بعضها…”
تمتمت مييل وهي تفرغ بعضًا من أمتعتها.
لم تحمل الكثير معها، نظرًا لكون مهمتها في فيرّهون لا تزال مجهولة المعالم.
‘حتى الأدوات السحرية الضرورية أحضرتها بأقل كمية ممكنة.’
وهكذا، توزع الثلاثة على غرفهم للاستراحة قليلًا.
قال كوسيليكو وهو يستلقي على السرير:
“ممم، ليس سيئًا… لا يبدو أن تدفق الطاقة المقدسة هنا قوي جدًا، وهذا جيد.”
“حقًا؟”
“نعم، فيرّهون عمومًا تتمتع بتوازن في طاقتها المقدسة… لكن أثناء قدومنا بالعربة، مررنا بمنطقة كانت الطاقة هناك قوية جدًا.”
“هل تعني الكنيسة؟”
“بلى.”
هزت مييل رأسها مؤيدة.
“من الطبيعي أن يكون كذلك. فالكنيسة تضم البابا وكبار الكهنة، وكلهم يملكون طاقة قوية.”
“أوهه، إذا ذهبنا إلى الكنيسة لاحقًا، فأنا لا أريد الذهاب…”
“لكننا نحتاج إلى زيارته إن أردنا العثور على الكنز. تحمّل قليلًا، حسنًا؟”
ربّتت مييل على كوسيليكو لتهدئته، وفي تلك اللحظة، سُمع طرق على الباب.
“مييل. أخرجي قليلًا. يبدو أن المأدبة ستبدأ قريبًا.”
ناداها جايد من الخارج، فردت مييل على الفور:
“حسنًا يا معلمي. سأكون جاهزة فورًا.”
خرجت من الغرفة بصحبة كوسيليكو، وتجمعت المجموعة مجددًا في جناح توروي.
قال جايد وهو يتكئ على الأريكة:
“السبب الرئيسي لقدومنا إلى هنا هو الكنز كما تعلمين.”
جلست مييل على الكرسي المقابل وأجابت:
“نعم. لكن ثمة مشكلة.”
وبينما كانت تداعب كوسيليكو الجالس على ساقيها، قالت بجدية:
“…لا أشعر بأي أثر لطاقة الكنز في فيرّهون حتى الآن.”
———–
ترجمة : سنو
فتحت جروب تيليجرام يضم هذه الرواية PDF وأقسام طلبات لرواياتي ومستقبلاً نسوي
فعاليات وهيك قسم للسواليف عن الروايات ويمديكم ماتسولفون وبس تقرأون ♥️.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 89"